عدتنا لتحقيق غايتنا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن والاه واتبع هداه ، وبعد
لقد حدد الإخوان المسلمون غايتهم على طريق الدعوة ، وهي رضا الله والتمكين لدينه ، وقد برز ذلك واضحا جلينا في منهجهم وسلوكهم الى الله ، وقد أعلنها قائدهم البنا حين في أكثر من موقف في حياته ، وأكثر من موضع في كتاباته ، يقول في مقدمة رسالة التعاليم : (بذلك يفهم الأخ المسلم معنى هتافه الدائم : (الله غايتنا) ، وفي ختامها يؤكد أن هذه الدعوة قامت على مبادئ ، فقال : (أيها الأخ الصادق : هذا مجمل لدعوتك ، وبيان موجز لفكرتك ، وتستطيع أن تجمع هذه المبادئ في خمس كلمات : الله غايتنا ، والرسول قدوتنا ، والقرآن شرعتنا ، والجهاد سبيلنا ، والشهادة أمنيتنا) .
ويؤكد على ربانية هذه الدعوة ، ويحدد توجهها الأساسي ومسارها الرئيسي الذى هو أساس النجاح فيما بعده من توجهات ومسارات ، فيقول " أيها الإخوان : آمنوا بالله واعتزوا بمعرفته والاعتماد عليه والاستناد إليه ، فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه. وأدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه" .
ويستمر في بيان غاية الدعوة ، ومبعثها الأساسي الذى يجب أن يتربي عليه ويوقن به كل أتباعها ، ويحققوه في أنفسهم ، ليستطيعوا دعوة غيرهم ، وتحقيق أهداف دعوتهم ، فيقول :
"معرفة الله هي عصا التحويل التي تنقل الفرد والجماعة من حال إلى حال ، وحسن الاعتماد عليه وحده هو أظهر علامات الإيمان الصادق ، فحققوا في أنفسكم وفي أعمالكم هذه الصلة بربكم ، واعتمدوا عليه وحده ولاتخافوا غيره ، ولا ترهبوا سواه" . جريدة الإخوان المسلمون ، 29 صفر 1362 هـ الموافق 6 مارس 1943م.
ويذكر في موضع آخر : "إذا لامست معرفة الله قلب الإنسان تحول من حال إلى حال ، وإذا تحول القلب تحول الفرد ، وإذا تحول الفرد تحولت الأسرة ، وإذا تحولت الأسرة تحول المجتمع ، وما المجتمع إلا مجموعة من الأفراد والأسر" .
عدتنا لتحقيق غايتنا :
وعدتنا لتحقيق غايتنا هي عدة أسلافنا الأكارم وفي مقدمتهم قدوتنا وزعيمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وصحابته الكرام ، وهي العدة التي غزا بها زعيمنا وقدوتنا محمد وصحابته معه العالم ، مع قلة العدد وقلة المورد وعظيم الجهد .
ويؤكد الإمام حسن البنا حول هذا المعني فيقول : عدتنا هي عدة سلفنا من قبل ، والسلاح الذى غزا به زعيمنا وصحابته معه العالم ، هو السلاح الذى سنحمله لنغزوا به العالم من جديد .
أولا : عُدة الإيمان واليقين بالله :
ويستمر الإمام البنا في بيان جوانب العدة التي اعتد بها رسولنا الكريم وصحابته الكرام ومن سار على نهجهم القويم ، وهي عدة الإيمان واليقين بالله تبارك وتعالى ، فيقول :
"لقد آمنوا أعمق الإيمان وأقواه وأقدسه وأخلده :
- بالله ونصره وتأييده : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ) آل عمران 160
- وبالقائد وصدقه وإمامته : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب 21.
- وبالمنهاج ومزيته وصلاحيته : (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) المائدة 15-16
- وبالإخاء وحقوقه وقدسيته : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات 10،
- وبالجزاء وجلاله وعظمته وجزالته : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) التوبة 120
- وبأنفسهم : فهم الجماعة التي وقع عليها اختيار القدر لإنقاذ العالمين ، وكتب لهم الفضل بذلك ، فكانوا خير أمة أخرجت للناس .
لقد سمعوا المنادي ينادي للإيمان فآمنوا ، ونحن نرجو أن يحبب الله إلينا الإيمان ، ويزينه في قلوبنا كما حببه إليهم وزينه من قبل في قلوبهم ، فالإيمان أول عدتنا" . رسالة الإخوان تحت راية القرآن .
ثانيا : عدة التضحية والجهاد
ولابد بعد عدة الإيمان أن يُترجم السالكون طريق الدعوة هذا الإيمان إلى عمل دائب وجهد متواصل في خدمة الدعوة والعمل لها والجهاد من أجل نشرها والتمكين لها ، وبالتالي تأتى عدة التضحية والبذل والجهاد كثمرة لعدة الإيمان ودليل عليه .
وقد برهن الإمام البنا على ذلك مستشهدا ومقتدياً بجهاد رسول الله والذين أمنوا معه ، فقال : "ولقد علموا أصدق العلم وأوثقه أن دعوتهم هذه لا تنتصر إلا بالجهاد والتضحية والبذل وتقديم النفس والمال ، فقدموا النفوس وبذلوا الأرواح ، وجاهدوا في الله حق جهاده ، وسمعوا هاتف الرحمن يهتف بهم : (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) التوبة 24
فأصاخوا للنذير ، وخرجوا من كل شئ طيبة نفوسهم ، راضية قلوبهم ، مستبشرين ببيعهم الذى بايعوا الله به " .
وقد حدد الإمام متطلبات الجهاد وسمات المجاهد الذى أعد العدة لنصرة دينه ودعوته ، فقال تحت عنوان (أمة في ميدان الجهاد) :
"أستطيع أن أتصور المجاهد شخصا قد أعد عدته ، وأخذ أهبته ، وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحى نفسه وجوانب قلبه ، فهو دائم التفكير ، عظيم الإهتمام ، على قدم الاستعداد أبدا ، إن دعي أجاب وإن نودي لبى ، غدوه ورواحه ، وحديثه وكلامه ، وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذى أعد نفسه له ، ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته ، يجاهد في سبيلها ، تقرأ في قسمات وجهه ، وترى في بريق عينيه ، وتسمع من فلتات لسانه ما يدلك على ما يضطرم في قلبه من جوى لاصق وألم دفين ، وما تفيض به نفسه من عزمة صادقة وهمة عالية وغاية بعيدة" .
وبنفس الصفات والمقاييس والسمات كان سلفنا الأكارم مؤمنون مجاهدون ، فقد تحلوا كما وصفهم الأمام حسن البنا بـ (صدق جهاد ، وعظيم تضحية ، وكبير بذل ) ، وكذلك نحاول أن نكون . فالجهاد من عدتنا كذلك .
مؤمنون مجاهدون وكفي :
نعم بالإيمان والجهاد تتحقق مقومات النصر والتمكين ، فما على الفئة المؤمنة بعد استكمال عدتي الإيمان والجهاد إلا أن تكون كلها ثقة ويقين في نصر الله ، وكلها يقين واطمئننان في نصره وتأييده .
وقد يظن البعض أن هذا ضرب من الخيال ، أو لون من الوهم ، أو حالة من الغرور . ولكن الإمام البنا يؤكد على أنه بعد استكمال جوانب العدة وهما (الإيمان - الجهاد) ، لابد أن نكون واثقون بنصر الله ، ومطمئنون إلى تأييده ، فيقول :
"إن الذين فتحوا أقطار الدنيا ، ومكن الله لهم في الأرض من أسلافنا لم يكونوا أكثر عدداً ، ولا أعظم عُدة ، ولكنهم مؤمنون مجاهدون وكفي ، سنعتد اليوم بما اعتد به رسول الله يوم قال يُبشر خباباً بظهور هذا الأمر : (حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه) ، وكانوا إذ ذاك يستترون .
ويوم وعد سراقة بن مالك سواري كسرى ، وكان مهاجراً بدينه ليس معه إلا ربه وصاحبه .
ويوم هتف مطلعاً على قصور الروم البيضاء ، وقد حاصره المشركون في مدينته بجنود من فوقهم ومن أسفل منهم : (وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا). سورة الأحزاب ، آية 10 " .
وختاماً :
وفي الختام نؤكد على أن ، الإيمان بالله واليقين بقدرته وعظمته ومشيئته ، ثم التضحية والبذل والعطاء هما دعائم القوة ، وأسس بناء جيل النصر المنشود ، وأن الأمة حين أهملت مصادر القوة ومبادئ العُدة ، ضعفت وانهارت أمام خصومها وأعدائها ، ولا سبيل لعودة الأمة لمكانتها كما كانت في عهد أسلافها المؤمنون المجاهدون . وصدق من قال : " لن يصلح أمر هده الأمه إلا بما صلح به أمر أسلافها" .
