مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
التخطيط لمستقبل الشباب

التخطيط لمستقبل الشباب
محمود بن عبد الله القويحص

ـ صرح نائب وزير التربية والتعليم الأستاذ: فيصل بن معمر بأن عدد الناجحين والناجحات في الثانوية العامة لجميع الأقسام لهذا العام 1431هـ تجاوز الـ 300،000 ( ثلاث مئة ألف طالب وطالبة ) وهذا العدد ولله الحمد والمنة بشير خير وبركة، إذْ فيه الدلالة على أن المجتمع السعودي نسبة الشباب فيه عالية، وهذه ميزة تفتقر لها كثير من المجتمعات، فالمجتمعات الشبابية تمتاز بالحيوية والطاقة، لأن الشباب أهم وأفضل ثروة يمتلكها المجتمع، فكل ثروة مادية معرضة للزوال عدا ثروة الشباب، وقد قيل:( يتوقف مصير كل أمة على شبابها).

وهذه الأعداد من الخريجين الشباب( بنين وبنات) بحاجة ماسة إلى تخطيط مسبق لتحديد مسارهم التعليمي في المستقبل كي يتم سد العجز الذي يعانيه سوق العمل من السعوديين، وبنظرة فاحصة لهذا العدد يتبادل إلى الذهن سؤال مفاده: هل معرفة هذا العدد الكبير من الخريجين تم الاستفادة منه ضمن رسم الخطط المستقبلية لتنمية الوطن؟.

فبعد خمس سنوات من الآن أي عام 1436هـ سوف يكون لدينا هذا العدد من الخريجين مع زيادة من سبقهم من زملائهم الخريجين، أي سيصبح لدينا أكثر من ( 500000 ) نصف مليون خريج من الجامعات والكليات كل حسب تخصصه، فهل سوق العمل بحاجة إلى جميع التخصصات؟ وهل لديه القدرة على استيعاب هذا العدد الهائل من الخريجين بغض النظر عن تخصصاتهم؟ أم سندخل بوقتها في دوامة البحث عن عمل ووظيفة لكل خريج تخصصه لم يطلبه سوق العمل كما هو الحال هذه الأيام؟

ومن هذا المنطلق فإنني أطالب كل من له علاقة بمعرفة احتياجات سوق العمل للمرحلة القادمة كوزارة التخطيط ووزارة العمل وبالتعاون مع مصلحة الإحصاءات العامة وجميع الدوائر الحكومية، والمؤسسات الأهلية للإعلان وبيان ما يحتاجه سوق العمل من تخصصات خلال العشر سنوات القادمة كي يتم توجيه الخريجين إلى تلك التخصصات، بحيث يعلم الخريج أن ما سيتخصصه الآن يحتاجه سوق العمل بالمستقبل، وأن وظيفته ستكون مضمونة بإذن الله تعالى إذا تخصص تخصصا تم الإعلان عنه مسبقا، وسيتحمل مسؤولية نفسه إذا تخصص تخصصا لا يحتاجه سوق العمل ولم يتم الإعلان عنه.

إننا بأمس الحاجة إلى التعاون المشترك بين جميع القطاعات، والإعلان عن التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، كي يكون الخريج على بينة من أمره قبل فوات الأوان، ونمد له بذلك يد العون بمساعدته على اختيار تخصصه ليشقّ طريقه بنجاح.

إن هذا المطلب هو مطلب وطني لخدمة شباب المجتمع وللحفاظ على قدراته وثرواته، وبإذن الله سيكون حلا لمسألة السعودة وتقليلا من ازدياد أعداد البطالة بين الشباب، وهذا المطلب ليس من الصعوبة فعله بمكان فمثلا أين مكمن الصعوبة بأن يعلن عن عدد الاحتياج لمهنة الطب وما يتعلق بها من تخصصات العلوم الصحية وكذا الصيدلة في القطاعين الحكومي والأهلي، وليس من الصعوبة أن يعلن عن عدد الاحتياج للمهن الهندسية والفنية بجميع فروعهما، وكذلك الوظائف التعليمية والإدارية والمحاسبية لا سيّما تلك المهن والوظائف والتخصصات التي تحتاج إلى مهارات وتفكير وتعلّم، وغيرها كثير مما نحتاج إلى سعودته، فكل ذلك ممكن إذا كان التخطيط سليما وتوفر المعلومات صحيحا.

لأن شبابناـ ولله الحمد ـ لا يزال لديه القدرة على التعلّم والتدريب وإجادة كثير من الأعمال متى ما سنحت لهم الفرصة، وتمّ توجيههم وتدريبهم بشكل مدروس، والواقع يؤيد ذلك، فبلادنا لا تزال بحاجة ماسّة إلى الشباب الذين يجيدون المهن الفنية التي تعفّهم وتكفيهم، وليس تلك المهن التي لا تحتاج إلى دراية ومعرفة وتعليم كعامل في محلات بيع الخضروات، أو عامل نظافة وغيرها مما لا يحتاج إلى مهارة وتدريب، ولا يفرحنا أن يصل طموح شبابنا إلى هذه المستويات، فمهنة باليد أمان من الفقر، ومن المؤسف أننا لم نسمع ولم نقرأ لأي مسؤول أي تصريح أو معلومة عمّا يحتاجه سوق العمل من تخصصات، إن على أصحاب القرار مسؤولية عظيمة تجاه التخطيط لشباب الوطن بما يتناسب مع طموحاته.
محمود بن عبدالله القويحص
[email protected]
*لجينيات
أضافة تعليق