سميح خلف
ربما قطع الرئيس الفلسطيني الطريق على من يتأملون وينتظرون سقوط حماس نتيجة الاجراءات العقابية على غزة بابرام المصالحة واعلانها في القاهرة وان يكون هناك واقع لحكومة ولسلطة تبسط سيطرتها على غزة يمكن أن تتعامل مع أوضاع سياسية مهترئة تطرحها أمريكا ودول إقليمية ونهج فلسطيني من بعض الأطراف.
فكانت تصريحات الرئيس الفلسطيني لهؤلاء جادة ومعمقة عندما قال إذا انهارت السلطة يعني ذلك لا سلطة على الأراضي الفلسطينية وسيسلم مفاتيحها الى نتنياهو ولا بدائل الفلسطينيين الا المصالحة ومن ثم حكومة وحدة وطنية تخضع لالتزامات السلطة واتفاقياتها مع كل الاطراف اي الاعتراف والتشابك بين حماس وبرنامج منظمة التحرير ومن خلال حكومة الوحدة الوطنية وركائز اعلن عنها الرئيس ورامي الحمد الله واخرين "سلاح واحد وقانون واحد وسلطة واحدة مع التزام الحكومة بمحاربة الارهاب".
عندما اختار الرئيس الفلسطيني هذه المفاهيم فهو يريد أن يقول للجميع أن سلطة أوسلو في خطر بل اتفاقية أوسلو التي تتعهد بالالتزام بها سلطة الحكم الذاتي وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني لن تكون موجودة إذا انهارت تلك الحكومة وهذا بمثابة إنذار لكل الدول ذات الصلة بالموضوع، ففعلاً سلطة أوسلو لا "تعوض أمنياً وسياسياً" أمام الإسرائيليين الذين لم يقدموا أي شيء مثمر لهذا النهج أن يقدموا شيئاً قبل إن ينهار هذا التيار وهذا النهج، ومن هنا وأمام التصعيد الحادث على الساحة الفلسطينية الذي أتى على ثلاث مراحل المرحلة الأولى الحصار المرحلة الثانية الاقتتال بين فتح وحماس، المرحلة الثالثة اتفاق المصالحة الاخير الذي سينفذ على مراحل بتمكين الحكومة والسيطرة على المعابر وفك الحصار عن غزة تدريجيا ومن ثم الاتفاق على الانتخابات الرئاسية والتشريعية ومنظمة التحرير في حين كانت شروط الرئيس عباس واضحة اضافة الى ما تقدم "اذا لم تعترف حماس بإسرائيل وبرنامج منظمة التحرير لن يكون لها دور في المنظمة والحكومة اضافة الى نزع سلاح المقاومة" ومحاولة جذب حماس لسياسة الممكن وانتظار ما ستقدمه امريكا وكما هو متداول بصفقة القرن وكما قيل التفكير الامريكي خارج الصندوق خلافا على ما تم طرحه من الادارات الامريكية السابقة وفي ملخص بحلول اقليمية للمنطقة بما فيها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، معادلة باتت واضحة بوجهها الاقتصادي الامني لجبهة عربية لمواجهة النفوذ الايراني وتطبيع مع إسرائيل كقوة اقليمية لمحاربة الارهاب بكافة صورة وبمفردات صاغها الرئيس ان السلطة مع التوجهات الامنية الامريكية لمحاربة الارهاب.
المصالحة مطلب وطني وكما قال السنوار ودحلان وقوى فلسطينية اخرى وهي حاجة ملحة لوحدة وطنية للتعامل مع سيناريوهات مطروحة في المنطقة واعيد كما قال السنوار "اذا فشلت المصالحة هذه المرة سيندم الشعب الفلسطيني ندما شديدا ولذلك على الجميع انجاحها، ولكن باي بعد وطني او سياسي او امني هذه هي المعضلة وعلى اي البرامج، وهل الطرح الدولي والاقليمي سيعطي الفلسطينيين دولة ذات سيادة على حدود 67م وهو برنامج السلطة في حين ان جميع المراقبين والباحثين اتفقوا على ان حل الدولتين اصبح ميتا وهنا اشارة ايضا لما قاله الرئيس عباس عن الدولة واحدة واشارة اخرى ان الطرح المعروض خارج خيار حل الدولتين، اذا هل هو واقع منتظر لفدراليات مع دول الاقليم، الفع في اتجاه المصالحة اتى لعدة اعتبارات تخص واقع السلطة وواقع حماس وطول الاقليم ايضا.
