أما آن الأوان لتقفوا مع هذا الزعيم؟!!
محمد الأمين النحاس
برزت خلال الأيام القليلة الماضية عدة أصوات تنادي بعقد قمة طارئة لمناقشة الأوضاع في السودان عامة وقضية دارفور بشكل أخص بعد أن اختصرت القوى الدولية مساعي وضع حد للأزمة هناك في مذكرة محكمة الجنايات الدولية التي تضمنت توقيف الرئيس عمر البشير بما يوحي وكأن هذا الأمر يمثل الحل السحري الذي سوف ينهي معاناة أهلنا في دارفور بين يوم وليلة.
إن في قضية مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير عبر ودلالات عميقة يمكن إقتفاء أثرها في ردود الأفعال الرافضة والمستنكرة التي توالت بالتتابع عقب صدور المذكرة. ودوننا انقسام الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (15 دولة) حول موضوع المضي قدماً في ما تضمنته المذكرة، حيث تدعم هذا الاتجاه سبع دول هي: فرنسا- بريطانيا- الولايات المتحدة- كرواتيا- اليابان- كوستاريكا- المكسيك وفي موازاة ذلك تساند التأجيل كل من: روسيا- الصين- ليبيا- فيتنام- بوركينافاسو- أوغندا- تركيا، بينما يبقى موقف النمسا العضو المكمل لعضوية الدورة الحالية لمجلس الأمن لا يزال يراوح مكانه.
وخارج اطار مجلس الأمن يتلاحظ اتساع دائرة مساندة الرئيس البشير على المستوى الشعبي في أفريقيا والعالم العربي والعالم الاسلامي. وقد بدأت تتعالى الأصوات المنادية بعقد قمة عربية طارئة لمساندة ودعم البشير وتكون على أعلى المستويات لضمان عدم انحراف الجهود المتواصلة لوضع حد لأزمة دارفور واكمال العملية السلمية التي بدأت بالتوقيع على اتفاق السلام الشامل في نيفاشا التى تقف شاهداً على جدية التوجه نحو تحقيق الاستقرار والسلام. فبرغم طول أمدها نجح طرفا نيفاشا في تغليب ارادة السلام وبدأنا نرى استحقاقات هذا السلام تمضي قدماً على صعيد اقتسام السلطة والثروة واجازة الدستور واجراء التعداد السكاني تمهيداً للانتخابات العامة المتفق عليها.
إن انعقاد مثل هذه القمة وفي هذا التوقيت يمكن أن يوفر البعد المطلوب في هذه المرحلة لتحقيق الضغط السياسي الكفيل باثناء الدول التي تشايع مذكرة الجنايات الدولية عن المضي أبعد من ذلك ليكون هدف القمة الأساسي تنبيه المجتمع الدولي بالمسار الصحيح لحل أزمة دارفور. وعلى هذا الأساس يكون من الأوفق أن تنعقد قمة عربية/ أفريقية طارئة في الخرطوم وتكون مرنة بحيث يمكن أن تنضم اليها كيانات أخرى.
وهذا الأمر يستحق من الدبلوماسية الرسمية في السودان ومعها الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي الاهتمام المناسب، باعتبار المنافع التي يمكن أن تتحقق وأهم ما فيها مسألة الدعم والمساندة خاصة وأن الجامعة العربية تضم 22 دولة عضو والاتحاد الأفريقي يضم 53 دولة، ولو قدر لزعماء هذه الدول أن يجتمعوا في الخرطوم على مستوى القمة فمعنى ذلك أن 75 زعيم عربي وأفريقي سيقولون كلمتهم ازاء ما يدور وهذا بدوره يمثل احراجاً للمشايعيين لتغليب خيار تحقيق العدالة على حساب السلام والذي هو في الأصل ينطوي على جوانب سياسية أكثر من كونها قانونية.
وعلى هؤلاء الزعماء أن يجدوا اجابات مقنعة للسؤال حول ما إذا كان توقيف البشير سيؤدي الى إنهاء الأزمة في دارفور، ناهيك عن أسئلة أخرى تتعلق بمبدأ حصانة كبار المسؤولين ومنهم رؤساء الدول، وانعقاد الاختصاص لهذه المحكمة على السودان، ومسألة الكيل بمكيالين في قرار مجلس الأمن الدولي 1593 الذي استثنى الدول من المساءلة بحجة عدم العضوية وفي ذات الوقت طالب السودان الذي هو أيضاً ليس عضواً في المحكمة أن يخضع لولايتها.
