رافع علي الشهري
فَرح المسلمون المؤمنون في كل أنحاء العالم بفوز الدكتور محمد مرسي رئيس مصر الجديد،لا لآنه من الاخوان المسلمين الذين يتباين الناس بين مؤيد لهم ومعارض،ولكن لآنه أتى مغيرا لآزمنة الدكتاتورية الممتزجة بالعلمانية واللبرالية والقومية النتنة الكاذبة التي انبطحت لإسرائيل ومؤيديها إنبطاح الذلة والمسكنة!
فرح به الذين ظُلموا وقُمعوا وأُذلوا واعتُقلوا من قبل،لانهم كانوا يريدون تطبيق الشريعة الاسلامية، ويريدون الاصلاح في مصر..فتأبى السلطة والنظام إلا الفساد في الارض وأكل أموال الدولة وأموال الناس بالباطل!
فرح الذين كانوا يُعتقلون في الشوارع والمطارات والاماكن العامة لإعفائهم لحاهم،واللاتي كن يمنعن من لبس الحجاب في الجامعات والدوائر الحكومية والقنوات الفضائية،والعسكريون الذين كانت تُحرم عليهم تربية اللحى، لقد فرح المؤمنون الذين ماسمعوا رئيسا مصريا بدأ ببسم الله أو قرأ أية من كتاب الله أو صلى بالناس في مكتب الرئيس، حتى رأو الرئيس مرسي وسمعوه!!
إن المتحاملين كثيرا على الاخوان المسلمين، فينعتونهم بالكذب والخيانة والرفض،يعممون أخطاء الافراد المنتمين للاخوان على الاخوان جميعا،مثلما يعمم الجائرون الاخطاء الفردية الصادرة عن بعض من يُحسبون على السلفية، والسلفية منه براء، فلو أقدم خارجي متطرف على عمل إرهابي، لقالوا هكذا هي السلفية الجهادية (الوهابية)، حين لايكون هناك أية علاقة للخارجي بالسلفية في المعتقد، فهو قد خرج عنها.. وعليها!!
وليس الاخوان المسلمون على شاكلة واحدة،فهم خليط من سلفيين ومتصوفة وأشاعرة،أسسها الشيخ حسن البنا عام 1928م ووصفها بأنها حركة اسلامية اصلاحية شاملة،ذات مشروع سياسي اجتماعي اقتصادي،من منظور اسلامي شامل معتدل!
وتقول جماعة الآخوان المسلمين أنها تسعى في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للاسلام عن طريق منظورهم. وشعار الجماعة ’’الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا’’.
وقد كان العالم العربي وإلى وقت قريب،عالة على الاخوان المسلمين في التعليم العام والتعليم الاكاديمي والعالي،ولازالت جامعاته مدينة لهم بالفضل،وجامعات السعودية وطلائع خريجيها يشهدون بهذا،وكذلك منابرنا الدعوية والوعظية وإذاعاتنا ورفوف مكتباتنا العامة والخاصة تشهد بهذا ايضا!
من الذي علَّم أشهر دعاتنا وأبرزهم وخرّجهم للدعوة والتأليف غير المعلمين الاوائل المحسوبين على الاخوان المسلمين العرب،هل نسينا عِلْم وفضل محمد أديب الصالح؟ أم نسينا أو تناسينا الشيخ محمد الصواف الذي كان مندوب الملك فيصل رحمه الله لآنحاء العالم في الدعوة الى الله؟ ألايذكر المجتمع السعودي بأسره كم للشيخ علي الطنطاوي من محبة وقدر في قلوبنا جميعا؟ لقد كان المعلم والمربي والداعية والاديب من خلال برامجه اليومية والاسبوعية عبر الاذاعة والتلفزيون؟ ألايذكر خريجو جامعة أم القرى الشيخ محمد ابراهيم قطب أستاذ العقيدة بالجامعة؟ألآيذكر محمد الغزالي الذي نقرأ كتبه ومؤلفاته..وإن اختلفنا معه في القليل منها.. فإنا نوافقه في الكثير؟!..مالكم كيف تحكمون؟!