هذه المرة وهذه المحاولة تأتي مجدداً بعد أن فشلت الحلول السابقة والخيارات السابقة من احتواء ظاهرة المقاومة وإطلاق الصواريخ وهذه المرة تأتي هذه المحاولة بإشعال الضوء الأخضر لتفعيل منظمة التحرير وعقد المجلس الوطني على قاعدة ان دخول حماس واحتوائها ضمن البرنامج السياسي المسيطر على منظمة التحرير من قبل جماعة أوسلو.
لم يأتي هذا التحرك الإقليمي من فراغ فالمطلوب أولاً احتواء كتائب عز الدين القسام من خلال احتواء القيادة السياسية، هذا التحرك الإقليمي الذي فشل سابقاً ولكن هذه المرة تأتي هذه المحاولة على قاعدتين القاعدة الأولى لا بد من إتلاف فتح وحماس على قاعدة الوطنية الفلسطينية و حرصاً على الدم الفلسطيني. ووحدة التمثيل والبرنامج الفلسطيني امام دول الاقليم والمجتمع الدولي.
أما القاعدة الثانية فهي قاعدة الضغط العسكري والأمني على حماس فحماس واجهت ثلاث حروب متتالية وتهديد بحرب رابعة وتسخين على جبهة غزة باستنفار لقوات الاحتلال وحادثة النفق للجهاد الاسلامي، فعلى الصعيد الأمني حماس محاصرة أمنياً ومطاردة عناصرها أمنياً إقليمياً وعلى المستوى الداخلي الفلسطيني فهي تتحرك في وسط ألغام وحقول من الأشواك وخاصة أن العدو الصهيوني جميع عملياته المتعلقة بضرب قوى حماس تستند إلى معلومات أمنية على الأرض والجو وهذا السلوك من الضغط يعطي ثماراً للعمليات العسكرية الإسرائيلية لكي تكون أشد خطورة على قواعد وبنية حماس وللإنصاف ومن خلال المتابعة للعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في منطقة العمليات وهي قطاع غزة والضفة أن حماس تدرك حجم الضغوط مما جعلها تتصرف على الأرض بمنتهى الحيطة والحذر وبالتالي أتت العمليات الإسرائيلية من وجهة النظر العسكرية غير مؤثرة بالشكل الذي ينبغي وما تخطط له إسرائيل سياسياً وعسكرياً ولكن تلك العمليات استغلت إعلامياً من جانب الضغط على حماس حينما وصفت الصواريخ للقسام بأنها ألعاب نارية أو صواريخ ورقية وهذه ورقة قوية تستفيد منها قوى التسوية لتسويق رؤيتها بأن على حماس استحقاقات من التنازلات وبدون مقابل بس فقط لتوقف العمليات العسكرية على قطاع غزة وبدون أن يلوح في الأفق أي تحرك سياسي جاد نحو حل أصول المشكلة وفي غياب طرح فعال من أجل إنهاء الاحتلال.
ومن هنا تأتي عمليات الضغط التي تمارسها إسرائيل على حماس وقواها في ساحة غزة والضفة الغربية معاً متوافقة تماماً مع الضغط الدبلوماسي التي تمارسه قوى إقليمية عليها من خلال قنوات متعددة، ففي وجهة نظرهم أن تم احتواء حماس من خلال عملية الدمقرطة الغير ناضجة والتي تقدمت في مفاهيمها عن ما هو مطلوب للمرحلة التي يعيشها شعبنا ولذلك حماس تفكر ألف مرة ومرة ان تعطي تراجعات في مواقفها من عدم المشاركة في حكومة الوحدة ولأن ذلك يترتب عليه مواقف وآليات متعددة يجب اتخاذها أولاً على الصعيد الإقليمي والذاتي.
