يبدو جلياً أن الأمور في اليمن لا تتجه نحو الحلحلة في ظل الوضع الراهن فهناك الكثير من المؤشرات التي تدل على أن الرئيس صالح يتجه نحو إشعال فتيل الحرب الأهلية التي هدد ويهدد بها مراراً بهدف القضاء على الثورة الشبعية القائمة ضد نظام حكمه وتحويل الأحداث الجارية في اليمن من ثورة شعبية الى حرب أهليه فقد لوحظ في الفترة الأخيرة أن الرئيس صالح يهدف من خلال كل مناوراته الى كسب الوقت وتعزيز موقفه ويبدو واضحاً أنه منذ جمعة الكرامة حيث فقد الرئيس صالح الكثير من أركان حكمه وأهتزت قدراته بداء بلملمة أوراقه العسكرية والسياسية وأستفاد من المبادرة الخليجية في كسب الوقت فأرسل موفدين الى دول الخليج أولاً الى طلب الوساطة ثم كسب الكثير من الوقت فمنذ 21 مارس عندما أنضمت الفرقة الأولى مدرع الى الثورة وحتى اليوم والأمور تراوح مكانها وصالح يستفيد من الوقت في تعزيز قدراته العسكرية و تعيين قادة عسكريين مواليين له رغم فشل بعض تلك التعينات مثل تعيين بن بريك قائداً للمنطقة الشرقية الذي فشل تماماً ولم يتمكن من تأديه مهامه ثم صور أن ما يجري في الشارع عبارة عن أزمة سياسية بينه وبين المعارضة وليس ثورة شعبية و الآن يعمل على تصوير أن ما يجري في اليمن عبارة عن تمرد عسكري يتحالف مع القاعدة يجب إخماده بقوة الحرب والسلاح وهكذا يبدو أننا أصبحنا على بعد خطوات من قرار الحرب.
كل هذه الأمور تجلعنا نقف وقفة جدية ونفكر الى ماذا تتجه الأمور فالرئيس صالح كسب الكثير من الوقت عبر الوساطة الخليجية أوصله الى الحديث عن أن تنظيم قاعدة متواجد في المعسكرات المنشقة كما قال الرئيس في حواره مع قناة البي بي سي والذي يعد مؤشراً خطيراً يدل على أنه يريد أن يصعد الامور بإتجاه الحرب وإيجاد مبرر مناسب مقنع للخارج من أجل الحرب فلم يجد الا تنظيم القاعدة الذي ترعرع في اليمن في عهد الرئيس صالح و بدعم منه.
لست خبيراً او محللاً عسكرياً بل لا أفهم في هذا الجانب شيئاً لكن هذا لا يمنع أن أقول رأيي حول التحركات العسكرية الأخيرة من إعادة توزيع لقوات الحرس الجمهوري والقوات الموالية للرئيس صالح الى نقل الطائرات من مطار صنعاء الى مطارات في المحافظات الأخرى كونه يدرك أن مطار صنعاء تسهل السسيطرة عليه ومن ثم القدرة على إستخدام تلك الطائرات او تدمير تلك الطائرات وهي جاثمة على الأرض او فور إقلاعها وتمركز القوات على مداخل العاصمة صنعاء لمنع دخول أي قوات مؤيدة للثورة الى العاصمة او أي تعزيزات لها يدل دلالة قاطعة أن الرجل يفكر في الحرب وهو لا يريد الا أن يكسب المزيد والمزيد من الوقت فالمبادرة الخليجية ستوفر له مدة شهر إضافي لتعزيز قدراته العسكرية والسياسية وترتيب وإستعاده أوراقه التي فقدها بعد جمعة الكرامه ومن ثم سيتخلى عن المبادرة الخليجية كما تخلى عن وثيقة العهد والإتفاق في عام 94 وهكذا يعيد صالح تكرار نفس السيناريو الذي أستخدمه في حرب صيف 94.