لقد ظهر في الساحة ومنذ عشرين عاما تقريبا،جماعة لاتنفك عن الثلاث والسبعين فرقة المذكورة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم،تكفر الآخوان المسلمين جملة وتفصيلا،سواءا كانوا منتمين للحزب فكريا أوسياسيا،أوحتى من تعلم ودرس على أحد اتباعها وتطعنُ حتى في من يمتلك في مكتبته الخاصة،كتاب في ظلال القرأن لسيد قطب،ويصل الآمر ببعضهم إلى عدم الدخول لمنزل من يمتلكها حتى يحرقها أو يخرجها من الدار،وكتاب (أضواء على فكر سيد قطب) يبين مدى غلو هذه الجماعة، فقد ألّفه أحد أبرز رموزها،ولم يقتصر الكتاب على فكر سيد قطب فحسب،بل طعن في الكثير من أبرز علماء هذ البلد طعنا مشينا، وهم الذين خدموا الاسلام حقاَ أكثر مما خدمه هذا المؤلِف، ولازالت منابرهم ومحاضراتهم ومؤلفاتهم تترى بكل خير وشرف وفضيلة!
غير أن هذه الجماعة تتقاطع مع اللبراليين في مواطن عدة وتثني عليهم ثنائا عطرا،والكثير منهم يُستكتبون لديهم في الصحف التي يمتلكونها،ويدعون أنهم حماة السلفية ولاسلفية الا سلفيتهم،والعجيب أن هذه الجماعة لاتفتأ تناصر كل ظالم فاجر جائر وتدعو له وتدعو لطاعته،كما فعلت مع الهالك القذافي حين أرسلت دعاتها يحثّون الشعب الليبي من على منابر وقنوات ليبيا الحرة،على طاعة القذافي، وهاهم يفعلون هذا اليوم لمناصرة بشار الاسد!!!!
لاريب أن جماعة الاخوان المسلمين تضم بين صفوفها الكثير من الاطياف،حتى أن هناك من المسيحيين ممن ينضوي تحت مظلة هذا الحزب ويعمل لها سياسيا وليس عقديا ،وكم من القساوسة والمسيحيين المؤيدون للرئيس مرسي والمطالبين بتطبيق الشريعة الاسلامية التي يرون انها هي التي ستحميهم ليعيشوا بسلام!
وقد نجد بين رموز هذه الجماعة الكثير من المفارقات،وعدم التوافق،فكل يمثل نفسه وفكره ومعتقده،فراشد الغنوشي يرى أن فكر الخميني هو الفكر الرائد الذي يصلح أن يكون مرجعا لكل مسلم،وهذا كلام مردود عليه،وحسن الترابي رجل تائه ذو فكر شاذ وفتاوى مثيرة للجدل،وهو الختمي الاتحادي المناصر للتوجه العلماني،وأما أردوغان فهو الذي استطاع التدرج بتركيا الموغلة في العلمانية إلى رقي الدرجات الآول للتوجه الاسلامي المنشود!
وأما صاحب أرفع منصب في العالم من هذه الجماعة،فهو الرئيس محمد مرسي،الذي أُتهم بالارتماء في أحضان الصفوية الايرانية، وهو الوحيد الذي ترضى على صحابة رسول الله وأمهات المومنين بين ملالي ايران وأياتهم العظمى،وفي عقر دارهم،وهو الذي فتح المعابر بينه وبين غزة، رغما عن أنف اسرائيل وأنصارها!
غير أن العلمانية واللبرالية والصفوية والتغريب ودول الاستعمار، وأهل الايديولوجيات المتطرفة والدخيلة على أهل السنة والجماعة لن يقفوا مكتوفي الايدي،ولا خرس الالسن،بل سيمكرون ضد هذا الرئيس الذي هو بشر وغير معصوم، والذي يخطيء ويصيب والذي هو منحة ونعمة لشعب مصر العربي المسلم العظيم..ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين!!
