مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
تأبين جنوب السودان.. ولا عزاء للعرب
أحمد عبدالوهاب
نجح الاستعمارُ الحديث فيما فشلت فيه الإمبراطورياتُ القديمة بالسِّلاح والجيوش، في أن تظلَّ الأُمَّة العربية والقارَّة السَّمراء مُجرَّد كياناتٍ صغيرة، بل كيانات لا تَسْتطيع أن تعتمد على نفسها حتَّى في رغيف العَيْش، فقد نفَّذَت أمريكا وإسرائيل والغَرْبُ أكثر من سيناريو في وقت واحد.

ففي الوَقْت الذي شغلت به العالَم بِحَرب العراق وإيران، وبعدها الكويت وأفغانستان، كانت تلك القوى تعمل وبكلِّ جهد من أجْل البدء في تنفيذ سيناريو إعادة تقسيم الوطن العربي بعد أن رسَّخَت للطَّائفية والقومية في معظم البلدان العربية، وعزفَتْ عليها بكل ما أوتِيَتْ من قوَّة.

وآتتْ تلك الجهودُ ثِمارَها، فما هي إلاَّ أيام قلائل، وبالتحديد في التاسع من يناير القادم، ويصبح الجنوب السودانِيُّ كيانًا جديدًا يُزرَع في قلب الأُمَّة، غير معروفة هُويَّتُه واتِّجاهه، والذي أكَّدتْ كلُّ الشواهد أنه يتَّجه إلى الانسلاخ عن الأُمَّة العرَبيَّة والإسلامية التي لا تربطه بِها لغة أو دين أو عِرْق، فقد أسْهَم الجميع - حُكَّامًا ومَحكومين - فِي أن تدور عجلات التَّقسيم من جديدٍ سواء من الشُّعوب العربيَّة بالصَّمْت والعُزْلة منذ سنوات، أو من خيانات الْحُكَّام، فبَعْد سنوات من الصِّراع مع الكيان الصِّهيَوْنِي، والَّتي لَم ولن تنتهِيَ لسنواتٍ طويلة.

واليوم هناك دولةٌ غريبة ودخيلة في الْجنوب السودانِيِّ، أَعْلنتْ ولاءَها، وأنَّها ستُقيم علاقاتٍ مع إسرائيل قبل أن يتمَّ الاستفتاء، وقامت بشراء طائرات وأسلحة بِمَعنى أنَّ عمليَّة الانفصال قد تَمَّ توقيع عقودها منذ سنوات، وما يومُ التاسع من يناير إلاَّ مراسم الزِّفاف؛ فقد استوطنَتْ إسرائيل وأمريكا الجنوب منذ عام 2005، ورسَّخَت لكلِّ ما تريد، حتَّى إن لِجان ترسيم الحدود موجودةٌ الآن لتبدأ عملَها يوم 10 يناير مُباشرة، والآن أصبح الحديثُ عن بقاء الجنوب ضمن دولة السُّودان الموحَّد هو من ضروب الخيال.

وليت الأمر وقَف عند هذا الحدِّ، بل بدأَتِ الفئران تَخرج من جحورها لتنفيذ باقي أجزاء الخُطَّة، فقد أعلن ’’البرزاني’’ في شمال العراق أنَّ مِن حقِّ الأكراد تقريرَ مصيرهم، وكذا في دُوَل المغرب العربي، وعلَتِ الطَّائفية حتَّى في مصر، وما أحداث العمرانيَّة إلا إنذارٌ غيْرُ مسبوق، علَتْ فيه بعض الأصوات التي تُطالب بتقرير المصير للأقباط، وأبرَزُ دليلٍ على ذلك السِّجال الذي دار حول تَعْداد الأقباط، هل هم 15 مليونًا، أم 10 أم 5 ملايين؟ وهي أمور غريبة على مِصْر.

ولا أخفيكم القول أنَّني قرأتُ في أحد المواقع الأمريكيَّة القريبة من دوائر صُنْع القرار أنَّ هناك مُخطَّطًا غير مُعْلَن منذ سنوات، لتقسيم الدُّول العربية ليصبح تعدادها 40 دولة، بالله عليكم منذ سنوات يُحاول أحرار الأُمَّة حثَّ الْحُكَّام على أن تكون هناك وَحْدة بين دولتين أو ثلاثة، ولَم يَحدث هذا إلاَّ لِشُهور معدودة في الستينيَّات، فكيف الحال بعد أن يصل العدد إلى 40 دولة؟!

إسرائيل التي عقدنا معها المعاهدات، وسلَّمْنا لَها مقدَّراتنا ما زالت تَحِيك لنا الْمُؤامرات وتتخابَر علينا، وما كشَفَ الشَّبَكة الأخيرة للموساد في مصر، إلا أنَّ الموساد أخرج لسانه للجميع، وعاد ليقول لنا: أنا صاحب اليَدِ الطُّولى في كلِّ مكان.

حسبِيَ الله ونِعْم الوكيل!
الألوكة
أضافة تعليق