لفظة الشرعية بحد ذاتها هي نفس اللفظة التي أستخدمت في عام 94 مع إختلاف كبير في الوضع في عام 2011 عن الوضع في عام 94 فالتأييد الشعبي كان لصالح الوحدة وفي صف الرئيس صالح بينما التأييد في 2011 في صف الثورة الشعبية القائمة ولا ننسى العلماء والمشايخ الذين يقفون الى جانب الثورة كما لا ننسى الإعلام الذي لم يعد في يد السلطة فأصبح الإعلام حراً في زمن الإنترنت والجوال والقنوات الفضائية كل هذه الأمور تؤكد أن النصر لن يكون في صالح الرئيس لكنه سيسبب دماراً هائلاً للبلد بحماقاته التي يحضر لإرتكابها فالرجل وصل الى حد اليأس في إمكانية إستمراره في الحكم عبر حلول سلمية.
لذا لابد للشباب وأحزاب المعارضة إعادة ترتيب أوراقهم هم الآخرين والإستفادة من تجارب الثورتين التونسية والمصرية التي كانت أهم أسباب نجاحها هما عنصرا المفأجاة و الحسم السريع وأعتقد أننا في اليمن فقدنا عنصر المفأجاة لكن بإمكاننا الإستفادة من عنصر الحسم السريع لإنجاح الثورة وإنهاء حكم الأسرة الحاكمة عبر التصعيد السريع وقد نكسب بعد التصعيد عنصر مفأجاة من نوع جديد يفأجى الرئيس صالح وأسرته بتطور نوعي في مسار الثورة لم يكن يحسب له حساب فإستمرار الإعتصامات في ساحات التغيير والحرية لم يعد كافياً فيجب على المعارضة أن تعلن صراحة رفضها القاطع لكافة أشكال الحوار مع الرئيس صالح بعد تراجعه عن المبادرة الخليجية في مقابلته مع قناة البي بي سي وتتجه الى الشارع نحو التصعيد كما يجب على الشباب أن يقدموا عنصر مفأجاة جديد يتمثل في تصعيد من نوع آخر غير الإعتصامات في الساحات لم يكن صالح يحسب له حساباً وفي حالة عدم التصعيد فعلى الجميع القبول بالحرب الأهلية التي ستمزق وتدمر الوطن وسيكون الشعب اليمني هو الخاسر الأكبر فيها.
أعود وأكرر أن التصعيد السلمي ووقف الحوار هو السبيل الوحيد لإجبار صالح على تسليم السلطة كما يجب التركيز على الشرعية الثورية لإبطال الشرعية الدستورية التي يتمسك بها صالح ويتخذ منها مبرراً لشن الحرب ونحن نعلم جميعاً على مدار 33 سنة أن الرئيس صالح لم يستخدم الحوار من أجل الوصول الى حلول ولكنه يستخدم الحوار لإعادة ترتيب أوراقه المتهالكة ثم التنصل عن الحوار تماماً.
وأخيراً الى الشباب المعتصمين في الساحات هناك ثلاث خيارات لا أكثر إما القبول بأسرة الصالح أسرة حاكمة لليمن الى الأبد ونذهب نحن وانتم وكل الأحرار الى المعتقلات والقبور ونذوق أصناف التعذيب وإما الحرب الأهلية التي سيفأجنا بها صالح ووقتها ستتمزق الإعتصامات في الساحات ويتفرق الناس ووقتها وسنخسر الكثير من الدماء والأرواح وسيتدمر اليمن ولا يعلم عاقبة الحرب ونهايتها الا الله وإما التصعيد السلمي السريع والقوي والإعتماد على الشرعية الثورية وبالتأكيد ستكون هناك تضحيات جسمية لكنها بالتأكيد ستكون أقل من التضحيات التي سنقدمها في الخيارات الأخرى فالتصعيد السلمي هو الحل.