لم يأت العالم المعروف د.سلمان العودة بجديد عندما خالف (في برنامجه ’’حجر الزاوية’’ على فضائية MBC ) رأي وتوقعات من دعاة ووعاظ إسلاميين بسقوط الولايات المتحدة في المستقبل القريب، معتبرا ’’أن اعتمادها على مؤسسات قائمة على العدل كفيل ببقائها’’.
فقد سبقه ابن تيمية بهذا الرأي بقرون عديدة عندما أطلق قاعدته الشهيرة ’’الله يَنصرُ الدولةَ العادلةَ وإِن كانت كافرة ولا يَنصرُ الدولةَ الظالمةَ وإِن كانت مؤمنة’’، وهي ’’جملة مفتاحية’’ تتضمن الكثير من المعاني والدلالات والأحكام.
كما أنّ ’’فتوى’’ العودة تستند إلى المنطق نفسه الذي احتكم إليه الإمام محمد عبده قبل ما يزيد على قرن عندما أحال إلى ’’السنن الكونية’’ سرّ الفرق الكبير بين ما آلت إليه الحضارة العربية الإسلامية من تخلف وتراجع وانهزام وبين ما وصلت إليه الأمم الغربية من تقدم صناعي وعلمي.
أهمية ’’فتوى’’ العودة أنّها تخالف الخط الإسلامي العام الذي ساد خلال العقود الأخيرة، واستغرقه الجانب السياسي على حساب الثقافي والحضاري، فأصبح يغلّب جانب العداء مع الخارج على مهمة الإصلاح الداخلي الأساسية والحيوية، التي تؤهّل المجتمعات المسلمة والعربية اليوم إلى الدخول لاستحقاقات العصر.
إلاّ أنّ إعداد المجتمعات العربية لا يقف، في تحليل العودة، كما هي حال الخطاب السلفي التقليدي، عند الالتزام الديني بمعناه النصوصي البحت، بل يمتد إلى المهمة السياسية للدعوة الدينية، وتتمثل بإقامة دول بأنظمة مدنية مؤسسية يسود فيها العدل والقانون، وقيمة المواطنة، كما هي حال المجتمعات الغربية اليوم.
العودة لا يؤسس ’’فتواه’’ على فراغ تشريعي أو فكري، بل يستند بذلك إلى فهم مختلف للإسلام مبني على استبطان روحه في التشريع والأحكام ومقاصده التي جاء من أجل تحقيقها في العالم. أمّا الإسلاميون الذين بشّروا بانهيار أميركا أو غيرها لم يبنوا ذلك على فقه يجمع بين التصور الإسلامي وعلم الاجتماع ودراسة التاريخ، بقدر ما أسسوا هذه الرؤية على حجج سطحية واهية تخالف السنن الكونية والاجتماعية.
لماذا انهيار أميركا مستبعد! لأنّها ’’ تعتمد على الأنظمة المؤسسية التي تعطي المواطنين حقوقهم كاملة، وتقوم على أساس العدل’’. ويضيف العودة ’’إذا وجد العدل والمصلحة ومصالح الناس وما ينفع الناس.. وُجد الاستقرار والنمو والانضباط، وإذا وجد الظلم والبغي والتفاوت غير المنضبط.. وُجد الضعف والتراخي’’.
هذا الخطاب الإسلامي، الذي يستعيد أهمية الإصلاح الداخلي بمضامينه المختلفة، وينظر إلى المستقبل، من خلال القيم التي يمكن أن تطوّر المجتمعات والدول العربية، ويتسم بقدر كبير من الانفتاح والعقلانية والواقعية، هو الخطاب الكفيل اليوم بالمساعدة على تركيب المعادلة المفقودة في واقعنا الحالي التي يكون فيها الدين عاملاً محرّكاً للنهضة والتنمية الذاتية.
*جريدة الغد الأردنية
فقد سبقه ابن تيمية بهذا الرأي بقرون عديدة عندما أطلق قاعدته الشهيرة ’’الله يَنصرُ الدولةَ العادلةَ وإِن كانت كافرة ولا يَنصرُ الدولةَ الظالمةَ وإِن كانت مؤمنة’’، وهي ’’جملة مفتاحية’’ تتضمن الكثير من المعاني والدلالات والأحكام.
كما أنّ ’’فتوى’’ العودة تستند إلى المنطق نفسه الذي احتكم إليه الإمام محمد عبده قبل ما يزيد على قرن عندما أحال إلى ’’السنن الكونية’’ سرّ الفرق الكبير بين ما آلت إليه الحضارة العربية الإسلامية من تخلف وتراجع وانهزام وبين ما وصلت إليه الأمم الغربية من تقدم صناعي وعلمي.
أهمية ’’فتوى’’ العودة أنّها تخالف الخط الإسلامي العام الذي ساد خلال العقود الأخيرة، واستغرقه الجانب السياسي على حساب الثقافي والحضاري، فأصبح يغلّب جانب العداء مع الخارج على مهمة الإصلاح الداخلي الأساسية والحيوية، التي تؤهّل المجتمعات المسلمة والعربية اليوم إلى الدخول لاستحقاقات العصر.
إلاّ أنّ إعداد المجتمعات العربية لا يقف، في تحليل العودة، كما هي حال الخطاب السلفي التقليدي، عند الالتزام الديني بمعناه النصوصي البحت، بل يمتد إلى المهمة السياسية للدعوة الدينية، وتتمثل بإقامة دول بأنظمة مدنية مؤسسية يسود فيها العدل والقانون، وقيمة المواطنة، كما هي حال المجتمعات الغربية اليوم.
العودة لا يؤسس ’’فتواه’’ على فراغ تشريعي أو فكري، بل يستند بذلك إلى فهم مختلف للإسلام مبني على استبطان روحه في التشريع والأحكام ومقاصده التي جاء من أجل تحقيقها في العالم. أمّا الإسلاميون الذين بشّروا بانهيار أميركا أو غيرها لم يبنوا ذلك على فقه يجمع بين التصور الإسلامي وعلم الاجتماع ودراسة التاريخ، بقدر ما أسسوا هذه الرؤية على حجج سطحية واهية تخالف السنن الكونية والاجتماعية.
لماذا انهيار أميركا مستبعد! لأنّها ’’ تعتمد على الأنظمة المؤسسية التي تعطي المواطنين حقوقهم كاملة، وتقوم على أساس العدل’’. ويضيف العودة ’’إذا وجد العدل والمصلحة ومصالح الناس وما ينفع الناس.. وُجد الاستقرار والنمو والانضباط، وإذا وجد الظلم والبغي والتفاوت غير المنضبط.. وُجد الضعف والتراخي’’.
هذا الخطاب الإسلامي، الذي يستعيد أهمية الإصلاح الداخلي بمضامينه المختلفة، وينظر إلى المستقبل، من خلال القيم التي يمكن أن تطوّر المجتمعات والدول العربية، ويتسم بقدر كبير من الانفتاح والعقلانية والواقعية، هو الخطاب الكفيل اليوم بالمساعدة على تركيب المعادلة المفقودة في واقعنا الحالي التي يكون فيها الدين عاملاً محرّكاً للنهضة والتنمية الذاتية.
*جريدة الغد الأردنية