نبيل البكيري
المتابع لوسائل الإعلام اليمنية بختلف توصيفاتها وتصنيفاتها، لا يجدُ مجالاً إلا أن يعتقدَ أن ثمةً حرباً وشيكةً شاملةً على وشك الإنفجار، خلال هذه الفترة بين حزب الإصلاح وجماعة الحوثي، كما تتورط بذلك أيضاً وللأسف وسائل إعلام الطرفين أو تلك التي تريد تصفية حساباتها معهما أو مع أي منهما، ولكني هنا كمراقب وباحث أيضًا أكاد أجزم أن ليس ثمة ما يدعو لمثل هذا القلق من حرب قادمة بين الطرفين ولأسباب عدةً موضوعية وذاتية وسياسية وغيرها، يمكن إجمالها كتالي:
أولاً: لا يمكن بحال من الأحوال أن ينطلق حزب التجمع اليمني للإصلاح كحزب سياسي كبير يؤمن بالديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة، نحو الحرب، وهو الذي ظل لفترة طويلة وحتى خلال فترة أحداث الثورة الشبابية الشعبية السلمية، محتفظاً بكامل إتزانه ونهجمه السلمي، رغم كل المحاولات التي أرادت جر هذا الحزب إلى أتون معارك جانبية طاحنة وخاسرة في آن ، وفي أكثر من مكان، وهو ما يعني أن الإصلاح أصبح أكثر إدراكاً ووعياً وإيمانًا بأهمية العمل السلمي والنضال المدني أكثر من أي وقت مضى.
ثانياً: مقتضيات المبادرة الخليجية ومتطلبات إنجاحها تجرمُ العنف واللجوء إليه بأي حال من الأحوال، وهذا ما يعيه الإصلاح كحزب جيد، ويعي نتائجه الكارثية على مستقبل البلاد أولاً وعلى الحزب ثانياً، هذا فضلاً عن كون اللجوء إلى تلك المبادرة من قبل الأطراف السياسية كالمشترك تحديداً كان بمبرر عدم جر أو إنزلاق البلاد للاقتتال والفوضى، أصلاً.
ثالثاً: يدرك الإصلاحيون أن الدولة هي المعني الأول والوحيد في الرد على أي جماعة أو طرف يسعى لإحداث أي فوضى أو إقتتال هنا أو هناك، وبتالي هذا ما يتطلب مزيدًا من الدعم والتعاون مع السلطات الرسمية كمسؤولة أولاً وأخيراً عن الأمن والاستقرار في الوطن كله.
رابعًا: يدرك الطرفان الإصلاح وجماعة الحوثي أن أي حرب بينهما تعني خسران الطرفين لهذه الحرب وأنها ستكون حربًا لا منتصر فيها سوى أعداء اليمن، هذا عدا عن طبيعة التركيبة الاجتماعية للشعب اليمني المتشابكة والمتداخلة.
خامساً: حالة الوعي السياسي الكبير الذي يتمتع بها اليمنيون وما أحدثته أيضا الثورة السلمية من وعي متقدم، تجاه مثل هذه الأمور ، وهو ما عزز ويعزز من فرص السلام وكذا يحول المجتمع إلى طرف ممانع بقوة للانجرار نحو العنف والفوضى، هذا عدا عن نبذ المجتمع للطرف الذي يتخندق وراء العنف أو يرفعه كشعار له.
سادساً: الحديث عن عوامل مذهبية وطائفية تدفع باتجاه تلك الحرب المزعومة، بين الطرفين، حديث غير علمي وغير منطقي أيضاً، كون الإصلاح حزباً سياسيًا وليس مذهباً فقهياً أو طائفة دينية، حيث يتعايش ضمن أُطر هذا الحزب كلٌ من الزيدي والشافعي مذهباً، والصوفي والسلفي عقيدةً، والليبرالي والمحافظُ أيديولوجيةً، لتبقى مسألة التوصيف المذهبي للإصلاح من قبل البعض مجرد نكتة سخيفة وغبيةً أيضاً.
سابعاً: يدرك الإصلاحيون جيداً حساسية المرحلة وتعقيداتها المتشابكة، محلياً وإقليمياً ودولياً أيضاً، لذا ليسوا مستعدين لمغامرة معلوم مسبقاً نتائجها ومكاسبها المأمولة، وإلى أي طرف ستؤول مثل تلك المكاسب المتوقعة، إن على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي أيضاً.
