فاتن باشا
هي عبادة تكاد أن تختفي من صنوف العبادات التي قلص قائمتها الكثير منا، فأوجزها في الفرائض والنذر اليسير من السنن..، وبالرغم مما تحمله من أجر كبير وكذلك ما تتسم به من اليسر والبساطة مقارنة بغيرها من العبادات، إلا أننا قد لا نعرف الكثير عنها وعن طرق أدائها ولا كيف لنا أن نستغلها، في عصر اتسم بسماتها ويا لسخرية القدر لكن لم تجد عندنا حقها..
- فعصرنا يتسم بالسرعة وهي سريعة،
- وعصرنا ينادي للتبسيط وهي أبسط ما يكون، بل وخالية من أية تفاصيل،
- وعصرنا يعتمد كسر الروتين وهي تقوم على التجديد وجلب المزيد لمن يؤديها..
إنها سجدة الشكر يا أخي/أختي، حسبتك نسيتها فعهدت على نفسي أن اذكرها وأذكرك، فهي العبادة التي لا تتطلب منك شيئا.. لا جهدا ولا وقتاً ولا مكاناً ذا شأن، فقط تريد منك قلباً متذكراً لأنعم الله وحساساً لها، فما إن تقدم عليك نعمة إلا ويهتز لها قلبك شاكراً لله وذاكراً له.. فعن أبي بكر أن حبيبنا النبي- صلى الله عليه وسلم- كان إذا أتاه أمر يسره أو بشر به خر ساجداً شكراً لله تعالى.(رواه أبوداوود وابن ماجه والترمزي وحسنه).
وعن عبد الرحمن ابن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خرج فاتبعته حتى دخل نخلاً فسجد فأطال السجود حتى خفت أن يكون الله قد توفاه. فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: ’’مالك يا عبد الرحمن؟’’. فذكرت له ذلك فقال: ’’إن جبريل عليه السلام قال لي: ألا أبشرك؟ إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه. فسجدت لله عز وجل شكراً’’. (رواه أحمد). ورواه أيضاً الحاكم قال: صحيح علي شرط الشيخين ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا. وروي البخاري أن كعب ابن مالك سجد لما جاءته البشري بتوبة الله عليه.
أما عن كيفيتها فقد ذهب جمهور العلماء إلى ما سنوضحه في الجدول التالي:
فمن تجددت له نعمة، أو اندفعت عنه نقمة، فيُسنّ له أن يسجد شكراً لله، دون أن يتكلف أي عناء، بل مستشعراً لما شمله الله به من نعم أو ما دفع عنه من منكر وشر.
وعليك أن تعلم بأن جوهر سجدة الشكر، يتلألأ أضعافا مضاعفة إذا ما استسهلت كيفية أدائها، فهي تحوي جوهرتين إلاهيتين أنعم الله بهما علينا هما على التوالي:
• السجود.
• الشكـر.
أما السجود فيكفينا ما قدمه لنا الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه من معانٍ جميلة، بأنه:
1. أحب الأعمال إلى الله، قائلا صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ حَالَةٍ يَكُونُ الْعَبْدُ عَلَيْهَا أَحَبَّ إِلى اللهِ مِنْ أَنْ يَرَاهُ سَاجِدَاً يُعَفِّرُ ( الخضوع لله تعالى وتمام الذل له) وَجْهِهُ فِي التُّرَابِ » (أخرجه الطبراني في الأوسط).
2. يزيدك الله به حسنة ويمحو عنك سيئة ويرفعك الله به درجة، قال الحبيب محمد صلوات ربي وسلامه عليه: « مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً . وَمَحَا عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً ، فَاسْتَكْثِرُوا مِنَ السُّجُودِ » (أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح).
واعلم أن بين درجات الجنة كما بينك وبين النجوم التي تراها متلألئة في السماء، فعن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال :’’ إنّ أهل الجنّة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدّرّيّ الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يا رسول اللّه تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والّذي نفسي بيده رجال آمنوا باللّه وصدّقوا المرسلين’’ . (رواه البخاري (3083) ومسلم (2831)).
3. كما أنه من أفضل الأعمال التي أوصى بها حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأسرعها وسيلة لبلوغك الجنة، فانظر إلى معدان بن أبي طلحة رضي الله عنه وهو يروي لنا قصة فوزه بالوصية الذهبية حول فضل السجود، إذ لقي ثوبان مولى الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه فقال له: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللهُ بِهِ الْجَنَّةَ، أَوْ قَالَ قُلْتُ : بِأَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ :سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: « عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً » (أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه).
