غيِّر وَاجْعَلْ حَيَاتَكَ تُسَاوِي إِنْقَاذهَا
كان الغلام في قمة السعادة حينما أيقظته والدته لكي يستعد للسفر لأداء العمرة. وكان هذا الغلام الذي يعيش في جمهورية مصر العربية والذي قد بلغ من العمر أربعة عشر عامًا سيركب الباخرة مع أهله للنزول في ميناء جدة. مضى الوقت سريعًا وبدأت السفينة في الإبحار، وفي ذلك الوقت كانت العائلة في المطعم تتناول الغذاء، واستغل الغلام انشغال الجميع وذهب إلى سطح السفينة ليشاهد ويتمتع بمنظر البحر.
وذهب الغلام إلى نهاية السفينة وبدأ ينظر إلى أسفل، وانحنى أكثر من اللازم وكانت المفاجأة وقع الغلام في البحر، وأخذ يصرخ ويطلب النجدة ولكن بدون جدوى، وأخيرًا كان هناك أحد المسافرين وهو رجل في الخمسينات من عمره فسمع صراخ الغلام، وبسرعة ضرب جهاز الإنذار ورمى نفسه في المياه لإنقاذ الغلام. تجمع المسافرون وهرول المتخصصون وبسرعة ساعدوا الرجل والغلام وتمت عملية الإنقاذ، ونجا الغلام من موت محقق.
وعندما خرج من المياه ذهب الغلام إلى والديه واعتذر عما صدر منه، وأخذ يبحث عن الرجل الذي أنقذه حتى وجده واقفًا في ركن من الأركان، وكان ما زال مبللاً بالمياه جرى إليه وحضنه وقال:
لا أعرف كيف أشكرك لقد أنقذت حياتي من الغرق.
فرد الرجل عليه قائلاً: يا بني أتمنى أن حياتك تساوي إنقاذها.
هل فهمت هذا المثل جيدًا؟
والآن دعني أسألك:
هل حياتك تساوي إنقاذها؟
هل تريد أن تترك بصمات نجاحك في الدنيا؟
هل قررت أن تتغير للأفضل وأن ترتقي في حياتك؟
هل نويت أن تتقرب إلى الله وتحرص على محبته ورضاه؟
هل اشتريت الجنة التي خلقت لتسكن فيها؟
ابدأ من اليوم في تغيير نفسك وتذكر قول الشاعر:
ما الحياة إلا أمل يصاحبها ألم ويفاجئها أجل.
ونعلم أنك قد تفكر في ميلك إلى إجراء العديد من التغييرات لكنك لا تعرف من أين تبدأ؟ لا تحاول أن تجرب عمل الكثير مرة واحدة.
حدد أي التغييرات التي عليك القيام بها أولاً ؟ فلأن تضيء شمعة واحدة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة.
ونقول: إذا أردت أن تغير فلابد أن تعلم أن للتغيير ثمن:
يستسلم الكثيرين للسلبيات المتأصلة في شخصياتهم ظانِّين أنهم عاجزون عن التغلب عليها، ويصبحوا مَكْتوفي الأيدي حيالها، والأخطر فهو أن يعتقد المرء أن هذا الاستسلام يعني تسليمه لقضاء الله وقدره، مع أن بين الأمرين هوة في الاختلاف، فالاستسلام هو التوقف عن العمل وترك الأخذ بالأسباب الكونية والشرعية لمواجهة مثل هذه السلبيات السلوكية، أمّا التسليم فهو الرضا بما كتبه الله تعالى بعد استنفاد الوسع وبذل الجهد في البحث عن أسباب المشكلة وطرق علاجها، ومن ثم العمل بها على الوجه الصحيح، قال تعالى: “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ” سورة التغابن 16 أي بأقصى ما في وسعك.
لكن أي تغيير يقاوم دائمًا من غير مؤيديه وخصومه وأعدائه.
مفهوم مقاومة التغيير:
محاولة عدد من الأفراد المتأثرين من عملية التغيير وغير المؤيدين له وعدم الخضوع للتغيير.
المتطلبات الضرورية لإحداث التغيير:
1- الرغبة الحقيقية في التغيير.
2- أن يكون التغيير نابعًا من الداخل.
3- توافر المعلومات.
4- القرار.
5- التطبيق.
6- التقييم.
طريق التغيير:
• الاستعانة بالله.
• لكل تغيير مقاومة جلية وأخرى خفية.
• التغيير مشروط بقناعتك بأنه ممكن.
• الجدية في طلب تغيير طباعك وعاداتك.
• هناك نقطة جوهرية في إحداث التغيير أو التبديل أو التعديل في الطباع، فطبيعة كل إنسان غنية بالإمكانات والمواهب والقدرات التي عليه أن يكتشفها.
• إذا جرّبت أن تغيّر سلوكًا أو طبعًا معينًاأو كسرت عادة مألوفة فلم تعد أسرها ولم تعد تستعبدك.
• هناك نفر قليل من الناس لو تغير حمار ابن الخطاب ما تغيروا، فلا نلتفت إليهم.
• نتائج التغيير لا تأتي سريعة.
أسباب مقاومة التغيير:
• أسباب مالية: ويقابل بمقاومة عنيفة.
* فقدان الإحساس بالمشاركة.
• الخوف من المجهول: فالنتائج غير واضحة أو مؤكدة.
* عدم توفر الموارد المناسبة للتغيير.
• الخوف من فقدان بعض المميزات: مثل القوة في المكان.
* الخوف من فقدان النفوذ أو المركز أو الوظيفة.
• التغيير في العلاقات والارتباطات الشخصية: خصوصًا فنيًا.
* تمسك الأفراد والجماعات بما هو موجود.
• محاولة تجنب المخاطرة.
* ضعف الثقة بين من يريد التغيير وغيرهم.
• عدم فهم أهداف التغيير ومبرراته إضافة إلى عدم رؤية المميزات. * ثقافة عدم قبول أي خطأ.
• التجربة السابقة في التغيير وأثرها على قبول التغيير.
قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: (مستحيل أن يجتمع أمران: حب الراحة وحب المجد، وطاعة النفس وطاعة الله).
إنَّ من يقاوم أو يرفض التغيير في حياته يعيش على هامش الحياة، لا طموح أو هدف أو أمنية لديه. فالتغيير يبعد عنك الروتين والملل ويطوّرك ويجنبك السأم والكسل والخمول والشيخوخة المبكرة فعليك أن تجدد حياتك وتتغير للأفضل وتذكّر:
إن لم تتغير ممكن أن تَفْنَى، وإن لم تزد شيئًا على الدنيا فأنت زائدًا عليها.
م/ إبراهيم أبو السعود – خبير التنمية البشرية والإدارية
*منارات