ثامناً : يدركُ الجميعُ إصلاحيين وحوثيين، أن أي حالة من الحرب بينهما، لن ينتصر فيها أي طرف على الآخر، ولو افترضنا نصراً لهذا الطرف على ذاك، فإن الخاسر الأول والأخير هم الأطراف المتصارعة، والوطن كله سفينة الجميع الخاسر الاكبر، وأن المستفيد هو الطرف الذي لا زال يترقب، بل ويعمل ليل نهار على وصول الطرفين إلى حالة من الحرب والاقتتال، ليثبت للعالم أنه كان بمثابة شوكة الميزان، وأنه المؤهل الوحيد للعودة إلى سدة الحكم وإن بصور وعناوين جديدة.
تاسعاً: المجتمع الدولي والإقليمي، والأممي يقف بقوة مع تجنيب انزلاق اليمن إلى مزيد من العنف والفوضى، لا حباً في اليمن واليمنيين، ولكن خوفاً على مصالحهم التي تمر عبر هذه البلاد وأجوائها ومياهها الإقليمية، عدا عن موقع اليمن الاستراتيجي، كأهم ثلاثه ممرات مائية في العالم ، عدا عن قرب اليمن من مخازن الطاقة العالمية في الخليج.
عاشراً: صحيح أن ثمة حالة من الاحتراب الإعلامي المتبادل بين الطرفين، لكن مثل هذه الحرب التي تقول عنها العرب، “أول الحرب مبدأها كلامُ “، هي جزء من حالة الفوضى والقلق والحيرة العامة التي تنتاب المشهد السياسي اليمني في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة والحساسة، لكن مع ذلك وقبله، كتجربة وكواقع أيضا فإن اليمنيين شعب برجماتي للغاية، برجماتية قيمية، قد يضطر البعض أن يتخندق هنا أو هناك ، إلا أنه غير مستعد أن يتحول إلى مقاتل عقائدي في صف هذا الطرف أو ذاك، فيؤثر السلامة دائماً، لذا نرى جل حروب اليمنيين خاطفة وسريعة ولا تثقل كاهل مقاتليها إلى ما لا نهاية، وهذا لا يعني قطعاً أن حالة من الاقتتال المتقطع والبعيد، قد يستمر بين فينةٍ وأخرى بين الطرفين حتى الوصول إلى حالة من وجود دولة حقيقية يحتكم لها الجميع ويؤمن بضرورتها.
*الجمهورية
المتابع لوسائل الإعلام اليمنية بختلف توصيفاتها وتصنيفاتها، لا يجدُ مجالاً إلا أن يعتقدَ أن ثمةً حرباً وشيكةً شاملةً على وشك الإنفجار، خلال هذه الفترة بين حزب الإصلاح وجماعة الحوثي، كما تتورط بذلك أيضاً وللأسف وسائل إعلام الطرفين أو تلك التي تريد تصفية حساباتها معهما أو مع أي منهما، ولكني هنا كمراقب وباحث أيضًا أكاد أجزم أن ليس ثمة ما يدعو لمثل هذا القلق من حرب قادمة بين الطرفين ولأسباب عدةً موضوعية وذاتية وسياسية وغيرها، يمكن إجمالها كتالي:
أولاً: لا يمكن بحال من الأحوال أن ينطلق حزب التجمع اليمني للإصلاح كحزب سياسي كبير يؤمن بالديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة، نحو الحرب، وهو الذي ظل لفترة طويلة وحتى خلال فترة أحداث الثورة الشبابية الشعبية السلمية، محتفظاً بكامل إتزانه ونهجمه السلمي، رغم كل المحاولات التي أرادت جر هذا الحزب إلى أتون معارك جانبية طاحنة وخاسرة في آن ، وفي أكثر من مكان، وهو ما يعني أن الإصلاح أصبح أكثر إدراكاً ووعياً وإيمانًا بأهمية العمل السلمي والنضال المدني أكثر من أي وقت مضى.
ثانياً: مقتضيات المبادرة الخليجية ومتطلبات إنجاحها تجرمُ العنف واللجوء إليه بأي حال من الأحوال، وهذا ما يعيه الإصلاح كحزب جيد، ويعي نتائجه الكارثية على مستقبل البلاد أولاً وعلى الحزب ثانياً، هذا فضلاً عن كون اللجوء إلى تلك المبادرة من قبل الأطراف السياسية كالمشترك تحديداً كان بمبرر عدم جر أو إنزلاق البلاد للاقتتال والفوضى، أصلاً.