رافع علي الشهري
[email protected]
*لجينيات
فَرح المسلمون المؤمنون في كل أنحاء العالم بفوز الدكتور محمد مرسي رئيس مصر الجديد،لا لآنه من الاخوان المسلمين الذين يتباين الناس بين مؤيد لهم ومعارض،ولكن لآنه أتى مغيرا لآزمنة الدكتاتورية الممتزجة بالعلمانية واللبرالية والقومية النتنة الكاذبة التي انبطحت لإسرائيل ومؤيديها إنبطاح الذلة والمسكنة!
فرح به الذين ظُلموا وقُمعوا وأُذلوا واعتُقلوا من قبل،لانهم كانوا يريدون تطبيق الشريعة الاسلامية، ويريدون الاصلاح في مصر..فتأبى السلطة والنظام إلا الفساد في الارض وأكل أموال الدولة وأموال الناس بالباطل!
فرح الذين كانوا يُعتقلون في الشوارع والمطارات والاماكن العامة لإعفائهم لحاهم،واللاتي كن يمنعن من لبس الحجاب في الجامعات والدوائر الحكومية والقنوات الفضائية،والعسكريون الذين كانت تُحرم عليهم تربية اللحى، لقد فرح المؤمنون الذين ماسمعوا رئيسا مصريا بدأ ببسم الله أو قرأ أية من كتاب الله أو صلى بالناس في مكتب الرئيس، حتى رأو الرئيس مرسي وسمعوه!!
إن المتحاملين كثيرا على الاخوان المسلمين، فينعتونهم بالكذب والخيانة والرفض،يعممون أخطاء الافراد المنتمين للاخوان على الاخوان جميعا،مثلما يعمم الجائرون الاخطاء الفردية الصادرة عن بعض من يُحسبون على السلفية، والسلفية منه براء، فلو أقدم خارجي متطرف على عمل إرهابي، لقالوا هكذا هي السلفية الجهادية (الوهابية)، حين لايكون هناك أية علاقة للخارجي بالسلفية في المعتقد، فهو قد خرج عنها.. وعليها!!
وليس الاخوان المسلمون على شاكلة واحدة،فهم خليط من سلفيين ومتصوفة وأشاعرة،أسسها الشيخ حسن البنا عام 1928م ووصفها بأنها حركة اسلامية اصلاحية شاملة،ذات مشروع سياسي اجتماعي اقتصادي،من منظور اسلامي شامل معتدل!
وتقول جماعة الآخوان المسلمين أنها تسعى في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للاسلام عن طريق منظورهم. وشعار الجماعة ’’الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا’’.
وقد كان العالم العربي وإلى وقت قريب،عالة على الاخوان المسلمين في التعليم العام والتعليم الاكاديمي والعالي،ولازالت جامعاته مدينة لهم بالفضل،وجامعات السعودية وطلائع خريجيها يشهدون بهذا،وكذلك منابرنا الدعوية والوعظية وإذاعاتنا ورفوف مكتباتنا العامة والخاصة تشهد بهذا ايضا!
من الذي علَّم أشهر دعاتنا وأبرزهم وخرّجهم للدعوة والتأليف غير المعلمين الاوائل المحسوبين على الاخوان المسلمين العرب،هل نسينا عِلْم وفضل محمد أديب الصالح؟ أم نسينا أو تناسينا الشيخ محمد الصواف الذي كان مندوب الملك فيصل رحمه الله لآنحاء العالم في الدعوة الى الله؟ ألايذكر المجتمع السعودي بأسره كم للشيخ علي الطنطاوي من محبة وقدر في قلوبنا جميعا؟ لقد كان المعلم والمربي والداعية والاديب من خلال برامجه اليومية والاسبوعية عبر الاذاعة والتلفزيون؟ ألايذكر خريجو جامعة أم القرى الشيخ محمد ابراهيم قطب أستاذ العقيدة بالجامعة؟ألآيذكر محمد الغزالي الذي نقرأ كتبه ومؤلفاته..وإن اختلفنا معه في القليل منها.. فإنا نوافقه في الكثير؟!..مالكم كيف تحكمون؟!
