حديثٌ يستمر, عن مئآسٍ لم تستقر, والألم دوماً يستعر, لإراقة دماءٍ معصومة, بديارِ إسلامٍ مظلومة, فتنٌ تطل علينا بأوارها, حتى بعد سبر أغوارها, بين حينٍ وحين, لازال يصلنا ارتدادها, وسعيدٌ من اتعظ بغيره, لا أن يكون عظة لغيره, أصبحنا وأمسينا على جرائم تُحترف, ومحارم تُقترف, داخل بلادنا وخارجها من منظمة باغية, لم ينجح مجرمٌ بتفصيل ثوب لها فضفاض منسوج بالإرهاب بأطوال ومقاييس حماية لعرشه؛ يُوجهُهُ بأمره كما صنع نيرون دمشق, فلا ريب أن أعمال ابنته داعش موغلة بخيانة وغدر بالقريب قبل البعيد, وفداحة جنحهم ليست بجديدة على من ارتضوا أن يكونوا أداةً للصفويين, ومنفذين أعمالاً تصب بمصلحة الغربيين, بدءً بفاشيتهم في سوريا لمقاتلة جيش الأحرار, إنقاذاً لنظام الجزار, عندما أوشك على الإنهيار, واحتلوا أراضٍ حررها الثوار, وكانوا ولا زالوا ذراعاً للنظام السوري والروسي والإيراني, حتى الشركات النفطية الروسية لا تعمل إلا بمناطق سيطرة داعش ليشترون البترول منهم ونظام (البراميل المتفجرة) أول زبائنهم, لن يكون مفاجئاً طالما أن كبار قادتهم خليط من ضباط نظام المخابرات السوري والحرس الثوري تدثروا برداء الدين جذباً للمغفلين, وبمعاونة المخابرات الدولية عاثوا بالعراق واًصبحوا مطية للإنتهازيين, فلم يختلفوا عن الميليشيات الصفوية بقتل السنة واحتلال مدنهم وسرقة أرزاقهم وانتهاك أعراضهم, وأما مرتكبو العمليات الإنتحارية فهم قطعان منحرفين دينياً وأخلاقياً وفكرياً, كأغنام تساق إلى مذابحهم لتحقيق أهداف غيرهم, وصدق الله بقوله : (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون). هل رأيتم يوماً داعشياً يدعو لغير القتل وسفك الدماء !؟ هل شاهدتم دواعش يسعون في نشر الدين !؟ أأبصرتم داعشيٍ يدعو إلى الله على هداية وبصيرة وإلى الأخلاق الدينية والشمائل المحمدية !؟ أسمعتم عن أقوامٍ أسلموا واهتدوا بسبب فيديوهات التفنن بالذبح والقتل التي لا ينشرها إلا الدواعش !؟ أيعقل أن يتبقى من به ذرة عقل ومنطق يصدق ما يزعمه خوارج العصر من أن هدفهم إقامة خلافة دينية بينما حقيقتهم كرة تركلها مجموعة مخابرات في ملعب مصالحهم !؟ هل سيحتاج لأكثر من هذه الأدلة خصوصاً بعد تبعات إنسحاب روسيا المزعوم من سوريا والذي اختلفت التأويلات حول حقيقته ولم تتفق إلا على أن تدخلها أحيا نظام الأسد, والشاهد ما أورده بعض الراصدون بعد الإعلان عن جهوزية تدخل قوات التحالف الإسلامية براً بقيادة السعودية إلى سوريا حينها قام داعش بتسليم أكثر من 50 مدينة وقرية إلى النظام السوري والحرس الثوري, هل سيبقى أحمق يتجاهل أن الجيش السوري لم يكن قادراً على دحر هذا التنظيم من أراضيه وهو الذي استعاد كامل مدينة تدمر بعد سيطرة الدواعش عليها ومفاخرتهم بها !؟ وهذا سيناريو تمثيلي متفق عليه سيتكرر بمناطق سيطرة داعش ليظهر الأسد بالنهاية بطلاً مغواراً استطاع القضاء على تنظيمٍ أرعب العالم حتى يتم بالنهاية الإذعان بقوته ومنحه شرعيته والتغاضي عن جرائمه ليسجل التاريخ أخبث وأروغ طاغية صنع الإرهاب ببلاده ونشره بأصقاع الدنيا ثم أباده ليصبح (القائد المبهر والأجدر) برئاسة سوريا بمباركة من شرذمة المجتمع الدولي على أشلاء شعبٍ وحطام دولة جنوا عليهم تحت خيار : إما داعشٍ أو بشار !
عمر عبدالوهاب آل عيسى التميمي
*كاتب سعودي مهتم بالشأن المحلي والدولي
Twitter @Umar_AlEssa