الدعوة تعريفها لغة واصطلاحا :
من معاني الدعوة :
1ـ النداء يقال دعا فلان فلانا ، إذا ناداه ، ودعوة الرجل إذا صحت به واستدعيته.
2ـ الدعاء إلى الشيء بمعنى الحث على قصده.
3ـ الدعوة إلى قضية يراد إثباتها أو الدفاع عنها سواء كانت حقا أو باطلا ، فمن الباطل حكاية القرآن عن يوسف عليه السلام في قوله [ قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه] .
أي من طاعة النسوة والوقوع في الإثم ؟ وكما ورد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأوس والخزرج حين اصطفوا للقتال ’’أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم’’
ومن الحق قوله تعالى:[ له دعوة الحق] وقوله تعالى[ والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم] وفي كتابه صلى الله عليه وسلم ،’’ أدعوك بدعاية الإسلام’’ أي بدعوته ، وهي كلمة الشهادة واتباع منهج الله ، ولذلك قال مؤمن فرعون[ ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار] فاستبان لنا أن هناك دعوة إلى الجنة وأخرى للنار .
4ـ المحاولة القولية أو الفعلية والعملية لإمالة الناس إلى مذهب أو ملة .
5ـ الابتهال والسؤال ، جاء في المصباح المنير، دعوت الله أدعوه، وأدعوه دعاء أي ابتهل إليه بالسؤال ، وأرغب عنده من الخير.
يقول ربنا عز وجل ، [ والله يدعوا إلى دار السلام...] قال في اللسان ’’ ودعاء الله خلقه إليها كما يدعوا الرجل الناس إلى مدعاة أي إلى مأدبة يتخذها أو طعام يدعوا الناس إليه’’ .
والمراد بدعوته سبحانه إلى دار السلام ــ وهي الجنة ــ دعوته عباده إلى ما يكون سببا في دخولهم الجنة ، وهو الالتزام بدينه الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه والذين يستجيبون لهذه الدعوة هم حزب الله ، وحزب الله هم المفلحون[ ألا أن حزب الله هم المفلحون] لأنهم أجابوا داعي الله وآمنوا به. والشيطان أيضا له حزب : وهو يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير [ إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ] وحزب الشيطان هم الخاسرون لأنهم استجابوا لندائه وعصوا رسل الله الكرام.
ولذلك فإنهم سيأتون يوم القيامة نادمين لعدم إجابتهم لداعي الله يقولون [ ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ...] .
فهناك إذن من يدعو إلى الطاعة والمعروف ومن يدعو إل المعصية والمنكر ولهذا سمى الرسول داعيا إلى الله [ وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا] ،وقالت الجن لما سمعت الذكر [ يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به..] ، قال في اللسان، والدعاة يدعون الناس إلى بيعة هدى أو ضلالة وأحدهم داع ورجل داعية: وإذا كان يدعوا الناس إلى بدعة أو دين . أدخلت الهاء فيه للمبالغة، والنبي صلى الله عليه وسلم داعي الله تعالى ’’ وكذلك المؤذن’’ وفي التهذيب: المؤذن داعي الله ، والنبي صلى الله عليه وسلم داعي الأمة’’إلى توحيد الله وطاعته...’’ .
وعلى ذلك فإن إطلاق لفظ الداعية يشمل من يدعو إلى هدى أو ضلالة ويؤكد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا’’ .
الدعوة التي نعنيها
’’ والدعوة إلى الله التي نعنيها، والتي يجب على الشباب القيام بها هي التي تهدف إلى
دعوة الإصلاح في المجتمعات المسلمة ك التي اصيبت بشيء من الانحراف ، وظهر فيها بعض المنكرات وضيع فيها بعض الواجبات .
استمرار الدعوة في المجتمعات القائمة بالحق : للحفاظ على سلامتها ، بالموعظة الدائمة والتذكير والتزكية ، والتعليم ، وهذا يحتاج إلى جماعة تقيم الإسلام أولا في واقع حياتهم حتى يرى الناس فيهم القدوة الصالحة، ويروا محاسن دين الله تعالى ماثلة في مجتمعات المسلمين ويدركوا أثر هذا الدين فيمن آمن به وبذلك يدركوا عظمة هذا الدين، فيسارعوا إلى الدخول فيه، ورضوان الله على من قال : أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم .
وجوب الدعوة
إن كل مسلم يحمل هذا الإسلام عقيدة شريعة يعلم أنه مأمور بتبليغه إلى الناس جميعا لأنه من واجبه أن ينشره في دنيا الناس حتى يستظلوا بظلاله الوارفة ، وينعموا بأمنه وأمانه ، ولن يتحقق هذا الأمن والأمان إلا إذا شعر كل مسلم بأن في عنقه أمانة ثقيلة بالنسبة لعالمية الدعوى التي لا تقتصر على زمان أو مكان ولا على دولة أو هيئة أو جماعة، بل إن هذه مسؤولية كل مسلم بقدر بين الجميع فلكل مسلم في هذا القدر دور ونصيب ’’بلغوا عني ولو آية’’ .
ولهذا كان لابد لهذه الدعوة العظيمة الشاملة من دعاة أقوياء ، وهداة أشداء ومبلغين صابرين يتناسبون مع عظمتها وشمولها ، قادرين على أن يمدوا أشعة ضيائها في أنفس الناس وعقولهم وضمائرهم، بعد أن تشرق بها جوانحهم وتستضئ بها حياتهم .
ولقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة إلى الله عز وجل وأنها مت الفرائض ولقد ذكرنا بعضا منها كقوله تعالى[ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هو المفلحون] وقوله[ أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن] وقوله[ وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين] وقوله[ قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ...] .
فبين سبحانه أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله وهم أهل البصائر ، والواجب كما هو معلوم هو اتباعه والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى[ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا] .
إن الدعوة فريضة شرعية على كل مسلم ومسلمة، رجلا كان أم امرأ شابا كان أم كهلا كل يبلغ ما عمله ولو آية ، يقول ربنا [ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة . ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم] .
[والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف] ، يقول الأمام القرطبي في تفسيره’’ فجعل الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقا بين المؤمنين والمنافقين فدل علي أن أخص أوصاف المؤمنين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورأسها الدعاة إلى الإسلام’’ .
ولذلك يبين المولى هذه المهمة العظيمة في قوله[ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله] . فوصف الأمة المسلمة بما وصف به رسوله صلى الله عليه وسلم . النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.
كما قال سبحانه وتعالى [ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك عن المفلحون] .
ولقد أقسم المولى سبحانه وتعالى بالعصر فقال:[ والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر] فدل ذلك أيضا على أن الإنسان في خسران مبين إلا إذا تحلى بالإيمان والعمل الصالح وتواصي بالتمسك بالحق والجهر به صابرا على ما يصيبه من بلاء من جراء هذا الطريق الذي سلكه لأن الإسلام لا يظهر ولا يسود إلا بدعوة وتبليغ ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
المصدر الإصلاح نت