22-3-2011
بشير البكر
صار رحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح معلّقاً بالترتيبات الأخيرة التي يجري التداول من حولها بين أطراف محلية وإقليمية ودولية. وبدا من خلال حركة الالتحاق الواسعة للعسكريين بالثورة السلمية، أمس، أن ساعة العدّ العكسي للرئيس صالح قد بدأت، وبات الشارع بانتظار اللحظة التي يصل فيها العدّاد إلى نقطة الصفر، ويظهر الرجل، الذي حكم اليمن طوال 33 سنة، ليعلن تنحّيه ورحيله، باسم الديموقراطية واحتراماً لإرادة الشعب والحفاظ على الوحدة. وتكثفت الاتصالات على أكثر من صعيد أمس لضمان الإخراج المناسب للرئيس، بما يكفل له الاحترام، بعدما أخذ يدرك أن الستارة أُسدلت على الفصل الأخير من المسرحية على نحو شكسبيري..
صار رحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح معلّقاً بالترتيبات الأخيرة التي يجري التداول من حولها بين أطراف محلية وإقليمية ودولية. وبدا من خلال حركة الالتحاق الواسعة للعسكريين بالثورة السلمية، أمس، أن ساعة العدّ العكسي للرئيس صالح قد بدأت، وبات الشارع بانتظار اللحظة التي يصل فيها العدّاد إلى نقطة الصفر، ويظهر الرجل، الذي حكم اليمن طوال 33 سنة، ليعلن تنحّيه ورحيله، باسم الديموقراطية واحتراماً لإرادة الشعب والحفاظ على الوحدة. وتكثفت الاتصالات على أكثر من صعيد أمس لضمان الإخراج المناسب للرئيس، بما يكفل له الاحترام، بعدما أخذ يدرك أن الستارة أُسدلت على الفصل الأخير من المسرحية على نحو شكسبيري.
بدا الرئيس صالح يوم أول من أمس في لحظة حرجة جداً، وضاقت أمامه الخيارات، لذا باشر القيام بحركة التفافية استهلّها بإقالة الحكومة. وقال مصدر سياسي رفيع المستوى لـ«الأخبار» إن صالح رمى بهذه الورقة للإيحاء بأنه يُقدم على خطوات إصلاحية، لكن الحقيقة في مكان آخر، إذ كان عدد من الوزراء يستعدون لتقديم استقالة جماعية، ومنهم وزراء كل من الخارجية أبو بكر القربي، وشؤون مجلسي النواب والشورى عدنان عمر الجفري، والثروة السمكية محمود إبراهيم الصغيري، والتعليم العالي والبحث العلمي صالح علي باصرة، والثقافة محمد أبو بكر المفلحي. وفي مقابل هذه الكتلة، تقف مجموعة أخرى من أعضاء الحكومة إلى جانب الرئيس صالح، ومنها وزير الداخلية رشاد محمد العليمي، ووزير الإعلام حسن اللوزي.
وقال المصدر إن صالح استبق الأمر وأقال الحكومة، ليقطع الطريق على رحيلها من تلقاء ذاتها، الأمر الذي كان سيترك تأثيراً سلبياً عليه في نظر الرأي العام. وأراد صالح أن يوحي، من جهة ثانية، أنه بصدد إجراء إصلاحات واسعة، يكلف لها حكومة برئاسة مستشاره سالم صالح محمد، الذي تردد في قبول المنصب.
ولكي لا يبدو الرئيس كأن المركب يغرق فيه وحده، أراد أن يؤدّي دور الربان، الذي لا يزال يتحكم بالدفة، رغم شدة العاصفة، وأنه يصرّ على قيادة السفينة الى بر الأمان، رغم المخاطر الكبيرة. لكن العاصفة بدت أمس أقوى من علي صالح الذي بقي في الميدان وحيداً، وصار مجرداً من عناصر قوته الثلاثة: القبيلة والمؤسسة الدينية والجيش. والأخطر من ذلك أن حركة الانسحابات من حوله أخذت تمتد إلى محيطه العائلي الخاص، وكانت المفاجأة ظهور أخيه غير الشقيق اللواء علي محسن الأحمر ليعلن انضمامه إلى الثوار.