لقد بات من الواضح أن موضوع مذكرة الجنايات الدولية سياسي في المقام الأول، ولذلك فإن مواجهته واحتواء تداعياته لابد أن تكون بنفس الكيفية وأن تستخدم ذات الآليات، أي مقارعته بكافة الوسائل السياسية والدبلوماسية المتاحة ومن بينها إلتئام قمة لتعويض الفارق فيما يخص اضافة بعد دولي يعمل على خلق اختراق ايجابي في مسار الأزمة.
إن المناداة بعقد قمة طارئة في الخرطوم ربما تكون حاضرة في نفوس عدد كبير من الجماهير خاصة على صعيد الشارع العربي الذي لا يزال مستحضراً حالة الشعور بالعجز حيال مؤازرة رموزه وزعاماته وهي تواجه العزلة والاقصاء. ودوننا تجربة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي ظل يفتقر للدعم السياسي من القادة والزعماء إرضاءا للولايات المتحدة وتجنباً لسخطها، فظل حبيساً في مبنى المقاطعة في رام الله بالضفة الغربية تمهيداً لازاحته عن قيادة الشعب الفلسطيني، والجميع يعرف موقف الزعماء والقادة في المنطقة من هذا الحصار الذي كابده عرفات والذي لم ينتقل من مقره إلا وهو على وشك الموت عندما أقلته الطائرة الى فرنسا حيث أن السم المدسوس له كان قد تمكن من دمه ولحمه. لم يجد عرفات من يسانده ويقف الى جواره لتنفك العزلة المفروضة عليه.
أذكر تماماً في القمة العربية الثامنة عشر (مارس 2006) في الخرطوم كيف أن السودانيين أصيبو بالاحباط لعدم حضور عدد من الزعماء للمشاركة في أعمال القمة بالخرطوم وليقولوا كلمتهم والبلاد تواجه بداية الضغوط الدولية والتي تطورت بوتيرة متسارعة حتى وجدنا أنفسنا أمام هذا الواقع الماثل، إن الواقع الماثل في يومنا هذا يمثل تحدياً كبيراً لا سبيل آخر لنا غير مواجهته حتى نهزمه. وما خسرت أمة يوماً طالما كان رهانها على الجماهير. ومن قبل القمة العربية كنا قد خسرنا منصب رئاسة الاتحاد الأفريقي عندما استضفنا القمة الأفريقية حيث كان لغياب عدد من الزعماء خاصة أولئك الذين نشترك معهم في الجوار الجغرافي أثره، لقد كنا نتطلع الى أن يكونوا في مقدمة المشاركين والداعمين للموقف السوداني في مواجهة من يتطلع لمساوموتنا. ولكن يبقى الأمل معقوداً على جميع الزعامات والقيادات الحرة ونحن في هذا المنعطف الهام. مع التأكيد على ألا يفهم هذا الأمر على نحو أنه استجداء بقدر ما هو مطالبة بمقابلة المعروف بالمعروف من دون أن نمتن على أحد.
ونعود نذكر أن انعقاد قمة عربية صرفة أو عربية/ أفريقية ناجحة في العاصمة السودانية الخرطوم، أمر ممكن خاصة وأن السودان يمتلك الامكانات الكفيلة بانجاح أي قمة واخراجها على أعلى مستوى بدءا من استقبال ضيوف البلاد وتوفير النزل المناسب لهم مع وجود قاعة اجتماعات رئاسية تتوفر فيها كافة التجهيزات المطلوبة وبأعلى مواصفات، والامكانات الاعلامية المتوفرة، وقبل ذلك كله فالأجواء السياسية السائدة في السودان على صعيد وحدة الصف الوطني خاصة إزاء الموقف من محكمة الجنايات الدولية يضاف إليها اللحمة الشعبية والتفاف الجماهير حول قيادتها، تمثل مفتاح النجاح الأساسي للقمة المقترحة. وعلاوة على ذلك فالسودان يتمتع بخبرة ممتازة في مجال المراسم والتنظيم شهدت عليها الوفود التي شاركت في القمم التي استضافتها البلاد في السنوات الأخيرة.
ونشير الى أن الدول العربية أكدت وقوفها ودعمها وجاء ذلك بشكل رسمي معلن في البيان الأخير الصادر في ختام اجتماع لمجلس وزراء الخارجية العرب في دورته رقم 131 نص على أن المجلس يؤكد ’’تضامنه مع السودان لمواجهة كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه وكل ما يهدد جهود السلام الجارية (لانهاء الصراع في دارفور).’’
ووصف البيان طلب مورينو أوكامبو بأنه ’’محاولة تسييس مباديء العدالة الدولية’’. وحذر وزراء الخارجية من ’’الاثار الخطيرة التي تهدد عملية السلام الجارية في السودان’’.
وفي المقابل أكد الاتحاد الأفريقي خلال قمته الأخيرة تضامنه مع الرئيس عمر البشير في ملف المحكمة الجنائية الدولية وأعلن رفضه للمذكرة قبل صدورها. وصادق المجلس التنفيذي في الاتحاد الأفريقي المنعقد قبل قمة رؤساء الدول والحكومات، والذي يضم وزراء خارجية 53 دولة، على قرار بشأن طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق البشير.
وأعرب الاتحاد الأفريقي في وثيقة رفعت إلى الرؤساء عن قلقه العميق من طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف البشير. وبعد أن جدد التزامه الثابت بمكافحة الإفلات من العقاب أكد الاتحاد الأفريقي أنه نظراً للطابع الحساس الذي تتميز به عملية السلام الجارية حالياً في السودان، من الممكن أن تؤدي مذكرة التوقيف إلى عرقلة المساعي الجارية بشكل خطير.
وبناءا على هذه الحيثيات نتوق الى أن تأخذ الدبلوماسية السودانية زمام المبادرة وتدعو بدون أي تأخير الى عقد قمة طارئة في الخرطوم بعد التشاور مع المشاركين فيها لتحديد موعدها ونفضل أن تكون قمة عربية/ أفريقية، وتكون المشاركة فيها مرنة بحيث يمكن أن تضم ممثلين عن منظمة المؤتمر الاسلامي والمجموعة الكاريبية الباسيفيكية ومجموعة الـ 77 + الصين. لقد كان السودان سنداً وملاذاً لشعوب المنطقة وداعماً لها وهي تواجه قضايا مصيرية. وهكذا إذن فإن انعقاد هذه القمة يمثل تحدياً لنا جميعاً استناداً على ما يمكن أن يخرج به الزعماء والقادة من نتائج وتوصيات لمناهضة تسييس العدالة من خلال محكمة الجنايات الدولية.
.المركز السوداني للخدمات
محمد الأمين النحاس
برزت خلال الأيام القليلة الماضية عدة أصوات تنادي بعقد قمة طارئة لمناقشة الأوضاع في السودان عامة وقضية دارفور بشكل أخص بعد أن اختصرت القوى الدولية مساعي وضع حد للأزمة هناك في مذكرة محكمة الجنايات الدولية التي تضمنت توقيف الرئيس عمر البشير بما يوحي وكأن هذا الأمر يمثل الحل السحري الذي سوف ينهي معاناة أهلنا في دارفور بين يوم وليلة.
إن في قضية مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير عبر ودلالات عميقة يمكن إقتفاء أثرها في ردود الأفعال الرافضة والمستنكرة التي توالت بالتتابع عقب صدور المذكرة. ودوننا انقسام الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (15 دولة) حول موضوع المضي قدماً في ما تضمنته المذكرة، حيث تدعم هذا الاتجاه سبع دول هي: فرنسا- بريطانيا- الولايات المتحدة- كرواتيا- اليابان- كوستاريكا- المكسيك وفي موازاة ذلك تساند التأجيل كل من: روسيا- الصين- ليبيا- فيتنام- بوركينافاسو- أوغندا- تركيا، بينما يبقى موقف النمسا العضو المكمل لعضوية الدورة الحالية لمجلس الأمن لا يزال يراوح مكانه.
وخارج اطار مجلس الأمن يتلاحظ اتساع دائرة مساندة الرئيس البشير على المستوى الشعبي في أفريقيا والعالم العربي والعالم الاسلامي. وقد بدأت تتعالى الأصوات المنادية بعقد قمة عربية طارئة لمساندة ودعم البشير وتكون على أعلى المستويات لضمان عدم انحراف الجهود المتواصلة لوضع حد لأزمة دارفور واكمال العملية السلمية التي بدأت بالتوقيع على اتفاق السلام الشامل في نيفاشا التى تقف شاهداً على جدية التوجه نحو تحقيق الاستقرار والسلام. فبرغم طول أمدها نجح طرفا نيفاشا في تغليب ارادة السلام وبدأنا نرى استحقاقات هذا السلام تمضي قدماً على صعيد اقتسام السلطة والثروة واجازة الدستور واجراء التعداد السكاني تمهيداً للانتخابات العامة المتفق عليها.
