مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/09/04 18:01
الفكر المؤدلج .. الطريق إلى الموت !!
الفكر المؤدلج .. الطريق إلى الموت !!
بقلم/ أحمد الفقيه
الخميس 04 سبتمبر-أيلول 2014 03:37 م
كثير من علماء الأمة وفقهائها اختلفوا في مسألة الخلافة.. هل هي أصل من أصول الحكم أم هي من المصالح العامة المتروكة لنظر الأمة؟!.. القضية الجوهرية لا هذا.. ولا ذاك.. وإنما تكمن الحقيقة في نوعية النظام السياسي القائم على تطبيق شرع الله.. وتوحيد الأمة.. وجمع كلمتها وصفوفها.. وليس من الواجب انحصار أو حصر وقصر السلطة في قبضة فرد كائناً من كان.. أو أسرة معينة.. ولكن الطامة الكبرى التي يعيشها أبناء الأمة اليوم في مشارق الأرض ومغاربها أن الإسلام مازال غريباً بين جهل أبنائه.. وتطرف علمائه.. وعجز فقهائه.
على علماء الأمة بمختلف مشاربهم المذهبية والفكرية أن يدركوا أن عظمة التشريع الإسلامي ليست محصورةً في أمور السياسة والسلطة والحكم بل في أمر جمع كلمة الأمة، وتوحيد صفوفها.. وتوثيق عراها.. وصون أمنها واستقرارها.. وسلمها الاجتماعي..
ولذلك علينا أن ندرك أن مبدأ الشورى من أهم المبادئ الشرعية التي تقوم عليها أسس وبناء المنظومة السياسية في الإسلام.. فالشورى مبدأ عظيم.. وله وظائف مهمة وجمة في توثيق العلاقة بين الحاكم ورعيته.. وأهل شورته.. كما يؤدي إلى تكريم العلماء والفقهاء الذين يساهمون بآرائهم وأفكارهم في حل القضايا العالقة والمستعصية بين أبناء الأمة.. ففي الشورى عصمة من الزلل والخطل.. كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يشاور أصحابه في كل الأمور، في أمور الحرب وغيرها من مسائل الأحكام الشرعية، وأمور الدنيا.. أين نحن من رسول الله.. وندعي السيادة والريادة والقيادة؟!..
علينا أن ندرك أن الخطر الداهم الذي يحدق بالأمة اليوم ليس اختلافنا السياسي أو الأيديولوجي.. إنما يكمن في اختلافنا المذهبي المتطرف والنعرات العرقية والسلالية العقيمة.. وفي القائمين عليها الذين يعتقدون عبطاً وزهواً أنهم فوق البشر.. وما دونهم عبيد وأرقاء وسوقة ودهماء.. وأشباه بشر.. لذلك يدّعون أنهم معصومون من الأخطاء والآثام؛ لأنهم من سلالة شريفة.. وأسرة عريقة نبيلة.. ونسوا أو تناسوا أن أبا لهب عم رسول الله كان كافراً، فاجراً، فاسقاً، ومن سلالة قرشية شريفة.
إذاً القياس الحقيقي ليس بالأحساب والأنساب والسلالات.. وإنما بالتقوى والعمل الصالح.. مصداقاً لقوله تعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» حتى لو كان عبداً حبشياً كأن رأسه زبيبة.. أليس كذلك؟!..
فلا داعي بالاستقواء بالأصولية المذهبية الرعناء التي ساقت أبا ذر الغفاري أن يضع خده على الأرض، ويقول لبلال بن رباح الحبشي: ضع قدمك على خدي كفارة ما أجرمت في حقك.. أين نحن من تلك القيم السامية والمبادئ العظيمة التي حثنا عليها إسلامنا الحنيف؟!..
هل هناك أوجه للمقارنة بين مسلمي الأمس ومسلمي اليوم؟!.. مسلمو اليوم إذا خالفتهم في الفكر أو الرؤى هم أعدى أعدائك.. وألد خصومك.. لذلك نراهم دائماً في صراع واقتتال.. ويفتعلون الأزمات.. ويحاصرون أبناء جلدتهم.. ويذبحون الأبرياء ويفرقون بين المرء وأخيه.. ويدّعون بأنهم أوصياء عليهم.. زاعمين أن ما يقومون به جهاد في سبيل الله.. وجائزتهم الجنة.. وتناسوا مضمون شعاراتهم الزائفة.. وأفكارهم الملوثة بالنعرات الشعوبية الموروثة البالية التي عفا عليها الزمن.. وهذا ما يكشف عن سوء نواياهم المبيتة تجاه الوطن أرضاً وإنساناً ووحدةً وهويةً.
من هنا نرى كثيراً من يتدثرون بعباءة الدين والمذاهب المؤدلجة.. والأفكار المأفونة.. مصيرهم مزبلة التاريخ بل مزابل التاريخ؛ لأنهم لم يصلوا إلى درجة الرقي الفكري والثقافي والحضاري والعلمي بعد.. بل يعيشون على هامش نمط سير ومآثر أسيادهم السابقين.
وتبقى حركة التأويل والتضليل في مدى فهمهم وتصوراتهم لأحداث ومستجدات الحياة محصورة في دائرة مغلقة وجامدة.. وهذا ما يراه أسيادهم الأصوليون من ذوي الرؤى المتزمتة.. والأفكار المتطرفة.. الرافضة لكل حوارٍ هادفٍ وبناء.. وتبقى الشمس ساطعة إلى أن يأذن الله لها بالأفول!!.. ولكل شمس غروب.. ولكل شيء أجل معلوم..!!.
*الجمعورية
أضافة تعليق