د.سلمان بن فهد العودة
ينبغي أن نعالج المآسي بالفرح والسرور: ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )(يونس:58). فيفرح العبد بإنسانيته وتكريمه. ويفرح بنعم الله تعالى عليه في النفس والأهل والمال. ويفرح بأن أوزعه الله شكر نعمته؛ فبالشكر تدوم النعم. وفي أول الآية قال سبحانه: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ ؛ دعوة إلى الفرح بالفضل والرحمة، وهو يعني الخير والمال، ولذا قال: ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ )(البقرة:198)، ففضله: رزقه وعطاؤه، فليفرح المؤمن بالعطاء الحلال المبارك، ولو كان قليلاً، فلا تذهب نفسك حسرات وراء جمع الأموال أو المنافسة مع أهل الدنيا؛ فقليل يكفي، خير من كثير يُطْغِي. وذكر الفرح بالرحمة، وهي العلم والدين والقرآن والصلاح. فإذا هُما اجْتمَعا لنَفْسٍ حُرَّةٍ بلغَتْ من العلياءِ كلَّ مكانِ وقد جاء في «الصحيحين» من حديث عن ابن عمر قال: سمعتُ رسولَ الله [ يقول: «لا حسدَ إلا في اثنتين: رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ، فهو يقومُ به آناءَ الليل وآناءَ النهار، ورجلٌ آتاه اللهُ مالاً، فهو ينفقُهُ آناءَ الليل وآناءَ النهار». فمن جمعهما الله له، فقد جمع له خير الدنيا والآخرة. فإذا تحقق للعبد معهما الفرح والسرور والاغتباط، كان ذلك تمام السعادة والعيش الهنيء الرغيد في الدنيا دون تكدير، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ومن معاني الدين الجميلة: أن الدين يصنع للإنسان عزاءً. الدِّينُ سَلْوَى النفْسِ في آلامِها وطَبيبُها مِنْ أَدْمُعٍ وَجِراحِ لأنه يمنح الإنسان الأمل بالله سبحانه، والأمل بالدار الآخرة، والأمل بالفرج، حتى في الأمور التي هي أشبه بالمستحيل: وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضـيـقُ بهــا الفَتى ذَرعًا وَعِندَ اللَهِ مِنها الـمَخرَجُ ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ فعلى الإنسان ألا يكون عوناً للدهر ونوائبه على نفسه، باستجماع هذا المعنى: يــؤَرِّقُـنـي اكـتِـئـابُ أَبي نُمَيرٍ فَقَلبي مِـن كــآبَـتِـهِ كَـئـيـبُ فَقُلتُ لَــهُ: هَــداكَ اللَهُ مَـهـلاً وَخَيرُ القَولِ ذو اللُّبِّ المُصيبُ عَسى الكَربُ الَّذي أَمسَيت فيهِ يَكــونُ وَراءَهُ فَــرَجٌ قَــريـبُ فَيأَمَنُ خائِـفٌ ويُــفَــكُّ عــانٍ وَيـأَتي أَهلَــهُ النائـي الغَريـبُ ألا ليتَ الرِّيــاحَ مُـسـخَّــراتٌ بـحـاجـتِـنـا تُـبـاكرُ أو تؤوبُ فتخبِـرَنا الـشِّــمـالُ إذا أتـتْـنـا وتـخـبـرَ أهـلَـنـا عنَّا الجنوبُ بأنَّـا قــد نَــزلــنـا دارَ بَـلوَى فتُخـطِـئُـنـا الـمَنايا أو تصيبُ علينا ألا نجعل العيد مناسبة لاجترار الآلام والأحزان، لنعطِ إجازة للحزن والكآبة وللهم والغم، ولتكن إجازة طويلة، ولنستشعر الفرحة بنهاية الصوم، وبإكمال العدة، وبتكبير الله على ما هدانا، وبهداية الله لنا إلى هذه الشريعة، وبلقاء الأصدقاء والأقارب والناس، وأن يكون ثمة فرح بالقلب، ولن تفرح القلوب المليئة بالكدر أو الحقد أو الحسد أو البغضاء؛ لنتخلص من هذه المعاني فوراً دون إبطاء، ولنملأ قلوبنا بالمشاعر الإيجابية وتوقُّع الأفضل في قادمات الأيام، في شخصياتنا وأسرنا ومجتمعاتنا وأمتنا، وللعالم أجمع. هَنيئًا لَكَ العيدُ الَّذي أَنتَ عـيــدُهُ وَعيدٌ لِمَن سَمَّى وَضَحَّى وَعَيَّــدا فَذا اليَومُ في الأَيامِ مِثلُكَ في الوَرى كَما كُنتَ فيهِم أَوحَداً كانَ أَوحَدَا هُوَ الجَـدُّ حَتى تَفضُلَ العَينُ أُختَها وَحَتى يكون اليَومُ لِليَومِ سَيِّدا لنجعل العيد عيداً حين