بقلم ياسر الزعاترة
حين يصل الحال بأحد الكتاب المقربين من دوائر السلطة الإيرانية الحاكمة حد تشبيه اتفاق جنيف الخاص بالبرنامج النووي بصلح الحديبية، فذلك يشير إلى حجم غرور القوة الذي ينتاب القيادة الإيرانية جراء توقيع الاتفاق، والأفق الذي ترسمه للمستقبل بعده، لا سيما أن صلح الحديبية كان بمثابة الانطلاقة للمشروع الإسلامي أو المقدمة لفتح مكة، رغم ما بدا في ظاهره من تنازل استثار بعض الصحابة.
والحال أن ملامح الشعور بغرور القوة والانتصار لا تحتاج إلى من ينقب عنها، فهي تتبدى بكل وضوح في خطاب التحالف الإيراني بكل أركانه، في مقابل حالة من الخيبة والخوف تنتاب محورا عربيا طالما رفع شعارا ضمنيا يتحدث عن مواجهة مشروع التمدد الإيراني.
وهي المواجهة التي دفعته إلى تبني ثورة سوريا بهذا القدر أو ذاك رغم موقفه الصارم ضد الثورات وضد ربيع العرب، فضلا عن موقفه المناهض للحركات الإسلامية بلونيها الأبرز (السياسي والجهادي)، والتي تتصدر من الناحية العملية ثورة سوريا أيضا.’’
المشروع الإيراني ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج عقود من الجهد الذي بدأ عمليا مع انتصار الثورة الإيرانية، لكن النقلة التالية في تاريخه هي تلك التي بدأت مطلع التسعينيات بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية’’
ما ينبغي قوله ابتداء هو أن المشروع الإيراني ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج عقود من الجهد الذي بدأ عمليا مع انتصار الثورة الإيرانية، لكن النقلة التالية في تاريخه هي تلك التي بدأت مطلع التسعينيات بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية.
أما النقلة الكبرى فهي التي تلت انتصار حزب الله في جنوب لبنان عام 2000، ومن ثم وقوع العراق أسير السيطرة الإيرانية بعد الاحتلال، وحتى قبل أن يتحرر نسبيا بعد ذلك بثلاث سنوات.
وفي حين كان الشعار المعتمد في المشروع بطبعته الأخيرة هو شعار المقاومة والممانعة، والمواجهة مع الشيطان الأكبر، ومع المشروع الصهيوني، فإن ما بعد اتفاق النووي يبدو مختلفا إلى حد كبير.
يعلم الجميع أن الجزء التالي من الاتفاق، وتبعا له إرادة إيران الخروج من دائرة العزلة الدولية، لا يمكن أن يتم من دون نهاية عهد المواجهة مع الشيطان الأكبر، وكذلك الحال مع الأصغر -إن جاز التعبير- ممثلا في الكيان الصهيوني.
وإذا كان بالإمكان القول إن البرنامج المستند إلى الشعار المذكور قد استقطب قطاعات واسعة من الشارعين العربي والإسلامي، وساهم عمليا في إسقاط مشروع الغزو الأميركي للعراق، كما ساهم في تحرير جنوب لبنان، وأشغل الكيان الصهيوني على نحو دفعه إلى الخروج من قطاع غزة، وإنشاء سلسلة من الجدران من حوله بعد عقد من الحديث عن المشروع الشرق أوسطي الذي يتسيده ذلك الكيان، فإن من الضروري القول إنه لولا الحضور الشعبي في ذلك المشروع (شعوبا وقوى حية) لما كان بالإمكان تحقيق تلك الإنجازات.
والنتيجة أن محاولة جعل إنجازات محور المقاومة والممانعة حكرا على جهود إيران وحلفائها لا تبدو مقنعة، فمن أفشل مشروع الغزو الأميركي للعراق ليست إٍيران، بل قوى سنّية (تحالفت هي مع حلفاء الاحتلال)، ومن قاد المواجهة في فلسطين هي قوى سنّية أيضا، ومن خاض غمار المواجهة الثقافية أيضا هي في الغالب قوى سنّية، وشارع في أغلبيته سنّي أيضا.
