د. عبدالعزيز المقالح
رحل منذ أيام الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بعد مقاومة شديدة الصعوبة للمرض ومقاومة أصعب لمحاولات الهيمنة الاستعمارية الجديدة التي تنشط في الفتك باقتصاد الشعوب وباستقلالها السياسي . وما من شك في أن رحيله يعد خسارة حقيقية لشعبه أولاً وللعرب وللإنسانية
التي تسعى إلى التحرر من سيطرة القوى العاتية ثانياً، فقد كان شافيز في طليعة القادة الذين يحاربون الأهداف الظالمة للنظام العالمي الجديد القائم على توازن القوة العسكرية، وضد توازن المصالح، كما كان يتفهم بوضوح قضايانا العربية والمصيرية منها خاصة، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي كان من أكبر أنصارها في بلده وفي المحافل الدولية على السواء.
ولم يكن يخفى كراهيته المطلقة للكيان الصهيوني الرابض على قلب فلسطين لخوفه من الصهيونية العالمية التي كانت وما تزال لعبة بيد الاستعمارين القديم والجديد.
لقد كان شافيز بمواقفه وتحدياته الشجاعة يذكّر العالم أجمع بالزعامات الوطنية التي عرفتها كل من آسيا وإفريقيا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي.وهي الزعامات التي قاومت الاستعمار القديم وكبّدته خسائر فادحة، وعملت على إجلائه من أكثر من مكان بعد أن ظن أن إقامته في أراضي الشعوب الخاضعة لاحتلاله دائمة وأبدية . واللافت في حياة هذا الزعيم امتلاكه قدراً من الشجاعة تجعله وهو في أمريكا اللاتينية التي تنظر إليها الولايات المتحدة بوصفها حديقة خلفية للبيت الأبيض على حد تعبير كثير من ساسة هذه الدولة العظمى، لا يتردد في فضح أطماع هذه الدولة وتآمرها على جميع الشعوب من دون استثناء.وكان شافيز وأمثاله من القادة المنتمين إلى شعوبهم أولاً ثم إلى اليسار السياسي ثانياً، يضربون المثل الأعلى للشعوب الباحثة عن استقلالها الاقتصادي والسياسي، وكان وجوده وأمثاله يشكل العامل اليومي لفضح الحكام المنحازين والمتواطئين مع أعداء الحرية وقراصنة الثروات .
ولا بد أن تاريخ أمريكا اللاتينية التي تشكل النصف الجنوبي من القارة الأمريكية، بما حفل به من مواجهات حادة مع القوى الاستعمارية القديمة كان ملهماً لعدد من القادة الجدد ومنهم شافيز الذي لم يكن الأول ولن يكون الأخير، وإذا كان قد نجح في كسب الأغلبية العظمى من فقراء وطنه فقد تم ذلك بإخلاصه في التعاون معهم على قطع دابر الأسباب التي تؤدي إلى خلق التفاوت المخيف بين أبناء البلد الواحد والمجتمع الواحد، وقد عاهد مواطنيه قبل انتخابه رئيساً بأنهم إذا اختاروه فإن أولى مهامه في الحكم ستكون البدء بتغيير الصورة السائدة عن فنزويلا، صورة ال 80% من الفقراء والأجراء الذين لا يجدون ما يكفيهم من الخبز والماء والتعليم والطبابة . وبعد سنوات قليلة من تنفيذ برنامجه الطموح استطاع أن يغيّر وأن يصنع فنزويلا جديدة تعيش حالة من المساواة النسبية، وكذا حالة من التعددية، والديمقراطية وأن يجعل الأغلبية التي اختارته تنال الحد الأدنى من مطالبها الملحة ولعل ما صنعه شافيز في بلاده خلال السنوات الماضية يصح أن يكون نموذجاً لبقية الحكام في العالم الثالث من دون أن يكونوا يساريين أو معادين للرأسمالية فما ينقص شعوب هذا العالم هو الشعور بالحد الأدنى من المساواة والحد الأدنى من مستوى المعيشة اللائقة بالآدميين . وغياب هذين الحدين، وهما الأدنى، يجعل من الصعب الحديث عن ثورات وعن تغيير نحو الأفضل، كما يصعب الحديث أكثر عن شيء اسمه استقرار أو بناء . وأدري جيداً أن هناك في العالم، وحتى بين العرب، من لا يقدّر الدور الذي أدّاه هذا الرجل لبلاده وخارج بلاده، وأنهم يرصدون عليه الكثير من المآخذ، لكن الذين ينظرون إلى إنجاز شافيز من مواقف حيادية لا يمكن إلا أن ينصتوا إلى صوت شعبه الذي كان وسيبقى الأصدق في التقييم الذي يرى فيه رمزاً من رموز السيادة والاستقلال الوطني وعلماً من أعلام العدل الاجتماعي.