إن انعقاد مثل هذه القمة وفي هذا التوقيت يمكن أن يوفر البعد المطلوب في هذه المرحلة لتحقيق الضغط السياسي الكفيل باثناء الدول التي تشايع مذكرة الجنايات الدولية عن المضي أبعد من ذلك ليكون هدف القمة الأساسي تنبيه المجتمع الدولي بالمسار الصحيح لحل أزمة دارفور. وعلى هذا الأساس يكون من الأوفق أن تنعقد قمة عربية/ أفريقية طارئة في الخرطوم وتكون مرنة بحيث يمكن أن تنضم اليها كيانات أخرى.
وهذا الأمر يستحق من الدبلوماسية الرسمية في السودان ومعها الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي الاهتمام المناسب، باعتبار المنافع التي يمكن أن تتحقق وأهم ما فيها مسألة الدعم والمساندة خاصة وأن الجامعة العربية تضم 22 دولة عضو والاتحاد الأفريقي يضم 53 دولة، ولو قدر لزعماء هذه الدول أن يجتمعوا في الخرطوم على مستوى القمة فمعنى ذلك أن 75 زعيم عربي وأفريقي سيقولون كلمتهم ازاء ما يدور وهذا بدوره يمثل احراجاً للمشايعيين لتغليب خيار تحقيق العدالة على حساب السلام والذي هو في الأصل ينطوي على جوانب سياسية أكثر من كونها قانونية.
وعلى هؤلاء الزعماء أن يجدوا اجابات مقنعة للسؤال حول ما إذا كان توقيف البشير سيؤدي الى إنهاء الأزمة في دارفور، ناهيك عن أسئلة أخرى تتعلق بمبدأ حصانة كبار المسؤولين ومنهم رؤساء الدول، وانعقاد الاختصاص لهذه المحكمة على السودان، ومسألة الكيل بمكيالين في قرار مجلس الأمن الدولي 1593 الذي استثنى الدول من المساءلة بحجة عدم العضوية وفي ذات الوقت طالب السودان الذي هو أيضاً ليس عضواً في المحكمة أن يخضع لولايتها.
لقد بات من الواضح أن موضوع مذكرة الجنايات الدولية سياسي في المقام الأول، ولذلك فإن مواجهته واحتواء تداعياته لابد أن تكون بنفس الكيفية وأن تستخدم ذات الآليات، أي مقارعته بكافة الوسائل السياسية والدبلوماسية المتاحة ومن بينها إلتئام قمة لتعويض الفارق فيما يخص اضافة بعد دولي يعمل على خلق اختراق ايجابي في مسار الأزمة.
إن المناداة بعقد قمة طارئة في الخرطوم ربما تكون حاضرة في نفوس عدد كبير من الجماهير خاصة على صعيد الشارع العربي الذي لا يزال مستحضراً حالة الشعور بالعجز حيال مؤازرة رموزه وزعاماته وهي تواجه العزلة والاقصاء. ودوننا تجربة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي ظل يفتقر للدعم السياسي من القادة والزعماء إرضاءا للولايات المتحدة وتجنباً لسخطها، فظل حبيساً في مبنى المقاطعة في رام الله بالضفة الغربية تمهيداً لازاحته عن قيادة الشعب الفلسطيني، والجميع يعرف موقف الزعماء والقادة في المنطقة من هذا الحصار الذي كابده عرفات والذي لم ينتقل من مقره إلا وهو على وشك الموت عندما أقلته الطائرة الى فرنسا حيث أن السم المدسوس له كان قد تمكن من دمه ولحمه. لم يجد عرفات من يسانده ويقف الى جواره لتنفك العزلة المفروضة عليه.
