أسامة حسين الفرحان-خاص الوفاق
مازالت المظاهرات الحاشدة في مصر تجوب أرجاء مدنها ، وما زالت شعارات الإنتفاضة واحدة (رحيل النظام وسقوط الرئيس) ، وقال الشعب بملء فمه (إحنا مش عاوزينك يا مبارك) ، وتفاعلت أطياف الشعب المصري كله ، وأصبحت الشغل الشاغل لوسائل الإعلام الدولية والإقليمية ، وعلى الرغم من هذا فإن االرئيس المصري مازال متمسكاً بحكمه وكرسيِّه وكأنه لا يتصور نفسه إلا رئيساً لمصر بعد أن ألف الحكم واستمرأه في عقود ثلاث ، وعلى رغم من هذه الألوف الحاشدة والدماء التي سالت ، والنداءات الدولية والإقليمية له ، إلا أنه يعمل ويمارس مهامه كرئيس دولة ، فهو يعين نائباً له ، ويقيل حكومة ويعين أخرى ، بعد خطاب موجه إلى الشعب يشدد على إتاحة الفرصة للمواطنين ، وهو يقدر هموم ومعاناة شعبه ، وهو منحاز إلى فقراء مصر، وفي الوقت ذاته يعلن أنه لن يتهاون في اتخاذ أية قرارات تحفظ لكل مصري ومصرية أمنهم وأمانهم، وسوف يدافع عن أمن مصر واستقرارها وأماني شعبها.
هذا الخطاب يذكرنا بحديث الفرعون الأكبر إذا يقول مخاطباً قومه الذين استعبدهم ومتهما سيدنا موسى عليه السلام:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} ، فهو الحريص على أمن مصر وسلامتها ويخشى عليها من فساد موسى عليه السلام الذي يدعو إلى عبادة الله عز وجل وإلى تخليص الناس من عبودية فرعون وظلمه وتعديه على حرمات الناس.
وموقف الغرب الداعم الأقوى لحكم حسني مبارك منذ سنين عديدة يكاد يصب في مصلحة الشعب المصري وتطلعاته وآماله ، على الرغم من العلاقة القوية التي تربط بين النظام وتلك الحكومات ، فهو الوسيط والحليف والصديق دوماً لأمريكا والغرب ، لكنه الآن يدعوه لمزيد من الديمقراطية والإنفتاح وحرية التعبير عن الرأي ، ترى أين كان هذا الموقف أيام الإنتخابات الأخيرة وما سادها من قمع وتزوير؟ وهل كان بعيداً عما كان يجري في الساحة المصرية.
لا غرابة في المواقف الغربية فهي دائما تقف حيثما تقف مصلحتها ومصلحة شعوبهم ، وحين الجد فلا ينفع حلف ولا صداقة ولا وفاء ، وهذه هي السياسة ، وهذا حقهم فيها ، وإن كان مخالفاً للشعارات التي يرفعونها وينادون بها ويتغنون بها صباح مساء.
لكن هل ستترك الولايات المتحدة الأمريكية ذلك الحليف المطيع في الشرق الأوسط ، هل ترضى بأن يسقط وينهار؟ دون أن تشارك في تهيئة البدائل والخيارات الأفضل.
لا شك أن الموقف الأمريكي تجاه نظام مبارك قد تغير وأعتقد أن الولايات المتحدة جادة في إعادة هيكلة النظام المصري وإعادة تشكيله ، ليكون قادراً على مواجهة التحديات الجديدة على الساحة المصرية والعربية وأهم الأسباب التي تدعو الحكومة الأمريكية لإعادة الهيكلة ما يلي:
أولاً: تنامي الوعي الشعبي المصري بجميع القضايا السياسية وخصوصاً قضية فلسطين ، حيث ما رأيناه من مظاهرات عارمة أيام العدوان الصهيوني على قطاع غزة كان الأعنف في مصر.
ثانياًً: تنامي التيار الإسلامي بشتى أشكاله ، والتدين الملحوظ في الآونة الأخيرة في المجتمع المصري حيث تشهد المساجد إقبالاً متزايداً ، وبات 80 % من نساء مصر يرتدين الحجاب.
