مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
للمؤيد.. عدت للفقراء ، ولأوباما.. لا تغفل ثلاثة ونصف مليون دقيقة معاناة
للمؤيد.. عدت للفقراء ، ولأوباما.. لا تغفل ثلاثة ونصف مليون دقيقة معاناة
11/08/2009
عبد السلام محمد- نيوزيمن:
بعد حكم محكمة بروكلن الأمريكية على الشيخ محمد المؤيد ومرافقه محمد زايد قبل أربع سنوات لم أكن أرى القضية سوى أنها مختزلة في مشاعر الألم في حبسهما، ومشاعر الحزن عند أسرتيهما وأحبائهما .
في ليلة من ليالي أغسطس عام 2005م أي قبل أربع سنوات بالتمام حاولت أن أضع حدا للمعلومات التي كانت بحوزتي حول هذه القضية ، فقمت بترتيب محطات القضية تأريخيا ابتداء من زيارتهما لألمانيا بغرض العلاج في 5 يناير 2003م ، وانتهاء بالحكم ببسجن المؤيد 75 عاما وزايد 45 عاما وتغريم الشيخ مليون وربع مليون دولار في 28 يوليو 2005م.
عشت تفاصيل القضية ما يقارب ثلاث أعوام، بدءا من صباح 11 يناير 2003 حين كلفت من قبل الزميل نبيل الصوفي رئيس تحرير الصحوة آنذاك بمتابعة القضية.
طوال السنة الأولى للقضية لم أكن أتصور أبدا أن الشيخ الوديع والشاب المسالم يصبحان ضحية حرب ضروس أعلنها الرئيس الأمريكي السابق على الخير والشر معا تحت مسمى ( الحرب ضد الارهاب) ، بل لم أكن أعتقد أن معاناة الشيخ ومرافقه ستستمر كل السنوات السبع العجاف، فأملي وقتها لا زال متعلقا بأخلاقيات أمريكا كدولة عظمى .
بعد مرور العام الأول والثاني والثالث تركت ملفات القضية واملي ذهب أدراج الرياح ، بل لم أعد ارى بصيصا لأمل عودتهما إلى وطنهما خاصة وأن الشيخ المؤيد اجتمع إلى بلاء عجزه وشيخوخته أكبر الابتلاءات ، السجن والمرض.
على مدار 3 سنوات تقريبا كنا نجمع المعلومات عنهما بين صنعاء وبرلين وفرانكفورت وواشنطن ونيويورك وكلورادو ، وعاش كل محبيهما المأساة معهما من خلال موقع صحيفة ( الصحوة).على الانترنت ، والذي شكل مصدرا لصحف محلية وعربية ودولية حول هذه القضية.
رغم أنني عرفت من أستاذ جامعي يمني في ألمانيا أن صحفا هناك أصبحت تنقل عن اليمن من ( الصحوة نت) بشكل يومي بعد السبق الصحفي الذي كنا نحققه فيما يتعلق بالمؤيد وزايد، لكنني لم أكن أستمتع كما يستمتع أي عامل في هذه المهنة بالسبق لأن شيخا مثل الشيخ المؤيد لم يكن يعيش لنفسه، فمسجده ينتظره مئات المصلين ليسمعوا الحكمة من فم مجرب، ولتسبح أنفسهم في فضاءات التوبة من ظلم الآخرين.
بل لم يكن للشيخ أولاده وبناته وزوجته وأقاربه فقط فهناك عشرات الأسر بينها أيتام وأرامل وفقراء وعاطلين ينتظرون رغيف الخبز من فرنه.
حتى أسرته لا زلت أذكر الحوار الحي معها ومع أسرة زايد، وكيف كانت أفراد الأسرتين تعبر عن حزنهما بكلمات بليغة تخرج من فيه ألأطفال قبل الكبار يقرأها من تابع الحوار.
لكن أحدا لم يرى تلك الدموع الحزينة التي هطلت من أعينهم وهم يجيبون على استفسارات المتابعين بثقة وصبر واحتساب ويقين أن الاثنين بريئين من تهم لفقها عميل كاذب، وأخرجتها أكبر دولة على وجه البسيطة.
