مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
اليمن .. الذي كان سعيدًا
اليمن .. الذي كان سعيدًا !

كتب محمد يحيى : بتاريخ 14 - 7 - 2009
هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان؛ فاليمن كان سعيدًا تفيض وِدْيَانُهُ بالخير.. وتجري فيه جداول الماء العذب بالري والشبع.. أما الجبال الشامخة فهي تسبح بحمد الله، وتقبض بيدٍ من حديد على السحاب الثِّقَال، فينزل بردًا وسلامًا على أرض طيبة يحرسها ربٌّ غفورٌ.

لم يكن هذا في مملكة سبأ، ولا أيامَ حكمِ بلقيس فقط.. ولكنه امتدَّ عبر الزمان حتى سميت باليمن السعيد.. وامتدح النبي (صلى الله عليه وسلم) اليمنَ وأهل اليمن فقال (صلى الله عليه وسلم): «الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية».

ومن الأقوال المأثورة: ’’إنك إذا ذهبت إلى اليمن قالت لك الحكمة: خذني معك’’.

لكن ليت شعري، فاليمن اليوم لا يعرف السعادة ولا الرِّي ولا الشِّبَع.. ولم تعد وِدْيَانُهُ عفيَّةً ولا جِبَالهُ سَخِيَّة.. أما الإيمان والحكمة فقد يكونان مختبئين في جحر ضبٍّ خوفًا من الضياع والاندثار تحت وطأة الفتن والمؤامرات والشر الذي عَشَّشَ وَبَاضَ وَفَرَّخَ في اليمن.

فهناك في الجنوب ما يسمى (بالحراك الجنوبي)؛ وهو الاسم المستعار لفلول الشيوعيين النائمين في دول الجوار والدول الأوروبية.. ويُرَادُ لهم في هذه المرحلة أن يقودوا تمرُّدًا يؤدي إلى انفصال اليمن الجنوبي عن الشمالي.

والسيناريو المستخدَم لهذا الغرض معروف يبدأ بالمظاهرات.. وينتهي بحرب أهلية طاحنة يعقُبُهَا حقُّ تقرير المصير والعودة إلى أيام الدولتين.

ولو فكَّرْنَا بهدوء وعمق في المسألة لعلمنا أنَّ الذي صنع الدولتين في البداية الاستعمار الانجليزي.. ونحن كعرب تقبَّلْنَا ذلك الوضع؛ لأننا كنَّا لا نملك آنذاك تغييرَه.. ونشأت دولة اليمن الجنوبي وارتبطت بالاتحاد السوفيتي، سياسةً وعقيدةً؛ من خلال قيادات شيوعية مُوغِلَةٍ في الكفر والفساد.. خاصة جيل السبعينيات (مثل عبد الفتاح إسماعيل وعلى عنتر وغيرهما).

وظل اليمن الجنوبي في دوامة الانقلابات والتصفيات الجسدية بين الرفاق الحمر.. إلى أن جاء الرفيق (علي ناصر محمد) الذي أطاح به الرفيق (علي سالم البيص) والرفيق (حيدر أبو بكر العطاس).

ثم حدثت وحدة طوْعِيَّة في بداية التسعينات من القرن الفائت.. فلما أحس شياطين العرب والعجم خطورة هذه الوحدة على مصالحهم الشخصية والأسرية أرادوا إفسادها.. ولكن استطاع (علي عبد الله صالح) الرئيس اليمني الشمالي، أن يفرضها بقوة السلاح.. وأزعُم أنها أعظمُ حسنةٍ له، وأكبر إنجاز يُحسب له في تاريخه؛ لأنه أعاد اللُّحْمَةَ إلى دولة واحدة شَطَرَهَا الاستعمارُ إلى شَطْرَيْن.. ولاسيما أن الإقليم العربي، مُقَسَّمٌ بما فيه الكفاية وزيادة.

وفي هذا السياق لابد من التنويه إلى أمرين مهمين:-

الأول:- الدفاع عن وَحدة اليمن، والحيلولة دون انقسامها هو موقفٌ أصيلٌ وَتَوَجُّهٌ ثابتٌ لنا، يفرضه الانتماء الديني والحضاري لهذا الوطن.. وليس بالضرورة دفاعًا عن النظام السياسي اليمني في الشمال، فأنا لا أدافع عن أنظمة حكم.. ولكن أدافع عن ديني وعروبتي ووطني.

الثاني:- ما يسمى بالحِرَاك الجنوبي ـ للأسف الشديد ـ ترعاه وتموِّلُه دولٌ عربيةٌ كبرى بالتعاون والتنسيق مع إسرائيل.. والكلام لا يحتاج إلى تعليق.

أيضًا مما يَفُتُّ في عَضُدِ اليمن ويكاد ينفي عنها صفة السعادة إلى الأبد؛ تمرُّدُ (الحوثيُّون) في صَعْدَة.. وهؤلاء تنظيم شيعي زيدي يدعو إلى إسقاط نظام الحكم الحالي، وإحياء نظام الأئمة الزيديين الذين كانوا يحكمون اليمن قبل الثورة وربما على مدى ألف عام.

و(الحوثيون) يتلقون الدعم والتأييد من إيران وحزب الله اللبناني، وبعض الدول العربية.. ولهم وجود قوي في الشمال.

والذي يزيد الأمور تعقيدًا أن الحكومة اليمنية المركزية لا تسيطر بشكل كافٍ على المجتمع اليمني الذي ينتمي إلى القبليَّة أكثر من الدولة.. وكل قبيلة لها نظامها الأمني والاقتصادي والاجتماعي بعيدًا عن الدولة.

وإذا حوكم أي فرد منها أمام محكمة تابعة للدولة ودخل السجن اعتبروه أسير حرب يجب إطلاق سراحه.. ولذلك يقومون بخطف السائحين وأعضاء الوفود الدبلوماسية ليبادلوا بهم أسراهم عند الحكومة، ويحدث هذا بشكل روتيني ربما كل يوم.

هذه هي أحوال اليمن الذي كان سعيدًا..!

المصدر: الإسلام اليوم
أضافة تعليق