د. عبدالعزيز المقالح
من حق الشعوب العربية وغير العربية التي تعرضت للاحتلال وانتهاك سيادتها ونهب ثرواتها من الآخر المحتل أن تطالب بالاعتذار وبالتوبة عن ممارسة مثل تلك الفظائع الشنعاء الموثقة في الصدور والصخور، وإذا لم تعتذر الدول الاستعمارية عن جرائمها السالفة، فإن العلاقة مع الشعوب
التي استعمرتها بالحديد والنار ستبقى ملتبسة وغير متكافئة . صحيح أن الاعتذار لا قيمة له ولا يعيد الشهداء إلى الحياة أو يرضي الملايين التي تعرضت للقمع والاضطهاد إلاّ أنه - أي الاعتذار - تأكيد من الأجيال الجديدة في الدول الاستعمارية على اقتناعها بعدم تكرار تلك الممارسات العدوانية والاعتراف بحق الشعوب في أن تعيش حرة مستقلة، وأن تكون علاقتها بالدول التي احتلتها في وقت من الأوقات علاقات ندية لا سيد فيها ولا مسود.
ومن المحزن أن الزيارة الأولى للرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند إلى الجزائر كانت مرشحة من قبل أوساط كثيرة لتكون فاتحة لعهد جديد مع هذا البلد العربي الذي تعرض لأقسى ما تعرّض له شعب آخر من قهر وقتل ومحاولة لطمس هويته العربية وإلحاقه بالدولة المستعمِرة، لكن الرئيس الفرنسي قبل أن يصل إلى مطار الجزائر كان قد أعلن أنه ليس قادماً لإعلان التوبة والاعتذار، وبذلك قطع الطريق على كل النداءات والتصورات التي سبقت زيارته وأكدت أنه وهو الاشتراكي اسماً لا يختلف، ولا كان حزبه يختلف عن سابقيه من القوى اليمينية التي كانت ترى في احتلال الشعوب أمراً لا يتعارض مع أهدافها وأخلاقياتها، وأن التعالي والشعور بالتفوق والعدوان على الغير من الأسس التي تقوم عليها نزعتها الوطنية العدوانية العنصرية، الوجه الحقيقي للاستعمار الإمبريالي القديم/ الجديد.
الحق يقال إنه قد كان في فرنسا ولا يزال قادة ورجال فكر يؤمنون بأن ما فعلته قوى الاحتلال في حق الشعوب يُعد عاراً وجرائم في حق الإنسانية ولا يمكن للعرب جميعاً وللأشقاء الجزائريين خاصة أن ينسوا ذلك البيان العظيم الذي أصدره المفكّر الكبير جان بول سارتر بعنوان (عارنا في الجزائر)، كان ذلك في إبان الصراع الحاد بين الشعب الجزائري والمحتلين الفرنسيين، وكان لذلك البيان صداه الكبير فرنسياً وعالمياً وساعد مع بيانات أخرى ومواقف مماثلة من مثقفين وقادة فكر فرنسيين على حشد الرأي العام الفرنسي والدفع به إلى المطالبة بوقف حرب الإبادة التي كان النظام الحاكم في فرنسا وقوات الاحتلال في الجزائر قد شنتها لإيقاف المقاومة الشعبية التي قدمت في أقل من عامين مليوناً ونصف مليون من الشهداء .
لقد أجرمت كل من فرنسا وبريطانيا في حق الوطن العربي باحتلالهما لأغلب الأقطار العربية، وتدمير مقوماتها المادية والمعنوية، ولم تخرجا من الوطن العربي إلا بعد أن تركتا إرثاً استعمارياً بشعاً؛ وخلقتا فيه كثيراً من التشظيات والانقسامات، وكان أسوأ ما تركته بريطانيا للعرب الكيان الصهيوني بكل تطلعاته وأهدافه الإجرامية، ولهذا فإن أبسط ما يطالب به العرب من هذين البلدين هو الاعتراف بالجرم الذي ارتكباه والاتفاق على فتح صفحة جديدة من التعاون الاقتصادي والسياسي القائم على مفهوم التعايش الدولي والاحترام المتبادل بين الشعوب.
