مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
في حب النبيِّ صلى الله عليه وسلم
في حب النبيِّ صلى الله عليه وسلم ]

د. عبد الرحمن البر

الحمد لله رب العالمين..

إن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو النعمة العظمى التي امتن الله بها علينا، أخرجه الله تبارك وتعالى إلى البشرية هاديًا وداعيًا، بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا، فكشف به عن الناس الغمة، وأزاح به الظلمة، وأبان به الحق، وكشف به الشبهات، فلم يبق للناس على الله بعده حجة.



هذا النبي الكريم- زكاه ربه- تبارك وتعالى بأبلغ ألوان التزكية، فوصف خلقه بالعظيم، وأقسم فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)﴾ (ن)؛ فجاء صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق العظيم؛ ليقود الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهدى، ومن الغي إلى الرشاد، ومن سبل الشر إلى سبيل الخير، جاء صلى الله عليه وسلم ينادي عباد الله إلى الجنة، ويدعو عباد الله إلى دار السلام، ففي حديث جابر بن عبد الله أنه يقول: ’’جَاءَتْ مَلائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلاً فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلاً، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً، وَبَعَثَ دَاعِيًا فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْمَأْدُبَةِ، فَقَالُوا: أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: فَالدَّارُ الْجَنَّةُ وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ’’ (1).



الله تبارك وتعالى بنى دارًا سمَّاها الجنة، عرضها السماوات والأرض، جعل فيها من كلِّ ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، وأرسل داعيًا يدعو الناس إلى هذه المأدبة، ويقول: يا أيها الناس، إن الملك بنى دارًا عظيمة، ووضع فيها من ألوان اللذائذ أصنافًا كثيرة، فأقبلوا، فمَن استجاب، دخل الجنة وتمتع بما فيها، ومَن أبى فالنار مثواه وبئس المصير، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ’’كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَى’’، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟! قَالَ: ’’مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى’’ (2).



كلُّنا، بلا شك، يدَّعي أنه يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من تمام الإيمان؛ فحب رسول الله صلى الله عليه وسلم علامة فارقة بين الإيمان والنفاق، ولا يبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا منافقٌ أو فاجرٌ!!



إن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة، وإن توقيره وإجلاله وتعزيره فريضة ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ (الفتح: من الآية 9)، وإن حبه صلى الله عليه وسلم؛ مما يوصل إلى جوار الله تبارك وتعالى، وإن بغضه علامة الفجور والنفاق والخزي ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)﴾ (التوبة)، ولا يصلح هذا الحكم إلا إذا قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنفسنا، وعلى أولادنا، وعلى آبائنا وأمهاتنا والناس أجمعين، يقول صلى الله عليه وسلم: ’’ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّار’’ (3).



ويقول صلى الله عليه وسلم: ’’فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ’’ (4)، وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ’’لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ’’، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ’’الْآنَ يَا عُمَرُ’’ (5)، أي: الآن صرت صادقًا في حبك لرسول الله صلى الله عليه وسلم.



هذا الحب مَن بشائره أن يحشر الإنسان خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه القائل صلوات الله وسلامه عليه: ’’الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ’’ (6)، وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم، قال: ’’أنت مع من أحببت’’، وفي رواية يقول صلى الله عليه وسلم: ’’يُحشر المرء مع من أحب’’، قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ (7).



علامات حب رسول الله

هذا الحب له علامات، وله أمارات، أما في حياته صلى الله عليه وسلم فكانوا يعظمونه ويوقرونه، ولا يرفعونه أبصارهم إليه هيبة له..



كان عمرو بن العاص- رضي الله عنه- يقول: فَوَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا مَلَأْتُ عَيْنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا رَاجَعْتُهُ بِمَا أُرِيدُ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَيَاءً مِنْهُ (8).



كانوا إذا جلسوا بين يديه لا يرفعون أصواتهم تأدبًا معه، وامتثالاً لقول رب العزة تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2)﴾ (الحجرات).



يُروى أن أبا بكر وعمر اختلفا أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فارتفعت أصواتهما، فلما نزلت هذه الآية، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَكَانَ عُمَرُ بَعْدُ- وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ- إِذَا حَدَّثَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِي السِّرَارِ لَمْ يُسْمِعْهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ (9).



وكان الصحابة يتأدبون في خطابهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يناديه أحد منهم فيقول: يا محمد، إلا إذا كان أعرابيًّا جافًا لا يعرف أدب الخطاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أدبهم، فقال: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)﴾ (النور)، أي لا تنادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه المجرد: يا محمد، ولا تنادوه من الشبابيك والنوافذ، بل من الأبواب.



هكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.. بلغ من شدة حبهم له أن أحد أصحابه صلى الله عليه وسلم أُخذ ليُصلب، فلما وضعوه على الصليب قالوا له: أتحب أن محمدًا مكانك؟ قال: لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدميه! (10).



وهذه امرأة من المسلمين خرجت في غزوة أحد بعد أن رجع الجيش، وكان قد قتل أبوها وأخوها وزوجها، فسألت: ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: هو بخير، قد قُتل أبوك، قالت: فما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قالوا: هو بخير، قد قُتل أخوك، قالت: ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قالوا: هو بخير، قُتل زوجك، قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قالوا: هو بخير، قالت: أرونيه أنظر إليه، فلما رأته صلى الله عليه وسلم سليما معافى، قالت: الحمد لله، كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله (11)، كل المصائب هينة ما دمت أنت بخير.