*التجديد
رحل منذ أيام الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بعد مقاومة شديدة الصعوبة للمرض ومقاومة أصعب لمحاولات الهيمنة الاستعمارية الجديدة التي تنشط في الفتك باقتصاد الشعوب وباستقلالها السياسي . وما من شك في أن رحيله يعد خسارة حقيقية لشعبه أولاً وللعرب وللإنسانية
التي تسعى إلى التحرر من سيطرة القوى العاتية ثانياً، فقد كان شافيز في طليعة القادة الذين يحاربون الأهداف الظالمة للنظام العالمي الجديد القائم على توازن القوة العسكرية، وضد توازن المصالح، كما كان يتفهم بوضوح قضايانا العربية والمصيرية منها خاصة، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي كان من أكبر أنصارها في بلده وفي المحافل الدولية على السواء.
ولم يكن يخفى كراهيته المطلقة للكيان الصهيوني الرابض على قلب فلسطين لخوفه من الصهيونية العالمية التي كانت وما تزال لعبة بيد الاستعمارين القديم والجديد.
لقد كان شافيز بمواقفه وتحدياته الشجاعة يذكّر العالم أجمع بالزعامات الوطنية التي عرفتها كل من آسيا وإفريقيا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي.وهي الزعامات التي قاومت الاستعمار القديم وكبّدته خسائر فادحة، وعملت على إجلائه من أكثر من مكان بعد أن ظن أن إقامته في أراضي الشعوب الخاضعة لاحتلاله دائمة وأبدية . واللافت في حياة هذا الزعيم امتلاكه قدراً من الشجاعة تجعله وهو في أمريكا اللاتينية التي تنظر إليها الولايات المتحدة بوصفها حديقة خلفية للبيت الأبيض على حد تعبير كثير من ساسة هذه الدولة العظمى، لا يتردد في فضح أطماع هذه الدولة وتآمرها على جميع الشعوب من دون استثناء.وكان شافيز وأمثاله من القادة المنتمين إلى شعوبهم أولاً ثم إلى اليسار السياسي ثانياً، يضربون المثل الأعلى للشعوب الباحثة عن استقلالها الاقتصادي والسياسي، وكان وجوده وأمثاله يشكل العامل اليومي لفضح الحكام المنحازين والمتواطئين مع أعداء الحرية وقراصنة الثروات .
ولا بد أن تاريخ أمريكا اللاتينية التي تشكل النصف الجنوبي من القارة الأمريكية، بما حفل به من مواجهات حادة مع القوى الاستعمارية القديمة كان ملهماً لعدد من القادة الجدد ومنهم شافيز الذي لم يكن الأول ولن يكون الأخير، وإذا كان قد نجح في كسب الأغلبية العظمى من فقراء وطنه فقد تم ذلك بإخلاصه في التعاون معهم على قطع دابر الأسباب التي تؤدي إلى خلق التفاوت المخيف بين أبناء البلد الواحد والمجتمع الواحد، وقد عاهد مواطنيه قبل انتخابه رئيساً بأنهم إذا اختاروه فإن أولى مهامه في الحكم ستكون البدء بتغيير الصورة السائدة عن فنزويلا، صورة ال 80% من الفقراء والأجراء الذين لا يجدون ما يكفيهم من الخبز والماء والتعليم والطبابة . وبعد سنوات قليلة من تنفيذ برنامجه الطموح استطاع أن يغيّر وأن يصنع فنزويلا جديدة تعيش حالة من المساواة النسبية، وكذا حالة من التعددية، والديمقراطية وأن يجعل الأغلبية التي اختارته تنال الحد الأدنى من مطالبها الملحة ولعل ما صنعه شافيز في بلاده خلال السنوات الماضية يصح أن يكون نموذجاً لبقية الحكام في العالم الثالث من دون أن يكونوا يساريين أو معادين للرأسمالية فما ينقص شعوب هذا العالم هو الشعور بالحد الأدنى من المساواة والحد الأدنى من مستوى المعيشة اللائقة بالآدميين . وغياب هذين الحدين، وهما الأدنى، يجعل من الصعب الحديث عن ثورات وعن تغيير نحو الأفضل، كما يصعب الحديث أكثر عن شيء اسمه استقرار أو بناء . وأدري جيداً أن هناك في العالم، وحتى بين العرب، من لا يقدّر الدور الذي أدّاه هذا الرجل لبلاده وخارج بلاده، وأنهم يرصدون عليه الكثير من المآخذ، لكن الذين ينظرون إلى إنجاز شافيز من مواقف حيادية لا يمكن إلا أن ينصتوا إلى صوت شعبه الذي كان وسيبقى الأصدق في التقييم الذي يرى فيه رمزاً من رموز السيادة والاستقلال الوطني وعلماً من أعلام العدل الاجتماعي.
*التجديد