في المعسكر المقابل، كان هناك ما يعرف بمحور الاعتدال العربي على صعيد الأنظمة، بينما كانت الشعوب والقوى الحية تنتمي أيضا لمحور المقاومة والممانعة، وهو ما جعل المواجهة محسومة لصالح الأخير، حتى لو قيل إنه لم يحقق إنجازات حاسمة في المواجهة مع المشروع الصهيوني، لكن التذكير بما كان يعدنا به مشروع أوسلو من سيطرة صهيونية على المنطقة، وبعد ذلك ما كان يعدنا به مشروع غزو العراق من ’’إعادة تشكيل المنطقة’’، وأيضا على مقاس المصالح الصهيونية، هذا التذكير هو الذي يضع أصبعنا على حقيقة الإنجاز الذي تحقق.’’
لولا المدد الشعبي، والدور الذي لعبته القوى الحية في الأمة، وفي المقدمة منها القوى الإسلامية، لكان معسكر الاعتدال العربي هو الذي تفوق، وتبعا له المشروع الصهيوني، ولرأينا تسوية بائسة في الملف الفلسطيني’’
الخلاصة أنه لولا المدد الشعبي، والدور الذي لعبته القوى الحية في الأمة، وفي المقدمة منها القوى الإسلامية، لكان معسكر الاعتدال العربي هو الذي تفوق، وتبعا له المشروع الصهيوني، ولرأينا تسوية بائسة في الملف الفلسطيني.
ومن يتذكر كيف خرج ذلك المحور بالمبادرة العربية بعد اجتياح شارون الضفة الغربية ربيع العام 2002 لا بد أن يدرك إلى أين كان يأخذنا في واقع الحال.
الآن، وفيما تترك إيران عمليا شعار المقاومة والممانعة، وتميل إلى تبني مشروع آخر عنوانه التمدد تحت شعار مذهبي، وإن لم تقل ذلك صراحة، فإن المواجهة ستنتقل عمليا بالنسبة لمعسكر الثورة المضادة عربيا إلى مواجهة مع مشروع أكثر خطورة.
هذا المشروع لم يحظَ بالتفاف شعبي عربي وإسلامي من حوله، بل ربما حظي بعداء غير مسبوق، ربما باستثناء الأقليات الشيعية في المنطقة التي ستلتف من حوله، لأن معظمها لم يكن معه أصلا بسبب شعار المقاومة والممانعة، بل لاعتبارات مذهبية قبل كل شيء، ربما باستثناء القلة، خلافا للأغلبية السنّية بطبيعة الحال.
الآن، كيف ستكون طبيعة المواجهة بين المشروع الإيراني بطبعته الجديدة، وبين المعسكر الذي خسر المواجهة السابقة؟ مع فارق أنها كانت خسارة إيجابية، لأنه لو نجح مشروع غزو العراق مثلا، أو مشروع أوسلو قبله لكان حال الجميع بالغ السوء، بمن فيه المعسكر إياه، وإيران أيضا.
ما ينبغي أن يقال ابتداء في هذا الصدد هو أن الأنظمة من دون إسناد شعبي لا يمكنها خوض المعارك الكبيرة، فضلا عن أن تنتصر فيها، وما ينبغي أن يقال أيضا، وهو بالغ الأهمية، هو أن المزاج الشعبي اليوم في المنطقة ليس هو المزاج القديم، فالأمة وجدت أملا في الربيع العربي، وفي ظل ثورة الإعلام والشوق للتحرر يطمع الجميع في أن يترجم ذلك الربيع تغييرا في الأنظمة العربية تعطي المرجعية للشعوب (الإصلاح في بعضها).
ولا ينطبق ذلك فقط على الدول التي انتصرت فيها الثورات (خسرنا أهمها في مصر)، بل يشمل جميع الدول، مما يعني أنه من دون أن تنسجم الأنظمة مع الشعوب فلن يكون بالإمكان مواجهة مشروع التمدد الإيراني في حال أصر على لغة الهيمنة، فضلا عن الغطرسة الصهيونية.’’