ثالثاً: اهتزاز صورة النظام المصري لدى عامة الشعب ، وكسر الشعب المصري هيبة ذلك النظام وهيبة عصاه الغليظة ، وبات الشعب يتندر بالحكومة ورموزها ويطلق النكات تلو الأخر.
وما يخشاه الغرب هو انفلات الأمور من يد النظام المصري ، وبالتالي انفلات زمام الأمور ، ووصول من لا يرضاه أحد من الخارج إلى سدة الحكم ، أو حتى وقوع مصر في فوضى عارمة ، وهو ما يفتح المجال لجماعات إسلامية وثورية لأن تكوَّن خط الدفاع الثاني عن حماس وإمداداتها.
منذ انطلاق اليوم الأول للإنتفاضة المصرية يرى بوضوح أن هناك أموراً ما تطبخ وتنضج في الخفاء ، وليس من قبيل المصادفة أن يكون رئيس أركان الحرب المصري متواجداً في الولايات المتحدة قبيل الإنتفاضة المصرية بأيام .. وليس من قبيل المصادفة هذه الضجة الإعلامية العالمية التي صاحبة إنتفاضة مصر ، فانتفاضة مصر هذه المرة تمت تغطيتها بشكل كامل ، وأصبح حديث الأعلام الأول والأهم على الساحة الدولية.
المعارضة والحكومة:
المعارضة المصرية كانت حذرة ومتخوفة من نتائج هذه المظاهرات منذ اليوم الأول لانطلاقها ، فجماعة الإخوان المسلمين ، حييت انتفاضة الشعب المصري وأكدت أنها مستمرة في النضال الدستوري والقانوني السلمي وإطلاق الحريات وحل مجلس الشعب المزور، والدفاع عن حقوق الشعب المنهوب، والجماعة وقفت موقفاً لا يحسد عليها فهي إن تبنت المظاهرات وأيدتها رسمياً ، فإنها تخشى من دخولها في محنة أشبه بمحنة جديدة يتم إعتقال رموزها ومطاردتهم وإلصاق تهمة الإرهاب والتخريب بها وهذه فرصة للنظام طالماً حاول أن يجد مبرراً أو ذريعة للفتك بالجماعة ورموزها ، وهي تدرك تضايق النظام ومن يقف وراءه من قوة الجماعة المتزايد وتغلغلها في الشعب المصري.
وعدم مشاركة الجماعة في المظاهرة ستعرض صورتها للإهتزاز ، وهي التي طالماً كانت رأس الحربة في وجه النظام ، وأحكامه الجائرة.
وبقيت الأحزاب تباينت مواقفها لكن القليل منها دعى للمشاركة بشكل رسمي ، والأغلب يدعو أعضائه بالمشاركة وليس باسم الحزب وإنما كأفراد.
وأما الجيش المصري، فموقفه واضح لن يكون بعيداً عن حكومة مبارك ، بل سيسعى إلى التنسيق التام بين الطرفين ، ودليلي على ذلك بقاء وزير الدفاع المصري الطنطاوي في منصبه ، يضاف إلى ذلك أن حسني مبارك رجل عسكري ولم يكن يوما ما بعيداً عنه الجيش فهو قائد القوة الجوية في حرب أكتوبر1973 م وخلع بدلته العسكرية فقط عندما أصبح رئيساً للجمهورية ، ومع ذلك بقيت علاقته مع الجيش قوية وجيدة.
إلا أن هذا الجيش سيسعى على المحافظة على هيبته وصورته ودوره كحامي حمى الاوطان ، وأن ينأى بنفسه عن الإصطدام بالشعب بشكل مباشر.
خيارات وحلول:
هناك عدة خيارات لحل أزمة مصر لكن كلها ستؤول في نهاية الأمر إلى استقرار البلد ووجود حكومة قادرة على إدارة دفة الحكم وتسيير امور البلاد ، وأهم الخيارات المطروحة ما يلي:
أولاً: بقاء الحكومة الحالية التي شكلها حسني مبارك أخيراً ، وستسعى هذه الحكومة إلى محاورة المعارضة والقوى السياسية لمزيد من الإصلاحات ، وإذا شعرت المعارضة أن الحكومة باقية وأن أركانها مدعومة من قوى الأمن والجيش والأطراف الخارجية ، فإنها ستتنازل عن مطالبها بالإطاحة بنظام مبارك وستكتفي بالمطالبة بمزيد من الحريات وحل البرلمان المزور، وسستتولى هذه القوى السياسية المعارضة بإقناع المتظاهرين بإنهاء التظاهر والعودة إلى منازلهم .. وستتولى دورالوساطة بين الحكومة والشباب الثائر.
