مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
كبرياءُ ثائرٍ جريح بعد معركتِه الأولى(نص شعري)*
الناهض طارق كرمان (22مارس 2012م)

بشيرٌ جائنـــي..

وأنا أعاقِرُ خمرةَ الآلامِ والحزَنِ..

فأفسدَ خُلوتي في كهفيَ النائي، وأخرجَنــــي

إلى بيتِ الثقافة كي يكَرّمَنــــي.

*******

تُكَرّمُنـــــــــي!!

على ماذا؟

أنا المهزومُ حتى الآنَ يا هذا

أنا المطعون بالسيفِ الذي في ظلِّهِ لاذا

أنا المُستَضعَفُ المغلوبُ

ممّنْ عاذَ منه ومَن بهِ عاذا

أنا الطرَفُ المَهيضُ هُنــــــا

أنا مَنْ تحتَ صَخرِ صراعِهِمْ طُحِنـــــــا

وكانَ وفاقُهُمْ نصراً

لهُمْ طبعاً..

عليَّ أنــــــــا.

*******

فهلّ لكَ أنْ تفهّمَنــــي

على ماذا تكرّمُنـــي؟

على الرقم القياسيّ الذي حقّقتُهُ بالسيرِ في الساحاتِ والمُــدُنِ!

على ماذا تكرّمُنــي؟

على عدد الذينَ يسجّلون بصفحتي في الفيس ’’أعجَبَنــــي’’!

على ماذا تكرّمُنـــي؟

على ما ظَلَّ فيهِ الشعبُ

من فقرٍ ومنْ جوعٍ ومن جهلٍ ومن مِحَنِ!

على ما باتَ في الثوارِ

من ضعفٍ ومن عجزٍ ومن وهَنِ

وأنّي رَغْمَ كوني واحداً منهم كأنّي قَطّ لم أكُنِ

أُنادى ثائراً نزِقاً

كما يُدعى المُحاربُ فارساً لكنْ..

بلا سيفٍ ولا خيلٍ ولا مُؤَنِ

****

على ماذا تكرّمُنـــي؟

على حُلُمي الذي سُرِقــــا!

على أمَلي الذي لا زالَ محترِقــــا!

على أنّ الفسادَ بقى

وما عاد انفراداياً ولكن صارَ مُشتَرَكاً ومُتّفقــــا!

على ماذا تكرّمُنـــي؟

على آلامِ جرحانــــا!

على خُذلانِ قتلانــــا!

على استبدالِ فرعونٍ بهامانــــا!

وما هامانُ غيرُ قناعِ فرعونَ الذي لا زالَ سُلطانــــا

يسيّرُنا ولكنْ من وراءِ العرشِ

يحكمُنا ولكنْ دونَ مرءانــــا

وبالنسَقِ الذي كانــــا.

على ماذا تكرّمُنـــي؟

وماذا سوفَ تمنَحنــــي؟

وسامَ الصبرِ، نيشانَ الشجاعةِ، نجمةَ التصعيدِ، ميداليّةَ اللَسَــــــنِ!!!

وهل فوق الحصانةِ أيُّ جائزةٍ تُمَدُّ لفائزٍ فطِـــــــنِ؟

وقَدْ مُنِحَتْ لمَنْ لا زالَ يقتلُني وينهَبُني ويُرهبنــــي..

على ماذا تكرّمُني؟!

على وهمِ انتصاري، في انكساراتــــي!

على حُرّيّةٍ وكرامةٍ مُنِحَتْ لأربابِ العصابــــاتِ!

على أنّ البلادَ غَدَتْ تُدارُ اليومَ من غُرَفِ السفــــاراتِ!

على ماذا تكرّمُنـــي؟

على مقدارِ ما صَفّقتُ حتى تمّتِ الصَفْقــــــــهْ!

على دَوري الذي أدّيتُــــهُ في المسرحيّةِ دونَ أنْ أفقَـــــــهّ!

حرِيٌّ أنْ تكرّمَ أوّلاً أبطالَها

منْ قادةِ الأحزابِ والفِرْقَـــــــــهْ.

****

على ماذا تكرّمُنـــي؟

على إحساسيَ المُرْهَـــــفْ!

على أنّي أردتُ الزحفَ نحو القصرِ دندنَةً

ولمْ أزحَــــفْ!

وأّنّي لم أعُدْ بالحَقّ أجرُؤُ بعدُ أنْ أهتِــــــفّ!

وأَنَّ ثمارَ ثورتِنا التي زُرِعَتْ لأجلِ الشعبِ

باتَتْ مِنْ يدَيْ سُرّاقِــــــــــــهِ تُقطَـــــفْ!