المسار الأفضل هو مسار التفاهم على جوار إيجابي بين المحاور الثلاثة في الإقليم: الدول العربية المعبرة عن شعوبها، تركيا، وإيران التي ترضى بأن تكون قوة في المنطقة، ولكن ليست قوة مهيمنة تستخدم المذهب والأقليات في مناكفة الآخرين وتطويعهم’’
بل إن استقطاب الأقليات الشيعية بعيدا عن مشروع تمدد إيراني (ذي بعد قومي، ولو توسل الدين والمذهب) ليس مستبعدا أيضا في حال وجدوا أن حقوقهم ستكون محفوظة في أنظمة مواطنة حرة.
المسار الأفضل من دون شك هو مسار التفاهم على جوار إيجابي بين المحاور الثلاثة في الإقليم (الدول العربية التي تتبنى خيار الإصلاح والمشاركة السياسية وتعبّر عن شعوبها، تركيا، وإيران التي ترضى بأن تكون قوة في المنطقة، ولكن ليست قوة مهيمنة تستخدم المذهب والأقليات في مناكفة الآخرين وتطويعهم).
ولا شك في أن تفاهما من هذا النوع سيعيد الاعتبار لقضية فلسطين كقضية مركزية للأمة، وسيكون قادرا على دعم انتفاضة شاملة في الأراضي المحتلة تفرض على العدو وضعا جديدا في ظل ميزان قوى دولي مختلف أيضا.
ربما كنا نبحث عن أمل وسط هذا الركام من البؤس الذي يحيط بنا، في ظل غرور إيراني يتجلى بدعم مجرم يقتل شعبه في سوريا، وطائفي أرعن في العراق، وفي ظل أنظمة تطارد الثورات وربيع العرب، بينما تدفع للقوى الخارجية مقابل ذلك، لكنه أمل يصب في خدمة الجميع، وإن لم يعجب نخبا استمتعت بالسيطرة على السلطة والثروة وترفض تقديم أي تنازل لشعوبها.
*الجزيرة نت*
حين يصل الحال بأحد الكتاب المقربين من دوائر السلطة الإيرانية الحاكمة حد تشبيه اتفاق جنيف الخاص بالبرنامج النووي بصلح الحديبية، فذلك يشير إلى حجم غرور القوة الذي ينتاب القيادة الإيرانية جراء توقيع الاتفاق، والأفق الذي ترسمه للمستقبل بعده، لا سيما أن صلح الحديبية كان بمثابة الانطلاقة للمشروع الإسلامي أو المقدمة لفتح مكة، رغم ما بدا في ظاهره من تنازل استثار بعض الصحابة.
والحال أن ملامح الشعور بغرور القوة والانتصار لا تحتاج إلى من ينقب عنها، فهي تتبدى بكل وضوح في خطاب التحالف الإيراني بكل أركانه، في مقابل حالة من الخيبة والخوف تنتاب محورا عربيا طالما رفع شعارا ضمنيا يتحدث عن مواجهة مشروع التمدد الإيراني.
وهي المواجهة التي دفعته إلى تبني ثورة سوريا بهذا القدر أو ذاك رغم موقفه الصارم ضد الثورات وضد ربيع العرب، فضلا عن موقفه المناهض للحركات الإسلامية بلونيها الأبرز (السياسي والجهادي)، والتي تتصدر من الناحية العملية ثورة سوريا أيضا.’’
المشروع الإيراني ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج عقود من الجهد الذي بدأ عمليا مع انتصار الثورة الإيرانية، لكن النقلة التالية في تاريخه هي تلك التي بدأت مطلع التسعينيات بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية’’
ما ينبغي قوله ابتداء هو أن المشروع الإيراني ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج عقود من الجهد الذي بدأ عمليا مع انتصار الثورة الإيرانية، لكن النقلة التالية في تاريخه هي تلك التي بدأت مطلع التسعينيات بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية.