كانت حركة علي محسن توحي خلال الأسبوعين الأخيرين أنه سيُقدم على خطوة مفاجئة لتغيير مسار التطورات، وأول إشارة إلى ذلك إنزال عناصر من الفرقة المدرعة الأولى التي يقودها، لترابط على أحد مداخل ساحة الاعتصامات (التغيير). وعلى عكس حراسات بقية المداخل التي كان يشرف عليها الحرس الخاص، فإن سلوك عساكر الفرقة الأولى اتّسم بالهدوء والتعاون مع مرتادي الساحة، ولم تحدث احتكاكات بينهم وبين المعتصمين.
أثار هذا التصرف أسئلة كثيرة عن موقف علي محسن الفعلي من المعتصمين الذين يهتفون بشعار إسقاط شقيقه. وظهرت تفسيرات متضاربة بين أن علي محسن يريد وضع المعتصمين تحت الأنظار وضبط حركة الشارع، وبين أنه يهيّئ لعمل يخلط فيه الأوراق، وهذا ما حصل صباح أمس عندما أعلن انضمامه إلى حركة الاحتجاج ضد صالح.
انضمام علي محسن إلى حركة الاحتجاج سبقته استعدادات ومشاورات عائلية وقبلية وحزبية وعسكرية، إضافة إلى اتصالات مع السعودية والولايات المتحدة. على مستوى العائلة الحاكمة، جرت سلسلة من الاجتماعات في اليومين الأخيرين، تولى علي محسن دور المنسق الرئيسي فيها، وجرى خلالها تدارس الوضع، وخصوصاً الانعكاسات السلبية للمجزرة التي تبيّن أن الذين قاموا بها هم من المحسوبين على أجهزة نجل الرئيس، أحمد الذي يقود الحرس الجمهوري، وابنا شقيقيه: يحيى قائد الأمن المركزي وطارق قائد الحرس الخاص.
وتفيد مصادر شباب ساحة التغيير بأنه ألقي القبض على عدد من القناصة الذين ارتكبوا المجزرة، واعترفوا بأنهم من جهاز الحرس الخاص، وتلقّوا الأوامر من طارق محمد عبد الله صالح.
دراسة الوضع داخل العائلة أفضت الى نتيجة مفادها بأن الأبواب باتت موصدة أمام الرئيس، وأنه لا مناص من رحيله. كذلك فإن نجله وابني شقيقيه صاروا على اللائحة السوداء، وبالتالي لا بد من أن يرحلوا جميعاً. ومن الأفضل أن يحصل ذلك بهدوء وبما يحافظ على مصالح العائلة في الدرجة الأولى. واتفق المجتمعون على أن علي محسن هو الوحيد الذي لم يتورط في قمع المحتجين، وبالتالي هو الوحيد القادر على ترتيب الإخراج اللازم.
أجرى علي محسن على الفور اتصالات مع الأطراف القبلية، وذلك بالتعاون مع حميد الأحمر، المرشح لخلافة صالح منذ نحو عامين. واتفق الرجلان على ضبط الوضع داخل قبيلة حاشد، كبرى قبائل اليمن، في اتجاه إجراء انتقال هادئ للرئاسة، ومن دون حصول مواجهات، وخصوصاً أن القبيلة نزلت إلى ساحة التغيير والتحمت بالمعتصمين. واتفق الطرفان على أن يعلن شيخ حاشد، صادق الأحمر، مع مشايخ القبائل انضمام القبيلة إلى الثورة الشعبية، وذلك لتأليف سور قبلي من حول حركة الاعتصام ومنع خروج سيرها إلى طريق أحزاب اللقاء المشترك، بعد إعلان رئيسها الدكتور ياسين سعيد نعمان بعد ظهر يوم السبت أنه «لا صوت يعلو فوق صوت الشعب».
