مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2021/05/28 17:52
د. آدم إبراهيم الشين يكتب عن فقيد الأمة العلامة الدكتور عبد الوهاب الديلمي
د. آدم إبراهيم الشين                       
                فارق دنيانا العالم الرباني والكوكب اليماني شيخي العلامةالدكتورعبدالوهاببنلطف_الديلمي صاحب المناقب العديدة، والآثار الحميدة، من شهد الناس بفضله، والمصاب به مصابٌ جلل...

النّار في ضرمٍ والدمع منهملُ
لعظم خطب له الأحزانُ تتصلُ
مصيبةٌ عَظمت حتى لقد صدعت
قلبَ اللبيب فأضحى وهو منذهلُ

اشتغل الراحل بطلب العلم من صغره ورحل إليه، فأخذ عن الأفاضل حتى صار من ذوي الفضائل،  هرعت إليه المناصب وأجلسته على أفخم المراتب فما اغتر بها ولا فُتِن حيث كان وزيراً للعدل، بل بقي هو العالم الرباني الأوّاه، العابد الناسك، الرافض للدنيا لحطامها تارك، كان رحمه الله ممن يشار إليهم بالبنان  فكان إذا تكلم في التفسير فهو حامل رايته، وإن تحدث في الفقه فهو مدرك غايته، كان يحضر دروسه الجمُّ الغفير يستقون من هطّال وبله، ويتزودن من أدبه ونُبله،
عمدة الأكابر وشرف ذوي المفاخر ، علا قدره، وارتفع ذكره، تحلى بأثواب الجمال، وتكلم بلسان العرفان بأجمل بيان وأنصع تبيان، عاش رمزا لأهل الصلاح والتوفيق والنجاح، ترقى في فهم علوم الشريعة حتى أشير إليه بالانفراد، واعتمد عليه في فهم المراد، وهو ممن كان يستشار في النوازل والمهمات، والمسائل المعضلات، وكثيرا ما كنتُ أسمع شيخنا #القاضيمحمدبنإسماعيلالعمراني مفتي القطر اليماني إذا سئل في النوازل وغوامض المسائل يقول اذهبوا للديلمي؟
كيف تسألوني وعندكم الديلمي؟

 كان من أجلّ مشايخه والده العلامة لطف الديلمي إذ كان من علماء الزيدية الكبار والقلائل الذين اعتنقوا الدليل وحاربوا التقليد. فحرص والده على تنشئته التنشئة الصالحة. فأتقن القرآن على يديه وأخذ عنه متوناً عدة في النحو والأصول حتى بلغ المأمول،  ثم حثه على السفر إلى صنعاء وفيها تفتقت قريحته وبدت عليه النجابة والذكاء،  ثم طار بعدها إلى الأزهر فأزهر فهمه، ثم إلى الحجاز فحصل فيها على البكالريوس والماجستير والدكتوراة بامتياز..

بعد عودته من بلاد الحرمين أضحت له منزلة تود النجوم الثوابت نيل علاها، وطلعة محيا يتمنى البدر الوصول إلى سماها، وأصبحت فوائده كالزهر اليانع، وحديثه كأقراط المسامع، تشرفت اليمن بوجوده، وابتسم ثغر صنعاء لمطالع سعوده..
هذا العالم الحبر المتفنن في علوم الشريعة يعجبك فيه الأدب الباهر والجواب الحاضر والمذهب المستقيم الطاهر..  

كانت طلعته كطلعة البدر المشرق، ونفحته كنفحة الروض المورق، فارق أهله وقومه وعشيرته،  وخالفهم في اجتهاده لأن معه الدليل فأحبه أهل اليمن، جليل قدرٍ نبتت في عراصِ ساحهِ نبعات المحامد، ولطيف شمائل يمضي على نهج الأمجاد..
تولى الإدارة في #جامعة_الإيمان فكان نعم المدير، ثم تولى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع اليمن فكان نعم العالم الكبير المجتهد، كان برلمانيا، وتولى منصب وزير العدل فما جامل ولا داهن ولا لان..
 
كان علَما يمضي قدما على نهج كبار علماء اليمن الميامين المغاوير،  من أمثال المقبلي والجلال وابن الأمير، وقد أضحى أجلّ علمائنا جاها ومنزلة وقدرا، فهو علم شريف، ذو مجد منيف، وظل وريف، وصل إلى سلم المعالي فقطف أزهار العوالي..
عانى كما عانى غيره من علماء اليمن الكبار من قومهم فهو رائد علم التفسير في اليمن يموت مشرداً في المنفى{ وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}.
كان آخر مؤلفاته " جناية أدعياء الزيدية" ومن أجل هذا الكتاب اقتحموا بيته وناصبوه العداء..
إنَّ فقد هذا العالم الجليل، والمجتهد النبيل يمثل داهية عظمى وفاقرة كبرى حالنا لفراقه:

ما كنتُ أعلمُ والحوادثُ جمة
والناس فيهم عالم وجهولُ
أن الدّجى لبس الحداد لفقده
ومصابه حزنا وذاك قليلُ
أو أنّ صوبَ المزنِ حين هما على
عقر الثرى دمع عليه يسيلُ

اللهم  ارفع درجته في عليين، واخلفه في عقبه في الغابرين.
 اللهم اجمعنا به في الفردوس الأعلى  يا أرحم الراحمين.
 اللهم إنه أحوج ما يكون إلى رحمتك وعفوك ومغفرتك وكرمك وعطفك وحنانك وإحسانك فآته من ذلك أوفر الحظ والنصيب يا قريب يا مجيب.

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..
*صفحة الكاتب على الفيس بوك
أضافة تعليق