مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
الإمام حسن البنا.. ذكرى الميلاد والمشروع الحضاري لفكره بعد مئة عام
الإمام حسن البنا.. ذكرى الميلاد والمشروع الحضاري لفكره بعد مئة عام
فهد سلطان
حسن أحمد عبد الرحمن البنا من مواليد كفر الشيخ (1906م -1949م).
تخرج من دار العلوم وحصل إلى دبلوم 1927م وهو العام الذي تم فيه تعيينه مدرساً في الإسماعيلية وفي مكان يغلب عليه طابع الاحتلال من لافتات الشوارع إلى شكل العمارات، وفي هذا الجو كانت البذرة الأولى لتأسيس جماعة الإخوان المسلمين فهو يرى أن التخطيط لا يواجه إلا بالتخطيط والعمل لهذا الدين لا يمكن أن يكتب له النجاح إلا وفق جماعة متماسكة تجمع بين صفوفها العلماء وشيوخ الطرق والأعيان والأندية وهذه هي مكونات النواة الأولى لحركة الإخوان المسلمين في مصر.

- أول ستة رجال كانوا في الجماعة كانوا حرفين وعمال وكان ذلك في عام 1928م.
- أما عن الثقافة التي صاغت هذا العقل المنفرد وصاغت هذا المشروع الإصلاحي فقد كان مزيجاً من فقه القرآن الكريم وفقه الحديث الشريف سيرة وهدياً وخلقاً وفقه الواقع المعاصر (مصرياً عربياً إسلامياً) وكان التصوف الحصافي البريء من الخرافات له الأثر الكبير في صقل روحه المتوثبة التواقة إلى تقديم شيء لهذه الأمة، ثم كانت السلفية التجديدية الواعية التي أخذها عن محب الدين الخطيب والعقلانية المؤمنة التي تشبع بها من مدرسة الإحيائية لجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا. وكان للمعارف العامة والإنسانية التي رآها حكمة ضالة هي من نصيب كل مؤمن. كل هذا كان في مشروعه الفكري في رسالة بسيطة اسمها حركة الإخوان المسلمين..
- بعض آرائه في القضايا الكبرى المعاصرة له.
1- الإسلام والثورة.. يرى أن الإسلام ثورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يزلزل الأوضاع الفاسدة ويحطم صروح البغي والعدوان الشامخة ويجدد معالم الحياة وأوضاعها ويقيمها على أثبت الدعائم، إنه ثورة على الجهل والظلم والاستغلال والبغي والطبقات..
2- قضية فلسطين.. يرى أنها قلب الشرق النابض وموطن مقدسات المسلمين والمسيحيين على السواء ويؤكد أن أبناء فلسطين هم من سلالة الصحابة الفاتحين وأنها قضية العالم الإسلامي بالكامل وهي ميزان كرامته ومقياس هيبته وقوته وكان يرى في تلك الفترة أن اليهود خطر على سياسية الشرق برمته وأن مطامعهم في الشرق الإسلامي غير محصورة ونجد في هذه المناسبة أن الشيخ حسن البنا كان يتأمل لليهود وينظر إلى المدى البعيد فيقول إنهم خطر على وحدة العرب فهم لا يعيشون إلا في جو التفريق ولا يعيشون إلا على المال ويبيعون الأخلاق بثمن بخس فهذا هو حالهم.
3- وعن الاحتلال العسكري الذي رضخت تحته الأمة زمناً، يقول إن الإنجليز والغرب لن يفهموا إلا لغة واحدة مع الشرق هي لغة الثورة والقوة والدم..
4- الوحدة العربية.. يرى أن وحدة العرب هي أعدل قضية وأنجح قضية وهي من البديهيات التي لا تقبل الشك والجدل ومقومات الوحدة لا تتوفر لأي أمة أخرى فعندنا اللغة والجغرافيا والتاريخ والمصلحة وقبل ذلك الدين..
- من يكون حسن البنا
- سئل حسن البنا يوماً فقيل له من أنت فأجاب سائح يطلب الحقيقة وإنسان يبحث عن مدلول الإنسانية للناس ومواطن ينشد لوطنه الكرامة والحرية والاستقرار والحياة الطيبة في ظل الإسلام الحنيف..