لقد ظهر في الساحة ومنذ عشرين عاما تقريبا،جماعة لاتنفك عن الثلاث والسبعين فرقة المذكورة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم،تكفر الآخوان المسلمين جملة وتفصيلا،سواءا كانوا منتمين للحزب فكريا أوسياسيا،أوحتى من تعلم ودرس على أحد اتباعها وتطعنُ حتى في من يمتلك في مكتبته الخاصة،كتاب في ظلال القرأن لسيد قطب،ويصل الآمر ببعضهم إلى عدم الدخول لمنزل من يمتلكها حتى يحرقها أو يخرجها من الدار،وكتاب (أضواء على فكر سيد قطب) يبين مدى غلو هذه الجماعة، فقد ألّفه أحد أبرز رموزها،ولم يقتصر الكتاب على فكر سيد قطب فحسب،بل طعن في الكثير من أبرز علماء هذ البلد طعنا مشينا، وهم الذين خدموا الاسلام حقاَ أكثر مما خدمه هذا المؤلِف، ولازالت منابرهم ومحاضراتهم ومؤلفاتهم تترى بكل خير وشرف وفضيلة!
غير أن هذه الجماعة تتقاطع مع اللبراليين في مواطن عدة وتثني عليهم ثنائا عطرا،والكثير منهم يُستكتبون لديهم في الصحف التي يمتلكونها،ويدعون أنهم حماة السلفية ولاسلفية الا سلفيتهم،والعجيب أن هذه الجماعة لاتفتأ تناصر كل ظالم فاجر جائر وتدعو له وتدعو لطاعته،كما فعلت مع الهالك القذافي حين أرسلت دعاتها يحثّون الشعب الليبي من على منابر وقنوات ليبيا الحرة،على طاعة القذافي، وهاهم يفعلون هذا اليوم لمناصرة بشار الاسد!!!!
لاريب أن جماعة الاخوان المسلمين تضم بين صفوفها الكثير من الاطياف،حتى أن هناك من المسيحيين ممن ينضوي تحت مظلة هذا الحزب ويعمل لها سياسيا وليس عقديا ،وكم من القساوسة والمسيحيين المؤيدون للرئيس مرسي والمطالبين بتطبيق الشريعة الاسلامية التي يرون انها هي التي ستحميهم ليعيشوا بسلام!
وقد نجد بين رموز هذه الجماعة الكثير من المفارقات،وعدم التوافق،فكل يمثل نفسه وفكره ومعتقده،فراشد الغنوشي يرى أن فكر الخميني هو الفكر الرائد الذي يصلح أن يكون مرجعا لكل مسلم،وهذا كلام مردود عليه،وحسن الترابي رجل تائه ذو فكر شاذ وفتاوى مثيرة للجدل،وهو الختمي الاتحادي المناصر للتوجه العلماني،وأما أردوغان فهو الذي استطاع التدرج بتركيا الموغلة في العلمانية إلى رقي الدرجات الآول للتوجه الاسلامي المنشود!
وأما صاحب أرفع منصب في العالم من هذه الجماعة،فهو الرئيس محمد مرسي،الذي أُتهم بالارتماء في أحضان الصفوية الايرانية، وهو الوحيد الذي ترضى على صحابة رسول الله وأمهات المومنين بين ملالي ايران وأياتهم العظمى،وفي عقر دارهم،وهو الذي فتح المعابر بينه وبين غزة، رغما عن أنف اسرائيل وأنصارها!
غير أن العلمانية واللبرالية والصفوية والتغريب ودول الاستعمار، وأهل الايديولوجيات المتطرفة والدخيلة على أهل السنة والجماعة لن يقفوا مكتوفي الايدي،ولا خرس الالسن،بل سيمكرون ضد هذا الرئيس الذي هو بشر وغير معصوم، والذي يخطيء ويصيب والذي هو منحة ونعمة لشعب مصر العربي المسلم العظيم..ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين!!
رافع علي الشهري
[email protected]
*لجينيات