ثانياً/ رحيل الرئيس مبارك عن مصر ، وتسليم البلاد إلى شخص لن يكون بعيداً عن عباءة النظام الحالي ، ويتم تشكيل حكومة مزينة بوجوه ورموز المعارضة وستتم الدعوة إلى إجراء إنتخابات برلمانية مبكرة ، بعد حل مجلسي الشعب والبرلمان.
ثالثا/ يتولى الجيش قيادة البلاد بعد إزالة نظام حسني مبارك ، ويتم تشكيل حكومة عسكرية ، وتطبق الأحكام العرفية..
الخيار الأخير وهو ما بات يعرف بالصوملة وهذا ما أستبعده كثيراً نظراً لموقع مصر الحساس ، ومحاداتها لقطاع غزة والأراض الفلسطينية المحتلة ، مما يشجع أن تكون مصر خط الدفاع الثاني لقوى المقاومة الفلسطينية في غزة ، وتكون جسراً لإمدادتها العسكرية والمادية ، وهذا ما يقلق العدو اليهودي ، فهو قد أحكم السيطرة بمساعدة الحكومة المصرية ، ولم تبق إلا تلك الأنفاق التي يتنفس منها الشعب المسجون.
وأخير التغيير السياسي في مصر قادم لا محالة ، وسياسة العصا الغليضة لن تبقى في مصر كما كانت عليه ، وسيشهد البلد إنفتاحاً أكبر ، وإن كان هذا التغيير والإنفتاح بقدر معلوم.
حفظ الله.. قلعة الصمود وحفظ أهلها من كل مكروه.
مازالت المظاهرات الحاشدة في مصر تجوب أرجاء مدنها ، وما زالت شعارات الإنتفاضة واحدة (رحيل النظام وسقوط الرئيس) ، وقال الشعب بملء فمه (إحنا مش عاوزينك يا مبارك) ، وتفاعلت أطياف الشعب المصري كله ، وأصبحت الشغل الشاغل لوسائل الإعلام الدولية والإقليمية ، وعلى الرغم من هذا فإن االرئيس المصري مازال متمسكاً بحكمه وكرسيِّه وكأنه لا يتصور نفسه إلا رئيساً لمصر بعد أن ألف الحكم واستمرأه في عقود ثلاث ، وعلى رغم من هذه الألوف الحاشدة والدماء التي سالت ، والنداءات الدولية والإقليمية له ، إلا أنه يعمل ويمارس مهامه كرئيس دولة ، فهو يعين نائباً له ، ويقيل حكومة ويعين أخرى ، بعد خطاب موجه إلى الشعب يشدد على إتاحة الفرصة للمواطنين ، وهو يقدر هموم ومعاناة شعبه ، وهو منحاز إلى فقراء مصر، وفي الوقت ذاته يعلن أنه لن يتهاون في اتخاذ أية قرارات تحفظ لكل مصري ومصرية أمنهم وأمانهم، وسوف يدافع عن أمن مصر واستقرارها وأماني شعبها.
هذا الخطاب يذكرنا بحديث الفرعون الأكبر إذا يقول مخاطباً قومه الذين استعبدهم ومتهما سيدنا موسى عليه السلام:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} ، فهو الحريص على أمن مصر وسلامتها ويخشى عليها من فساد موسى عليه السلام الذي يدعو إلى عبادة الله عز وجل وإلى تخليص الناس من عبودية فرعون وظلمه وتعديه على حرمات الناس.