أعتقد أن صواريخ القسام وغير القسام تأتي في تطور طبيعي للمقاومة بالحجر وبالسلاح الأبيض في الانتفاضة الأولى والثانية ومرحلة ابتدائية في نقل تجربة الصواريخ إلى الضفة الغربية وهذه التجربة يمكن أن تفشل نظرية الجدار العازل كوسيلة أمنية لحماية أمن الاحتلال واحداث توزن للرعب مع التطوير المطرد للقدرات الصاروخية هؤلاء الذين يقللون من أهمية الإبداع الفلسطيني ولو كان متواضع في مرحلة حصار شامل نقول أن جميع الدول لم تنهض بصناعاتها وابتكاراتها الحربية وغير الحربية من مركز الذروة في التصميم والاختراع ولكن أتى التقدم في هذه المجالات ضمن سلم زمني تطويري لتلك الصناعات وهذا ليس عيباً ولا يؤخذ على حماس وغير حماس.
مهزلة أن يقوم البعض وخاصة من الجانب الفلسطيني بالاستهزاء والسخرية من الإبداع الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ولو كان محدوداً وإذا قسنا هذه المفاهيم على انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح نقول أنهم مجانين بهذه المقاييس التعيسة في تقييم مراحل نضال الشعوب، فعندما استشهد أحمد موسى فهل كان رجل مجنون وعندما استشهد عبد الفتاح عمود هل نقول أنه كان مجنوناً وعندما وضعت عبوة في جسر عيلبون عبوة من المتفجرات المتواضعة هل كان هذا ضرب في الخيال واللا واقع، يعني ذلك أن من يستهزؤون بالوسائل المتاحة للشعب الفلسطيني في نضاله يسخرون من ذاتهم التي وافقت على حرب العصابات عند انطلاقة حركة فتح أو بمعنى أخر أنهم كانوا مدسوسين على واقع هذه الحركة وفهمها وأفكارها وألياتها.
فمرحلة الصواريخ أثمرت في عمليات العاصفة لضرب مصانع البوتاس وكرياتش مونا ومناطق مختلفة من فلسطين المحتلة واثمرت مع حزب الله في إيجاد توازن الرعب والجانب الفلسطيني يجب أن يعتمد على هذه الطريقة المتطورة دائماً لتفشل نظرية العدو الصهيوني القائمة على نظرية الأمن ولو كانت تلك الصواريخ تثير الغبار والأتربة في تلك المستوطنات كما وصف ذلك بعض المستهزئين، أما وسائل الإعلام الفلسطينية التي تبرز مدى خسارة الجانب الفلسطيني من العمليات الإسرائيلية يتناسوا التاريخ ويتناسوا التضحيات التي تقدمها الشعوب من أجل تحررها سواء في فيتنام أو الجزائر أو في الثورة الفرنسية أو الصينية أو الروسية وفي نفس الوقت يتناول هذا الإعلام النهج الانهزامي في قمته وهو التشكيك في قدرات المقاومة الفلسطينية على أن تطور نفسها وآلياتها.
كل ما تقدم هو آليات ووسائل من أجل أن تقع حماس ومعها باقي الممانعة الفلسطينية تحت نوعين من الضغط أو ثلاث أنواع أو أكثر:
1- الضغط بالحصار الاقتصادي.
2- الضغط بالتلويح بالانفلات الأمني والاقتتال الداخلي.
3- الحفاظ على اتفاق لمصالحة كوسيلة لاحتواء حماس وتحت مفهوم التنازلات المفتوحة من حماس او سيناريوهات اخرى ستتجاوز المصالحة.
4- تصاعد الضغط الإقليمي على حماس والممانعة الفلسطينية من خلال اجتماعات إقليمية تنقذ نهج أوسلو، هذا النهج الذي لم تقدم له أمريكا وإسرائيل أي دعم منذ تواجدها على الأرض الفلسطينية على الصعيد السياسي والاقتصادي واكتفى هذا الدعم مؤخراً من خلال لباس رجال الأمن الرئاسي ملابس المارنز وأسلحتهم المتطورة فهل هذا يعني أن تلك القوات تعد لمواجهة إسرائيل أم تمهيد لسلطة دكتاتورية تنفذ برنامج سياسي ضاغط على الشعب الفلسطيني.
