مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
هؤلاء المعتصمون والمتظاهرون .. أغبياء ومغفلون
أ. د. صالح صواب
نعم.. هؤلاء الذين يقفون في الساحات اليوم، ويتظاهرون مطالبين بإسقاط النظام لا يفقهون ولا يعقلون، بل هم أغبياء ومغفلون.. لا تعجلوا في الحكم حتى تعرفوا الأسباب، ومن ثم فلكم أن تحكموا لهم أو عليهم، وما شهدنا إلا بما سمعنا ورأينا ..



هم أغبياء ومغفلون؛ لأنهم يتظاهرون مطالبين بإسقاط نظام علي عبدالله صالح، والشعب كله معه بلا استثناء، خمسة وعشرون مليونا –كما يقال في وسائل الإعلام الرسمية - كلهم مع ابن اليمن البار، الزعيم الفريد الذي لم يوجد له من الزعماء شبيه أو نظير، صحيح أن هناك حوالي ستة أو سبعة ملايين في الساحات وخلفهم من النساء والأطفال أكثر منهم، وفي القرى والبوادي كثيرون، لكن هؤلاء ليسوا مقياسا للشرعية وعدمها، فهم أصفار على الشمال، كما وضعهم الحزب الحاكم، والشعب الحقيقي هم من يظهر في وسائل الإعلام الرسمية، ويهتف باسم الزعيم، حتى وإن ظهر الشخص نفسه تارة بالزي العسكري وأخرى بزي شيخ قبلي وثالثة في شكل بلطجي، فهؤلاء هم الشعب كله، وقد هتفوا باسم الرئيس، واختاروه، وأصروا على بقائه في السلطة.

هؤلاء أغبياء ومغفلون؛ لأنهم يريدون من الرئيس تسليم السلطة، وهذا ليس في مصلحة الشعب؛ لأنه لا بد أن يسلمها إلى ’’يد آمنة’’ تحفظ مصالح الشعب، ولم يتم العثور حتى الآن على ’’يد آمنة’’، ولا يوجد في اليمن يد أمينة، فلا شريف ولا أمين سوى الزعيم الملهم.

هؤلاء المعتصمون أغبياء؛ لأنهم يطالبون علي عبدالله صالح بالتنحي عن السلطة، وهو الذي ابتعد عن الحكم، ورفض الترشح عام 2006م ولولا خروج الشعب بالملايين وإجباره على الترشح ما ترشح، وهو من صرح بأنه السلطة مغرم لا مغنم، فقد كلفته الكثير، وأنفق جميع ما ورثه عن آبائه وأجداده من أموال، وهو الذي سئم السلطة، لكن المشكلة أنها لم تسأم منه.

هؤلاء أغبياء ومغفلون؛ لأنهم لا يدركون أنه إذا ذهب علي عبدالله صالح، فسوف يستولي تنظيم القاعدة على اليمن، وسوف يقسم إلى أربع دول، وسوف تكون هناك مشاكل في الجنوب والشمال بعد أن لم تكن موجودة، وسيحل الجوع والخوف، بعد الرغد والأمان الموجود في عهد فخامته، لأنه في عهد فخامته لا تنهب الأراضي، ولا تسفك الدماء، ولا خوف على النفس أو المال، في ظل الحكم الرشيد والقضاء المستقل.

هم أغبياء ومغفلون؛ لأن الرئيس موافق على المبادرة الخليجية، فقط لم يوقعها؛ لأنها تنص على عدم محاكمته وما يزيد عن 500 من حاشيته، وهو لا يحتاج إلى هذا البند، لأنه ضحى من أجل اليمن، وهو مواطن ومستعد لأي محاكمة، وليس هناك ما يخافه أو يخشى منه فهو لم يقتل ولم ينهب ولم يظلم، ولم يفرط في بناء الدولة الحديثة، ولأنه لا يوجد فاسدون أو مجرمون حتى تنص المبادرة على حصانتهم.

هؤلاء أغبياء ومغفلون، لأنهم لا يعرفون حجم الإنجازات في عهد فخامة الرئيس، ولو قاموا بعملية حسابية بسيطة، لعرفوا الإنجازات التي لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، فكم كان عدد المدارس حينما تولى فخامته، وكم هي الآن؟ وكم كان عدد الجامعات وكم هي الآن، وكم كان عدد المباني حينما تولى الحكم، وكم عددها اليوم؟ بل كم كان عدد السكان آنذاك وكم هو عددهم الآن؟ ولولا علي عبدالله صالح ما زادت الجامعات ولا المدارس ولا المباني ولا السكان..

هم أغبياء ومغفلون؛ لأنهم إلى الآن لم يعرفوا أعداءهم الحقيقيين، ولم يفهموا أن الذين يقتلون الشهداء أثناء المسيرات هم من المتظاهرين.. وفي رواية أن الذين قتلوهم هم أهل الحي، وفي رواية أنهم من الفرقة، وفي رواية أنها جثث جيء بها من المستشفى، أو من أرحب، وفي رواية أخرى أنه ليس هناك قتلى ولا شهداء ولا دماء، مجرد صبغات وألوان..، وكلها أقوال صحيحة وإن اختلفت أو تعارضت..

عفوا لا تتهموني بالتناقض فهذا ما سمعته من وسائل إعلامنا الرسمية.

هم أغبياء ومغفلون لأنهم تركوا فتوى جمعية العلماء المعترف بها من الحكومة والتي تجتمع بدعوة من رئيس الجمهورية، وأخذوا بفتوى الزنداني والديلمي، مع أن الحكومة قد نزعت العلم منهم، فلم يعودوا علماء ولا دعاة ولا مصلحين، بل أصبحوا دعاة فتنة ولم يعد لهم الحق في التحدث باسم العلماء، فالعلماء هم أولئك الأحداث الذين يظهرون في القنوات الرسمية، وإن لم يكن لديهم شهادات أو مؤهلات علمية، المهم أنهم يروجون لطاعة الحاكم وإن قتل وإن سرق، ولا يؤمنون بوجوب الأخذ على يد الظالم وقول كلمة الحق عند السلطان الجائر.

ولو كان هؤلاء المعتصمون يعقلون لكانوا مع علماء الشرعية؛ مثل القليصي والعرشاني؛ لأنهم بعيدون عن التطرف والغلو، لا يكفرون أحدا إلا إذا خالفهم، ولا يسبون أحدا إلا إذا كان في المعارضة، والمعارضة كفر ومروق وخروج عن الدين، كما أفتى خطيب السبعين، وكل من أفتى لصالح الثورة كالقرضاوي فهو مرتد وعليه أن يتوب، وكل سياسي يؤيد الثورة فهو صهيوني، كما كشف لنا خطيبهم عن حقيقة ’’أردوغان’’ عميل الصهيونية، وكنا غافلين عن هذه الحقيقة.

هم أغبياء ومغفلون لأنهم ساروا وراء مجموعة متطرفة متعاونة مع القاعدة ومتحالفة مع الحزب الاشتراكي، مجموعة من التكفيريين والإرهابيين، وهم متصفون بهذه الصفات شاؤوا أم أبوا، حتى وإن لم يكفروا أحدا، فهم تكفيريون، حتى وإن لم يقتلوا أحدا فهم دمويون، حتى وإن ساروا بصدور عارية فهم إرهابيون، لأن أصواتهم أقوى وأصلب من طلقات الرصاص وقذائف المدفعية.

هم أغبياء ومغفلون؛ لأنهم ليس فيهم مفكر، ولا عالم، ولا أستاذ جامعي، ولا طبيب، ولا سياسي ولا محامي، ولا طالب جامعي، فهم يريدون العودة بالوطن إلى ما قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر، لأنهم مجموعة من الجهلة، ولو كان لديهم علم ومؤهلات مثل الراعي والبركاني لعلموا أنهم في ضلال مبين.