وموقف الغرب الداعم الأقوى لحكم حسني مبارك منذ سنين عديدة يكاد يصب في مصلحة الشعب المصري وتطلعاته وآماله ، على الرغم من العلاقة القوية التي تربط بين النظام وتلك الحكومات ، فهو الوسيط والحليف والصديق دوماً لأمريكا والغرب ، لكنه الآن يدعوه لمزيد من الديمقراطية والإنفتاح وحرية التعبير عن الرأي ، ترى أين كان هذا الموقف أيام الإنتخابات الأخيرة وما سادها من قمع وتزوير؟ وهل كان بعيداً عما كان يجري في الساحة المصرية.
لا غرابة في المواقف الغربية فهي دائما تقف حيثما تقف مصلحتها ومصلحة شعوبهم ، وحين الجد فلا ينفع حلف ولا صداقة ولا وفاء ، وهذه هي السياسة ، وهذا حقهم فيها ، وإن كان مخالفاً للشعارات التي يرفعونها وينادون بها ويتغنون بها صباح مساء.
لكن هل ستترك الولايات المتحدة الأمريكية ذلك الحليف المطيع في الشرق الأوسط ، هل ترضى بأن يسقط وينهار؟ دون أن تشارك في تهيئة البدائل والخيارات الأفضل.
لا شك أن الموقف الأمريكي تجاه نظام مبارك قد تغير وأعتقد أن الولايات المتحدة جادة في إعادة هيكلة النظام المصري وإعادة تشكيله ، ليكون قادراً على مواجهة التحديات الجديدة على الساحة المصرية والعربية وأهم الأسباب التي تدعو الحكومة الأمريكية لإعادة الهيكلة ما يلي:
أولاً: تنامي الوعي الشعبي المصري بجميع القضايا السياسية وخصوصاً قضية فلسطين ، حيث ما رأيناه من مظاهرات عارمة أيام العدوان الصهيوني على قطاع غزة كان الأعنف في مصر.
ثانياًً: تنامي التيار الإسلامي بشتى أشكاله ، والتدين الملحوظ في الآونة الأخيرة في المجتمع المصري حيث تشهد المساجد إقبالاً متزايداً ، وبات 80 % من نساء مصر يرتدين الحجاب.
ثالثاً: اهتزاز صورة النظام المصري لدى عامة الشعب ، وكسر الشعب المصري هيبة ذلك النظام وهيبة عصاه الغليظة ، وبات الشعب يتندر بالحكومة ورموزها ويطلق النكات تلو الأخر.
وما يخشاه الغرب هو انفلات الأمور من يد النظام المصري ، وبالتالي انفلات زمام الأمور ، ووصول من لا يرضاه أحد من الخارج إلى سدة الحكم ، أو حتى وقوع مصر في فوضى عارمة ، وهو ما يفتح المجال لجماعات إسلامية وثورية لأن تكوَّن خط الدفاع الثاني عن حماس وإمداداتها.
منذ انطلاق اليوم الأول للإنتفاضة المصرية يرى بوضوح أن هناك أموراً ما تطبخ وتنضج في الخفاء ، وليس من قبيل المصادفة أن يكون رئيس أركان الحرب المصري متواجداً في الولايات المتحدة قبيل الإنتفاضة المصرية بأيام .. وليس من قبيل المصادفة هذه الضجة الإعلامية العالمية التي صاحبة إنتفاضة مصر ، فانتفاضة مصر هذه المرة تمت تغطيتها بشكل كامل ، وأصبح حديث الأعلام الأول والأهم على الساحة الدولية.
المعارضة والحكومة:
المعارضة المصرية كانت حذرة ومتخوفة من نتائج هذه المظاهرات منذ اليوم الأول لانطلاقها ، فجماعة الإخوان المسلمين ، حييت انتفاضة الشعب المصري وأكدت أنها مستمرة في النضال الدستوري والقانوني السلمي وإطلاق الحريات وحل مجلس الشعب المزور، والدفاع عن حقوق الشعب المنهوب، والجماعة وقفت موقفاً لا يحسد عليها فهي إن تبنت المظاهرات وأيدتها رسمياً ، فإنها تخشى من دخولها في محنة أشبه بمحنة جديدة يتم إعتقال رموزها ومطاردتهم وإلصاق تهمة الإرهاب والتخريب بها وهذه فرصة للنظام طالماً حاول أن يجد مبرراً أو ذريعة للفتك بالجماعة ورموزها ، وهي تدرك تضايق النظام ومن يقف وراءه من قوة الجماعة المتزايد وتغلغلها في الشعب المصري.