وأما الشكر، فيكفينا أن نوجزه بأبلغ الكلام وهو كلام الله عز وجل، إذ ورد في قوله سبحانه وتعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].
وتأمل إلى جمال هذه الآية التي يتقرب فيها إلينا الله عز وجل بأن وجهنا لشكره، بل ولم يكن جزاء الشكر هو الشكر فقط بل هي الزيادة.. وأية زيادة، إنها وعد بل وقسم عظيم من الله الكريم.
انظر إلى الملوك كيف ترد الشكر، فما بالك بمالك الملك ومالك الملوك، وخالق السموات والأرض وعظيمهما، إنها يقينا الزيادة المضاعفة، والخير الكثير، والشكر الجزيل..
وأتمم معنى الآية لترى أثر رحمته مبطنة في نهيه عن الإعراض عن شكره بالوعيد والعذاب الشديد، فكان الجحود بأنعم الله هو أحد تعاريف معنى الكافر بالله في هاته الآية وما يترتب عليه من إثم وعقوبة.. فهل منا من مدّكر.
إليك بها عبادة تتخذها عهدا بينك وبين نفسك، تكون فيها خلوتك لثانية أو ثانيتين تستزيد فيها من أثر نعمة أبصرتها نفسك أو فاضت بها روحك فرحا وغبطة..
ابدأ الآن، واشكره على أنه أنعم عليك بالصحة سواء كانت جسدا أو عقلا وروحاً، زوجاً/زوجة، أبناء، عمل، مال، صحبة، بيت، والدين، نجاح، علم.. بل وأنه جمع لك الحياة والإسلام يترددان بين جنبيك.
واعلم أن نعمه علينا لا تعد ولا تحصى، فإن فرحت بنعمة ولم ترد لها الانقطاع عنك فقابلها بالشكر، وما بالك إن قرنت شكرك بالسجود، فذلك الخير كله إن شاء الله..
فلنقتطع من أربع وعشرين ساعة، ثانيتين لسجدة تحيينا إلى الأبد ولا تقطع عنا من الله المدد..
أختكم في الله
فاتن باشا
*تربيتنا
هي عبادة تكاد أن تختفي من صنوف العبادات التي قلص قائمتها الكثير منا، فأوجزها في الفرائض والنذر اليسير من السنن..، وبالرغم مما تحمله من أجر كبير وكذلك ما تتسم به من اليسر والبساطة مقارنة بغيرها من العبادات، إلا أننا قد لا نعرف الكثير عنها وعن طرق أدائها ولا كيف لنا أن نستغلها، في عصر اتسم بسماتها ويا لسخرية القدر لكن لم تجد عندنا حقها..
- فعصرنا يتسم بالسرعة وهي سريعة،
- وعصرنا ينادي للتبسيط وهي أبسط ما يكون، بل وخالية من أية تفاصيل،
- وعصرنا يعتمد كسر الروتين وهي تقوم على التجديد وجلب المزيد لمن يؤديها..
إنها سجدة الشكر يا أخي/أختي، حسبتك نسيتها فعهدت على نفسي أن اذكرها وأذكرك، فهي العبادة التي لا تتطلب منك شيئا.. لا جهدا ولا وقتاً ولا مكاناً ذا شأن، فقط تريد منك قلباً متذكراً لأنعم الله وحساساً لها، فما إن تقدم عليك نعمة إلا ويهتز لها قلبك شاكراً لله وذاكراً له.. فعن أبي بكر أن حبيبنا النبي- صلى الله عليه وسلم- كان إذا أتاه أمر يسره أو بشر به خر ساجداً شكراً لله تعالى.(رواه أبوداوود وابن ماجه والترمزي وحسنه).
وعن عبد الرحمن ابن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خرج فاتبعته حتى دخل نخلاً فسجد فأطال السجود حتى خفت أن يكون الله قد توفاه. فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: ’’مالك يا عبد الرحمن؟’’. فذكرت له ذلك فقال: ’’إن جبريل عليه السلام قال لي: ألا أبشرك؟ إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه. فسجدت لله عز وجل شكراً’’. (رواه أحمد). ورواه أيضاً الحاكم قال: صحيح علي شرط الشيخين ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا. وروي البخاري أن كعب ابن مالك سجد لما جاءته البشري بتوبة الله عليه.