5- تصعيد عسكري إسرائيلي متوازي مع كل الوسائل السابقة سعياً لأن تقوم حماس بعملية دراسة لواقعها بين قبول السلطة على اعوجاجها الأمني والسياسي أو الخروج منها ولكن أي خروج؟؟؟، فهناك منظور للتاريخ لتتخلص حماس من الضغط الإقليمي والدولي ويمكن أن تنحاز للشعوب ورؤيتها بأن الصراع مفتوح مع إسرائيل حتى لو كان هناك تقدماً وهو مفقود في حل الدولتين أو تقبل حماس بعدة تنازلات للحفاظ على وجودها في السلطة وإذا أرادت حماس أن تتخذ أي موقف عندما تتعرض للضغط الدبلوماسي والسياسي فسيثار أمامها ألف مشكلة ومشكلة، مشكلة على المستوى الداخلي لبنية حماس ومشكلة على صعيد علاقة حماس مع حركة الإخوان المسلمين وسيثار أمامها مشاكل الفلتان الأمني والتلويح بالاقتتال الداخلي والتلويح بالإضرابات ومن ثم الرجوع للمربع الأول.
ولذلك فإن حماس أمامها خيار أن تستند للتاريخ في مواقفها وأن مشكلة الوطن والمشكلة الوطنية ليست مشكلة أنية بل هي مشكلة إستراتيجية تخص شعب وأمة بكاملها وعليها أن تتصرف بناءً على ذلك.
ويبقى السؤال الأخير هل ستقوم حماس بتقديم تنازلات اكثر على قاعدة فتح أبواب منظمة التحرير لها في تقاسم على غرار اتفاق 2011م اذا طبق وهل حماس ستقدم تنازلات مقابل الضغوط السابقة الأيام القادمة ستجيب عن ذلك. ,وما هو الثمن السياسي الذي ستدفعه حماس.
ربما قطع الرئيس الفلسطيني الطريق على من يتأملون وينتظرون سقوط حماس نتيجة الاجراءات العقابية على غزة بابرام المصالحة واعلانها في القاهرة وان يكون هناك واقع لحكومة ولسلطة تبسط سيطرتها على غزة يمكن أن تتعامل مع أوضاع سياسية مهترئة تطرحها أمريكا ودول إقليمية ونهج فلسطيني من بعض الأطراف.
فكانت تصريحات الرئيس الفلسطيني لهؤلاء جادة ومعمقة عندما قال إذا انهارت السلطة يعني ذلك لا سلطة على الأراضي الفلسطينية وسيسلم مفاتيحها الى نتنياهو ولا بدائل الفلسطينيين الا المصالحة ومن ثم حكومة وحدة وطنية تخضع لالتزامات السلطة واتفاقياتها مع كل الاطراف اي الاعتراف والتشابك بين حماس وبرنامج منظمة التحرير ومن خلال حكومة الوحدة الوطنية وركائز اعلن عنها الرئيس ورامي الحمد الله واخرين "سلاح واحد وقانون واحد وسلطة واحدة مع التزام الحكومة بمحاربة الارهاب".
