مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/10/09 20:13
نحن واليمن الجديد..بصراحة!

رافع علي الشهري 
يرتبط اليمن السعيد قديماً والجديد حديثاً بالمملكة العربية السعودية إرتباطا وثيقاً,فالسعودية شقيقته الكبرى التي لم تنفك عنه أبداً,حتى إبان ثورة عبدالله السلال الناصرية على الحكم الملكي المتوكلي في الستينات الميلادية والتي كانت تتربص بالسعودية شرا, وحتى إبان الاستعمار الإنجليزي لجنوب اليمن ,وحتى إبان أزمة الخليج في التسعينات الميلادية,لمّا اتحد اليمن سريعاً ليكون في صف المحتلين للكويت ضد السعودية والخليج.

لقد كانت السعودية ولازالت هي الدولة الآكثر عطفا وعطائا لليمن الشقيق,فقد كان الشعب اليمني وإلى مطلع التسعينات يعيش في السعودية كأبناء الشعب السعودي فاليمني يغدو ويروح بلا كفيل وبلا تأشيرة دخول,وكان يتملَّك مايشاء من عقار ومتاجر ونحو ذلك حتى بدأت أزمة الخليج فخرجتْ جموع الشعب اليمني في شوارع اليمن تردد(حررحرر ياصدام حفر الباطن والدمام) بمباركة الحكومة اليمنية,وأخذَ التعاطف والتناغم مع هذه المظاهرات يسري بين الكثيرمن أبناء اليمن حتى الذين يعيشون في السعودية ويمتلكون دورا ومتاجرا.

لقد أعطتْ السعودية لليمن مالم تُعطه دول الشرق والغرب مجتمعة لإسرائيل المزروعة في الوطن العربي,لقد بنتْ المستشفيات والمدارس والدوائر الحكومية ومهدت الطرق وأنارتها وشقت الآنفاق,وأهدت الطائرات والدبابات والآسلحة ,وفتحت أبواب الجامعات والكليات والمعاهد العسكرية لآبناء اليمن وأعطتهم كرواتب السعوديين سواء بسواء, وبنت لمتضرري زلزال ذمار مساكن فارهة,حين رفض على صالح أن تُسلَّم مفاتيح تلك الدور لآصحابها حتى تزال كل المعالم التي تدل على أن السعودية قد بنتها وتبرعتْ بها هدية لليمن وحين سُئل عن ذلك قال (كل هذا من ثمرات الثورة اليمنية وليس لآحدٍ شكر).
لقد عاد الشعب اليمني من السعودية أفواجاً إلى اليمن إبان حرب الخليج الآولى, ونحن حينها لانُفرق بين زيدي جارودي أو زيدي معتدل أو شافعي,كلهم سواء,وكان المواطنون المتعاطفون يقولون لبعض أصدقائهم العائدين لليمن ابقوا ونحن نكفلكم,فيردون عليهم قائلين نحن أحرار  ولن يكفلنا أحد..وقال بعضهم سنعود لإسترداد مابعناه عليكم فإنها لنا...!!

كانوا يقولون ذلك لآنها ثقافةٌ قدغُرست في أذهانهم وليس جديدا مانسمعه من الحوثيين أن حدودهم من الطائف والآفلاج إلى اليمن.

واليوم يرزح اليمن الجديد تحت حكم الحوثييين الموالين للفرس الصفويين,لقد انصاع لهم شيوخ القبائل بكل هدؤ, وهم الذين كان أكثرهم ذا صلة حميمة مع السعودية ,وأظهر الرئيس هادي ممانعته لكنه اعتذر بأنه مناور سياسي وأنه مشارك لفئة كبيرة من الشعب في الحكم, لقد استسلم الجميع في اليمن للحوثيين,حتى أهل السنة هناك طأطأوا الرؤوس,وحزب الإصلاح انصاع لهم رهبة..وربما مُزجتْ برغبة,وأهل دماج هُجِّروا من ديارهم قسراً ولم يقف معهم أحدٌ من أهل السنة في اليمن,وكأنهم يقولون لن يحررنا من الفقر والفساد السياسي إلا الحوثيين فقط.
لقد وصل التواطؤ مع الحوثيين أن يُسلِّم الجيشُ أسلحتَه وأن يعلن وزير الداخلية بعدم إعتراضهم البتة..والآشنع والمخزي أن يقوم الحوثيون بتفتيش العسكريين عند نقاط التفتيش والحوثي بثوبه الممزق وحذائه (الزنوبة) والعسكري ببدلته ومدجج بالسلاح قبل التفتيش!!

لاأظن أن هذا الإستسلام إستسلاما عادياً أُجبرتْ عليه الحكومة اليمنية,بل أظنه قد ُبيّتَ بليالٍ وليس بليل,بيَّته أهل الآحلام الوردية والطموحات السياسية مع إيران الفارسية الصفوية ...ظناً منهم أن السعودية لقمةٌ سائغة يتنافس عليها أقزام فارس ورعاع اليمن.