أما النقلة الكبرى فهي التي تلت انتصار حزب الله في جنوب لبنان عام 2000، ومن ثم وقوع العراق أسير السيطرة الإيرانية بعد الاحتلال، وحتى قبل أن يتحرر نسبيا بعد ذلك بثلاث سنوات.
وفي حين كان الشعار المعتمد في المشروع بطبعته الأخيرة هو شعار المقاومة والممانعة، والمواجهة مع الشيطان الأكبر، ومع المشروع الصهيوني، فإن ما بعد اتفاق النووي يبدو مختلفا إلى حد كبير.
يعلم الجميع أن الجزء التالي من الاتفاق، وتبعا له إرادة إيران الخروج من دائرة العزلة الدولية، لا يمكن أن يتم من دون نهاية عهد المواجهة مع الشيطان الأكبر، وكذلك الحال مع الأصغر -إن جاز التعبير- ممثلا في الكيان الصهيوني.
وإذا كان بالإمكان القول إن البرنامج المستند إلى الشعار المذكور قد استقطب قطاعات واسعة من الشارعين العربي والإسلامي، وساهم عمليا في إسقاط مشروع الغزو الأميركي للعراق، كما ساهم في تحرير جنوب لبنان، وأشغل الكيان الصهيوني على نحو دفعه إلى الخروج من قطاع غزة، وإنشاء سلسلة من الجدران من حوله بعد عقد من الحديث عن المشروع الشرق أوسطي الذي يتسيده ذلك الكيان، فإن من الضروري القول إنه لولا الحضور الشعبي في ذلك المشروع (شعوبا وقوى حية) لما كان بالإمكان تحقيق تلك الإنجازات.
والنتيجة أن محاولة جعل إنجازات محور المقاومة والممانعة حكرا على جهود إيران وحلفائها لا تبدو مقنعة، فمن أفشل مشروع الغزو الأميركي للعراق ليست إٍيران، بل قوى سنّية (تحالفت هي مع حلفاء الاحتلال)، ومن قاد المواجهة في فلسطين هي قوى سنّية أيضا، ومن خاض غمار المواجهة الثقافية أيضا هي في الغالب قوى سنّية، وشارع في أغلبيته سنّي أيضا.
في المعسكر المقابل، كان هناك ما يعرف بمحور الاعتدال العربي على صعيد الأنظمة، بينما كانت الشعوب والقوى الحية تنتمي أيضا لمحور المقاومة والممانعة، وهو ما جعل المواجهة محسومة لصالح الأخير، حتى لو قيل إنه لم يحقق إنجازات حاسمة في المواجهة مع المشروع الصهيوني، لكن التذكير بما كان يعدنا به مشروع أوسلو من سيطرة صهيونية على المنطقة، وبعد ذلك ما كان يعدنا به مشروع غزو العراق من ’’إعادة تشكيل المنطقة’’، وأيضا على مقاس المصالح الصهيونية، هذا التذكير هو الذي يضع أصبعنا على حقيقة الإنجاز الذي تحقق.’’
لولا المدد الشعبي، والدور الذي لعبته القوى الحية في الأمة، وفي المقدمة منها القوى الإسلامية، لكان معسكر الاعتدال العربي هو الذي تفوق، وتبعا له المشروع الصهيوني، ولرأينا تسوية بائسة في الملف الفلسطيني’’
الخلاصة أنه لولا المدد الشعبي، والدور الذي لعبته القوى الحية في الأمة، وفي المقدمة منها القوى الإسلامية، لكان معسكر الاعتدال العربي هو الذي تفوق، وتبعا له المشروع الصهيوني، ولرأينا تسوية بائسة في الملف الفلسطيني.
ومن يتذكر كيف خرج ذلك المحور بالمبادرة العربية بعد اجتياح شارون الضفة الغربية ربيع العام 2002 لا بد أن يدرك إلى أين كان يأخذنا في واقع الحال.
الآن، وفيما تترك إيران عمليا شعار المقاومة والممانعة، وتميل إلى تبني مشروع آخر عنوانه التمدد تحت شعار مذهبي، وإن لم تقل ذلك صراحة، فإن المواجهة ستنتقل عمليا بالنسبة لمعسكر الثورة المضادة عربيا إلى مواجهة مع مشروع أكثر خطورة.
