د. عبدالعزيز المقالح
لم يعد هناك أدنى شك في أن “الفيسبوك” قد فتح نافذة ثقافية غاية في الخطورة والأهمية، وأطلق فضاء واسعاً أمام الكتّاب والشعراء . ومن شأن هذه النافذة أن تجعل القارئ على تواصل دائم مع كتاب الفضاء الذي تنوعت محتوياته وتعددت أساليب تعبيره . وأعترف أن علاقتي بهذه الوسيلة
قد ظلت محدودة أو شبه معدومة، وحين اقتربتُ منه في المرحلة الأخيرة وجدتني أقترب من الغرق في بحره الذي بلا شواطئ ولا أعماق، فقد اكتشفت أنه الفضاء كله، وما وراء الفضاء وما فوقه وتحته وحوله، وحيثما تدور يدور معك، وفي أي اتجاه ذهبت يذهب، يعطيك ما تريده وما لا تريده، ويمتلك طاقة هائلة من الاستحواذ والقدرة على امتلاك من يقترب منه، ولا غرابة إذا ما صار يُدْعى بالشبكة العنكبوتية متعددة الأذرع والأقدام .
هل أقول إنه أخطر اختراع في تاريخ البشرية، وإنه الغزوة العلمية المستعصية على المواجهة؟ وهي غزوة علمية لا تجمع بين الشامي والمغربي، والقاصي والداني فحسب؛ وإنما تجمع بين خلق الله أجمعين، وتجعل التواصل اللحظي بينهم ممكناً على مدار الساعة . وهو اختراع مخيف لا يكف عن الحركة ولا يتعب أو يدركه الملل، ولديه من المشهيّات والمقبّلات ما ليس لأطيب موائد الطعام وأكثرها إثارة للشهية، تصادفك فيه أفكار غاية في الأهمية والتبصر، وآراء في غاية السذاجة والضحّالة، إنه كتاب كل البشرية بما وهبهم الله من قدرات راقية وأخرى هابطة . ومن أراد أن يطالع أحدث صورة للبشر في حالتهم الراهنة وما يتعرضون له من آلام ويجيش في صدورهم من آمال، فما عليه إلاّ أن يجلس ساعات قليلة أمام هذه الشاشة الصغيرة جداً، ولن يشعر بأنه خسر شيئاً من وقته الثمين! يكفي أن هذه الشاشة أيقظت حواسه وجعلته يطيل التفكير في أمور تؤرق الواقع حول أشياء ما كانت لتخطر له على بال .
ولأنني من عُشّاق الكتاب المطبوع ومن حوارييه المخلصين، فإنني سأحاول بقوة أن أنفذ بعقلي من هذا العنكبوت ومن عذاباته، وأعود إلى رفيقي وصديقي الحميم الصامت الذي يقول لي كل شيء من دون أن ينبس ببنت شفه، ولأنني كذلك من هواة الكتابة فلا أريد لهذا الوحش الفضائي أن يسرق مني الوقت المخصص لهذه الهواية التي تجعلني دائم التواصل مع أصدقاء كثيرين لا يزالون يقرأون الصحف ويواصلون التعامل مع الكتاب، والقرّاء في الحقيقة لايزالون يمثلون بالنسبة إلينا في الوطن العربي 99% وهي نسبة عالية تشجع محبي الكتابة والكتاب على دوام التواصل مع هذه الوسيلة التي باتت تدعى بالتقليدية، مع أنها كانت الوعاء الفكري الذي أمدّ البشرية بالوعي والاستنارة في أقسى الظروف وأشدها تخلفاً وظلاماً .
في هذه الأيام، ومنذ عامين تقريباً، يتحدثون عن ثورات الربيع، وعن دور “الفيسبوك” في صناعتها والإعداد لها، والواقع أن تلك الثورات ما هي إلاّ إرهاصات بالثورة الحقيقية التي يزمع “الفيسبوك” القيام بها في المرحلة المقبلة، وهي ثورة لا يمكن مواجهتها أو التصدي لها إلا بثورة مماثلة تتحقق معها الحرية والعدل والكرامة، وبذلك يمكن مواجهة ثورة الشاشة العنكبوتية، أما المدافع والصواريخ والقنابل المسيلة للدموع وما في حكمهما، فلن تستطيع على الإطلاق إيقاف مد هذه الثورة العلمية التي لا يمكن القبض عليها في أي مكان على الأرض أو خارج الأرض، إذ لا مواقع لها أو تحصينات أو جيوش أو تنظيمات من أي نوع يمكن اعتقالها أو الفتك بها . ومن هنا يترتب على الأنظمة القديمة والجديدة على السواء أن تبدأ الثورة الاجتماعية وتسارع في استباق ثورة “الفيسبوك” بإجراءات عملية، واستثنائية، وإلا خسرت ما تبقّى لها من وجود شكلي على هذه الأرض التي تنزف دماً وأحزاناً .