عندما اختار الرئيس الفلسطيني هذه المفاهيم فهو يريد أن يقول للجميع أن سلطة أوسلو في خطر بل اتفاقية أوسلو التي تتعهد بالالتزام بها سلطة الحكم الذاتي وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني لن تكون موجودة إذا انهارت تلك الحكومة وهذا بمثابة إنذار لكل الدول ذات الصلة بالموضوع، ففعلاً سلطة أوسلو لا "تعوض أمنياً وسياسياً" أمام الإسرائيليين الذين لم يقدموا أي شيء مثمر لهذا النهج أن يقدموا شيئاً قبل إن ينهار هذا التيار وهذا النهج، ومن هنا وأمام التصعيد الحادث على الساحة الفلسطينية الذي أتى على ثلاث مراحل المرحلة الأولى الحصار المرحلة الثانية الاقتتال بين فتح وحماس، المرحلة الثالثة اتفاق المصالحة الاخير الذي سينفذ على مراحل بتمكين الحكومة والسيطرة على المعابر وفك الحصار عن غزة تدريجيا ومن ثم الاتفاق على الانتخابات الرئاسية والتشريعية ومنظمة التحرير في حين كانت شروط الرئيس عباس واضحة اضافة الى ما تقدم "اذا لم تعترف حماس بإسرائيل وبرنامج منظمة التحرير لن يكون لها دور في المنظمة والحكومة اضافة الى نزع سلاح المقاومة" ومحاولة جذب حماس لسياسة الممكن وانتظار ما ستقدمه امريكا وكما هو متداول بصفقة القرن وكما قيل التفكير الامريكي خارج الصندوق خلافا على ما تم طرحه من الادارات الامريكية السابقة وفي ملخص بحلول اقليمية للمنطقة بما فيها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، معادلة باتت واضحة بوجهها الاقتصادي الامني لجبهة عربية لمواجهة النفوذ الايراني وتطبيع مع إسرائيل كقوة اقليمية لمحاربة الارهاب بكافة صورة وبمفردات صاغها الرئيس ان السلطة مع التوجهات الامنية الامريكية لمحاربة الارهاب.
المصالحة مطلب وطني وكما قال السنوار ودحلان وقوى فلسطينية اخرى وهي حاجة ملحة لوحدة وطنية للتعامل مع سيناريوهات مطروحة في المنطقة واعيد كما قال السنوار "اذا فشلت المصالحة هذه المرة سيندم الشعب الفلسطيني ندما شديدا ولذلك على الجميع انجاحها، ولكن باي بعد وطني او سياسي او امني هذه هي المعضلة وعلى اي البرامج، وهل الطرح الدولي والاقليمي سيعطي الفلسطينيين دولة ذات سيادة على حدود 67م وهو برنامج السلطة في حين ان جميع المراقبين والباحثين اتفقوا على ان حل الدولتين اصبح ميتا وهنا اشارة ايضا لما قاله الرئيس عباس عن الدولة واحدة واشارة اخرى ان الطرح المعروض خارج خيار حل الدولتين، اذا هل هو واقع منتظر لفدراليات مع دول الاقليم، الفع في اتجاه المصالحة اتى لعدة اعتبارات تخص واقع السلطة وواقع حماس وطول الاقليم ايضا.
هذه المرة وهذه المحاولة تأتي مجدداً بعد أن فشلت الحلول السابقة والخيارات السابقة من احتواء ظاهرة المقاومة وإطلاق الصواريخ وهذه المرة تأتي هذه المحاولة بإشعال الضوء الأخضر لتفعيل منظمة التحرير وعقد المجلس الوطني على قاعدة ان دخول حماس واحتوائها ضمن البرنامج السياسي المسيطر على منظمة التحرير من قبل جماعة أوسلو.
لم يأتي هذا التحرك الإقليمي من فراغ فالمطلوب أولاً احتواء كتائب عز الدين القسام من خلال احتواء القيادة السياسية، هذا التحرك الإقليمي الذي فشل سابقاً ولكن هذه المرة تأتي هذه المحاولة على قاعدتين القاعدة الأولى لا بد من إتلاف فتح وحماس على قاعدة الوطنية الفلسطينية و حرصاً على الدم الفلسطيني. ووحدة التمثيل والبرنامج الفلسطيني امام دول الاقليم والمجتمع الدولي.
