.أسامة حسين الفرحان -خاص
[email protected]
وأخيرا فهم الرئيس معنى كلمة (إرحل) بعد أن ترجمت له بكل لغات العالم وعبر جميع وسائل الإعلام .. وفهم معنى كلمة (الشعب يريد إسقاط النظام) ، ويبدو أنه بطيء الفهم وأقل فهما من سلفه زين العابدين بن علي.
وبرحيله وخلعه انتهت فترة حكم دامت 30 عاما غير وجه مصر الحقيقية ، وآذى عبادها ، ونكس أعلامها وقضى على خيراتها ومصالحها.
كان آمراً ناهيا متحكما في أمور البلاد ورقاب العباد ، يحكم ما يمليه عليه هواه وزبانيته ، وما يتلائم مع إملاءات الغرب ومصالحه ، يدور في فلكهم ويسلك مسلكهم ، يودع ، ويستقبل ، ويعزي ، ويفتح أبواب مصر على مصراعيها لمن هب ودب ، نال رضى الجميع (إلا شعبه وأمته) وأصبح المرحب به المحافل الدولية ، تعزف له الألحان ، ويستقبل استقبال الفاتحين.
وللشعب (الغلبان) أن يسأل أما استحققنا نحن وقتا قصيرا من أوقاتك الثمينة ، وقفة وجلسة صادقة معنا ، تستمع إلى مطلبنا وتتحسس معاناتنا ، أما نستحق شيئا من لطفك وكرم ضيافتك ، قبل أن تصل الأمور بيننا إلى طريق اللاعودة ، وإلى الطلاق البائن بينونة كبرى ، أما شعرت ولو للحظة أنك رئيس لنا ، وولي أمرنا ، ونحن أولى من أولياء أمرك.
لن يطالبوك بالمستحيل أو المعجزات وخوارق الأمور والعادات ، سيطالبون بأبجديات الحياة الكريمة ، وما ينبغي على كل حاكم أن يؤديها دون منة أو تفضل على أحد ، كل ما يريدونه أن تحمي دينهم وقيمهم ومصالحهم الدنيوية ، ولا تسلب حريتهم التي منحها الله لهم منذ ولادتهم ، وأن لا تنغص عيشهم بطوارق الليل وزبانية الظلم والعذاب.
كان بإمكانه أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ، ويبني مجدا ً خالداً لا يُنسى ، لو أخلص لشعبه وأمته ، وسعى لنهضته ورفعته ، فخير البلد كثير ، ولم يعرف عن شعبها الكسل والخمول ، بل كله همة ونشاط وحيوية ، سيبلغ بهم العلى والشرف والسؤودد لو أراد ، ولأصبحت مصر من الدول التي يشار لها بالبنان ويحسب لها ألف حساب ، لكنه أبى إلا أن يدخل التاريخ من أوسع أبواب الظلم والإضطهاد والتجبر.
فكان رحيله أمرأ لا مفر منه فقد بلغت الأمور بالشعب الحلقوم ، وتقطعت بهم السبل ، وأوصدت كل الأبواب، وبقي هو على حاله تجاههم ، متسمرا على كرسيِّه أصم أخرس، إلا من شعارات جوفاء حفظها منذ اللحظة الاولى لتوليه مقاليد الحكم ، وبقي متغنيا مراوغا مماطلا بها إلى آخر رمق فيه.
لم يتجرأ ’’الرئيس المخلوع’’ أن يُري وجهه لشعبه ويلقي كلمة الرحيل وتولي غيره مقاليد الحكم ، فالحقيقة قاسية لم يستطع أن يجابهها ، ربما عناده وغروره يأبيان عليه، لعله أحس أن هذه اللحظة المُرَّة ستُفقده توازنه وتقضي على البقية الباقية من حطامه؟ كلها تفسيرات ، لكن المؤكد أن شعوره بالذنب تجاه شعبه واعترافه بأخطائه لم يكن سببا لأن يلقي نائبه خبر تولي المجلس العسكري مقاليد الأمر.
