دروس الانتخابات اللبنانية
رأي القدس
10/06/2009
كشفت الانتخابات اللبنانية الاخيرة، وللاسف الشديد، عن عمق التقسيمات الطائفية في لبنان، بل وعن مدى تشرذم الطائفة الواحدة نفسها الى عدة طوائف وكتل واحزاب متناثرة، ولذلك فان الجهود يجب ان تنصب في الايام والاشهر المقبلة على كيفية الخروج من هذا المأزق والحيلولة دون تفاقمه في المستقبل.
فالتسميات الحالية التي نراها مترسخة مثل تكتل 14 آذار او خصمه 8 آذار باتت تذكر بالمواجهات والتوترات بل والاحتكام الى السلاح والاستعانة بالاجنبي والاستقواء به ضد الاشقاء، هذه التسميات بات وقعها مقيتا على اسماء اللبنانيين جميعا او هكذا نفترض.
الديمقراطية اللبنانية نجحت بامتياز في الاختبار الصعب، وأفرزت نتائج عبرت عن توجهات الشارع اللبناني بكل اطيافه والمطلوب الان من جميع الاطراف في معسكري الاغلبية والمعارضة، في الداخل والخارج، احترام هذه النتائج والقبول بها وكل ما يترتب عليها.
نعم كانت هناك تدخلات خارجية تمثلت في تهديدات امريكية بوقف المساعدات المالية عن لبنان اذا فازت المعارضة، وارهاب اسرائيلي اذا جاءت النتائج في مصلحة الاخيرة، كما سمعنا وقرأنا عن انفاق عشرات الملايين من الدولارات لشراء الذمم او لجلب ناخبين من لون معين من الخارج للمشاركة في التصويت، لكن علينا ان نتذكر انها كانت معركة مفصلية بين اطراف عدة تعكس اهمية لبنان كترمومتر للمنطقة بأسرها. وكان من الطبيعي ان يستخدم كل طرف كل ما باستطاعته من ادوات واوراق وحلفاء لتحقيق الانتصار، وحصد اكبر عدد ممكن من المقاعد في البرلمان.
بات واضحا الان ان هناك اغلبية من المفترض ان تحكم، ومعارضة ستواصل دورها في المعارضة، ولكن ما يجب ان يلتقي عليه الطرفان هو الثوابت الوطنية وعلى رأسها الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم المساس بسلاح المقاومة، طالما ان هناك اراضي لبنانية محتلة.
اثناء الحملات الانتخابية فاجأنا البطريرك صفير بالحديث بشكل واضح، ودون اي لبس او غموض، عن ضرورة الحفاظ على الهوية العربية للبنان، وهذا امر جميل، ربما فاجأ ايضا بعض القوى اللبنانية التي حاربت هذه الهوية اللبنانية، وارادت للبنان هوية اخرى بعيدا عن انتمائه العربي بل ذهبت هذه الاطراف الى التحالف مع اسرائيل ضد اي قوى عربية في لبنان.
عروبة لبنان في رأينا لا تتناقض مطلقا مع المقاومة وسلاحها، بل كانت سباقة دائما للوقوف في خندقها رغم ما قدمه الشعب اللبناني من تضحيات بسبب خياره الوطني هذا، لذلك يجب التمسك بها وتكريسها فهي ربما تكون المخرج للبنان من هذه التقسيمات المذهبية وتكريس وحدته الوطنية.
اعداء العروبة هم الذين يعملون على نثر بذور الفتنة الطائفية وتعميق التقسيمات المذهبية. اما اللبنانيون الذين تدفقوا على صناديق الاقتراع بكثافة غير مسبوقة فانهم عملوا ذلك انطلاقا من وعيهم السياسي بالمخططات المرسومة لتفجير بلدهم من الداخل من خلال حرب اهلية ما زال جمرها تحت الرماد.
نتطلع الى تفاهم لبناني ـ لبناني يعكس الروح الديمقراطية التي سادت الانتخابات، نتطلع الى تناسي الاحقاد والثارات والترفع عن المصالح الطائفية الضيقة والارتهان الى الخارج، ايا كانت جهاته واطماعه.
لبنان الصغير الجميل الغني بابنائه يجب ان يلتقط انفاسه وان يعيش حالة من الاستقرار تمكنه من علاج جراحه او ما تبقى منها بما يساعده على تجاوز ازماته، والمالية منها على وجه الخصوص، والكلام هنا موجه الى نخبته السياسية التي هي سبب كل مصائبه في اعتقادنا.