أما عن كيفيتها فقد ذهب جمهور العلماء إلى ما سنوضحه في الجدول التالي:
فمن تجددت له نعمة، أو اندفعت عنه نقمة، فيُسنّ له أن يسجد شكراً لله، دون أن يتكلف أي عناء، بل مستشعراً لما شمله الله به من نعم أو ما دفع عنه من منكر وشر.
وعليك أن تعلم بأن جوهر سجدة الشكر، يتلألأ أضعافا مضاعفة إذا ما استسهلت كيفية أدائها، فهي تحوي جوهرتين إلاهيتين أنعم الله بهما علينا هما على التوالي:
• السجود.
• الشكـر.
أما السجود فيكفينا ما قدمه لنا الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه من معانٍ جميلة، بأنه:
1. أحب الأعمال إلى الله، قائلا صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ حَالَةٍ يَكُونُ الْعَبْدُ عَلَيْهَا أَحَبَّ إِلى اللهِ مِنْ أَنْ يَرَاهُ سَاجِدَاً يُعَفِّرُ ( الخضوع لله تعالى وتمام الذل له) وَجْهِهُ فِي التُّرَابِ » (أخرجه الطبراني في الأوسط).
2. يزيدك الله به حسنة ويمحو عنك سيئة ويرفعك الله به درجة، قال الحبيب محمد صلوات ربي وسلامه عليه: « مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً . وَمَحَا عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً ، فَاسْتَكْثِرُوا مِنَ السُّجُودِ » (أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح).
واعلم أن بين درجات الجنة كما بينك وبين النجوم التي تراها متلألئة في السماء، فعن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال :’’ إنّ أهل الجنّة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدّرّيّ الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يا رسول اللّه تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والّذي نفسي بيده رجال آمنوا باللّه وصدّقوا المرسلين’’ . (رواه البخاري (3083) ومسلم (2831)).
3. كما أنه من أفضل الأعمال التي أوصى بها حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأسرعها وسيلة لبلوغك الجنة، فانظر إلى معدان بن أبي طلحة رضي الله عنه وهو يروي لنا قصة فوزه بالوصية الذهبية حول فضل السجود، إذ لقي ثوبان مولى الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه فقال له: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللهُ بِهِ الْجَنَّةَ، أَوْ قَالَ قُلْتُ : بِأَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ :سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: « عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً » (أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه).
وأما الشكر، فيكفينا أن نوجزه بأبلغ الكلام وهو كلام الله عز وجل، إذ ورد في قوله سبحانه وتعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].
وتأمل إلى جمال هذه الآية التي يتقرب فيها إلينا الله عز وجل بأن وجهنا لشكره، بل ولم يكن جزاء الشكر هو الشكر فقط بل هي الزيادة.. وأية زيادة، إنها وعد بل وقسم عظيم من الله الكريم.
انظر إلى الملوك كيف ترد الشكر، فما بالك بمالك الملك ومالك الملوك، وخالق السموات والأرض وعظيمهما، إنها يقينا الزيادة المضاعفة، والخير الكثير، والشكر الجزيل..
وأتمم معنى الآية لترى أثر رحمته مبطنة في نهيه عن الإعراض عن شكره بالوعيد والعذاب الشديد، فكان الجحود بأنعم الله هو أحد تعاريف معنى الكافر بالله في هاته الآية وما يترتب عليه من إثم وعقوبة.. فهل منا من مدّكر.
إليك بها عبادة تتخذها عهدا بينك وبين نفسك، تكون فيها خلوتك لثانية أو ثانيتين تستزيد فيها من أثر نعمة أبصرتها نفسك أو فاضت بها روحك فرحا وغبطة..
ابدأ الآن، واشكره على أنه أنعم عليك بالصحة سواء كانت جسدا أو عقلا وروحاً، زوجاً/زوجة، أبناء، عمل، مال، صحبة، بيت، والدين، نجاح، علم.. بل وأنه جمع لك الحياة والإسلام يترددان بين جنبيك.
واعلم أن نعمه علينا لا تعد ولا تحصى، فإن فرحت بنعمة ولم ترد لها الانقطاع عنك فقابلها بالشكر، وما بالك إن قرنت شكرك بالسجود، فذلك الخير كله إن شاء الله..
فلنقتطع من أربع وعشرين ساعة، ثانيتين لسجدة تحيينا إلى الأبد ولا تقطع عنا من الله المدد..
أختكم في الله
فاتن باشا
*تربيتنا