مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
إمامة التجديد
إمامة التجديد
-محمد يحي الكبسي-خاص بالوفاق-
التساؤلات عن احتياجات الأمة كثيرة، وقد تتفق النظريات والمذاهب والجماعات وأفراد الأمة على مجملها، وإنما الاختلاف حول أولوية هذا الاحتياج عن ذاك. وما الدراسات المختلفة إلا محاولة إظهار الحاجة التي يراها صاحبها وتقديمها لبقية الأمة على أنها الأهم.
وسأحاول أيضاً المساهمة في هذا الجانب أبدأها بسؤال وهو: ماذا تحتاج أمتنا؟ هل نحتاج إلى تنمية اقتصادية ترفع مستوى الدخل وتقضي على الفقر، أو نحتاج إلى تقدم تقني وعلمي يتيح لنا كثير من الخدمات الأساسية ويبرزنا كأمة عظيمة، أو الأهم أننا نحتاج إلى جيش يحمي بيضة الدين ويكون مأوى للمضطهدين من المسلمين، و أمن قوي يحمي الأمة من أعداء الداخل، أو نحتاج إلى خطاب دعوي جديد يرد الشبهات عنا ويوصل فكرتنا إلى بقية البشرية.
والحق الذي أراه أن الأمة تحتاج إلى تجديد في كل مرافق الحياة.
فماذا يُغني يد قوية والعين لا تبصر، أو لسان فصيح ولا يوجد مع صاحبه ما يستر عورته وما يملئ بطنه، أو عين مبصرة واليد مشلولة لا ترد عنها أذى.
والتجديد هو سنة الله عز وجل لبقاء الأفكار حية مع اختلاف الزمان والمكان ولذا جاء في الحديث ’’ إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ’’ فهو سنة الله عزوجل في حفظ هذا الدين، وكم من قضايا كانت في وقتها في نظر المتعصبين هي خروج عن الدين، ودار الزمان دورته فإذا الأفكار الجديدة في نظر أتباعها هي الدين وما قبله تخلف وما بعده ضلال. وهكذا دواليك.
وقد تكلمت سابقاً عن التجديد وأُركِّز الكلام هذه المرة في التجديد المطلوب من الحركة الإسلامية. وأخصها بالذكر لأنها على الأقل من وجهة نظري هي حاملة راية الدين، وإذا كان الدين يتجدد فمن باب أولى صورته المعاصرة التي تدعو إلى إبقاء جذوته وهي الحركة الإسلامية.
فلا نطالب غيرنا بالتجديد وننسى أنفسنا فلنراجع أنفسنا ولنقف مع كل جزئية مرت علينا ولنقوم التجربة السابقة بكل مصداقية، وليس معنى هذا حكمنا على التجارب السابقة بالفشل أو الخطأ فقد تكون في وقتها صواب وإنما نراجعها من ناحية قابليتها لزماننا أو تجاوز بعض أوجه التعثر منها فقط. مع الدعاء لإخواننا الذين سبقونا في الإيمان بالمغفرة فنحن حسنة من حسناتهم.
ألا نحتاج إلى مراجعة وتقويم كل وسائلنا السابقة والحالية. فإنما هي وسائل والأمر في اتخاذها عبادة معقولة المعنى وليست عبادة محضة غير معقولة المعنى. فمثلا خطابنا الدعوي هل هو حقيقةً خطاب دعوة أو تنفير، و الإيمان كأساس هل لا زال هو وقودنا أم أصبح متعلقاً غائم المعنى، وحلقاتنا التربوية هل لا زالت تربوية أم أصبحت اجتماعات تنفيذية أو جلسات تَلَقِّي معرفية.
ولذا أرى أنَّ على الحركة الإسلامية أن تبادر إلى إقامة مؤتمر عالمي يشارك فيه علماء الأمة ورجالاتها من مربيين وقيادات ميدانية، تُقَّوم فيها التجربة السابقة وتستمع إلى شهادات معاصريها وقد يكونون من الأعداء قبل الأصدقاء، تناقش فيها وسائلها وأدبياتها تنظر معها إلى الواقع بكل شفافية وتنظر إلى المستقبل بكل أمل فهو مستقبل هذا الدين.
تستفيد من كل التجارب ولو كانت من مناطق غير ذات تأثير فكري أو إقليمي أو عالمي.
ومن هذا المنطلق أقول كلمة لله عز وجل وليست عصبية، وإنما حتى أبدأ بكلمة الصدق في مسيرة التجديد القادم لا محالة.
أقول لما لا يُنظر إلى تجربة الحركة الإسلامية في اليمن نظرة عميقة، لماذا لا تكن الريادة في العمل الإسلامي العالمي لأهل اليمن ومنطلقي هنا نور الوحي الذي يدعوني إلى أن أتساءل أليسوا بالجملة هم أهل الإيمان وأصحاب الحكمة ورجال الفقه.كما جاء في صحيح مسلم - (ج 1 / ص 51)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ ». وهذه تحتاج إبتداءً إلى معرفة الذات فإذا كان الإمام مالك يرى أنَّ من أصوله عمل أهل المدينة ويرجح بناءً على هذا الأصل ويبني عليها أحكام شرعية. أفلا يكون نور هذا الحديث له دوره في مسيرة التجديد، لكن كما قلت أنَّ هذه الانطلاقة تحتاج تغيير النمطية التي عليها معظم اليمانيين وهي الشعور بالتلمذة دائماً، وليس هذا عيب في ذاته إنما يُعاب إذا أصبح لكل أحد وأيضاً أن يكون مانعاً من الإبداع والقيادة.
ألستم يا أهل اليمن من جمع لكم النبي صلى الله عليه وسلم من الأوصاف ما لو كان منها وصف واحد لغيركم لحَاجَّوا بها البشرية، ولو اجتمعت في أمة لاستحق أصحابها الصدارة في التجديد.
وهي إيمانُ قوي تنطلق منه كل الرؤى في التجديد ويحفظ الدين ويُهوِّن كل التضحيات في سبيل الله عزوجل، وكذا حكمة في التعامل مع الأتباع والأعداء واتخاذ الوسائل والخطط المناسبة لخدمة هذا الدين، وفقه في الدين يؤهل أصحابه إلى إسقاط الأحكام الشرعية على واقع الأمة المعاصر ضمن حدود الشرع كما قََّعدها أهل الإيمان والحكمة والفقه الأوائل.
أخوتي التجديد قادم ولا شك فلنكن من أهله، بل لنكن أهله ورواده، وحادينا دعاء عباد الرحمن (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) [الفرقان/74]

محمد يحيى محمد الكبسي [email protected]
أضافة تعليق