المشروع الحضاري التجديدي
فـي فكر حسن البنا
المشروع الحضاري التجديدي كان قد بدأ مع جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا الذي تتلمذ حسن البنا على يديه ويقتضي التجديد والإحياء وتحرير العقل المسلم من الجمود والتعصب والتقليد وهي أدواء الأمم وهذه القضايا كفيلة بمواجهة التحدي الحضاري وقد كان شعار الإمام محمد عبده هو الإصلاح بالإسلام ويقول الإمام محمد عبده عن جمال الدين الأفغاني «لقد وجه عنايته لحل عقدة الأوهام عن قوائم العقول ومقصده السياسي إنهاض دولة إسلامية» ومن هنا نجد أن الأفغاني ومحمد عبده كما يقول محمد عمارة قد حددا المشروع الفكري للجامعة الإسلامية. ويذهب جمال الدين الأفغاني إلى أعمق من ذلك فيقول «لقد ظهر الإسلام لا روحياً مجرداً ولا جسدانياً جامداً بل إنسانياً وسطاً بين ذلك فهو دين الفطرة..». الأمام محمد عبده فقد ارتفع صوته إلى أمرين عظيمين: الأول تحرير الفكر من قيد التقليد وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف والثاني هو إصلاح أساليب اللغة العربية في التحرير.. كل هذا وغيره كان في وعي الأستاذ البنا عند التأسيس وحاول صياغة كل هذا المشاريع والأفكار في بوتقة جماعة جديدة هي جماعة الإخوان المسلمين ويمكن أن نجمل هذا المشروع التجديدي من حيث:
> التميز عن المؤسسات الدينية التقليدية فقد تجاوزت الجماعة المتون والحواشي وخرجت إلى النور تنازل الباطل وتقارعه في كل موطن متسلحة بالإسلام الصافي، الإسلام الأول قبل الخلاف، فالجماعات التقليدية كان لها موقف من التجديد ومن إبداعات العصر ومن هنا فلم ينحصر الإسلام عند التعليم الديني فقط كما هو حاصل ولا زال عند الكثير حتى اليوم.
2- لم يكن الوقوف كذلك على العقل فهو نسبي الإدراك ولا وقوف عند النقل فله مع النقل هدايات أخرى وهبها وسخرها للإنسان.
3- الجمع بين النظر العقلي والنظر الشرعي، فلا الغلاة ألهوا العقل ونقلوه من النسبية إلى الإطلاق ولا الذين أبعدوا العقل واعتمدوا على النقل، بل هي الوسطية، فيختصر القول إن العقائد هي مهمة النقل، والتشريع هي مهمة العقل، وهذا هو الميزان الدقيق والوسط في الإسلام بلا إفراط أو تفريط والخلل الذي يرى اليوم هو بسبب خلل في هذا الميزان إما إلى العقل أو إلى النقل..
4- مرونة الشريعة وانفتاحها على الحكمة الإنسانية فالتشريع حدد المفاهيم العامة والقواعد والكليات وترك الجزئيات والتفصيل للعقل أو ما نسميه الاجتهاد فالكيات هي الثوابت وما عداها متغير يخضع لاجتهادات العلماء حسب الزمان والمكان وقد نادى الإمام البنا بأن نأخذ من كل شيء أحسنه وأن الحكمة هي ضالة المؤمن ولا يمنع أن نأخذ ما ينفعنا من أي مكان ما دام أنه لا يتناقض مع ثوابتنا الأساسية التي يقوم عليها جوهر الدين.
5- إسلامية النظام الدستوري النيابي فيقول «إنه ليس في قواعد هذا النظام النيابي الذي نقلناه عن الغرب ما يتنافى مع القواعد التي وضعها الإسلام لنظام الحكم وهو بهذا ليس بعيداً عن النظام الإسلامي ولا غريباً عنه ويحدد كذلك المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة وعلى مسائلة الحكام أمام الشعب ومحاسبتهم على ما يعملون من أعمال. وبيان كل سلطة من السلطات كل هذا من الدين.
6- التميز بين المقدس المعصوم وبين التراث الفكري. فهو هنا في مواجهة مع التخلف الموروث وتيار التخلف دعا صراحة إلى التجديد وقالها صريحة: «إن الدعوات التجديدية هي لحياة الأمم والشعوب» وطالب بالتمييز بين الدين الثابت والفكر المتغير والممارسات البشرية فيقول «إن أساس التعاليم الإسلامية ومعينها هو كتاب الله وسنة رسوله وأن كثيراً من الآراء والعلوم التي اتصلت بالإسلام وتلونت بلونها وأصبحت تحمل لون العصور التي أوجدتها والشعوب التي عاصرتها ولهذا يجب أن نستقي النظم الإسلامية التي تحمل عليها الأمة من هذا المعين الصافي معين السهولة الأول وأن نفهم الإسلام كما فهمه الصحابة والتابعين وهنا علينا أن لا نقيد أنفسنا بما لم يقيدنا به الله ورسوله، ولا نلزم عصرنا لون عصر لا يتفق معه، والإسلام دين البشرية جمعاء.
7- النقد للتاريخ الدولة ولمنهاج الفكر في التاريخ الإسلامي.
8- الاستقلال الحضاري الشامل وسيادة الأمة.
9- تكامل دوائر الانتماء الوطني والقومي والإسلامي والإنساني.
10- رفض التكفير لمن يشهد أن لا أله إلا الله محمد رسول الله.
11- في العدل الاجتماعي فقه الواقع وبرنامج الإصلاح.
12- سنة التدرج في الإصلاح.

< هوامش:
- المشروع الحضاري في فكر البنا/محمد عمارة.
- الإسلام والثورة/ محمد عمارة.
- عبقري الإسلام-الأعمال الكاملة/محمد عمارة.
- رسائل الشهيد حسن البنا.
*الأهالي نت
أضافة تعليق