.القدس العربي
رأي القدس
10/06/2009
كشفت الانتخابات اللبنانية الاخيرة، وللاسف الشديد، عن عمق التقسيمات الطائفية في لبنان، بل وعن مدى تشرذم الطائفة الواحدة نفسها الى عدة طوائف وكتل واحزاب متناثرة، ولذلك فان الجهود يجب ان تنصب في الايام والاشهر المقبلة على كيفية الخروج من هذا المأزق والحيلولة دون تفاقمه في المستقبل.
فالتسميات الحالية التي نراها مترسخة مثل تكتل 14 آذار او خصمه 8 آذار باتت تذكر بالمواجهات والتوترات بل والاحتكام الى السلاح والاستعانة بالاجنبي والاستقواء به ضد الاشقاء، هذه التسميات بات وقعها مقيتا على اسماء اللبنانيين جميعا او هكذا نفترض.
الديمقراطية اللبنانية نجحت بامتياز في الاختبار الصعب، وأفرزت نتائج عبرت عن توجهات الشارع اللبناني بكل اطيافه والمطلوب الان من جميع الاطراف في معسكري الاغلبية والمعارضة، في الداخل والخارج، احترام هذه النتائج والقبول بها وكل ما يترتب عليها.
نعم كانت هناك تدخلات خارجية تمثلت في تهديدات امريكية بوقف المساعدات المالية عن لبنان اذا فازت المعارضة، وارهاب اسرائيلي اذا جاءت النتائج في مصلحة الاخيرة، كما سمعنا وقرأنا عن انفاق عشرات الملايين من الدولارات لشراء الذمم او لجلب ناخبين من لون معين من الخارج للمشاركة في التصويت، لكن علينا ان نتذكر انها كانت معركة مفصلية بين اطراف عدة تعكس اهمية لبنان كترمومتر للمنطقة بأسرها. وكان من الطبيعي ان يستخدم كل طرف كل ما باستطاعته من ادوات واوراق وحلفاء لتحقيق الانتصار، وحصد اكبر عدد ممكن من المقاعد في البرلمان.
بات واضحا الان ان هناك اغلبية من المفترض ان تحكم، ومعارضة ستواصل دورها في المعارضة، ولكن ما يجب ان يلتقي عليه الطرفان هو الثوابت الوطنية وعلى رأسها الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم المساس بسلاح المقاومة، طالما ان هناك اراضي لبنانية محتلة.
اثناء الحملات الانتخابية فاجأنا البطريرك صفير بالحديث بشكل واضح، ودون اي لبس او غموض، عن ضرورة الحفاظ على الهوية العربية للبنان، وهذا امر جميل، ربما فاجأ ايضا بعض القوى اللبنانية التي حاربت هذه الهوية اللبنانية، وارادت للبنان هوية اخرى بعيدا عن انتمائه العربي بل ذهبت هذه الاطراف الى التحالف مع اسرائيل ضد اي قوى عربية في لبنان.
عروبة لبنان في رأينا لا تتناقض مطلقا مع المقاومة وسلاحها، بل كانت سباقة دائما للوقوف في خندقها رغم ما قدمه الشعب اللبناني من تضحيات بسبب خياره الوطني هذا، لذلك يجب التمسك بها وتكريسها فهي ربما تكون المخرج للبنان من هذه التقسيمات المذهبية وتكريس وحدته الوطنية.
اعداء العروبة هم الذين يعملون على نثر بذور الفتنة الطائفية وتعميق التقسيمات المذهبية. اما اللبنانيون الذين تدفقوا على صناديق الاقتراع بكثافة غير مسبوقة فانهم عملوا ذلك انطلاقا من وعيهم السياسي بالمخططات المرسومة لتفجير بلدهم من الداخل من خلال حرب اهلية ما زال جمرها تحت الرماد.
نتطلع الى تفاهم لبناني ـ لبناني يعكس الروح الديمقراطية التي سادت الانتخابات، نتطلع الى تناسي الاحقاد والثارات والترفع عن المصالح الطائفية الضيقة والارتهان الى الخارج، ايا كانت جهاته واطماعه.
لبنان الصغير الجميل الغني بابنائه يجب ان يلتقط انفاسه وان يعيش حالة من الاستقرار تمكنه من علاج جراحه او ما تبقى منها بما يساعده على تجاوز ازماته، والمالية منها على وجه الخصوص، والكلام هنا موجه الى نخبته السياسية التي هي سبب كل مصائبه في اعتقادنا.
.القدس العربي