مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
عزيزي المثقف الليبرالي ..هذه هي الديمقراطية
أحمد سالم | 28-04-2011 00:24

حقيقة الديمقراطية التي يتغافل عنها المثقف الليبرالي ،أو العلماني = هي أنها آلية تقوم مقام الضد للنظم السلطوية؛لتحقيق نظام سياسي واجتماعي نابع من حرية الناخب في الاختيار.
هذه الحقيقة الصلبة هي نفسها ما يُقلق أولئك المثقفين ويستفزهم اليوم؛فالمثقف الليبرالي أو العلماني يظن أن معرفة القيم المناسبة للمجتمع، وتحديد المصالح الوطنية،والمفاضلة بين الخيارات السياسية = حرفة من الحرف التي لا يحسنها سواه،والمثقف الليبرالي والعلماني يظنان أن الديمقراطية والحداثة شيء واحد،ويظنان أن الديمقراطية هي طريق الوصول للحداثة والتقدم،والحداثة والتقدم بالنسبة له مرادفان للعلمنة ومحاكاة النظم الأممية الحديثة في أوربا والدول المتقدمة.
والواقع : أن هذا التصور للديمقراطية هو مجرد تصور أيدلوجي طوباوي مخالف للديمقراطية كآلية واقعية.
الديمقراطية عزيزي المثقف الليبرالي هي ببساطة شديدة وكما يقول الدكتور إيليا حريق أستاذ العلوم السياسية بعدد من الجامعات الأمريكية والأوربية : مجرد تمثيل لحقوق المواطنين ومصالحهم وأهوائهم على ما هي عليه ،بنزواتهم وطموحاتهم وأفضلياتهم.
والديمقراطية التي لا تمثل مصالح الناس وأفضلياتهم ليست ديمقراطية.
التمثيل (والكلام للدكتور إيليا) يعني التعبير عن قيم ورغبات الناس،وعن العلاقات القائمة فعلاً في المجتمع،فإذا كانت القرابة أو احترام الكبار في السن قيماً شائعة في المجتمع = فالديمقراطية تعكس تلك القيم في الحكومة.
إلا أن كل ذلك بالطبع يتعارض مع تصورات المثقف الليبرالي أو العلماني الذي يعطي القيمة الأولى للعلمنة ؛فيشعر بالإحباط والضيق عندما يرى أن الديمقراطية لم تؤد الغرض المنشود الذي يطمح هو إليه ،بل يرى الديمقراطية التي اقترع فيها الناخب اقتراعاً يعبر عن مصالحه وميوله السياسية يراها وقد انحرفت عن المسار الذي يراه هو أولى وأحسن.

فالمثقف الليبرالي والعلماني يريد أن يُسخر الديمقراطية لتحقق إيدولوجيته ،وعندما لا تحقق له الديمقراطية ذلك ويكون التمثيل الشعبي الحر على خلاف تلك الديمقراطية = فإنه يقلب وجهه متهماً الجماهير بالجهل والتخلف وقلة الوعي وحينها يقول له الدكتور إيليا حريق : إن احترام الناخب مهما يكن متخلفاً هو من أصول الديمقراطية وأقنومها يتوقف عليه الالتزام بالديمقراطية أو نبذها.

يقول الدكتور إيليا حريق : من حق المثقف أن يبغي قيماً تحديثية وتقدمية وأن يعمل من أجل تفوقها في صناديق الاقتراع،لا أن يصر على أن تكون أهدافه هي النتيجة الشرعية الوحيدة للانتخابات.من واجبنا كديمقراطيين أن نحترم رأي الآخر وأفضلياته،والتقيد بالقوانين التي تأتي بالآخر على ما هو عليه إلى السلطة؛فالديمقراطية هي الوسيلة التي تتيح للمفكر أن يسعى لنصرة القيم التحديثية أو غيرها،وإنما يكون ذلك بالإقناع والنشاط السياسي الذي يهيئ المواطن للتغيير .والديمقراطية ليست أداة في يد أحد لكي يفرض إرادته على الغير ويقهرهم باسم الحق والتقدم،على العكس : تعطي الديمقراطية كل فرد أو جماعة فرصة لنصرة اتجاهاتها السياسية ولا تضمن لأي منها النصر.وعلى من يسعى من أجل الديمقراطية أن يعي ذلك جيداً ،وأن يكون حذراً ،وإلا سلك سلوكاً مستبداً باسم الديمقراطية،كما يحصل فعلاً في تركيا منذ أن اعتنق أتاتورك الإيدولوجية التحديثية وحتى يومنا هذا .الديمقراطية في تركيا مفروض عليها أن تخدم الأفكار العلمانية والقومية الطورانية وإلا خضعت للتصحيح بقوة السيف المسلط على رؤوس المواطنين بمختلف مللهم باسم حماية النظام المنوطة بجيشهم العتيد.
وما دامت الديمقراطية نظام تمثيل للشعب = فلابد أن تعكس حالة المواطنين،فلا ننتظر من أغلبية مسلمة أن تكون خياراتها تتعارض مع قيم الدين الذي تؤمن به،وإن رأى هؤلاء المثقفون في ذلك تعارضاً مع قيمهم الحداثية والتقدمية = فليس أمامهم سوى المناقشة والاحتجاج ومحاولة الإقناع،أما حالة الغضب،والاستعلاء على الجماهير، وسرادقات العزاء الليبرالي والعلماني المقامة على الصحف والقنوات = فلا معنى لها سوى أن هذه النخبة المثقفة لا تعي حقيقة الديمقراطية ولم تكن تتصور أن هذه النتيجة هي غاية ما تمنحهم إياه الديمقراطية في مجتمع مسلم.
*المصريون
أضافة تعليق