وهذا ما أكد وبشر به الإمام البنا فقال : " سنعتد - أيها الناس - اليوم بهذه العدة ، وسننتصر كما انتصر أسلافنا بالأمس القريب،وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ، وسيتحقق لنا وعد الله تبارك وتعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) القصص 5-6 ،(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) الروم 60 "
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن والاه واتبع هداه ، وبعد
لقد حدد الإخوان المسلمون غايتهم على طريق الدعوة ، وهي رضا الله والتمكين لدينه ، وقد برز ذلك واضحا جلينا في منهجهم وسلوكهم الى الله ، وقد أعلنها قائدهم البنا حين في أكثر من موقف في حياته ، وأكثر من موضع في كتاباته ، يقول في مقدمة رسالة التعاليم : (بذلك يفهم الأخ المسلم معنى هتافه الدائم : (الله غايتنا) ، وفي ختامها يؤكد أن هذه الدعوة قامت على مبادئ ، فقال : (أيها الأخ الصادق : هذا مجمل لدعوتك ، وبيان موجز لفكرتك ، وتستطيع أن تجمع هذه المبادئ في خمس كلمات : الله غايتنا ، والرسول قدوتنا ، والقرآن شرعتنا ، والجهاد سبيلنا ، والشهادة أمنيتنا) .
ويؤكد على ربانية هذه الدعوة ، ويحدد توجهها الأساسي ومسارها الرئيسي الذى هو أساس النجاح فيما بعده من توجهات ومسارات ، فيقول " أيها الإخوان : آمنوا بالله واعتزوا بمعرفته والاعتماد عليه والاستناد إليه ، فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه. وأدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه" .
ويستمر في بيان غاية الدعوة ، ومبعثها الأساسي الذى يجب أن يتربي عليه ويوقن به كل أتباعها ، ويحققوه في أنفسهم ، ليستطيعوا دعوة غيرهم ، وتحقيق أهداف دعوتهم ، فيقول :
"معرفة الله هي عصا التحويل التي تنقل الفرد والجماعة من حال إلى حال ، وحسن الاعتماد عليه وحده هو أظهر علامات الإيمان الصادق ، فحققوا في أنفسكم وفي أعمالكم هذه الصلة بربكم ، واعتمدوا عليه وحده ولاتخافوا غيره ، ولا ترهبوا سواه" . جريدة الإخوان المسلمون ، 29 صفر 1362 هـ الموافق 6 مارس 1943م.
ويذكر في موضع آخر : "إذا لامست معرفة الله قلب الإنسان تحول من حال إلى حال ، وإذا تحول القلب تحول الفرد ، وإذا تحول الفرد تحولت الأسرة ، وإذا تحولت الأسرة تحول المجتمع ، وما المجتمع إلا مجموعة من الأفراد والأسر" .
عدتنا لتحقيق غايتنا :
وعدتنا لتحقيق غايتنا هي عدة أسلافنا الأكارم وفي مقدمتهم قدوتنا وزعيمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وصحابته الكرام ، وهي العدة التي غزا بها زعيمنا وقدوتنا محمد وصحابته معه العالم ، مع قلة العدد وقلة المورد وعظيم الجهد .
ويؤكد الإمام حسن البنا حول هذا المعني فيقول : عدتنا هي عدة سلفنا من قبل ، والسلاح الذى غزا به زعيمنا وصحابته معه العالم ، هو السلاح الذى سنحمله لنغزوا به العالم من جديد .
أولا : عُدة الإيمان واليقين بالله :
ويستمر الإمام البنا في بيان جوانب العدة التي اعتد بها رسولنا الكريم وصحابته الكرام ومن سار على نهجهم القويم ، وهي عدة الإيمان واليقين بالله تبارك وتعالى ، فيقول :
"لقد آمنوا أعمق الإيمان وأقواه وأقدسه وأخلده :
- بالله ونصره وتأييده : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ) آل عمران 160
- وبالقائد وصدقه وإمامته : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب 21.
- وبالمنهاج ومزيته وصلاحيته : (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) المائدة 15-16
- وبالإخاء وحقوقه وقدسيته : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات 10،
- وبالجزاء وجلاله وعظمته وجزالته : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) التوبة 120
- وبأنفسهم : فهم الجماعة التي وقع عليها اختيار القدر لإنقاذ العالمين ، وكتب لهم الفضل بذلك ، فكانوا خير أمة أخرجت للناس .
لقد سمعوا المنادي ينادي للإيمان فآمنوا ، ونحن نرجو أن يحبب الله إلينا الإيمان ، ويزينه في قلوبنا كما حببه إليهم وزينه من قبل في قلوبهم ، فالإيمان أول عدتنا" . رسالة الإخوان تحت راية القرآن .