وبعد ترتيب وضع الدائرتين العائلية والقبلية، كان التوجه لتوسيع الدائرة في اتجاه الجيش والأحزاب ومراكز القوى الاقتصادية. وقال مصدر مطّلع على الترتيبات لـ«الأخبار» إن علي محسن بسط المسألة أمام كبار القادة العسكريين الذين يدورون في فلكي العائلة والقبيلة، ووضعهم في صورة قرار العائلة والقبيلة لاحتواء الوضع. وجرى الاتفاق على أن يبادر علي محسن إلى إعلان انضمامه لثورة الشعب، ومن ثم يتبعه قائداً عسكرياً يسيطرون على كل المحاور الرئيسية، وبذلك تبدو المؤسسة العسكرية كأنها حسمت خيارها بالوقوف إلى جانب الثورة، مثلما حصل في مصر. ولكي يبدو علي محسن في نظر الشارع شبيهاً بوزير الدفاع المصري محمد حسين طنطاوي، الذي قاد عملية تنحية الرئيس حسني مبارك.
على الصعيد الحزبي، جُسّ نبض أحزاب اللقاء المشترك، وقام علي محسن بزيارة للدكتور ياسين سعيد نعمان في منزله، ورافقه في ذلك وزير الخارجية أبو بكر القربي وشخصيات أخرى. ورمى علي محسن فكرة تنحية الرئيس، وحاول أن يفهم من نعمان ماذا سيكون عليه موقف أحزاب اللقاء، ورد فعل حركة الشارع. ويقول مصدر قريب من اللقاء إن نعمان لم يزكِّ الخيار، ونبّه إلى مخاطره، وأبدى شكوكاً في أن تنطلي العملية على حركة الشارع. لكن نعمان فوجئ بأن حليفيه حميد الأحمر وحزب الإصلاح يشاطران علي محسن الرأي في الإخراج الذي توصّل إليه. ويرى المصدر أن حسم خيار حزب الإصلاح من وراء المشروع الذي يقوده علي محسن، سيقود إلى فرط عقد أحزاب اللقاء المشترك.
وعلى صعيد الاتصالات مع السعودية، قال مصدر إن سفير اليمن لدى السعودية محمد الأحول قام بزيارة خاطفة منذ أيام لصنعاء، والتقى بعلي محسن الذي حمّله رسالة خاصة إلى المسؤولين السعوديين، أبلغهم فيها العناصر الأساسيّة لحل الأزمة، وجرى طلب مساعدات عسكرية عاجلة أرسلت إلى الجنوب وأنزلت أسلحة مدرعة في ميناءي عدن والمكلا، وذلك تحسّباً من ردود فعل في الجنوب بعد رحيل صالح لجهة إعلان الانفصال. ويقول مصدر مطلع إن السعودية باركت الخطوة وأبدت استعدادها لاستقبال صالح وعائلته، التي كان قسم منها قد وصل الى المملكة في الأسبوعين الأخيرين.
والسؤال: ما هو المخرج المطروح لصالح؟ وهل أزفت ساعة رحيله؟ والإجابة عن هذا السؤال، حسب مشروع علي محسن، أن المخرج المطروح لصالح يمكن أن يكون في إحدى صيغتين: الأولى أن يعلن شخصيّاً تنحّيه عن الرئاسة، ويضع خطوته في إطار حفاظه على الديموقراطية واحترام إرادة الشعب ومن أجل صون الوحدة، وأن يفوّض سلطاته إلى نائبه عبد ربه منصور، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية جديدة.
والصيغة الثانية هي أن يعمد علي محسن، باسم القوات المسلحة، إلى إعفاء صالح من مهماته على الطريقة المصرية، وإبعاده، مع الحفاظ على كرامته وتكريمه بوصفه بطل الوحدة، والرجل الذي ضحى من أجل صيانة الديموقراطيّة، وتجنيب اليمن الدخول في الفوضى.