لقد بلغ حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم!! أنهم كانوا يغارون إذا قيل فيه قول سوء، فهذان فتيان من فتيان الصحابة (ثلاثة عشر عامًا)، هما معاذ ومعوَّذ ابنا عفراء، خرجا في غزوة بدر، ولا همّ لهما في الغزوة إلا قتل أبي جهل؛ لأنهما سمعا أنه يسب النبي صلى الله عليه وسلم، جاء أحدهما إلى سيدنا عبد الرحمن بن عوف عن يمينه فغمزه، سرًّا من صاحبه، وقال: يا عمّ، أتعرف أبا جهل؟ قال: نعم، أعرفه.. ما حاجتك إليه؟ قال: سمعت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما والله لئن رأيته لا يفارق ظلي ظله حتى يموت الأعجل منّا، فإن رأيته فدلّني عليه.. ثم غمزه الآخر سرًّا من أخيه وقال: يا عمّ، أتعرف أبا جهل؟ قال: نعم، أعرفه.. ما حاجتك إليه؟ قال: إن رأيته فدلني عليه، فقد سمعت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما والله لئن رأيته، لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منّا!! ثم رأى سيدنا عبدُ الرحمن أبا جهل في جماعة من أصحابه، فقال لهما: هذا صاحبكم، فاختلفا إليه، فضربه أحدهما ضربة أطاحت بركبته، وضربه الآخر بسيفه حتى ظنّا أنه قد مات.. هؤلاء شباب يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم (12).



صور الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته كثيرة وعظيمة، وما وجد التاريخ رجلاً يحبه أصحابه كما أحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حبيبهم المصطفى صلى الله عليه وسلم.



بعض صور المحبة وعلامات الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

أول هذه العلامات: طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن علامة الحب الطاعة، والله قد جعل طاعته فرضًا، فلا تصح طاعة الله إلا بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيقول قائل: كلنا يطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما الجديد في هذا؟!! فأقول: لا!! هذه دعوى، وعلامة الطاعة أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر على خلاف هواك، فتخالف هواك وتطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم.



يقول صلوات الله وسلامه عليه: ’’لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئتُ به’’ (13).



ومن علامات الحب لرسول الله، أن ترضى بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو على نفسك، فعندما يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم بحكم، فلا ينبغي أبدًا أن نشعر مجرد شعور بعدم الارتياح في هذا الحكم.. ولو وجدت في نفسك حرجًا، فينبغي أن تُراجع إيمانك وتراجع دينك..



إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلغوا من اتباعهم لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه، أنهم كانوا إذا حدثوا بحديث من كلامه صلى الله عليه وسلم ارتعدت أبدانهم.

تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس بديع

لو كان حبك صادقًا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع



من علامات الحب أن تغار على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتغار على دين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتغار على ما يحدث لأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين ترى الأعداء وهم يضربون فيها ذات الشمال وذات اليمين، ينتهكون الحرمات، يغتصبون النساء.



من علامات الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نتفاعل مع هذا الدين وهذه الشريعة، من علامات الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نستهين بأمره، فكثير من الناس إذا طلبت منه شيئًا فيسأل: هل هو سنة أم واجب؟!! وكأن السنّة غير مهمة، وللأسف الشديد هذا حال كثير من الناس!!



أليست هذه السنة هي سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم؟، أليست سنة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم؟.



وأخيرًا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بكثرة الصلاة والتسليم عليه، فمن منّا جعل لنفسه وردًا يصلي فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!



لقد قال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتِي؟ فَقَالَ: ’’مَا شِئْتَ’’ قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: ’’مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ’’، قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: ’’مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ’’، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟، قَالَ: ’’مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ’’، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: ’’إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ’’ (14).



تذكر حبيبك صلى الله عليه وسلم بأن تطيعه، تمتثل أمره، تجتنب نواهيه، تتبع سنته، لا تقدم هواك على هواه، لا تقدم أمرك على أمره، لا تستهين بسنته، تكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم.

----------------

الهوامش:

(1) الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أخرجه البخاري في كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم 13/249(7281).



(2) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم 13/249(7280).



(3) الحديث عن أنس رضي الله عنه، أخرجه البخاري في كتاب: الإيمان، باب: حلاوة الإيمان 1/60 (16) وغيره، ومسلم في كتاب: الإيمان، باب: بيان خِصَالٍ مَنْ اتَّصَفَ بِهِنَّ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ 1/66 (45).



(4) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في كتاب: الإيمان، باب: حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان 1/58 (15) وغيره.



(5) الحديث عن عبد الله بن هشام رضي الله عنه، أخرجه البخاري في كتاب: الإيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم 11/523 (6632).



(6) أخرجه البخاري عن ابن مسعود في كِتَاب الأدب، بَاب بَاب عَلامَةِ حُبِّ الله عَزَّ وَجَلَّ10 /577 (6169).



(7) أخرجه مسلم في كِتَاب البر والصلة والآداب، بَاب الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ 4/2032 (2639).



(8) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، حديث (17813)



(9) أخرجه البخاري في كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع 13/276 (7302).



(10) دلائل النبوة للبيهقي، 3/326.



(11) دلائل النبوة للبيهقي، 3/302.



(12) وأصل الحديث في صحيح البخاري بألفاظ قريبة في كتاب: المغازي، باب: فضل من شهد بدرًا 7/307 (3988).



(13) قال ابن رجب: حديث حسن صحيح.



(14) أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح، ج4 كتاب: صفة القيامة والرقائق.

-------------

* عضو مكتب الإرشاد وأستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر
*إخوان لاين
أضافة تعليق