أما القاعدة الثانية فهي قاعدة الضغط العسكري والأمني على حماس فحماس واجهت ثلاث حروب متتالية وتهديد بحرب رابعة وتسخين على جبهة غزة باستنفار لقوات الاحتلال وحادثة النفق للجهاد الاسلامي، فعلى الصعيد الأمني حماس محاصرة أمنياً ومطاردة عناصرها أمنياً إقليمياً وعلى المستوى الداخلي الفلسطيني فهي تتحرك في وسط ألغام وحقول من الأشواك وخاصة أن العدو الصهيوني جميع عملياته المتعلقة بضرب قوى حماس تستند إلى معلومات أمنية على الأرض والجو وهذا السلوك من الضغط يعطي ثماراً للعمليات العسكرية الإسرائيلية لكي تكون أشد خطورة على قواعد وبنية حماس وللإنصاف ومن خلال المتابعة للعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في منطقة العمليات وهي قطاع غزة والضفة أن حماس تدرك حجم الضغوط مما جعلها تتصرف على الأرض بمنتهى الحيطة والحذر وبالتالي أتت العمليات الإسرائيلية من وجهة النظر العسكرية غير مؤثرة بالشكل الذي ينبغي وما تخطط له إسرائيل سياسياً وعسكرياً ولكن تلك العمليات استغلت إعلامياً من جانب الضغط على حماس حينما وصفت الصواريخ للقسام بأنها ألعاب نارية أو صواريخ ورقية وهذه ورقة قوية تستفيد منها قوى التسوية لتسويق رؤيتها بأن على حماس استحقاقات من التنازلات وبدون مقابل بس فقط لتوقف العمليات العسكرية على قطاع غزة وبدون أن يلوح في الأفق أي تحرك سياسي جاد نحو حل أصول المشكلة وفي غياب طرح فعال من أجل إنهاء الاحتلال.
ومن هنا تأتي عمليات الضغط التي تمارسها إسرائيل على حماس وقواها في ساحة غزة والضفة الغربية معاً متوافقة تماماً مع الضغط الدبلوماسي التي تمارسه قوى إقليمية عليها من خلال قنوات متعددة، ففي وجهة نظرهم أن تم احتواء حماس من خلال عملية الدمقرطة الغير ناضجة والتي تقدمت في مفاهيمها عن ما هو مطلوب للمرحلة التي يعيشها شعبنا ولذلك حماس تفكر ألف مرة ومرة ان تعطي تراجعات في مواقفها من عدم المشاركة في حكومة الوحدة ولأن ذلك يترتب عليه مواقف وآليات متعددة يجب اتخاذها أولاً على الصعيد الإقليمي والذاتي.
أعتقد أن صواريخ القسام وغير القسام تأتي في تطور طبيعي للمقاومة بالحجر وبالسلاح الأبيض في الانتفاضة الأولى والثانية ومرحلة ابتدائية في نقل تجربة الصواريخ إلى الضفة الغربية وهذه التجربة يمكن أن تفشل نظرية الجدار العازل كوسيلة أمنية لحماية أمن الاحتلال واحداث توزن للرعب مع التطوير المطرد للقدرات الصاروخية هؤلاء الذين يقللون من أهمية الإبداع الفلسطيني ولو كان متواضع في مرحلة حصار شامل نقول أن جميع الدول لم تنهض بصناعاتها وابتكاراتها الحربية وغير الحربية من مركز الذروة في التصميم والاختراع ولكن أتى التقدم في هذه المجالات ضمن سلم زمني تطويري لتلك الصناعات وهذا ليس عيباً ولا يؤخذ على حماس وغير حماس.
مهزلة أن يقوم البعض وخاصة من الجانب الفلسطيني بالاستهزاء والسخرية من الإبداع الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ولو كان محدوداً وإذا قسنا هذه المفاهيم على انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح نقول أنهم مجانين بهذه المقاييس التعيسة في تقييم مراحل نضال الشعوب، فعندما استشهد أحمد موسى فهل كان رجل مجنون وعندما استشهد عبد الفتاح عمود هل نقول أنه كان مجنوناً وعندما وضعت عبوة في جسر عيلبون عبوة من المتفجرات المتواضعة هل كان هذا ضرب في الخيال واللا واقع، يعني ذلك أن من يستهزؤون بالوسائل المتاحة للشعب الفلسطيني في نضاله يسخرون من ذاتهم التي وافقت على حرب العصابات عند انطلاقة حركة فتح أو بمعنى أخر أنهم كانوا مدسوسين على واقع هذه الحركة وفهمها وأفكارها وألياتها.