لازلت أذكر أيضا أول اعتصام لقبائل خولان أمام الرئاسة، وأول مسيرة منددة بالاعتقال أمام السفارة الألمانية في صنعاء، لكن أيا من تلك الفعاليات وعشرات مثيلاتها ومئات الكتابات جدت نفعا.
لقد ظل المؤيد وزايد من سجن إلى سجن ومن تحقيق إلى آخر بين فرانكفورت بألمانيا وكلورادو بأمريكا ست سنوات وسبعة اشهر ويومان منذ اعتقالهما في 10 يناير 2003م حتى الافراج عنهما في 7 أغسطس 2009 أي ما يقارب ( 2372 يوما) ، ووصلت ساعات حبسهما (56928 ) ساعة .
المؤيد وزايد خرجا من السجن لكن أحدا لا يستطيع أن يشعر كم حجم الألم الذي عاناه خلال دقائق الاحتجاز التي تقارب 3 مليون ونصف المليون دقيقة، فكم طاقة قلب شيخ مسن مثل ( المؤيد) لها قدرة على الاستمرار لينبض خلال تلك الدقائق الطويلة والحزينة.
إن ايا منا لو أعطي مقابل كل دقيقة دولارا ليجلس بين جدران غرفة ضيقة منفردا لا يرضى ان يجلس ليعد 3 مليون ونصف المليون دولار مع كل دقيقة احتجاز.
ليس هناك أغلى من حرية الإنسان لأنها هبة الله، ولذا استعان هذا الشيخ الجليل في تلك الأيام الصعبة بذكر ملك الملوك وواهب الحرية والغني الذي في يده القدرة على تعويض ما فاته من عمر وصحة، ومنه استمد طاقة لقلبه العليل.
خرج سجينا أمريكا إلى الحرية رغما عن بوش ورغما عن العميل العنسي وعن كل من في الدنيا أراد احتجاز حريتهما، لأن الله أراد ذلك واراد هذا، فما ابتلاء المؤيد وزايد وما إخراجهما من محتهما سوى تأكيد لنا أنهما ألأشد فينا إيمانا وحبا لله في السماء وحبا للفقراء في الأرض.
لم تغري الشيخ المؤيد مظاهر التبجيل ليكتفي بالجلوس في زوايا المساجد لتدارس القرآن والحديث، حتى في سجنه كان يسأل عن حال البسطاء من الناس، ولم تتسرب يوما اليه روح الانتقام فكان يوصي كثيرا بممارسة وسائل الضغط السلمية المتاحة.
إن المؤيد حتما بهذه الروح الجميلة سيعود للناس داعما وناصحا ومعينا على البر بفقراءهم وان كان مريضا ضعيفا مسنا ، فحبه لله وللناس الذين بكوه ودعوا له ووقفوا إلى جانبه في محنته ستمده طاقة وتزيده قوة لمواصلة عطاءه.
بالتأكيد أن الجميع سيطبل وسيستثمرعودة الشيخ المؤيد ومرافقه، لكن عليهم أن يعرفوا أن ايا من أمريكا أو الرئيس علي عبد الله صالح أو حزب الاصلاح أو أحد القدرة لتعوضهما ما فات.
لكن لا ننسى في ظل هذا الزخم أن الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما لو لم يتخذ إجراءات مضادة لإجراءات سلفه للتخفيف من أعباء ما عرف بالحرب على الارهاب، لما فكر القضاء في وسيلة لإخلاء سبيلهما، ولذا كنا نأمل من هذا الرئيس ومن القضاء الأمريكي تبرئتهما بدلا عن إدانتهما على نية دعم حماس ، فهذه الجريمة يقترفها أكثر من مليار على وجه الأرض كل يوم ومع كل عدوان اسرائيلي على الفلسطينيين.
وأقل من ذلك كان اولى بالحكومة الأمريكية دفع تعويضات لهما لأن مثل هذه القضية ستتدارسها أجيال المسلمين في كل مكان وزمان.
وستلحق أمريكا لعنات حبسها شيخا لطالما دعي (أبو الفقراء)، وبتهمة نية دعم حركة تحرر كـ( حماس) كفلت لها كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية الدفاع عن الأرض والعرض وإخراج محتل مجرم عنصري اتخذ من مسمى ( اسرائيل) حضارة بقوة السلاح وبناها على ركام مئات الآلاف من الضحايا .
*نيوزيمن
أضافة تعليق