ثالثاً: يدرك الإصلاحيون أن الدولة هي المعني الأول والوحيد في الرد على أي جماعة أو طرف يسعى لإحداث أي فوضى أو إقتتال هنا أو هناك، وبتالي هذا ما يتطلب مزيدًا من الدعم والتعاون مع السلطات الرسمية كمسؤولة أولاً وأخيراً عن الأمن والاستقرار في الوطن كله.
رابعًا: يدرك الطرفان الإصلاح وجماعة الحوثي أن أي حرب بينهما تعني خسران الطرفين لهذه الحرب وأنها ستكون حربًا لا منتصر فيها سوى أعداء اليمن، هذا عدا عن طبيعة التركيبة الاجتماعية للشعب اليمني المتشابكة والمتداخلة.
خامساً: حالة الوعي السياسي الكبير الذي يتمتع بها اليمنيون وما أحدثته أيضا الثورة السلمية من وعي متقدم، تجاه مثل هذه الأمور ، وهو ما عزز ويعزز من فرص السلام وكذا يحول المجتمع إلى طرف ممانع بقوة للانجرار نحو العنف والفوضى، هذا عدا عن نبذ المجتمع للطرف الذي يتخندق وراء العنف أو يرفعه كشعار له.
سادساً: الحديث عن عوامل مذهبية وطائفية تدفع باتجاه تلك الحرب المزعومة، بين الطرفين، حديث غير علمي وغير منطقي أيضاً، كون الإصلاح حزباً سياسيًا وليس مذهباً فقهياً أو طائفة دينية، حيث يتعايش ضمن أُطر هذا الحزب كلٌ من الزيدي والشافعي مذهباً، والصوفي والسلفي عقيدةً، والليبرالي والمحافظُ أيديولوجيةً، لتبقى مسألة التوصيف المذهبي للإصلاح من قبل البعض مجرد نكتة سخيفة وغبيةً أيضاً.
سابعاً: يدرك الإصلاحيون جيداً حساسية المرحلة وتعقيداتها المتشابكة، محلياً وإقليمياً ودولياً أيضاً، لذا ليسوا مستعدين لمغامرة معلوم مسبقاً نتائجها ومكاسبها المأمولة، وإلى أي طرف ستؤول مثل تلك المكاسب المتوقعة، إن على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي أيضاً.
ثامناً : يدركُ الجميعُ إصلاحيين وحوثيين، أن أي حالة من الحرب بينهما، لن ينتصر فيها أي طرف على الآخر، ولو افترضنا نصراً لهذا الطرف على ذاك، فإن الخاسر الأول والأخير هم الأطراف المتصارعة، والوطن كله سفينة الجميع الخاسر الاكبر، وأن المستفيد هو الطرف الذي لا زال يترقب، بل ويعمل ليل نهار على وصول الطرفين إلى حالة من الحرب والاقتتال، ليثبت للعالم أنه كان بمثابة شوكة الميزان، وأنه المؤهل الوحيد للعودة إلى سدة الحكم وإن بصور وعناوين جديدة.
تاسعاً: المجتمع الدولي والإقليمي، والأممي يقف بقوة مع تجنيب انزلاق اليمن إلى مزيد من العنف والفوضى، لا حباً في اليمن واليمنيين، ولكن خوفاً على مصالحهم التي تمر عبر هذه البلاد وأجوائها ومياهها الإقليمية، عدا عن موقع اليمن الاستراتيجي، كأهم ثلاثه ممرات مائية في العالم ، عدا عن قرب اليمن من مخازن الطاقة العالمية في الخليج.
عاشراً: صحيح أن ثمة حالة من الاحتراب الإعلامي المتبادل بين الطرفين، لكن مثل هذه الحرب التي تقول عنها العرب، “أول الحرب مبدأها كلامُ “، هي جزء من حالة الفوضى والقلق والحيرة العامة التي تنتاب المشهد السياسي اليمني في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة والحساسة، لكن مع ذلك وقبله، كتجربة وكواقع أيضا فإن اليمنيين شعب برجماتي للغاية، برجماتية قيمية، قد يضطر البعض أن يتخندق هنا أو هناك ، إلا أنه غير مستعد أن يتحول إلى مقاتل عقائدي في صف هذا الطرف أو ذاك، فيؤثر السلامة دائماً، لذا نرى جل حروب اليمنيين خاطفة وسريعة ولا تثقل كاهل مقاتليها إلى ما لا نهاية، وهذا لا يعني قطعاً أن حالة من الاقتتال المتقطع والبعيد، قد يستمر بين فينةٍ وأخرى بين الطرفين حتى الوصول إلى حالة من وجود دولة حقيقية يحتكم لها الجميع ويؤمن بضرورتها.
*الجمهورية