لقد خَسر اليمنيون فُرصاً لاتُعد ولاتُحصى,كانت السعودية هي المبادِرة الآولى لتهيئة هذه الفرص لهم...لكنهم رفسوها بأرجلهم وسيأتي يومٌ عليهم يتمنون أنهم قد أطاعوها...لقد حذّرتهم من الشيوعية في اليمن الجنوبي وقدمتْ لهم النصح الصادق فأبوا نُصحَها حتى أخرجتهم الشيوعية الإشتراكية عند إفلاسها فقراء معدمين,
لقد حذّرتهم السعوديةُ من الناصرية والقومية والبعثية فأبوا النصح وانساقوا لها حتى أفلستْ تلك الشعارات الزائفة,فضلوا الطريق الصحيح,فما بقي لهم مستمسك قومي بعثي اشتراكي يتمسكون به مع تشبعهم بتلك الهتافات المنتنة,حتى غدوا غير مؤهلين للعضوية في مجلس التعاون الخليجي الذي من الممكن أن يأخذ بأيديهم إلى بر الآمان السياسي الاقتصادي والاستراتيجي.

لقد خَسر اليمنيون حين قيل للعاملين منهم في السعودية أثناء أزمة الخليج, ابقوا تحت الكفالة السعودية فاستنكَفوا وأبو ذلك..ثم عادوا بعد ذلك يتمنون الكفالة وعاد بعضهم متسللا مجهولا... لايضمن له أي حق مشروع حتى يكون مكفولا.

وسيخسر اليمنيون وللآسف الشديد كثيرا..نتيجة الإنبطاح أمام الحوثيين من رأس الهرم حتى أصغر مواطن..فلو أنهم عرفوا مايحيط بهم من شر ومايينتظرهم من فقر وعوز مااستسلموا أبدا
لو أنهم عرفوا أن الحوثيين الذين يعولون عليهم,هم أداة فارسية تُمهد للفرس المجوس دخول اليمن بسلام,لتحويلها إلى صفوية بغيضة تَنتهك من خلالها الآعراض وتَنهب الآموال وتَسلبْ الكرامات...بحجة الموت لإمريكا وإسرائيل..وليس الموت في حقيقته إلا لمن يُقيمُ صلاة الجمعة ويصلي التراويح ولجامعة الإيمان السنية,والجمعيات الخيرية لحلقات القرأن الكريم.

لو أنهم عرفوا كل ذلك مااستسلموا,ولَرَموا بأحلامِهم المُسيّسةِ الآرض..لكن كلاً منهم يغني على ليلاه,فالحوثيون يخططون للمشروع الفارسي المستهدف لبلد التوحيد السعودية الكريمة والقوميون وأتباعهم يحلمون بالتوسع الجغرافي,والاصلاحيون يفضلون الحوثيين على غيرهم كيدا للحكومة السعودية حتى وإن سامهم الحوثيون سوء العذاب ,ومشايخُ القبائل وأتباعهم يفغرون أفواههم للدولارات التي تَصُبّها إيران لهم عن طريق الحوثية,وما علموا أن هذه الدولارات ستنقطع حال تمكن الحوثيين من الإمساك باليمن تماماً,لآن إيران لاتقدر على إعطاء شعبها الايراني مايكفيه فأكثرهم تحت خط الفقر,فكيف لها أن تعطي شعباً أخر.

إن هذا الاستسلام سيجرُ على اليمن الويلات,مالم تُنظم له من داخل اليمن تنظيمات شعبية بمساعدة الحكومة اليمنية,توقفه عند حدِّه فالقاعدة ستكون على الخط وسيشكل غياب الحكومة متنفسا لها فتعبث في الجنوب كيف تشاء,وقد تتمدد إلى الشمال وسيكون بينها وبين الحوثيين صراع على النفوذ وعلى المعتقدات يدفع الشعب اليمني ثمنها غالياً.

لاريب أن السعودية هي المجاورة الكبرى لليمن وهي المستهدفة من إيران بالحوثيين,وهي الشقيقة الكبرى لدول مجلس التعاون الخليجي,ولن تقف السعودية مكتوفة الآيدي..ولست أظن أن أحداً حاول المساس بها ووفِق إلى ذلك فالتوفيق حليفها بإذن الله لقوة المعتقد ولعِظَم الدستور وللحمة الشعب مع القيادة,وهذا فضل الله.
وحين تُسخِّر السعودية كل طاقاتها السياسية وثقلها الدولي وعلاقاتها المتينة لدحر الحوثيين فستنجح بإذن الله تعالى,وحين

 تُوقف مساعداتها هي ودول المجلس الخليجي عن اليمن الحوثي (الإيراني سياسيا وعقائديا)ستنجح في إرغام المخلصين اليمنيين إلى معرفة الصديق من العدو,وستنجح في استقطاب شيوخ القبائل والقيادات السنية من شمال اليمن إلى جنوبه علماً أن إيران ذات اللُعب الشطرنجية السياسية لن تغفل عن هذه المسألة,فستبقي في السلطة اليمنية من يحمل مظلةً سياسية تمثل الحكومة اليمنية الشرعية,وإن كانت صورية ولكن لجلب المساعدات الخارجية من دول الخليج وغيرها..وهذا سيكون مؤقتا لبضع سنين..لتحالف من يحالفها في العراق وسوريا اليوم..ولا أظنها تنطلي على السعودية.

ولاجدل أن الحكومة اليمنية والشعب اليمني الشقيق لم ولن يجدوا أصدق وأوفى وأخلص وأنفع لهم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا من حكومة وشعب المملكة العربية السعودية,فعليهم تقدير ذلك قبل أن يقال لليمن (يداك أوكتا وفوك نفخ)!

*لجينيات

أضافة تعليق