مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2019/11/09 14:37
مسلمو نيجيريا و الحاجة إلى المصاحف الورقية.
المحامي: أول محمد عبدالقادر البارودي، رئيس مبادرة الغد الواعد. لم تغير بدايات حفظي لكتاب الله عن ذاكرتي كثيرا، كانت الفكرة غريبة لدى أي واحد في الأسرة و المجتمع و حتى نحن الطلاب لم نتصور القرآن الكريم من ألفه إلى يائه يمكن حفظه بغير الطريق التقليدية التي تعتمد على الألواح الخشبية في الخلاوي. بدت الفكرة غريبة لدرجة أن انطباع الآباء هو أن القرآن لا يمكن حفظه، لكن المسلم يقرأ ما تيسر و يترك البقية.  
 ندرت المصاحف في ذالك الوقت لأن ثقافة الحفظ لم تنتشر كما انتشرت في هذه الآونة فأسرتي التي تحتوى على ثلاثة عشر فرد لها مصحف واحد و تفسير رد الأذهان إلى معاني القرآن و ترجمة معاني القرآن إلى لغة هوسا، في ظل هذا الغموض و هذه الندرة للمصاحف شرعت في حفظ القرآن و الفكرة ليست واضحة في ذهني و التشجيع من الأسرة شبه مفقود لأنه تشجيع على محال.
المصحف عموماً هو تلك الوسائل المادية التي يجمع فيها القرآن الكريم وفق الهيئة التي جمعه عليها الخليفة عثمان رضي الله عنه مرتب الآيات والسور. وبهذا التعريف تدخل جميع المصاحف، القديمة والحديثة، سواء أكانت مكتوبة على الورق أم كانت محملة على الأقراص والشرائح الإلكترونية، أم كانت نتوءات بإبرة برايل.
من المتبادر إلى الذهن أن المصحف الورقي قد يكون له وضع آخر من حيث كثرة الاستعمال له , قراءة , ومراجعة, نتيجة للتطورات للانفجار التقني من جانب, والذي أدى إلى التوسع في طباعته, ولتوافر نسخ كثيرة بأيدي القراء ,من جانب آخر.  ومرورا بعصر الرقمنة الذي بات فيه المصحف تطبيقا إلكترونيا يحمله الأفراد  في الجوال , والأجهزة اللوحية , وغيرها.
و المصحف الإلكتروني مصحف اشتمل على القرآن الكريم كاملاً، مرتب الآيات والسور في صورته المكتوبة، وهو بهذا يكون موافقاً للمصحف الورقي المعروف.
 أردت أن أقف على مسألة المصحف الورقي آنذاك و كيف حفظت أجزاءا من القرآن الكريم ممستعينا بتفسير رد الأذهان إلى معاني القرآن من غير مبالاة بحجمه، و أجزاءا أخرى بترجمة معاني القرآن إلى لغة هوسا إلى أن حلفني الحظ بمصحف المدينة الصادر من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة و ذالك لندرة المصاحف و ربما لقلة الحفاظ بالمصحف الورقي.
 أول ما دخل القرآن إلى نيجيريا  مع الإسلام ، وانتشر محفوظا في صدور الرجال، ومكتوبا في المصاحف ،  وكان الناس يتعاملون معه بحذر شديد، إما لمكانته الدينية من القداسة ، أو لندرته وجودا ملموسا، نظرا لعدم توافر آلات الطباعة الحديثة، وإلى الأحكام الفقهية التي قيدت التعامل معه إلا على نحو خاص، منها الوضوء, والطهارة المائية ... وكان القراء ينقلونه بالخط نسخا .
لم أقف بعد على تاريخ  أول مصحف دخل إلى البلاد، وإن كان الغالب في الظن أنه من المغرب العربي لأن الفاتحين دخلوا هذه البلاد من المغرب الإسلامي.
 ظهرت نسخ قرآنية في السبعينات من القرآن الماضي كان أكثرها من ليبيا والمغرب العربي  ومن باكستان وغيرها من البلاد المسلمة، إلى جانب مصاحف محلية من إنتاج مطابع محلية  منها : مطبعة شريف بلا غباري فكان يوجد مصحف واحد على مستوى الحارة الكاملة والقرية.
وتغيرت المعادلة مع دخول مصحف المدينة في الخدمة  حيث صارت متوافرة  منتشرة فقد كانت المملكة العربية توزع المصاحف للحجاج  وعلى الجمعيات والمؤسسات الدينية المحسوبة عليها، فقد لا يخلو منزل من مصحف، كما نزلت مصاحف مترجمة إلى هوسا أبرزها للشيخ أبوبكر محمود جومي رحمه الله.
و مع بداية هذا القرن تغيرت المفاهيم حول التعامل مع المصاحف بعد دخول المصحف الالكتروني إلى السوق المحلي  والعالمي حيث صار تطبيقا إلكترونيا محمولا، يبتسم إلى القاريء كلما يفتح جواله، ويبقى السؤال: هل ظهر من آثار انتشار المصاحف الالكترونية في سلوكيات الشباب إقبالا على القرآن الكريم وملازمة له، واتساعا لرقعة الحفاظ، وعددهم؟
 أعود فأقول بأن الحاجة إلى المصحف الورقي ماسة لتزايد أعداد المهتدين إلى الإسلام و يتطلب ذالك توفير مصاحف ورقية يمكن الإعتماد عليها، إضافة إلى وجود أعداد كبيرة من حفظة كتاب الله لتغير المفاهيم ففي الماضي القريب ، كان يوجد حافظ واحد مشهور على مستوى القرية، واليوم لا يكاد يخلو منه منزل، وفي بعض الأسر العريقة، قد يكون جميع أفرادها حفاظا مجودين للقرآن الكريم  قراءة ونظرا وتجويدا . وقد حصل نيجيرون – ذكورا وإناثا  على المراكز الأولى  في المسابقات القرآنية التي أقيمت في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
 ذكرنا مسبقا أن في الماضي  يستصعب حفظ القرآن بالمصحف الورقي (بغير اللوح)،  فقد أصبح اليوم حفظ القرآن شبه ضروري على أبنائنا و  إخواننا في أكثر المجتمعات المسلمة، أضف إلى ذالك انعدام الإمداد الكهربائي في بعض المناطق و يمكن القول  بأن الإستئناس بالمصحف الورقي والتعلق به يجعل من اقتناءه ضرورة و لأن المصحف الرقمي ماستطاع أن يملأ فراغ المصحف الرقمي ولا يغني عنه.
ما ذكرنا من الأسباب جعل مبادرة الغد الواعد(  Promising  Tomorrow Initiative The ) تعزم على توزيع المصاحف في المناطق النيجيرية و تجعل ذالك وسيلة إلى إحدى أهدافها و هي التربية و تزكية النفوس و تفتح أبوابها على مصراعيها لكل متبرع.
أضافة تعليق