ألَمْ تَرَ أنّ معركتي معلّقةٌ

وجرحي لم يزَلْ ينـــــزِفْ..

فكيفَ تُريدُ تكريمي

على ما لمْ أحقّقْ بعدُ من هدفي الذي تعــــرِفْ..

أأَترُكَ دامياً حَدَثي

لأُعرَضَ داخِلَ المُتحَــــــفْ.

وإنْ يكُ غيريَ انتصروا..

فما شأني؟

وأمّا إنْ يكُنْ قدْ سَرّكُم في ثَورَتي ’’فنّــــــــــي’’

فمَنْ ذا يشتري منّـــــــي

جميعَ مشاعِري ودفاتِري والحِبرَ والأقلامَ ’’والجـِنّـــــــــي’’

بأحلامِ ابنَتي وابْنـــــي.

وما شِعري

سوى نغَمٍ يُسليتي على القَهْـــــرِ

وبعضِ سكاكرٍ في الدربِ تحتَ الكَرْبِ

تُمزجُ في مرارةِ أكؤسِ الصبْــــــرِ..

وإنْ أنا مِتُّ قبلَ صبيحةِ النصرِ

فأوصيكُم بجَعلِ دفاتِري..

قبــــــــــري.

فلستُ أنا الذي يُغــــوى

عنِ الكَنزِ العظيمِ بقطعة الحلــــوى

ولستُ أنا الذي يُلوى

عنِ الهدَفِ المُرادِ ببعضِ ما يهــــوى

ليعلمّ كُلُّ من ضحكوا على ضعفي الذي دوّى

بأنّي في اعترافي بالهزيمةِ

مِنهمو في وهمِهِم أقــــوى

******

أيا بيتَ الثقافةِ هلْ كتبتَ جميعَ قصّتِنــــا؟

وهَلْ دوّنتَ فيها كيفَ ’’بلْطَجْنــــا’’ ثقافتَنــــا؟

وشرْعَنّــــــــا انشقاقَ الصّفّ حتى لا اصطِفافَ لنــــا

وحتّى انحَلَّ وجهُ الشعبِ

أحزاباً، حِراكاتٍ، طوائِفَ

كُلّهُمْ يزهو ويَفخَرُ بالعمالةِ بيننا علَنـــــا

وكُلّهُمو إلى يدِ أجنبيٍّ باتَ مُرتهِنــــا

يبيعُ ويشتري في العالَمينَ بنـــــا

وليسَ لديه منفعةٌ تُباعُ لنــــا

وكُلّهمو يُغَنّينا على ليلاهُ، يُطرِبُنـــــــا

ولمْ أرَ بينَ ليلاواتِهِمْ

ليلى التي يُدعى اسمُها الـ:

ـيَمَنــــا.

كفَرتُ بهِمْ جميعاً..

مؤمناً أنْ ليسَ بينَهُمو كريمٌ كي يُكرّمَنــــا..

كفرتُ بِهِمْ

مُعارضةً، نظاماً، انفصاليينَ، حوثيّينَ، إرهاباً

يساريّينَ أو يُمَنــــــا..

بمَن فيهِم قيادةُ ثورَتي الجُبَنـــــــــــا

فمذهَبُهُمْ جميعاً مذهَبٌ اللؤمِ الذيْ يعني: مصالحهَمْ

ومعناها: مفاسدُنا

ألا يا ليتَ شعري، هلْ تُرى من بينِهِمْ أحدٌ

أمينٌ إنْ هُوَ ائْتُمِـنـــــا؟

وهَلْ منْ بينِهِم أحَدٌ يُريدُ الحُكمَ من أجلِ المواطنِ؟

يبتغي بالسُلْطةِ الوطَنا؟

ويقدِرُ أنْ يسوسَ الأمرَ بالقسطاسِ متّزِنــــــــا

وأنْ يبني البلادَ بخيرِ ما فيها من الثرَواتِ

لا بــــدُيونَ تَدفَعُ بعدنا الأجيالُ كُلفَتها وتلْعننـــــا

ولا بتسوّلٍ مُخزٍ، يُذلّ رقابَنا مِنَنــــــــا

تُرى هلْ بينهُم أحدٌ تؤرّقُهُ مواجعُنـــــا؟

وبينَ يديهِ مشروعٌ يؤَمّنُ خوفَنا ويصونُ وحدتَنـــــا؟

ويحملُ هَمّ هذا الشعبِ،

همَّ معيشةِ المسكينِ،

همَّ المُرضِعِ الجوعى لِتُشبِعَ طفلَها لبَنـــــا..؟

لعمري، إنْ يكُنْ أحَدٌ كهذا بينَ أظهُرِنا....

