مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
58% قالوا نعم لأردوغان: انقلاب ديمقراطي على انقلاب 12 أيلول
أرنست خوري / بيروت
حدث تاريخي بامتياز، لعل الفضل الأكبر في حدوثه يعود إلى رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، الذي أضاف بهذا النصر ’’الاستفتائي’’ إنجازاً جديداً إلى مسلسل إنجازاته الداخلية والخارجية. اخترع لمواطنيه موعداً سنوياً جديداً لإحيائه: 12 أيلول. تاريخ كان، حتى يوم أمس، يعيد إليهم أسوأ الذكريات، تلك المتعلقة بانقلاب عام 1980. بذلك، انتقم نحو 30 مليون مواطن تركي لآبائهم وأجدادهم من ضحايا الانقلاب؛ عدّلوا 25 مادة دستورية انقلابية، وحذفوا مادة حَمَت طويلاً منفذي الانقلاب ومخطّطيه..
ارتدت تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، حلّة جديدة أكثر مدنية وديمقراطية. الزي العسكري بات حكراً على الثكنات. أما الحكم، فبات حصراً من مهمّات الساسة، وإن بقيت مهمة الحفاظ على الجمهورية والعلمانية من مهمّات الجنرالات.


حدث تاريخي بامتياز، لعل الفضل الأكبر في حدوثه يعود إلى رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، الذي أضاف بهذا النصر ’’الاستفتائي’’ إنجازاً جديداً إلى مسلسل إنجازاته الداخلية والخارجية. اخترع لمواطنيه موعداً سنوياً جديداً لإحيائه: 12 أيلول. تاريخ كان، حتى يوم أمس، يعيد إليهم أسوأ الذكريات، تلك المتعلقة بانقلاب عام 1980. بذلك، انتقم نحو 30 مليون مواطن تركي لآبائهم وأجدادهم من ضحايا الانقلاب؛ عدّلوا 25 مادة دستورية انقلابية، وحذفوا مادة حَمَت طويلاً منفذي الانقلاب ومخطّطيه.


10 ساعات حاسمة عاشها الأتراك، انتهت بنتيجة أكثر من مُرضية للحكومة ولرئيسها وللاتحاد الأوروبي ولصحافة ووكالات أنباء عالمية تابعت، إلى جانب عواصم العالم، الحدث بتفاصيله، لعلمها بمركزية موقع تركيا على الساحتين الإقليمية والعالمية.


نحو 49 مليون ونصف مليون ناخب، إضافةً إلى نحو 2.5 مليون مسجّلين في الخارج لدى لجنة الانتخابات كانوا معنيّين بالاستحقاق. اختار 58 في المائة منهم (نحو 30 مليوناً) الجزء الأيسر من الورقة المطبوعة عليها سلفاً كلمتا نعم ولا. نتيجة أكثر من جيدة لأصحاب التعديل الذين رأوا سلفاً أنّ نسبة 55 في المائة ستكون نتيجة مُرضية لهم. وقد يكون الدليل الأبرز على أهمية استفتاء الأحد، أنّ المشاركة وصلت إلى 78 في المائة من الناخبين، وهي نسبة نادر حصولها في جميع الديمقراطيات الغربية.


وبعد نجاح التعديلات الدستورية أمام امتحان الشعب، يمكن اختصار أهمّ النقاط التي تغيّرت في الدستور التركي:


ـ على صعيد الحريات العامة والحقوق الشخصية، بات منع السفر على أيّ مواطن، محصوراً بموجب قرار قضائي فقط، بالتالي، فإنّ ما كان يُعرَف بـ’’اللائحة السوداء’’ (لائحة بأسماء مواطنين تطلب الأجهزة الأمنية منعهم من مغادرة البلاد لأسباب سياسية غالباً) ستزول، وهي كانت من أبرز تداعيات انقلاب 12 أيلول. كما ستصبح المعلومات الخاصة بالمواطنين محميّة بإطار السرية، على أنه يحق للمواطنين طلب الحصول على سجلات السياسيّين.


ـ على صعيد البنود التي تتعلّق بتنظيم عمل الأحزاب، اكتفى التعديل الدستوري بكفالة حق النواب في الاحتفاظ بمقاعدهم النيابية حتى ولو جرى حظر أحزابهم، علماً أنه وُجهّت ضربة إلى التعديلات الدستورية، عندما أُسقط منها بند كان سيحصر حق حظر الأحزاب بالبرلمان، لا بالمحكمة الدستورية، كما هو حاصل حالياً.


ـ قضائياً، ضُربت سيطرة الجيش على السلطة القضائية، من خلال توسيع عدد أعضاء المحكمة الدستورية إلى 17عضواً، للبرلمان حصة في انتخابهم، بعدما كان الحق الأوسع في التعيين بيد الجيش. ومن أبرز ما تغيّر على صعيد المحكمة الدستورية الفائقة الصلاحيات، أنه بات يحق لأيّ مواطن رفع شكوى أمامها.


كذلك حال ’’المجلس الأعلى للقضاء والمدعين العامين’’، الذي أصبح يتألف من 22 عضواً. واستُحدث ’’وسيط الجمهورية’’، الموكَل إليه حل خلافات المواطنين مع المؤسسات الحكومية.


وعن ضرب بعض النفوذ العسكري، تضمنت التعديلات بنوداً تحدّ من صلاحيات ’’المجلس العسكري الأعلى’’، بحيث لم يعد ممكناً لهذا المجلس أن يقيل ويصرف ضباطه اعتباطيّاً، على أن يحق للمتضررين من عمل وصلاحيات ’’المجلس’’ الطعن في قراراته. والأهم من كل ذلك، أنه أصبح ممكناً مقاضاة العسكريين أمام المحاكم المدنية في قضايا تتعلق بالإخلال بأمن الدولة وبالنظام الدستوري (من بينها التورط في الانقلابات).


ـ في ما يتعلق بالبنود والحقوق الاجتماعية النقابية التي تضمّنها التعديل الدستوري، أصبح يحق لموظفي القطاع العام تأليف نقابتهم لمفاوضة الدولة لإبرام عقود عمل جماعية، وتنظيم تظاهرات من دون أن تخشى اتهام الحكومة لها بأنّ تظاهرتها مسيَسة.


ومن بين العوامل التي يُرجَّح أن تكون قد أسهمت في انتصار الـ’’نعم’’، أنّ الرزمة عُرضت على الاستفتاء تحت شعار إما لا لرزمة التعديلات، أو نعم بالكامل. وحتى الأحزاب المعارِضة (الشعب الجمهوري والحركة القومية) قالت منذ طُرح التعديل الدستوري إنها تؤيد البنود المعدَّلة والملغاة، إلّا ما يتعلق بإصلاح القضاء، على اعتبار أنّ الحكومة وحزبها الحاكم يرغبان من ورائها في فرض سيطرتها على القضاء وأجهزته. كما يُرَجَّح أن يكون الـ’’نعم’’ قد فاز بفضل الناخبين الأكراد الذين خرج جزء منهم عن توصية حزبهم ’’السلام والديمقراطية’’ بمقاطعة الاستفتاء.
*العصر
أضافة تعليق