أذكر تماماً في القمة العربية الثامنة عشر (مارس 2006) في الخرطوم كيف أن السودانيين أصيبو بالاحباط لعدم حضور عدد من الزعماء للمشاركة في أعمال القمة بالخرطوم وليقولوا كلمتهم والبلاد تواجه بداية الضغوط الدولية والتي تطورت بوتيرة متسارعة حتى وجدنا أنفسنا أمام هذا الواقع الماثل، إن الواقع الماثل في يومنا هذا يمثل تحدياً كبيراً لا سبيل آخر لنا غير مواجهته حتى نهزمه. وما خسرت أمة يوماً طالما كان رهانها على الجماهير. ومن قبل القمة العربية كنا قد خسرنا منصب رئاسة الاتحاد الأفريقي عندما استضفنا القمة الأفريقية حيث كان لغياب عدد من الزعماء خاصة أولئك الذين نشترك معهم في الجوار الجغرافي أثره، لقد كنا نتطلع الى أن يكونوا في مقدمة المشاركين والداعمين للموقف السوداني في مواجهة من يتطلع لمساوموتنا. ولكن يبقى الأمل معقوداً على جميع الزعامات والقيادات الحرة ونحن في هذا المنعطف الهام. مع التأكيد على ألا يفهم هذا الأمر على نحو أنه استجداء بقدر ما هو مطالبة بمقابلة المعروف بالمعروف من دون أن نمتن على أحد.
ونعود نذكر أن انعقاد قمة عربية صرفة أو عربية/ أفريقية ناجحة في العاصمة السودانية الخرطوم، أمر ممكن خاصة وأن السودان يمتلك الامكانات الكفيلة بانجاح أي قمة واخراجها على أعلى مستوى بدءا من استقبال ضيوف البلاد وتوفير النزل المناسب لهم مع وجود قاعة اجتماعات رئاسية تتوفر فيها كافة التجهيزات المطلوبة وبأعلى مواصفات، والامكانات الاعلامية المتوفرة، وقبل ذلك كله فالأجواء السياسية السائدة في السودان على صعيد وحدة الصف الوطني خاصة إزاء الموقف من محكمة الجنايات الدولية يضاف إليها اللحمة الشعبية والتفاف الجماهير حول قيادتها، تمثل مفتاح النجاح الأساسي للقمة المقترحة. وعلاوة على ذلك فالسودان يتمتع بخبرة ممتازة في مجال المراسم والتنظيم شهدت عليها الوفود التي شاركت في القمم التي استضافتها البلاد في السنوات الأخيرة.
ونشير الى أن الدول العربية أكدت وقوفها ودعمها وجاء ذلك بشكل رسمي معلن في البيان الأخير الصادر في ختام اجتماع لمجلس وزراء الخارجية العرب في دورته رقم 131 نص على أن المجلس يؤكد ’’تضامنه مع السودان لمواجهة كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه وكل ما يهدد جهود السلام الجارية (لانهاء الصراع في دارفور).’’
ووصف البيان طلب مورينو أوكامبو بأنه ’’محاولة تسييس مباديء العدالة الدولية’’. وحذر وزراء الخارجية من ’’الاثار الخطيرة التي تهدد عملية السلام الجارية في السودان’’.
وفي المقابل أكد الاتحاد الأفريقي خلال قمته الأخيرة تضامنه مع الرئيس عمر البشير في ملف المحكمة الجنائية الدولية وأعلن رفضه للمذكرة قبل صدورها. وصادق المجلس التنفيذي في الاتحاد الأفريقي المنعقد قبل قمة رؤساء الدول والحكومات، والذي يضم وزراء خارجية 53 دولة، على قرار بشأن طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق البشير.
وأعرب الاتحاد الأفريقي في وثيقة رفعت إلى الرؤساء عن قلقه العميق من طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف البشير. وبعد أن جدد التزامه الثابت بمكافحة الإفلات من العقاب أكد الاتحاد الأفريقي أنه نظراً للطابع الحساس الذي تتميز به عملية السلام الجارية حالياً في السودان، من الممكن أن تؤدي مذكرة التوقيف إلى عرقلة المساعي الجارية بشكل خطير.
وبناءا على هذه الحيثيات نتوق الى أن تأخذ الدبلوماسية السودانية زمام المبادرة وتدعو بدون أي تأخير الى عقد قمة طارئة في الخرطوم بعد التشاور مع المشاركين فيها لتحديد موعدها ونفضل أن تكون قمة عربية/ أفريقية، وتكون المشاركة فيها مرنة بحيث يمكن أن تضم ممثلين عن منظمة المؤتمر الاسلامي والمجموعة الكاريبية الباسيفيكية ومجموعة الـ 77 + الصين. لقد كان السودان سنداً وملاذاً لشعوب المنطقة وداعماً لها وهي تواجه قضايا مصيرية. وهكذا إذن فإن انعقاد هذه القمة يمثل تحدياً لنا جميعاً استناداً على ما يمكن أن يخرج به الزعماء والقادة من نتائج وتوصيات لمناهضة تسييس العدالة من خلال محكمة الجنايات الدولية.
.المركز السوداني للخدمات