عقب الأزمة السورية عام 2011م، ورحيل عدد هائل من اللاجئين السوريين إلى تركيا، كان لابد أن تكون تركيا من أوائل الدول المستضيفة لهم، بل منحت ما يقارب 30.000 لاجئ سوري فيما بعد الجنسية السورية، وأفتتحت لهم المصانع، وأنشأت لهم المعامل بل عملت على توظيفهم داخل الدولة التركية في بعض الجامعات والمدارس إيماناً منها بأحقيتهم ومساواتهم بالمواطنين الأتراك.
إن فكرة الترحيب باللاجئين السوريين من قبل الدولة التركية ، مثلّ نقطة إنطلاق وإرتكاز للرئاسة التركية والحكومة بمثابة نقاط قوة لهم من قبل السوريين على إعتبارأن تركيا الدولة الوحيدة التي سهلت عبور السوريين إلى أراضييها.
عقب إقتراح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فكرة الانتخابات التركية ، وتبني بعض الأحزاب السياسية برامج انتخابية معارضة كان منها طرد السوريين وإراجاعهم إلى إلى أراضيهم. حيث صرح بتلك الفكرة " ميرال أكشنير" رئيسة الحزب الجيد المنشق عن الحركة القومية والتي دعت في برنامجها الانتخابي بشكل صريح نيتها طرد السوريين من بلادها إذا فازت في الانتخابات التركية، بل أدعت أنهم سيقيمون رمضان القادم مع أسرهم في سوريا وسوف يفطرون مع بعضهم البعض.
تصريحات ميرال لا تقل شراسة عن تصريحات " محرم أنجي" المرشح عن الحزب الاتاتورتكي الذي أدعى بأنه سوف يقوم بطرد السوريين وإرجاعهم إلى سوريا، وشرعنة العلاقات مع الدولة السورية بعد عشرة أيام من توليه للسلطة.
أما موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والتي تعرف مواقفه بالإيجابية تجاه السوريين واحتوائه لهم بأنه سيسعى لإرجاع السوريين إلى المناطق المحررة وسيعمل في الوقت ذاته على تأمين حياتهم من أي خطر يهدد مستقبلهم.
إزاء تلك البرامج الانتخابية التي تحمل في طياتها وعوداً مختلفة بطرد السوريين عقب تولي الحكم، سادت مخاوف قلقة للغاية لدى الكل السوري ماهو مصيرهم المحتوم إذا فازت تلك الأحزاب وأوفت بوعودها بإجلائهم وطردهم؟ هل فعلاً سيكون السوري في دائرة خطرٍ محدق يترتب عليه البحث عن بدائل أخرى لاسيما وأن هناك العديد من الدول الأوروبية لفظته بل أصرت على عدم الدخول إلى أراضيها؟ في مقابل العودة مرة أخرى إلى سوريا فإنه سوف يتلقى النتيجة المحتومة وهي الإعتقال والقتل والتشريد والسجن، وبذلك يبقى السوري رهين ذاته أما بالعودة أو البحث عن مأمن أخر.
إزاء تلك المخاوف وتبدديها، كانت النتائج على غير عاداتها بفوز المرشح الأوفر حظاً والأقرب لهم السيد رجب طيب أردوغان لسدة الحكم معتبرين ذلك إنجازاً لهم بل وفاءً للوعود التي قعطها السيد رجب على نفسه بحمايتهم وعدم السماح لإحد بإيذائهم، رغم طرحه بأن سيتم إرجاع البعض منهم في حال تأمين المناطق من العصابات التي تستهدف توتير الإجواء الإمنية لهم.
على الرغم من ضبابية الموقف الانتخابي والقلق الذي ساد الأروقة السورية مابين طرد وتسوية لإوضاعهم تبددت بفوز السيد أرودغان براحةٍ وإرتياح عميق لدى السوريين بأن تلك المخاوف أصبحت وراء ظهورهم وأن حياتهم الطبيعية عادت لموضعها الطبيعي، وأن أردوعان في أقل الظروف لن يعمل على طردهم.
إبان ذلك وبعد تحقيق النصر الإنتخابي فإن السيد أردوغان سيسعى لرسم استراتيجية واضحة المعالم في طبيعة العلاقة مع السوريين أنفسهم، وكذلك في رسم تباينيت جديدة للعلاقة السياسية مع النظام السوري تجاه البعض منهم، لاسيما وأن أردوغان في نهاية المطاف سيكون ملبياً مطالب شعبه ولن يذعن لإحدٍ غيرهم لاسيما وأنهم هم من منحوه فرصة التغيير والبناء.
على كل حال فإن المستقبل القادم رغم وضوحه إلا أنه يحمل في ثناياه تجليات غير واضحة المعالم تجاه العلاقات السياسية مع النظام السوري، والتي بناءً عليها يتحتم معرفة مصير السوريين الوافدين والقادمين من جراء الممارسات القمعية للنظام السوري.