*التجديد
من حق الشعوب العربية وغير العربية التي تعرضت للاحتلال وانتهاك سيادتها ونهب ثرواتها من الآخر المحتل أن تطالب بالاعتذار وبالتوبة عن ممارسة مثل تلك الفظائع الشنعاء الموثقة في الصدور والصخور، وإذا لم تعتذر الدول الاستعمارية عن جرائمها السالفة، فإن العلاقة مع الشعوب
التي استعمرتها بالحديد والنار ستبقى ملتبسة وغير متكافئة . صحيح أن الاعتذار لا قيمة له ولا يعيد الشهداء إلى الحياة أو يرضي الملايين التي تعرضت للقمع والاضطهاد إلاّ أنه - أي الاعتذار - تأكيد من الأجيال الجديدة في الدول الاستعمارية على اقتناعها بعدم تكرار تلك الممارسات العدوانية والاعتراف بحق الشعوب في أن تعيش حرة مستقلة، وأن تكون علاقتها بالدول التي احتلتها في وقت من الأوقات علاقات ندية لا سيد فيها ولا مسود.
ومن المحزن أن الزيارة الأولى للرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند إلى الجزائر كانت مرشحة من قبل أوساط كثيرة لتكون فاتحة لعهد جديد مع هذا البلد العربي الذي تعرض لأقسى ما تعرّض له شعب آخر من قهر وقتل ومحاولة لطمس هويته العربية وإلحاقه بالدولة المستعمِرة، لكن الرئيس الفرنسي قبل أن يصل إلى مطار الجزائر كان قد أعلن أنه ليس قادماً لإعلان التوبة والاعتذار، وبذلك قطع الطريق على كل النداءات والتصورات التي سبقت زيارته وأكدت أنه وهو الاشتراكي اسماً لا يختلف، ولا كان حزبه يختلف عن سابقيه من القوى اليمينية التي كانت ترى في احتلال الشعوب أمراً لا يتعارض مع أهدافها وأخلاقياتها، وأن التعالي والشعور بالتفوق والعدوان على الغير من الأسس التي تقوم عليها نزعتها الوطنية العدوانية العنصرية، الوجه الحقيقي للاستعمار الإمبريالي القديم/ الجديد.
الحق يقال إنه قد كان في فرنسا ولا يزال قادة ورجال فكر يؤمنون بأن ما فعلته قوى الاحتلال في حق الشعوب يُعد عاراً وجرائم في حق الإنسانية ولا يمكن للعرب جميعاً وللأشقاء الجزائريين خاصة أن ينسوا ذلك البيان العظيم الذي أصدره المفكّر الكبير جان بول سارتر بعنوان (عارنا في الجزائر)، كان ذلك في إبان الصراع الحاد بين الشعب الجزائري والمحتلين الفرنسيين، وكان لذلك البيان صداه الكبير فرنسياً وعالمياً وساعد مع بيانات أخرى ومواقف مماثلة من مثقفين وقادة فكر فرنسيين على حشد الرأي العام الفرنسي والدفع به إلى المطالبة بوقف حرب الإبادة التي كان النظام الحاكم في فرنسا وقوات الاحتلال في الجزائر قد شنتها لإيقاف المقاومة الشعبية التي قدمت في أقل من عامين مليوناً ونصف مليون من الشهداء .
لقد أجرمت كل من فرنسا وبريطانيا في حق الوطن العربي باحتلالهما لأغلب الأقطار العربية، وتدمير مقوماتها المادية والمعنوية، ولم تخرجا من الوطن العربي إلا بعد أن تركتا إرثاً استعمارياً بشعاً؛ وخلقتا فيه كثيراً من التشظيات والانقسامات، وكان أسوأ ما تركته بريطانيا للعرب الكيان الصهيوني بكل تطلعاته وأهدافه الإجرامية، ولهذا فإن أبسط ما يطالب به العرب من هذين البلدين هو الاعتراف بالجرم الذي ارتكباه والاتفاق على فتح صفحة جديدة من التعاون الاقتصادي والسياسي القائم على مفهوم التعايش الدولي والاحترام المتبادل بين الشعوب.
*التجديد