هذا المشروع لم يحظَ بالتفاف شعبي عربي وإسلامي من حوله، بل ربما حظي بعداء غير مسبوق، ربما باستثناء الأقليات الشيعية في المنطقة التي ستلتف من حوله، لأن معظمها لم يكن معه أصلا بسبب شعار المقاومة والممانعة، بل لاعتبارات مذهبية قبل كل شيء، ربما باستثناء القلة، خلافا للأغلبية السنّية بطبيعة الحال.
الآن، كيف ستكون طبيعة المواجهة بين المشروع الإيراني بطبعته الجديدة، وبين المعسكر الذي خسر المواجهة السابقة؟ مع فارق أنها كانت خسارة إيجابية، لأنه لو نجح مشروع غزو العراق مثلا، أو مشروع أوسلو قبله لكان حال الجميع بالغ السوء، بمن فيه المعسكر إياه، وإيران أيضا.
ما ينبغي أن يقال ابتداء في هذا الصدد هو أن الأنظمة من دون إسناد شعبي لا يمكنها خوض المعارك الكبيرة، فضلا عن أن تنتصر فيها، وما ينبغي أن يقال أيضا، وهو بالغ الأهمية، هو أن المزاج الشعبي اليوم في المنطقة ليس هو المزاج القديم، فالأمة وجدت أملا في الربيع العربي، وفي ظل ثورة الإعلام والشوق للتحرر يطمع الجميع في أن يترجم ذلك الربيع تغييرا في الأنظمة العربية تعطي المرجعية للشعوب (الإصلاح في بعضها).
ولا ينطبق ذلك فقط على الدول التي انتصرت فيها الثورات (خسرنا أهمها في مصر)، بل يشمل جميع الدول، مما يعني أنه من دون أن تنسجم الأنظمة مع الشعوب فلن يكون بالإمكان مواجهة مشروع التمدد الإيراني في حال أصر على لغة الهيمنة، فضلا عن الغطرسة الصهيونية.’’
المسار الأفضل هو مسار التفاهم على جوار إيجابي بين المحاور الثلاثة في الإقليم: الدول العربية المعبرة عن شعوبها، تركيا، وإيران التي ترضى بأن تكون قوة في المنطقة، ولكن ليست قوة مهيمنة تستخدم المذهب والأقليات في مناكفة الآخرين وتطويعهم’’
بل إن استقطاب الأقليات الشيعية بعيدا عن مشروع تمدد إيراني (ذي بعد قومي، ولو توسل الدين والمذهب) ليس مستبعدا أيضا في حال وجدوا أن حقوقهم ستكون محفوظة في أنظمة مواطنة حرة.
المسار الأفضل من دون شك هو مسار التفاهم على جوار إيجابي بين المحاور الثلاثة في الإقليم (الدول العربية التي تتبنى خيار الإصلاح والمشاركة السياسية وتعبّر عن شعوبها، تركيا، وإيران التي ترضى بأن تكون قوة في المنطقة، ولكن ليست قوة مهيمنة تستخدم المذهب والأقليات في مناكفة الآخرين وتطويعهم).
ولا شك في أن تفاهما من هذا النوع سيعيد الاعتبار لقضية فلسطين كقضية مركزية للأمة، وسيكون قادرا على دعم انتفاضة شاملة في الأراضي المحتلة تفرض على العدو وضعا جديدا في ظل ميزان قوى دولي مختلف أيضا.
ربما كنا نبحث عن أمل وسط هذا الركام من البؤس الذي يحيط بنا، في ظل غرور إيراني يتجلى بدعم مجرم يقتل شعبه في سوريا، وطائفي أرعن في العراق، وفي ظل أنظمة تطارد الثورات وربيع العرب، بينما تدفع للقوى الخارجية مقابل ذلك، لكنه أمل يصب في خدمة الجميع، وإن لم يعجب نخبا استمتعت بالسيطرة على السلطة والثروة وترفض تقديم أي تنازل لشعوبها.
*الجزيرة نت*