مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
نجاح عظيم ولكن
د. عبدالعزيز المقالح
نجاح فلسطين في أن تكون عضواً مراقباً في الأمم المتحدة خطوة مهمة وأساسية على طريق استعادة وجودها الدولي واستكمال عضويتها التامة المستقلة، وهو أمر متوقع منذ اعترف العالم قبل سنوات بدولة فلسطين بما في ذلك الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون. ويبقى بعد هذه الخطوة الجديدة على الأشقاء الفلسطينيين أن يعترفوا بوجود هذه الدولة الموحدة ووجودهم كشعب واحد يعلو فوق خلافاته وتناقضاته الثانوية.

وبما أن الدين يقر بوجود دولة فلسطينية والوطنية تؤمن بوجود هذه الدولة، واليسار واليمين يتفقان ويناضلان من أجل استعادة الحقوق المغتصبة لهذه الدولة، فماذا يتبقى من أسباب الاختلاف أو الخلاف؟ وكيف تسمح جميع الأطراف بتمزيق العائلة الفلسطينية الواحدة ذات الكيان الحر المستقل غير الخاضع لأية قوة؟



حين نبحث عن الأسباب التي أدت وتؤدي إلى الخلافات وإلى استمرار التمزق داخل أصحاب القضية الواحدة والهدف الواحد، لا نجد سوى سبب واحد هو الصراع على السلطة والاقتتال عليها قبل أن تتحقق بمفهومها الواقعي والصحيح. وإذا لم يتبدد هذا السبب من عقول الأشقاء ويتم ترك تسويته للمستقبل فإن إقامة الدولة التي اقترب زمن وجودها سيتلاشى لا بفعل العدو الجاثم على صدر فلسطين والمتربص بأبنائها، وإنما بفعل هؤلاء الذين قبلوا أن يختلفوا ويتمزقوا وتتبدد إمكانات نضالهم في الصراع على الوهم والاقتتال على سلطة لا وجود لها إلا على الورق، بينما الكيان الصهيوني يحتل كل شبر ويتحكم في كل الأرض ويحاصر الجميع من البر والبحر والفضاء.

العقلاء داخل فلسطين وخارجها يتساءلون: أية سلطة تلك التي تعلن عن نفسها في رام الله؟ وأين هي السلطة التي تتشبث بوجودها في غزة؟ ومتى قامت هذه الدولة التي يتنازع عليها الفريقان منذ إعلان “أوسلو” الذي ولد ميتاً وأراد الأعداء من خلال ما يسمى في الإعلان بالدولة نوعاً من الإدارة المحلية. وهؤلاء المتسائلون يقولون للمتمسكين بأذيال السلطة الوهمية: تذكروا مواكب الشهداء وقوافل الأسرى الذين سقطوا واعتقلوا منذ أوسلو حتى اليوم وعلى رأسهم الشهيد ياسر عرفات رئيس أول سلطة موحدة تشكلت بعد أوسلو. وما أكثر الأسئلة التي يطرحها فريق العقلاء من الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات، وإجاباتها حاضرة في أذهان كل الفلسطينيين وفي أذهان كل العرب الذين يعنيهم أمر هذا البلد الشقيق المستباح والجريح.

ومن المؤكد أنه لا شيء يؤرق الكيان الصهيوني ويقض مضجعه، ويشعره بأنه غريب على الأرض الفلسطينية وغريب على الأرض العربية، سوى وحدة الفلسطينيين ونسيان خلافاتهم والانصهار في جبهة واحدة تدافع عن الحق السليب وتتعامل مع العالم من خلال مواقف أنظمته من القضية. ولا شيء يعيد الثقة إلى النفوس ويبدد غيوم الشك وشبح الاحتراب بين الأهل، غير الاتجاه الصادق والعاجل نحو التصالح وتجاوز التمترس. وإذا ما تحققت المصالحة، وما أسهل أن تتحقق، فإن فلسطين تكون قد عادت، ويكون الكابوس المغتصب قد تلاشى وأدرك أنه لم يعد في مقدوره اللعب بأوراق السلطة الفارغة من كل معنى، أو خداع العالم بأنه حين يعتدي على هذا الطرف أو ذاك في الضفة أو غزة، أنه يحارب سلطة ولا يحارب جماعة أو جماعات مقاومة تقاتل لاستعادة حقوقها ووطنها السليب.
أضافة تعليق