وعدم مشاركة الجماعة في المظاهرة ستعرض صورتها للإهتزاز ، وهي التي طالماً كانت رأس الحربة في وجه النظام ، وأحكامه الجائرة.
وبقيت الأحزاب تباينت مواقفها لكن القليل منها دعى للمشاركة بشكل رسمي ، والأغلب يدعو أعضائه بالمشاركة وليس باسم الحزب وإنما كأفراد.
وأما الجيش المصري، فموقفه واضح لن يكون بعيداً عن حكومة مبارك ، بل سيسعى إلى التنسيق التام بين الطرفين ، ودليلي على ذلك بقاء وزير الدفاع المصري الطنطاوي في منصبه ، يضاف إلى ذلك أن حسني مبارك رجل عسكري ولم يكن يوما ما بعيداً عنه الجيش فهو قائد القوة الجوية في حرب أكتوبر1973 م وخلع بدلته العسكرية فقط عندما أصبح رئيساً للجمهورية ، ومع ذلك بقيت علاقته مع الجيش قوية وجيدة.
إلا أن هذا الجيش سيسعى على المحافظة على هيبته وصورته ودوره كحامي حمى الاوطان ، وأن ينأى بنفسه عن الإصطدام بالشعب بشكل مباشر.
خيارات وحلول:
هناك عدة خيارات لحل أزمة مصر لكن كلها ستؤول في نهاية الأمر إلى استقرار البلد ووجود حكومة قادرة على إدارة دفة الحكم وتسيير امور البلاد ، وأهم الخيارات المطروحة ما يلي:
أولاً: بقاء الحكومة الحالية التي شكلها حسني مبارك أخيراً ، وستسعى هذه الحكومة إلى محاورة المعارضة والقوى السياسية لمزيد من الإصلاحات ، وإذا شعرت المعارضة أن الحكومة باقية وأن أركانها مدعومة من قوى الأمن والجيش والأطراف الخارجية ، فإنها ستتنازل عن مطالبها بالإطاحة بنظام مبارك وستكتفي بالمطالبة بمزيد من الحريات وحل البرلمان المزور، وسستتولى هذه القوى السياسية المعارضة بإقناع المتظاهرين بإنهاء التظاهر والعودة إلى منازلهم .. وستتولى دورالوساطة بين الحكومة والشباب الثائر.
ثانياً/ رحيل الرئيس مبارك عن مصر ، وتسليم البلاد إلى شخص لن يكون بعيداً عن عباءة النظام الحالي ، ويتم تشكيل حكومة مزينة بوجوه ورموز المعارضة وستتم الدعوة إلى إجراء إنتخابات برلمانية مبكرة ، بعد حل مجلسي الشعب والبرلمان.
ثالثا/ يتولى الجيش قيادة البلاد بعد إزالة نظام حسني مبارك ، ويتم تشكيل حكومة عسكرية ، وتطبق الأحكام العرفية..
الخيار الأخير وهو ما بات يعرف بالصوملة وهذا ما أستبعده كثيراً نظراً لموقع مصر الحساس ، ومحاداتها لقطاع غزة والأراض الفلسطينية المحتلة ، مما يشجع أن تكون مصر خط الدفاع الثاني لقوى المقاومة الفلسطينية في غزة ، وتكون جسراً لإمدادتها العسكرية والمادية ، وهذا ما يقلق العدو اليهودي ، فهو قد أحكم السيطرة بمساعدة الحكومة المصرية ، ولم تبق إلا تلك الأنفاق التي يتنفس منها الشعب المسجون.
وأخير التغيير السياسي في مصر قادم لا محالة ، وسياسة العصا الغليضة لن تبقى في مصر كما كانت عليه ، وسيشهد البلد إنفتاحاً أكبر ، وإن كان هذا التغيير والإنفتاح بقدر معلوم.
حفظ الله.. قلعة الصمود وحفظ أهلها من كل مكروه.