*مجلة العصر
بشير البكر
صار رحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح معلّقاً بالترتيبات الأخيرة التي يجري التداول من حولها بين أطراف محلية وإقليمية ودولية. وبدا من خلال حركة الالتحاق الواسعة للعسكريين بالثورة السلمية، أمس، أن ساعة العدّ العكسي للرئيس صالح قد بدأت، وبات الشارع بانتظار اللحظة التي يصل فيها العدّاد إلى نقطة الصفر، ويظهر الرجل، الذي حكم اليمن طوال 33 سنة، ليعلن تنحّيه ورحيله، باسم الديموقراطية واحتراماً لإرادة الشعب والحفاظ على الوحدة. وتكثفت الاتصالات على أكثر من صعيد أمس لضمان الإخراج المناسب للرئيس، بما يكفل له الاحترام، بعدما أخذ يدرك أن الستارة أُسدلت على الفصل الأخير من المسرحية على نحو شكسبيري..
صار رحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح معلّقاً بالترتيبات الأخيرة التي يجري التداول من حولها بين أطراف محلية وإقليمية ودولية. وبدا من خلال حركة الالتحاق الواسعة للعسكريين بالثورة السلمية، أمس، أن ساعة العدّ العكسي للرئيس صالح قد بدأت، وبات الشارع بانتظار اللحظة التي يصل فيها العدّاد إلى نقطة الصفر، ويظهر الرجل، الذي حكم اليمن طوال 33 سنة، ليعلن تنحّيه ورحيله، باسم الديموقراطية واحتراماً لإرادة الشعب والحفاظ على الوحدة. وتكثفت الاتصالات على أكثر من صعيد أمس لضمان الإخراج المناسب للرئيس، بما يكفل له الاحترام، بعدما أخذ يدرك أن الستارة أُسدلت على الفصل الأخير من المسرحية على نحو شكسبيري.
بدا الرئيس صالح يوم أول من أمس في لحظة حرجة جداً، وضاقت أمامه الخيارات، لذا باشر القيام بحركة التفافية استهلّها بإقالة الحكومة. وقال مصدر سياسي رفيع المستوى لـ«الأخبار» إن صالح رمى بهذه الورقة للإيحاء بأنه يُقدم على خطوات إصلاحية، لكن الحقيقة في مكان آخر، إذ كان عدد من الوزراء يستعدون لتقديم استقالة جماعية، ومنهم وزراء كل من الخارجية أبو بكر القربي، وشؤون مجلسي النواب والشورى عدنان عمر الجفري، والثروة السمكية محمود إبراهيم الصغيري، والتعليم العالي والبحث العلمي صالح علي باصرة، والثقافة محمد أبو بكر المفلحي. وفي مقابل هذه الكتلة، تقف مجموعة أخرى من أعضاء الحكومة إلى جانب الرئيس صالح، ومنها وزير الداخلية رشاد محمد العليمي، ووزير الإعلام حسن اللوزي.
وقال المصدر إن صالح استبق الأمر وأقال الحكومة، ليقطع الطريق على رحيلها من تلقاء ذاتها، الأمر الذي كان سيترك تأثيراً سلبياً عليه في نظر الرأي العام. وأراد صالح أن يوحي، من جهة ثانية، أنه بصدد إجراء إصلاحات واسعة، يكلف لها حكومة برئاسة مستشاره سالم صالح محمد، الذي تردد في قبول المنصب.
ولكي لا يبدو الرئيس كأن المركب يغرق فيه وحده، أراد أن يؤدّي دور الربان، الذي لا يزال يتحكم بالدفة، رغم شدة العاصفة، وأنه يصرّ على قيادة السفينة الى بر الأمان، رغم المخاطر الكبيرة. لكن العاصفة بدت أمس أقوى من علي صالح الذي بقي في الميدان وحيداً، وصار مجرداً من عناصر قوته الثلاثة: القبيلة والمؤسسة الدينية والجيش. والأخطر من ذلك أن حركة الانسحابات من حوله أخذت تمتد إلى محيطه العائلي الخاص، وكانت المفاجأة ظهور أخيه غير الشقيق اللواء علي محسن الأحمر ليعلن انضمامه إلى الثوار.