رحل دون كلمة وداع لشعبه الذي طالما صرح له وقال إنه الوفي والساهر على حماه ، وأمنه ، وسلامته ، رحل حاملاً معه سجلا حافلاً من مآسي هذا الشعب طيلة سنين حكمه ، و دماء ما زالت تنزف في ميدان التحرير ، وأمهات ثكالى مازلن يذرفن الدموع على شهداء التحرير ، وأطفال يقضون على سكون الليل بكاءً على آبائهم.
رحل عن عرشه دون أن يلقي نظرة على أولئك الذين كانوا يقفون له تبجيلاً وتعظيماً ويعلو هتافهم وتصفيقهم الحار دوماً ، ربما لم يجد أحداً منهم وتفرقوا لحظة شعورهم أن عصره قد انتهى ، وسحره قد بطل.
لم يودع بطلجيته ، أو يوزع عليهم أنياط الشجاعة والوفاء ، أو حتى كلمة شكر لجهودهم الخاصة وتفانيهم في سبيل عرشه ، لم يبك أو يقل قصائدا في مدح خيولهم وإبلهم وصهيلها وآثار نقعها ، في ميدان التحرير ، وهي تنشر الرعب والهلع والخوف ضد شعب أعزل لا يملك إلا سلاح الكلمة.
برحيله نال الشعب احترام وتقدير العالم كله ، وحق لهم الفخر والإعتزاز بما صنعوه ، وسقطت فزاعة االخوف من الفوضى واختلال موازين القوى وفقدان السيطرة على الأمن.
ليكن خلعه لفتة وعبرة وعظة لمن يسر ويسلك مسلكه وكي يفهم شعبه ، ويعرف قوته الحقيقية التي هي أقوى من كل الوسائل والحيل والألاعيب المبتكرة.
حفظ الله مصر .. وحفظ شبابها الذين وضعوا أرجلهم في أول طريق الحرية والتحرر.
[email protected]
وأخيرا فهم الرئيس معنى كلمة (إرحل) بعد أن ترجمت له بكل لغات العالم وعبر جميع وسائل الإعلام .. وفهم معنى كلمة (الشعب يريد إسقاط النظام) ، ويبدو أنه بطيء الفهم وأقل فهما من سلفه زين العابدين بن علي.
وبرحيله وخلعه انتهت فترة حكم دامت 30 عاما غير وجه مصر الحقيقية ، وآذى عبادها ، ونكس أعلامها وقضى على خيراتها ومصالحها.
كان آمراً ناهيا متحكما في أمور البلاد ورقاب العباد ، يحكم ما يمليه عليه هواه وزبانيته ، وما يتلائم مع إملاءات الغرب ومصالحه ، يدور في فلكهم ويسلك مسلكهم ، يودع ، ويستقبل ، ويعزي ، ويفتح أبواب مصر على مصراعيها لمن هب ودب ، نال رضى الجميع (إلا شعبه وأمته) وأصبح المرحب به المحافل الدولية ، تعزف له الألحان ، ويستقبل استقبال الفاتحين.
وللشعب (الغلبان) أن يسأل أما استحققنا نحن وقتا قصيرا من أوقاتك الثمينة ، وقفة وجلسة صادقة معنا ، تستمع إلى مطلبنا وتتحسس معاناتنا ، أما نستحق شيئا من لطفك وكرم ضيافتك ، قبل أن تصل الأمور بيننا إلى طريق اللاعودة ، وإلى الطلاق البائن بينونة كبرى ، أما شعرت ولو للحظة أنك رئيس لنا ، وولي أمرنا ، ونحن أولى من أولياء أمرك.