فحسبي منه تكريماً إذا أذِنــــــا

بتنصيبي مُراسلَ بابِهِ،

صَبّابَ قهوتِهِ،

وإنْ لم يجزِني ثَمَنــــا

سأتْبَعُهُ وربِّ البيتِ حتى لو يكُ بْنَ زِنى.

******

خذوا تكريمَكُمْ عنّي.. وزيدوهُ مباركَتي

خذوهُ وقسّموهُ بينَ أطراف المبادرَةِ

كما اقتسمو جميعَ حقوقِ شعبي دونما حقٍّ ولا صفَةِ.

ولي يا قومُ جائزةٌ، إلى إحرازها أسعــــــى

عظيمٌ شأنُها..

ليسَتْ شبيهةَ غيرِها قَطعــــــــا

ولا هي بالتي تُعطى لصاحبِها

بحفلٍ نحوَهُ يُدعـــى

ولكن تُستحقّ بنزعِها نزْعــــــا

وتُؤخَذُ من يدِ الطاغوتِ بالإكراهِ لا طَوْعـــــا

هي الحُرّيّةُ البيضاءُ،

وهْي كرامَةُ الإنسانِ،

وهي سيادَةُ الوطَنِ

وفي حفلِ انفجارِ الفَجرِ، يومَ تواضُعِ الزمَنِ..

أنا وجميعُ من صدقوا بثورتِنا

ومن ثبَتوا بدَربِ الحقّ

بينَ مدارِبِ الفِتَـــــــنِ

سنمنحُها بإذنِ الله جائزةً..

لتكريمِ اليمنانيين واليمَـــــــنِ..

********

وحتّى ذلك الحينِ الذي سيجيؤنا مُكْـــــرَهْ

وبِسْمِ أولئك الأحرارِ

أهلِ الصبرِ في أيامِنا المُـــــــرّهْ

حلفتُ ببوعِزيزي تونُسَ الخضراءَ

مَنْ أذكى بنارِ إبائِه في رُوحِنا الغَيْــــــرَهْ

حلفتُ بخالِدِ بنِ سعيدَ

مَنْ أهدى لنهرِ النيلِ مُهجَتَهُ

ليُغرَقَ تحتَهُ فرعونَ مصرَ ويفتدي مِصْـــــرَهْ

حلفتُ بزينبَ الحِصنيِّ في سوريّةَ الحُـــــــــرّه

وإخوتِها الذينَ يسرمدونَ قوافِل الشُهداءِ

حتى يُسقِطوا بشاراً الهِــــــــرّه

حلفتُ بياسمينَةَ في تعزَّ

بكلّ من سكَبوا لعزّةِ هذه الأوطانِ

من دمِهِمْ ولو قطــــــرَه

حلفتُ بسيّدِ الشهداءِ

مَنْ ضحّى بمُلْكِ الرافدَينِ

مؤمّلاً في قُبّةِ الصخــــــره

وأحلِفُ قبلَهُمْ بمحمّدِ الـــــدّرّه..

بأنْ لا أقبلَ التكريمَ قبلَ النصرِ

بلْ لا أحتفي بالنصرِ

حتى يُعلِنَ المظلومُ لي نصــرَهْ..

وحتى تستعيدَ يدُ العدالةِ كُلَّ مظلمةٍ

وتجزيَ كُلَ باغٍ ظالمٍ وزرَه

وحتى يستردّ الشعبُ

من أيدي الفسادِ زمامَ دولتِهِ

ومن أيدي الوصايةِ حولَها أمــــــــرَه

ويُرجِعَ جيشهُ خدَماً لهُ من خِدمةِ الأُســـــرَه

وحتى يستوي بحقوقِهِ اليمنيّ في صنعاء

واليمَنيّ في المهــــــــره..

وحتى يلمِسَ الفُقراءُ..

ما وعَدَتْ بهِ الثـــــــــــــوره.
*قصيدة ألقيتها صباح اليوم (22مارس 2012م) في بيت الثقافة بمناسبة الحفل الذي أقيمَ لتكريم شعراء ثورة الشباب ودُعيتُ إليه كواحدٍ منهم، لكنني رفضتُ التكريم على ثورةٍ لم تنتصر بعدُ، لإيماني أن التأريخ لا يعبأُ بالمُقدّماتِ وإنما بالنتائج..
****************
رابط الصفحة الرسمية:
http://www.facebook.com/Tareq.A.Karman
مقالات اخرى
أضافة تعليق