كانت حركة علي محسن توحي خلال الأسبوعين الأخيرين أنه سيُقدم على خطوة مفاجئة لتغيير مسار التطورات، وأول إشارة إلى ذلك إنزال عناصر من الفرقة المدرعة الأولى التي يقودها، لترابط على أحد مداخل ساحة الاعتصامات (التغيير). وعلى عكس حراسات بقية المداخل التي كان يشرف عليها الحرس الخاص، فإن سلوك عساكر الفرقة الأولى اتّسم بالهدوء والتعاون مع مرتادي الساحة، ولم تحدث احتكاكات بينهم وبين المعتصمين.
أثار هذا التصرف أسئلة كثيرة عن موقف علي محسن الفعلي من المعتصمين الذين يهتفون بشعار إسقاط شقيقه. وظهرت تفسيرات متضاربة بين أن علي محسن يريد وضع المعتصمين تحت الأنظار وضبط حركة الشارع، وبين أنه يهيّئ لعمل يخلط فيه الأوراق، وهذا ما حصل صباح أمس عندما أعلن انضمامه إلى حركة الاحتجاج ضد صالح.
انضمام علي محسن إلى حركة الاحتجاج سبقته استعدادات ومشاورات عائلية وقبلية وحزبية وعسكرية، إضافة إلى اتصالات مع السعودية والولايات المتحدة. على مستوى العائلة الحاكمة، جرت سلسلة من الاجتماعات في اليومين الأخيرين، تولى علي محسن دور المنسق الرئيسي فيها، وجرى خلالها تدارس الوضع، وخصوصاً الانعكاسات السلبية للمجزرة التي تبيّن أن الذين قاموا بها هم من المحسوبين على أجهزة نجل الرئيس، أحمد الذي يقود الحرس الجمهوري، وابنا شقيقيه: يحيى قائد الأمن المركزي وطارق قائد الحرس الخاص.
وتفيد مصادر شباب ساحة التغيير بأنه ألقي القبض على عدد من القناصة الذين ارتكبوا المجزرة، واعترفوا بأنهم من جهاز الحرس الخاص، وتلقّوا الأوامر من طارق محمد عبد الله صالح.
دراسة الوضع داخل العائلة أفضت الى نتيجة مفادها بأن الأبواب باتت موصدة أمام الرئيس، وأنه لا مناص من رحيله. كذلك فإن نجله وابني شقيقيه صاروا على اللائحة السوداء، وبالتالي لا بد من أن يرحلوا جميعاً. ومن الأفضل أن يحصل ذلك بهدوء وبما يحافظ على مصالح العائلة في الدرجة الأولى. واتفق المجتمعون على أن علي محسن هو الوحيد الذي لم يتورط في قمع المحتجين، وبالتالي هو الوحيد القادر على ترتيب الإخراج اللازم.
أجرى علي محسن على الفور اتصالات مع الأطراف القبلية، وذلك بالتعاون مع حميد الأحمر، المرشح لخلافة صالح منذ نحو عامين. واتفق الرجلان على ضبط الوضع داخل قبيلة حاشد، كبرى قبائل اليمن، في اتجاه إجراء انتقال هادئ للرئاسة، ومن دون حصول مواجهات، وخصوصاً أن القبيلة نزلت إلى ساحة التغيير والتحمت بالمعتصمين. واتفق الطرفان على أن يعلن شيخ حاشد، صادق الأحمر، مع مشايخ القبائل انضمام القبيلة إلى الثورة الشعبية، وذلك لتأليف سور قبلي من حول حركة الاعتصام ومنع خروج سيرها إلى طريق أحزاب اللقاء المشترك، بعد إعلان رئيسها الدكتور ياسين سعيد نعمان بعد ظهر يوم السبت أنه «لا صوت يعلو فوق صوت الشعب».