لم يعد هناك أدنى شك في أن “الفيسبوك” قد فتح نافذة ثقافية غاية في الخطورة والأهمية، وأطلق فضاء واسعاً أمام الكتّاب والشعراء . ومن شأن هذه النافذة أن تجعل القارئ على تواصل دائم مع كتاب الفضاء الذي تنوعت محتوياته وتعددت أساليب تعبيره . وأعترف أن علاقتي بهذه الوسيلة
قد ظلت محدودة أو شبه معدومة، وحين اقتربتُ منه في المرحلة الأخيرة وجدتني أقترب من الغرق في بحره الذي بلا شواطئ ولا أعماق، فقد اكتشفت أنه الفضاء كله، وما وراء الفضاء وما فوقه وتحته وحوله، وحيثما تدور يدور معك، وفي أي اتجاه ذهبت يذهب، يعطيك ما تريده وما لا تريده، ويمتلك طاقة هائلة من الاستحواذ والقدرة على امتلاك من يقترب منه، ولا غرابة إذا ما صار يُدْعى بالشبكة العنكبوتية متعددة الأذرع والأقدام .
هل أقول إنه أخطر اختراع في تاريخ البشرية، وإنه الغزوة العلمية المستعصية على المواجهة؟ وهي غزوة علمية لا تجمع بين الشامي والمغربي، والقاصي والداني فحسب؛ وإنما تجمع بين خلق الله أجمعين، وتجعل التواصل اللحظي بينهم ممكناً على مدار الساعة . وهو اختراع مخيف لا يكف عن الحركة ولا يتعب أو يدركه الملل، ولديه من المشهيّات والمقبّلات ما ليس لأطيب موائد الطعام وأكثرها إثارة للشهية، تصادفك فيه أفكار غاية في الأهمية والتبصر، وآراء في غاية السذاجة والضحّالة، إنه كتاب كل البشرية بما وهبهم الله من قدرات راقية وأخرى هابطة . ومن أراد أن يطالع أحدث صورة للبشر في حالتهم الراهنة وما يتعرضون له من آلام ويجيش في صدورهم من آمال، فما عليه إلاّ أن يجلس ساعات قليلة أمام هذه الشاشة الصغيرة جداً، ولن يشعر بأنه خسر شيئاً من وقته الثمين! يكفي أن هذه الشاشة أيقظت حواسه وجعلته يطيل التفكير في أمور تؤرق الواقع حول أشياء ما كانت لتخطر له على بال .
ولأنني من عُشّاق الكتاب المطبوع ومن حوارييه المخلصين، فإنني سأحاول بقوة أن أنفذ بعقلي من هذا العنكبوت ومن عذاباته، وأعود إلى رفيقي وصديقي الحميم الصامت الذي يقول لي كل شيء من دون أن ينبس ببنت شفه، ولأنني كذلك من هواة الكتابة فلا أريد لهذا الوحش الفضائي أن يسرق مني الوقت المخصص لهذه الهواية التي تجعلني دائم التواصل مع أصدقاء كثيرين لا يزالون يقرأون الصحف ويواصلون التعامل مع الكتاب، والقرّاء في الحقيقة لايزالون يمثلون بالنسبة إلينا في الوطن العربي 99% وهي نسبة عالية تشجع محبي الكتابة والكتاب على دوام التواصل مع هذه الوسيلة التي باتت تدعى بالتقليدية، مع أنها كانت الوعاء الفكري الذي أمدّ البشرية بالوعي والاستنارة في أقسى الظروف وأشدها تخلفاً وظلاماً .
في هذه الأيام، ومنذ عامين تقريباً، يتحدثون عن ثورات الربيع، وعن دور “الفيسبوك” في صناعتها والإعداد لها، والواقع أن تلك الثورات ما هي إلاّ إرهاصات بالثورة الحقيقية التي يزمع “الفيسبوك” القيام بها في المرحلة المقبلة، وهي ثورة لا يمكن مواجهتها أو التصدي لها إلا بثورة مماثلة تتحقق معها الحرية والعدل والكرامة، وبذلك يمكن مواجهة ثورة الشاشة العنكبوتية، أما المدافع والصواريخ والقنابل المسيلة للدموع وما في حكمهما، فلن تستطيع على الإطلاق إيقاف مد هذه الثورة العلمية التي لا يمكن القبض عليها في أي مكان على الأرض أو خارج الأرض، إذ لا مواقع لها أو تحصينات أو جيوش أو تنظيمات من أي نوع يمكن اعتقالها أو الفتك بها . ومن هنا يترتب على الأنظمة القديمة والجديدة على السواء أن تبدأ الثورة الاجتماعية وتسارع في استباق ثورة “الفيسبوك” بإجراءات عملية، واستثنائية، وإلا خسرت ما تبقّى لها من وجود شكلي على هذه الأرض التي تنزف دماً وأحزاناً .