لن يطالبوك بالمستحيل أو المعجزات وخوارق الأمور والعادات ، سيطالبون بأبجديات الحياة الكريمة ، وما ينبغي على كل حاكم أن يؤديها دون منة أو تفضل على أحد ، كل ما يريدونه أن تحمي دينهم وقيمهم ومصالحهم الدنيوية ، ولا تسلب حريتهم التي منحها الله لهم منذ ولادتهم ، وأن لا تنغص عيشهم بطوارق الليل وزبانية الظلم والعذاب.
كان بإمكانه أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ، ويبني مجدا ً خالداً لا يُنسى ، لو أخلص لشعبه وأمته ، وسعى لنهضته ورفعته ، فخير البلد كثير ، ولم يعرف عن شعبها الكسل والخمول ، بل كله همة ونشاط وحيوية ، سيبلغ بهم العلى والشرف والسؤودد لو أراد ، ولأصبحت مصر من الدول التي يشار لها بالبنان ويحسب لها ألف حساب ، لكنه أبى إلا أن يدخل التاريخ من أوسع أبواب الظلم والإضطهاد والتجبر.
فكان رحيله أمرأ لا مفر منه فقد بلغت الأمور بالشعب الحلقوم ، وتقطعت بهم السبل ، وأوصدت كل الأبواب، وبقي هو على حاله تجاههم ، متسمرا على كرسيِّه أصم أخرس، إلا من شعارات جوفاء حفظها منذ اللحظة الاولى لتوليه مقاليد الحكم ، وبقي متغنيا مراوغا مماطلا بها إلى آخر رمق فيه.
لم يتجرأ ’’الرئيس المخلوع’’ أن يُري وجهه لشعبه ويلقي كلمة الرحيل وتولي غيره مقاليد الحكم ، فالحقيقة قاسية لم يستطع أن يجابهها ، ربما عناده وغروره يأبيان عليه، لعله أحس أن هذه اللحظة المُرَّة ستُفقده توازنه وتقضي على البقية الباقية من حطامه؟ كلها تفسيرات ، لكن المؤكد أن شعوره بالذنب تجاه شعبه واعترافه بأخطائه لم يكن سببا لأن يلقي نائبه خبر تولي المجلس العسكري مقاليد الأمر.
رحل دون كلمة وداع لشعبه الذي طالما صرح له وقال إنه الوفي والساهر على حماه ، وأمنه ، وسلامته ، رحل حاملاً معه سجلا حافلاً من مآسي هذا الشعب طيلة سنين حكمه ، و دماء ما زالت تنزف في ميدان التحرير ، وأمهات ثكالى مازلن يذرفن الدموع على شهداء التحرير ، وأطفال يقضون على سكون الليل بكاءً على آبائهم.
رحل عن عرشه دون أن يلقي نظرة على أولئك الذين كانوا يقفون له تبجيلاً وتعظيماً ويعلو هتافهم وتصفيقهم الحار دوماً ، ربما لم يجد أحداً منهم وتفرقوا لحظة شعورهم أن عصره قد انتهى ، وسحره قد بطل.
لم يودع بطلجيته ، أو يوزع عليهم أنياط الشجاعة والوفاء ، أو حتى كلمة شكر لجهودهم الخاصة وتفانيهم في سبيل عرشه ، لم يبك أو يقل قصائدا في مدح خيولهم وإبلهم وصهيلها وآثار نقعها ، في ميدان التحرير ، وهي تنشر الرعب والهلع والخوف ضد شعب أعزل لا يملك إلا سلاح الكلمة.
برحيله نال الشعب احترام وتقدير العالم كله ، وحق لهم الفخر والإعتزاز بما صنعوه ، وسقطت فزاعة االخوف من الفوضى واختلال موازين القوى وفقدان السيطرة على الأمن.
ليكن خلعه لفتة وعبرة وعظة لمن يسر ويسلك مسلكه وكي يفهم شعبه ، ويعرف قوته الحقيقية التي هي أقوى من كل الوسائل والحيل والألاعيب المبتكرة.
حفظ الله مصر .. وحفظ شبابها الذين وضعوا أرجلهم في أول طريق الحرية والتحرر.