وبعد ترتيب وضع الدائرتين العائلية والقبلية، كان التوجه لتوسيع الدائرة في اتجاه الجيش والأحزاب ومراكز القوى الاقتصادية. وقال مصدر مطّلع على الترتيبات لـ«الأخبار» إن علي محسن بسط المسألة أمام كبار القادة العسكريين الذين يدورون في فلكي العائلة والقبيلة، ووضعهم في صورة قرار العائلة والقبيلة لاحتواء الوضع. وجرى الاتفاق على أن يبادر علي محسن إلى إعلان انضمامه لثورة الشعب، ومن ثم يتبعه قائداً عسكرياً يسيطرون على كل المحاور الرئيسية، وبذلك تبدو المؤسسة العسكرية كأنها حسمت خيارها بالوقوف إلى جانب الثورة، مثلما حصل في مصر. ولكي يبدو علي محسن في نظر الشارع شبيهاً بوزير الدفاع المصري محمد حسين طنطاوي، الذي قاد عملية تنحية الرئيس حسني مبارك.
على الصعيد الحزبي، جُسّ نبض أحزاب اللقاء المشترك، وقام علي محسن بزيارة للدكتور ياسين سعيد نعمان في منزله، ورافقه في ذلك وزير الخارجية أبو بكر القربي وشخصيات أخرى. ورمى علي محسن فكرة تنحية الرئيس، وحاول أن يفهم من نعمان ماذا سيكون عليه موقف أحزاب اللقاء، ورد فعل حركة الشارع. ويقول مصدر قريب من اللقاء إن نعمان لم يزكِّ الخيار، ونبّه إلى مخاطره، وأبدى شكوكاً في أن تنطلي العملية على حركة الشارع. لكن نعمان فوجئ بأن حليفيه حميد الأحمر وحزب الإصلاح يشاطران علي محسن الرأي في الإخراج الذي توصّل إليه. ويرى المصدر أن حسم خيار حزب الإصلاح من وراء المشروع الذي يقوده علي محسن، سيقود إلى فرط عقد أحزاب اللقاء المشترك.
وعلى صعيد الاتصالات مع السعودية، قال مصدر إن سفير اليمن لدى السعودية محمد الأحول قام بزيارة خاطفة منذ أيام لصنعاء، والتقى بعلي محسن الذي حمّله رسالة خاصة إلى المسؤولين السعوديين، أبلغهم فيها العناصر الأساسيّة لحل الأزمة، وجرى طلب مساعدات عسكرية عاجلة أرسلت إلى الجنوب وأنزلت أسلحة مدرعة في ميناءي عدن والمكلا، وذلك تحسّباً من ردود فعل في الجنوب بعد رحيل صالح لجهة إعلان الانفصال. ويقول مصدر مطلع إن السعودية باركت الخطوة وأبدت استعدادها لاستقبال صالح وعائلته، التي كان قسم منها قد وصل الى المملكة في الأسبوعين الأخيرين.
والسؤال: ما هو المخرج المطروح لصالح؟ وهل أزفت ساعة رحيله؟ والإجابة عن هذا السؤال، حسب مشروع علي محسن، أن المخرج المطروح لصالح يمكن أن يكون في إحدى صيغتين: الأولى أن يعلن شخصيّاً تنحّيه عن الرئاسة، ويضع خطوته في إطار حفاظه على الديموقراطية واحترام إرادة الشعب ومن أجل صون الوحدة، وأن يفوّض سلطاته إلى نائبه عبد ربه منصور، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية جديدة.
والصيغة الثانية هي أن يعمد علي محسن، باسم القوات المسلحة، إلى إعفاء صالح من مهماته على الطريقة المصرية، وإبعاده، مع الحفاظ على كرامته وتكريمه بوصفه بطل الوحدة، والرجل الذي ضحى من أجل صيانة الديموقراطيّة، وتجنيب اليمن الدخول في الفوضى.
*مجلة العصر