مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
حينما تُدير أمريكا ظهرها لأوباما!
الثلاثاء 25 ذو القعدة 1431 الموافق 02 نوفمبر 2010
مايكل بارون
لماذا انقلب الناخبون الأمريكيُّون على باراك أوباما وحزبه؟ تساؤل يطرحه الكثير من المحلِّلين والسياسيين مع قُرب انتهاء العدّ التنازلي للانتخابات النصفيَّة للكونجرس، التي يُتوقع أن يتكبَّد فيها الحزب الديمقراطي (حزب الرئيس الأمريكي الحالي) هزيمة فادحة، رغم الترحاب والحفاوة البالغة اللَّذين قوبل بهما صعود الرئيس الأسود وحزبه الديمقراطي قبل عامين.
ففي عام 2008، فاز أوباما بنسبة 53 في المائة مقابل 46 في المائة لمنافسه جون ماكين، ورغم أن هذه الأغلبيَّة ليست ساحقة تمامًا، إلا أن أوباما حصل بذلك على أعلى نسبة أصوات في التاريخ مقارنةً بجميع المرشحين الديمقراطيين السابقين، باستثناء أندرو جاكسون وفرانكلين روزفلت وليندون جونسون، ليتفوَّق بذلك على جون كينيدي وودرو ويلسون وجيمي كارتر وجروفر كليفلاند وحتى بيل كلينتون.
وقد فاز الديمقراطيُّون في التصويت الشعبي لمجلس النواب -المؤشر الرئيسي لتأييد الرأي العام- بنسبة 54 في المائة مقابل 43 في المائة للجمهوريين، لكن استطلاعات الرأي في الوقت الراهن تشير إلى أن هذه النسب المئويَّة قد تنقلب رأسًا على عقب؛ حيث أن الجمهوريين لهم السبق في الاستفتاءات العامَّة بنسبة 49 إلى 42 في المائة، بحسب الاستطلاع الذي أجرتْه منظمة جالوب.
بعد فوز جورج دبليو بوش في عام 2004، تنبَّأ المحلِّل الاستراتيجي للحزب الجمهوري كارل روف بأن الجمهوريين سيهيمنون على الانتخابات الأمريكيَّة لمدة 40 عامًا، لكن بعد انتخابات 2008، توقع المحلِّل الاستراتيجي بالحزب الديمقراطي، جيمس كارفيل، أن الديمقراطيين هم من سيهيمنون على الانتخابات الأمريكيَّة لنفس المدة؛ بيدَ أن سيطرة الحزب الديمقراطي استمرَّت 40 أسبوعًا، وليس 40 عامًا؛ حيث تفوَّق الجمهوريون على الديمقراطيين في استطلاعات الرأي في أغسطس 2009
في الثلاثينات، قال جون ماينارد كينز قولته المشهورة: إن الرجال العمليِّين، الذين لا يعترفون بالتأثيرات الفكريَّة، يكونون في الواقع ضحيَّة لبعض علماء الاقتصاد، أما اليوم فأودُّ أن أقول إن حزب أوباما الديمقراطي، وقع ضحية لعلماء السياسة والمؤرِّخين.
ونظرًا لأن وصول أوباما وزعماء الكونجرس الديمقراطيين إلى سدَّة الحكم جاء في أعقاب الأزمة الماليَّة وفي خضمّ ركود عميق، فقد تصرَّفوا وفقًا لهذه النظرية، وقاموا بتمرير حزمة إجراءات لتحفيز الاقتصاد بقيمة 787 مليار دولار، وزيادة الميزانيَّات الأساسيَّة للعديد من الهيئات، مقابل توسُّع دائم ومستمرّ للحكومة، ولحماية الموظَّفين في الاتحاد العام من وَيْلات الركود فقد ذهب ثلث المال لحكومات الولايات والحكومات المحليَّة، مرورًا بمشروع قانون الرعاية الصحيَّة التي لم يحظَ بشعبيَّة كبيرة.
لقد أعلن الديمقراطيون أنهم يصنعون التاريخ، لأنهم نجحوا في تمرير مشروع قانون الرعاية الصحيَّة، برغم اعتراض أغلبيَّة الناخبين في الولايات المتحدة، وهذا ما كان واضحًا من خلال صناديق الاقتراع للناخبين من ولاية ماساتشوستس (الذين اختاروا الجمهوري سكوت براون في يناير هذا العام)، وأمريكا اليوم هي أمَّة أقلّ حرصًا على اختيار الحكومة التي ستقوم ’’بتوزيع الثروة’’، كما قال باراك أوباما لجو السباك في توليدو، أوهايو، في أكتوبر 2008.
لم تعدّ فكرة إعادة التوزيع الاقتصادي للثروة فكرة معاصرة، بل إنها قديمة ومتحجِّرة، كان قد دعا إليها بعض منظِّري النخبة الأكاديميَّة منذ قرن أو أكثر، حينما رأوا المجتمع من حولهم ينقسم بين فئات قليلة صاحبة شركات عملاقة وثروات ضخمة؛ بينما كان الكثير من جموع الشعب، معظمهم من المهاجرين، يعيشون في مساكن مكتظَّة داخل المدن الصناعيَّة المظلِمة؛ حيث لا يمكن للشخص العادي تجميع ملكيَّة خاصَّة به، بل لم يمتلك الفرد منهم حتى حسابًا مصرفيًّا، لذا فقد تصوَّر المنظرون أن استخدام سياسة توزيع الثروة سيجعل هؤلاء الناس أفضل حالًا.
في الوقت الحالي، لم يعد الأمريكان يعيشون في مثل هذا البلد، لكنهم العاديون منهم صاروا يكدِّسون الثروات الكبيرة من خلال الإسكان والصكوك الماليَّة، لكن هذه العمليَّة تلقَّت ضربةً موجِعة عبر الركود الاقتصادي، إلا أن معظم الأمريكيين لم يتخلَّوْا عن هذه الوسيلة، فهم يعتقدون أن سياسات الحكومة الواسعة تعتبر خنقًا للنمو الاقتصادي.
حتى الآن لم تتضحْ بعد الأبعاد الحقيقيَّة لهزيمة الديمقراطيين، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان الجمهوريون سيتبنَّوْن سياسات خطيرة لدَحْر توسُّع الحزب الديمقراطي في الحكومة، وهل ستدعمهم إرادة الناخبين في ذلك، لكننا نعرف أن الأمريكيين الذين آمنوا بحلم ’’الأمل والتغيير’’ قبل عامين هم الذين يرفضون الآن التغيير الذي قُدِّم لهم.
المصدر بالإنجليزية
ترجمة/ الإسلام اليوم
أضافة تعليق