لأول مرة في العصر الحديث يهبط بشكل ملحوظ مؤشر الداعمين حول العالم لإسرائيل، وفي المقابل يتصاعد عدد المناصرين للقضية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتظاهرون أمام البيت الأبيض، ويتكرر نفس الأمر مع حلفائها في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهم من أكثر الداعمين لبني إسرائيل بالسلاح والقنابل المحرمة دوليًا، خلافًا عن دعمهم بالأموال الطائلة والمرتزقة، وكل هذا من أجل محاربة بقعة صغيرة على الأرض.
وكشف آلاف المواطنين من تلك الدول الغربية زيف ما تقدمه الـ CNN وأشقاؤها من الميديا الغربية عن المسائل المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وصرحوا بأفواههم بأن وسائل إعلامهم على مدار عقود كانت تدّعي أن الفلسطيني إرهابي والإسرائيلي يرغب العيش في سلام.
وتجلى أمام هؤلاء المناصرين الحقيقية الغائبة عن دولة حاولت حكوماتهم طمس معالمها، وهذه الدولة تسمى فلسطين، وعرفوا سبب نضال شعبها الطويل، لكي يحطموا حاجز الحصار الخانق عليهم، وناصروا مقاومته المشروعة في استرداد أرضه المغتصبة، ومن جهة أخرى باءت بالفشل جهود جوجل لمحو فلسطين من على خريطته، وانطلقوا يمارسون الضغوط على قادتهم بضرورة تحرير فلسطين، وأعادوا على مسامع أهل بلاد الغرب الأغنية المحظورة "تحيا فلسطين" باللغة السويدية.
واستطاع جانب كبير من الرأي العام الغربي دحض أكذوبة أن المقاومة الفلسطينية دواعش يقتلون الأطفال، ويرجع الفضل لذلك في الحرب على غزة، ونشروا بأيديهم على مواقع التواصل الاجتماعي الفارق الإنساني بين المقاومة والإسرائيليين في أسلوب التعامل مع الأسرى.
حررت الحرب على غزة الكثير من مواطني العالم من كابوس التجهيل القابع على عقولهم وأعينهم، حتى بعض رجال الفكر والسياسة في بلاد الداعمين لإسرائيل تحرروا من مخاوفهم، وحكوا عن أساليب التضليل الذي كان يٌمارس على شعوبهم، وأقروا بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعودة اللاجئين من أبنائه، وكان من طليعتهم رئيس وزراء إسبانيا ونظيره الدنماركي، وأعلنا أنهما سيطالبون الاتحاد الأوروبي بحتمية الاعتراف بإقامة دولة للفلسطينيين.
والحرب على غزة أسفرت عن انقسامات داخل البيت الأبيض والمخابرات الأمريكية، ورفض معارضون بالدوائر السياسية في واشنطن هذا الكم الكبير من المساعدات لإسرائيل، وبمعنى آخر نجحت الحرب في تآكل الدعم الشعبي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ولاحقًا سيرفع داعمون آخرون في القارة الأوروبية أيديهم عنها، غير أن أغلب دول أمريكا الجنوبية أعلنت منذ البداية عن رفضها التام لسياسة المحتل الإسرائيلي الوحشية، وتحذر حاليًا وسائل إعلام غربية من خطورة تمادي الولايات المتحدة الأمريكية في دعم حليفتها الإستراتيجية بالشرق الأوسط.
وأخيرًا وليس آخرًا.. ألهم صمود فلسطينيي غزة أحفاد السكان الأصليين في أمريكا من الهنود الحمر، وكذلك السكان الأصليون في أستراليا من الأبورجيين، وخرجوا في مظاهرات حاشدة يطالبون بحقوقهم المنهوبة، وأصبح صوتهم يصدح عاليًا بعدما كان خافتًا.
*نقلاً عن بوابة الاهرام*