نباشر الخطوة الأولى والضرورية للخلاص من آلامنا النفسية ومتاعبنا الذاتية، ولنسعَ إلى تصحيح علاقاتنا العملية بمَن حولنا. فالزوجان المتجافيان، يشكِّل العيد فرصة جميلة لأن يعتبروا هذه الليلة كَلَيْلَةِ الدُّخلة الأولى، وينسوا ما بينهم من خلافات. والإخوة الذين فرَّقت بينهم الدنيا، فهذه فرصة جميلة أن يرضوا والديهم، حتى لو كانوا في القبور، بالمصافحة والمصالحة والابتسام والمسامحة وردم الماضي. والأغنياء الذين وسَّع الله عليهم، يمكنهم أن يحصلوا على بهجة مضاعفة، حين يُدْخِلون الفرحةَ والسرورَ في نفوس الصغار والأيتام والفقراء والمحتاجين. وعندما نمنح الآخرين السعادة، سنحصل على قدر أكبر منها، والله تعالى يقول في الحديث القدسي: «يا ابن آدم، أنفِقْ أُنفقْ عليك». علينا أن نمنح الآخرين مشاعر الاهتمام والحب والثقة، وأن نبذل جهداً في تخفيف معاناتهم، ومشاطرتهم آلامهم وأحزانهم، وحتى مَن لم يجد المال، فالكلمة الطيبة صدقة. لا خيلَ عندك تُهديها ولا مالُ فليُسعِد النُّطقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ عيد مبارك، وحياة سعيدة، وعمر مديد في الإيمان ورضا الرحمن. وداعاً للكآبة والحزن المقيم، فهو طيف عابر لا يُسمح له بالاستقرار، ستطارده الآمال الصادقة والأحلام الجميلة، وستكون الثقة بالله زادنا في طريق الحياة، والدعاء والتضرع عادتنا في المُلِمَّات، وسنضع نُصب أعيننا قوله تعالى في الحديث القدسي: «أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، فليَظُنَّ بي ما شاء». وليكن ظننا به المغفرة والرحمة وإجابة السؤال وتحقيق النوال وحفظ العيال وحسن المآل، إنه نعم المولى ونعم النصير. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تنزل الرحمات، وبجوده تحقَّق المقاصد والغايات.
*مجلة المجتمع
ينبغي أن نعالج المآسي بالفرح والسرور: ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )(يونس:58). فيفرح العبد بإنسانيته وتكريمه. ويفرح بنعم الله تعالى عليه في النفس والأهل والمال. ويفرح بأن أوزعه الله شكر نعمته؛ فبالشكر تدوم النعم. وفي أول الآية قال سبحانه: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ ؛ دعوة إلى الفرح بالفضل والرحمة، وهو يعني الخير والمال، ولذا قال: ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ )(البقرة:198)، ففضله: رزقه وعطاؤه، فليفرح المؤمن بالعطاء الحلال المبارك، ولو كان قليلاً، فلا تذهب نفسك حسرات وراء جمع الأموال أو المنافسة مع أهل الدنيا؛ فقليل يكفي، خير من كثير يُطْغِي. وذكر الفرح بالرحمة، وهي العلم والدين والقرآن والصلاح. فإذا هُما اجْتمَعا لنَفْسٍ حُرَّةٍ بلغَتْ من العلياءِ كلَّ مكانِ وقد جاء في «الصحيحين» من حديث عن ابن عمر قال: سمعتُ رسولَ الله [ يقول: «لا حسدَ إلا في اثنتين: رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ، فهو يقومُ به آناءَ الليل وآناءَ النهار، ورجلٌ آتاه اللهُ مالاً، فهو ينفقُهُ آناءَ الليل وآناءَ النهار». فمن جمعهما الله له، فقد جمع له خير الدنيا والآخرة. فإذا تحقق للعبد معهما الفرح والسرور والاغتباط، كان ذلك تمام السعادة والعيش الهنيء الرغيد في الدنيا دون تكدير، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ومن معاني الدين الجميلة: أن الدين يصنع للإنسان عزاءً. الدِّينُ سَلْوَى النفْسِ في آلامِها وطَبيبُها مِنْ أَدْمُعٍ وَجِراحِ لأنه يمنح الإنسان الأمل بالله سبحانه، والأمل بالدار الآخرة، والأمل بالفرج، حتى في الأمور التي هي أشبه بالمستحيل: وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضـيـقُ بهــا الفَتى ذَرعًا وَعِندَ اللَهِ مِنها الـمَخرَجُ ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ فعلى الإنسان ألا يكون عوناً للدهر ونوائبه على نفسه، باستجماع هذا المعنى: يــؤَرِّقُـنـي اكـتِـئـابُ أَبي نُمَيرٍ فَقَلبي مِـن كــآبَـتِـهِ كَـئـيـبُ فَقُلتُ لَــهُ: هَــداكَ اللَهُ مَـهـلاً وَخَيرُ القَولِ ذو اللُّبِّ المُصيبُ عَسى الكَربُ الَّذي أَمسَيت فيهِ يَكــونُ وَراءَهُ فَــرَجٌ قَــريـبُ فَيأَمَنُ خائِـفٌ ويُــفَــكُّ عــانٍ وَيـأَتي أَهلَــهُ النائـي الغَريـبُ ألا ليتَ الرِّيــاحَ مُـسـخَّــراتٌ بـحـاجـتِـنـا تُـبـاكرُ أو تؤوبُ فتخبِـرَنا الـشِّــمـالُ إذا أتـتْـنـا وتـخـبـرَ أهـلَـنـا عنَّا الجنوبُ بأنَّـا قــد نَــزلــنـا دارَ بَـلوَى فتُخـطِـئُـنـا الـمَنايا أو تصيبُ علينا ألا نجعل العيد مناسبة لاجترار الآلام والأحزان، لنعطِ إجازة للحزن والكآبة وللهم والغم، ولتكن إجازة طويلة، ولنستشعر الفرحة بنهاية الصوم، وبإكمال العدة، وبتكبير الله على ما هدانا، وبهداية الله لنا إلى هذه الشريعة، وبلقاء الأصدقاء والأقارب والناس، وأن يكون ثمة فرح بالقلب، ولن تفرح القلوب المليئة بالكدر أو الحقد أو الحسد أو البغضاء؛ لنتخلص من هذه المعاني فوراً دون إبطاء، ولنملأ قلوبنا بالمشاعر الإيجابية وتوقُّع الأفضل في قادمات الأيام، في شخصياتنا وأسرنا ومجتمعاتنا وأمتنا، وللعالم أجمع. هَنيئًا لَكَ العيدُ الَّذي أَنتَ عـيــدُهُ وَعيدٌ لِمَن سَمَّى وَضَحَّى وَعَيَّــدا فَذا اليَومُ في الأَيامِ مِثلُكَ في الوَرى كَما كُنتَ فيهِم أَوحَداً كانَ أَوحَدَا هُوَ الجَـدُّ حَتى تَفضُلَ العَينُ أُختَها وَحَتى يكون اليَومُ لِليَومِ سَيِّدا لنجعل العيد عيداً حين نباشر الخطوة الأولى والضرورية للخلاص من آلامنا النفسية ومتاعبنا الذاتية، ولنسعَ إلى تصحيح علاقاتنا العملية بمَن حولنا. فالزوجان المتجافيان، يشكِّل العيد فرصة جميلة لأن يعتبروا هذه الليلة كَلَيْلَةِ الدُّخلة الأولى، وينسوا ما بينهم من خلافات. والإخوة الذين فرَّقت بينهم الدنيا، فهذه فرصة جميلة أن يرضوا والديهم، حتى لو كانوا في القبور، بالمصافحة والمصالحة والابتسام والمسامحة وردم الماضي. والأغنياء الذين وسَّع الله عليهم، يمكنهم أن يحصلوا على بهجة مضاعفة، حين يُدْخِلون الفرحةَ والسرورَ في نفوس الصغار والأيتام والفقراء والمحتاجين. وعندما نمنح الآخرين السعادة، سنحصل على قدر أكبر منها، والله تعالى يقول في الحديث القدسي: «يا ابن آدم، أنفِقْ أُنفقْ عليك». علينا أن نمنح الآخرين مشاعر الاهتمام والحب والثقة، وأن نبذل جهداً في تخفيف معاناتهم، ومشاطرتهم آلامهم وأحزانهم، وحتى مَن لم يجد المال، فالكلمة الطيبة صدقة. لا خيلَ عندك تُهديها ولا مالُ فليُسعِد النُّطقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ عيد مبارك، وحياة سعيدة، وعمر مديد في الإيمان ورضا الرحمن. وداعاً للكآبة والحزن المقيم، فهو طيف عابر لا يُسمح له بالاستقرار، ستطارده الآمال الصادقة والأحلام الجميلة، وستكون الثقة بالله زادنا في طريق الحياة، والدعاء والتضرع عادتنا في المُلِمَّات، وسنضع نُصب أعيننا قوله تعالى في الحديث القدسي: «أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، فليَظُنَّ بي ما شاء». وليكن ظننا به المغفرة والرحمة وإجابة السؤال وتحقيق النوال وحفظ العيال وحسن المآل، إنه نعم المولى ونعم النصير. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تنزل الرحمات، وبجوده تحقَّق المقاصد والغايات.
*مجلة المجتمع