فمرحلة الصواريخ أثمرت في عمليات العاصفة لضرب مصانع البوتاس وكرياتش مونا ومناطق مختلفة من فلسطين المحتلة واثمرت مع حزب الله في إيجاد توازن الرعب والجانب الفلسطيني يجب أن يعتمد على هذه الطريقة المتطورة دائماً لتفشل نظرية العدو الصهيوني القائمة على نظرية الأمن ولو كانت تلك الصواريخ تثير الغبار والأتربة في تلك المستوطنات كما وصف ذلك بعض المستهزئين، أما وسائل الإعلام الفلسطينية التي تبرز مدى خسارة الجانب الفلسطيني من العمليات الإسرائيلية يتناسوا التاريخ ويتناسوا التضحيات التي تقدمها الشعوب من أجل تحررها سواء في فيتنام أو الجزائر أو في الثورة الفرنسية أو الصينية أو الروسية وفي نفس الوقت يتناول هذا الإعلام النهج الانهزامي في قمته وهو التشكيك في قدرات المقاومة الفلسطينية على أن تطور نفسها وآلياتها.
كل ما تقدم هو آليات ووسائل من أجل أن تقع حماس ومعها باقي الممانعة الفلسطينية تحت نوعين من الضغط أو ثلاث أنواع أو أكثر:
1- الضغط بالحصار الاقتصادي.
2- الضغط بالتلويح بالانفلات الأمني والاقتتال الداخلي.
3- الحفاظ على اتفاق لمصالحة كوسيلة لاحتواء حماس وتحت مفهوم التنازلات المفتوحة من حماس او سيناريوهات اخرى ستتجاوز المصالحة.
4- تصاعد الضغط الإقليمي على حماس والممانعة الفلسطينية من خلال اجتماعات إقليمية تنقذ نهج أوسلو، هذا النهج الذي لم تقدم له أمريكا وإسرائيل أي دعم منذ تواجدها على الأرض الفلسطينية على الصعيد السياسي والاقتصادي واكتفى هذا الدعم مؤخراً من خلال لباس رجال الأمن الرئاسي ملابس المارنز وأسلحتهم المتطورة فهل هذا يعني أن تلك القوات تعد لمواجهة إسرائيل أم تمهيد لسلطة دكتاتورية تنفذ برنامج سياسي ضاغط على الشعب الفلسطيني.
5- تصعيد عسكري إسرائيلي متوازي مع كل الوسائل السابقة سعياً لأن تقوم حماس بعملية دراسة لواقعها بين قبول السلطة على اعوجاجها الأمني والسياسي أو الخروج منها ولكن أي خروج؟؟؟، فهناك منظور للتاريخ لتتخلص حماس من الضغط الإقليمي والدولي ويمكن أن تنحاز للشعوب ورؤيتها بأن الصراع مفتوح مع إسرائيل حتى لو كان هناك تقدماً وهو مفقود في حل الدولتين أو تقبل حماس بعدة تنازلات للحفاظ على وجودها في السلطة وإذا أرادت حماس أن تتخذ أي موقف عندما تتعرض للضغط الدبلوماسي والسياسي فسيثار أمامها ألف مشكلة ومشكلة، مشكلة على المستوى الداخلي لبنية حماس ومشكلة على صعيد علاقة حماس مع حركة الإخوان المسلمين وسيثار أمامها مشاكل الفلتان الأمني والتلويح بالاقتتال الداخلي والتلويح بالإضرابات ومن ثم الرجوع للمربع الأول.
ولذلك فإن حماس أمامها خيار أن تستند للتاريخ في مواقفها وأن مشكلة الوطن والمشكلة الوطنية ليست مشكلة أنية بل هي مشكلة إستراتيجية تخص شعب وأمة بكاملها وعليها أن تتصرف بناءً على ذلك.
ويبقى السؤال الأخير هل ستقوم حماس بتقديم تنازلات اكثر على قاعدة فتح أبواب منظمة التحرير لها في تقاسم على غرار اتفاق 2011م اذا طبق وهل حماس ستقدم تنازلات مقابل الضغوط السابقة الأيام القادمة ستجيب عن ذلك. ,وما هو الثمن السياسي الذي ستدفعه حماس.