هم أغبياء ومغفلون؛ لأن جميع البلاطجة الذين كانوا في الساحة قد انسحبوا وانضموا للشرعية، وشاهدناهم في وسائل الإعلام، ولم يبق في الساحات أحد، إلا ميليشا الإخوان المسلمين المنتمين إلى الحزب الاشتراكي والناصري والبعثي وحزب الحق وغيرها، وعلى المشاهدين والقراء أن يحلوا هذه الألغاز.

هم أغبياء ومغفلون لأنهم لا يدركون أن الثورات العربية مؤامرة أمريكية إسرائيلية، كما صرح بذلك فخامة الرئيس، فأمريكا وإسرائيل لا تريد حسني، ولا القذافي، ولا بن علي، وتخطط لإسقاط علي .. لأن هؤلاء هم الذين حرروا فلسطين ورفعوا علم الجهاد، ولهذا سارعت أمريكا لإسقاطهم فعلاقتهم بأمريكا كانت سيئة جدا، ولم يسمحوا للمخابرات الأمريكية، ولا لطائرات التجسس بالاقتراب، لأنهم وطنيون، ولو كانوا متعاونين مع أمريكا ما تخلت عنهم، فليس من طبع أمريكا أن تضحي بحلفائها إلا حين انتهاء صلاحيتهم.

هؤلاء المعتصمون والمتظاهرون أغبياء ومغفلون؛ لأنهم يأخذون الأخبار من وسائل إعلام غير رسمية، فيأخذونها من الجزيرة وهي حقيرة، ومن العربية وهي عبرية، ومن البي بي سي ومراسلها غراب كما قال مفتي الفضائية، ومن سهيل وهي قناة الفتنة، ولا يأخذون من القنوات الرسمية المحايدة، ولا يستمعون إلى المتحدث الرسمي باسم الحكومة وهو الذي لا يعجزه شيء من القول، ولا وكالة الأنبياء الرسمية، فهذه هي المصادر الموثوقة، وإن اختلفت أقوالهم وتعارضت تصريحاتهم، فهم الصادقون الأمناء، وقديما قال المثل: ’’وعند الجندي الخبر اليقين’’، وفي رواية: ’’وعند الردمي الخبر اليقين’’ حتى وإن كانوا يهذفون بما لا يعرفون فهم الأمناء الصادقون.

هكذا يبدو الثوار الأحرار والمناضلون الشرفاء في إعلامنا الرسمي، وفي أبواق بقايا النظام، وعلى لسان السيد نائب وزير الإعلام.

العالم كله محليا وإقليميا ودوليا والعقلاء أجمعون اقتنعوا بعدم صلاحية هذا النظام، وبقي أبواق النظام، من إعلاميين وسياسيين ومن يزعمون أنهم علماء، يطبلون له، لم يدركوا بأن عجلة الزمان قد دارت إلى الأمام، وأن الشعب قد قرر الخلاص من الظلم والطغيان.

لو أدرك هؤلاء المسؤولون، والإعلاميون، وعملاء النظام، حقيقة ذلك لعلموا يقينا أنهم هم الأغبياء والمغفلون؛ وأنهم يعيشون بعيدا عن الواقع.

وأخيرا أقول للأخ/ محمد الربع، إن هؤلاء لم يعودوا ’’عاكس خط’’، ولكنهم أصبحوا خارج الخط، بعيدين عنه كل البعد، ولا يمكنهم الاهتداء إلى الخط، فهم يغردون خارج السرب، يعيشون في صحراء من الوهم وخداع النفس، لاهثين وراء المصلحة والمصلحة فقط، وتعس عبدالدرهم والدينار، وتعس الردمي وعبده الجندي، وكل خائن بائع للدين والوطن بعرض من الدنيا، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
* جامعة صنعاء
[email protected]
*مأرب برس
أضافة تعليق