إن العقل البشري عبارة عن مستودع كبير جدا يخزن في داخله آلاف الأفكار. الإيجابية والسلبية، الكبيرة والصغيرة، المفيدة والضارة، المسلية والمحزنة، تخزن أشياء أكثر من أن تحصى في اليوم والليلة وهذا من إعجاز الله سبحانه وتعالى في خلقه. ولابد للإنسان من أن يخرج ما لديه من أفكار لتصبح أقوالا وأفعالا ملموسة على أرض الواقع تعبر عن مافي داخل الإنسان من أفكار أو مشاعر، لكن أحيانا يصعب على الإنسان أن يجد من يستمع له أو من يعبر له عن مشاعره يشرح له أفكاره، أو قد يعتقد الإنسان أن الآخرين لا يحبون سماع أحاديثه ويجدونها مملة أو سخيفة أو حصل له مواقف مشابهة فلأجل هذا يلجأ إلى وسائل أخرى للتعبير عما في داخله، مثل الكتابة أو الحديث أمام الكاميرا بينه وبين نفسه أو الحديث أمام الكاميرا لينشرها للناس أو حتى الحديث مع نفسه بصوت عال في خلوته بدون وجود أحد معه، أو حتى أمام نفسه في المرآة . قد يعتقد الكثير من الناس أن الحديث مع النفس عبارة عن ضرب من الجنون، لكنني أرى له فوائد عديدة، منها أن الإنسان يجد من يسمع له وهو نفسه، وأن نفسه تقدره وتحترمه وتأخذ كلامه بمنطقية وجدية وتناقش معه بكل أريحية وعدم تكلف في النقاش، وأن نفس الإنسان لا تسخر منه وتحتقره وتنتقص من قدره بس على العكس تعينه كل العون للوصول إلى حل مناسب لمشاكله، ولعلها أيضا ترسخ بعض القناعات لديه بسبب أنه هو ونفسه يكرران الموضوع من طرفهما لدرجة أنه يخرج عن أن يكون هناك نتيجة آخرى يقبل بها الشخص غير التي خرج بها مع نفسه، فيجب على الشخص أن يتأكد من حيثيات ووجهات النظر في الأمور التي يناقشها مع نفسه إن هذه الأمور تطول والحديث مع النفس لا ينتهي فنسأل الله ألا ينهيه إلا بخير وبركة ورضى منه عنا وأن يجعل أنفسنا معينة لنا على طريق الحق والرشاد وأن يغفر لنا تقصيرنا وظلم أنفسنا.