ثانيا : عدة التضحية والجهاد
ولابد بعد عدة الإيمان أن يُترجم السالكون طريق الدعوة هذا الإيمان إلى عمل دائب وجهد متواصل في خدمة الدعوة والعمل لها والجهاد من أجل نشرها والتمكين لها ، وبالتالي تأتى عدة التضحية والبذل والجهاد كثمرة لعدة الإيمان ودليل عليه .
وقد برهن الإمام البنا على ذلك مستشهدا ومقتدياً بجهاد رسول الله والذين أمنوا معه ، فقال : "ولقد علموا أصدق العلم وأوثقه أن دعوتهم هذه لا تنتصر إلا بالجهاد والتضحية والبذل وتقديم النفس والمال ، فقدموا النفوس وبذلوا الأرواح ، وجاهدوا في الله حق جهاده ، وسمعوا هاتف الرحمن يهتف بهم : (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) التوبة 24
فأصاخوا للنذير ، وخرجوا من كل شئ طيبة نفوسهم ، راضية قلوبهم ، مستبشرين ببيعهم الذى بايعوا الله به " .
وقد حدد الإمام متطلبات الجهاد وسمات المجاهد الذى أعد العدة لنصرة دينه ودعوته ، فقال تحت عنوان (أمة في ميدان الجهاد) :
"أستطيع أن أتصور المجاهد شخصا قد أعد عدته ، وأخذ أهبته ، وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحى نفسه وجوانب قلبه ، فهو دائم التفكير ، عظيم الإهتمام ، على قدم الاستعداد أبدا ، إن دعي أجاب وإن نودي لبى ، غدوه ورواحه ، وحديثه وكلامه ، وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذى أعد نفسه له ، ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته ، يجاهد في سبيلها ، تقرأ في قسمات وجهه ، وترى في بريق عينيه ، وتسمع من فلتات لسانه ما يدلك على ما يضطرم في قلبه من جوى لاصق وألم دفين ، وما تفيض به نفسه من عزمة صادقة وهمة عالية وغاية بعيدة" .
وبنفس الصفات والمقاييس والسمات كان سلفنا الأكارم مؤمنون مجاهدون ، فقد تحلوا كما وصفهم الأمام حسن البنا بـ (صدق جهاد ، وعظيم تضحية ، وكبير بذل ) ، وكذلك نحاول أن نكون . فالجهاد من عدتنا كذلك .
مؤمنون مجاهدون وكفي :
نعم بالإيمان والجهاد تتحقق مقومات النصر والتمكين ، فما على الفئة المؤمنة بعد استكمال عدتي الإيمان والجهاد إلا أن تكون كلها ثقة ويقين في نصر الله ، وكلها يقين واطمئننان في نصره وتأييده .
وقد يظن البعض أن هذا ضرب من الخيال ، أو لون من الوهم ، أو حالة من الغرور . ولكن الإمام البنا يؤكد على أنه بعد استكمال جوانب العدة وهما (الإيمان - الجهاد) ، لابد أن نكون واثقون بنصر الله ، ومطمئنون إلى تأييده ، فيقول :
"إن الذين فتحوا أقطار الدنيا ، ومكن الله لهم في الأرض من أسلافنا لم يكونوا أكثر عدداً ، ولا أعظم عُدة ، ولكنهم مؤمنون مجاهدون وكفي ، سنعتد اليوم بما اعتد به رسول الله يوم قال يُبشر خباباً بظهور هذا الأمر : (حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه) ، وكانوا إذ ذاك يستترون .
ويوم وعد سراقة بن مالك سواري كسرى ، وكان مهاجراً بدينه ليس معه إلا ربه وصاحبه .
ويوم هتف مطلعاً على قصور الروم البيضاء ، وقد حاصره المشركون في مدينته بجنود من فوقهم ومن أسفل منهم : (وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا). سورة الأحزاب ، آية 10 " .
وختاماً :
وفي الختام نؤكد على أن ، الإيمان بالله واليقين بقدرته وعظمته ومشيئته ، ثم التضحية والبذل والعطاء هما دعائم القوة ، وأسس بناء جيل النصر المنشود ، وأن الأمة حين أهملت مصادر القوة ومبادئ العُدة ، ضعفت وانهارت أمام خصومها وأعدائها ، ولا سبيل لعودة الأمة لمكانتها كما كانت في عهد أسلافها المؤمنون المجاهدون . وصدق من قال : " لن يصلح أمر هده الأمه إلا بما صلح به أمر أسلافها" .
وهذا ما أكد وبشر به الإمام البنا فقال : " سنعتد - أيها الناس - اليوم بهذه العدة ، وسننتصر كما انتصر أسلافنا بالأمس القريب،وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ، وسيتحقق لنا وعد الله تبارك وتعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) القصص 5-6 ،(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) الروم 60 "
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين