من الأخطاء التقديرية التي تُرتكب في مدرسة *(زرع القيم)* قيام الآباء بنصب رادار المراقبة لتعقب أي سلوك سلبي قد يحرف بوصلة القافلة التربوية عن قبلة المثالية والإيجابية، وإن قلت تأثيراثه الجانبية، ومن ثم يعقب ذلك إطلاق حبل الوعظ المبالغ فيه على غاربه ليتصدى لذلك الانحراف محاولة منهم في إعادة *(قافلة الاستقامة)* إلى مربع الندم والحسرة والعزم على عدم تكراره.
ويُقدم الآباء على هذا الإجراء التربوي التقليدي حرصاً منهم على إبقاء *(منظومة الأخلاق)* بعيدة من أي خدش قد يجرح حياء الأسرة والمجتمع؛ لهذا يعملون على إحاطتها بكل الأسلحة المشروعة للحفاظ عليها من الانهيار والتصدع ومنها استخدام فلسفة *(الوعظ الزائد).*
فطر الله الإنسان وجبله على السَّأم والملل من كثرة التوجيه، وهو ما أدركه رائد الإصلاح التربوي رسولك الأكرم حينما وصف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ استراتيجيته التربوية والتي تقوم على قواعد الإيجاز والاختصار، قائلاً: *( كان يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا).*
وتكمن خطورة استخدام هذه الفلسفة التربوية *(الوعظ الزائد)* كونه يقلل الفاعلية العلاجية لألفاظك، وتفقد عباراتك هيبتها ومفعولها التأثيري في نفوس أولادك مع تكرار النصح، فيصبح وعظك لا قيمة له حقيقية؛ سوى التفاعل من قبل الجوارح الخارجية عن طريق هز الرأس، وذرف الدمعات الكاذبة لإغلاق صفحة التوبيخ، ولا تجد طريقها إلى اقتحام أسوار صناعة القرار وحصول التحول المنشود.
إذا كان لابد من التدخل لإعادة قطار التربية إلى سكته الصحيحة، وردم الهوة التي أحدثها ذلك السلوك في منظومة القيم؛ قم باستبدال *(فلسفة الوعظ)* الزائد بمنظومة *(الروابط الذهنية)* عن طريق توظيف لغة الجسد في عملية التأهيل التربوي كـ *(الإيماء بسبابتك)* في إشارة منك إلى إيقاف عجلة ذلك السلوك السلبي عن الدوران، أو استخدام إشارة الوصول العيني *(هز طرف العين)،* في إشارة منك إلى أنك تجاوزت خطوط السماح الحمراء، ومن ثم العمل على تدريب أبنائك على حفظ تلك الإشارات وإحداث الاستجابة المباشرة عند لمحها، وهي أبلغ في التأثير من *(منظومة الوعظ)*؛ كونها تجنب ولدك آثار الإحراج إذا حصل الوعظ في حضرة الرفقاء والزملاء !!.