مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2018/04/02 22:27
مما عَلمنيهُ أبي ..

مما عَلمنيهُ أبي ..

صعدتُ وأبي إلى السيّارة ، وأعتلى أبي كرسي القيادة ، وبدا كقمر مضيء ، يُعلمني أسماء الأجهزة وكيف أشغل السيّارة ، 
وأنا أنصت له بإهتمام وأنظر إليه نظرة المحب المعجب ... ،

وقال لي : يا ابنتي لقيادة السيّارة قانون لاتتجاوزيه ، ومسألة إياك وغض الطرف عنها ، ألا وهي :

(تخيلي أن كل الناس مجانين وأنتي وحدك العاقلة ) ، فإذا ما اعترض سائقٌ طريقك ، أو حاول إغضابك ، فلا تغضبي ، وحافظي على هدؤك ، وتذكري القانون جيدًا ..

-قلت لأبي : رائع ، حكمة بليغة ، وقولٌ سديد !

وأضاف قائلاً : 
هذا القانون لاينطبق فقط على قيادة السيّارة ، بل إنّ له استخدام أوسع ، يمكننا تطبيقهُ في كل مناحي الحياة !

تخيلِ معي لو أن شخص آذاك ، وسبك ، أو أكل لحمك نيًا في غيابكِ ، أكنتِ لتحاسبه لو كان مجنونًا ؟!

_بالتأكيد لا ، فإن محاسبة مجنون لجنونه هو عين الجنون !

ولو تعلمنا أن ننظر للمسيء أو الحاسد أو الحاقد بعين الشفقة والرحمة ، وقلنا أنّه مريض ، 
فهل معاملة المريض إلا بالإحسان والإكرام ولين الكلام ؟!

بهذا القانون سنتعامل مع الناس بتسامح أكثر ، وبنظرة عميقة ، تجعل ردود أفعالنا متزنة ومدروسة ؛وبالتالي تتخفف المشكلات إلى حد كبير ، وتتلاشى الخصومات ،

ألم يدخل أغلب الناس في الإسلام ، إلا بسبب خلق الرسول ، وسماحته ، ولطيف أفعاله ، ومن اتبعه ؟!

ثم قولي لي : إن استطعت أن تردِ على فلان بسبب وقاحته ، وسلاطة لسانة ، وبذاءة ألفاظه ، فهل سوف تَرُدِ على ألف شخص مثله ؟!

إذن المشكلة لا تنبع من الآخرين ، بل بنظرتنا نحن للمشكلة ذاتها ، نستطيع أن نسيطر على الدنيا بمجملها ، لو استطعنا أن نسيطر على أنفسنا ؛فأنفسنا هي مرآة غيرنا ، هي نورنا وظلامنا ، وسعادتنا أو شقائنا .. 
النفس هي السر وهي المخرج ، ومنها الحل وفيها المشكلة !

تذكروا نصيحة أبي (تخيل أن كل الناس مجانين ، وأنت وحدك العاقل ) واصنعوا من هذا القانون ماءً يُطفي جمرة غضب ، وضجيج حقد ، وسخافة وتهويل من ردة فعل ..

شكرًا حبًا إمتنانَا لك أبي على الدرس ♡

وفاء اليوسفي .


أضافة تعليق