د.إبراهيم الشمري
في مثل هذه الأيام قبل ثماني سنين، كانت نذر الحرب الأمريكية الظالمة على العراق تلوح في الأفق، وكان الوجوم والخوف يسود المشهد في عالمنا العربي والإسلامي، فأمريكا كانت في ذلك التاريخ سلطانة العالم، ولم يكن أحد يتخيل أنها يمكن أن تُهزَم، غيرَ فئام من المؤمنين المعتصمين بكتاب ربهم وقوله - سبحانه -: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]، وقوله - سبحانه - على لسان أصحاب طالوت الثابتين: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]، وقوله - عز وجل -: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]، فتمسكوا من أسباب ربهم بعروته الوثقى وحبله المتين، فلم يزالوا للحق ناصرين وبه ظاهرين إلى أن بزغ فجر الإيمان للناس وأشرق نوره للعالمين، وخُسِف قمر بهتان أمريكا وأوليائها، وأضحى كوكبه من الآفلين، فتأكد لمن كان خائفاً مرتعباً ترهبه قوة أمريكا - وهي في بلادها فلم يجرؤ على معارضتها ولو برأي - أنها نمر من ورق، وأن زيف إعلامها هو الذي صنع لها هذه الهالة الزائفة، وأن القوة المطلقة بيد الله - تعالى - الذي يقول: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165]، فظهر نصر الله لأوليائه أشهر من الشمس وقت الزوال، وأوضح من البدر ليلة الكمال.
وزمجرتْ سُوَر القرآن صارخةً
فرددتْ بعدَها الآفاقُ آمينا
إن خصومتنا مع عدونا لم تكن عن هوى من أنفسنا، وإنما اتباع لشرع ربنا الذي يقول: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]، فكانت لغة الخصومة رصاصاً وقصفاً وعبواتٍ وقنصاً، ومواجهاتٍ واعتقالاً وشهادة وقتلاً... وغيرها من أحاديث القتال، كما كان لدعوة هذا العدو فسحة وسط هذا الضجيج، وأذكر أن الشيخ أمير الجيش الإسلامي بحكمته وحنكته المعهودة، قد أصدر أمراً بوضع بعض الكتب الصغيرة، التي تتحدث عن الإسلام باللغة الإنكليزية في أماكن وجودنا وفي سياراتنا، وكان بنفسه يوزع علينا بعضها، من أجل تعريف هذا العدو بالإسلام دين الرحمة والسماحة إن حدث شيء من اللقاء السلمي؛ كأنْ يمر أحدنا في نقاط التفتيش، أو في مداهمات المنازل والمكاتب، فكان لهذه الخطوة أثر طيب، ثم ما لبث أن أصدرت قوات الاحتلال تعليمات إلى جنودها بعدم قراءة أي كتاب يتحدث عن الإسلام.
وكان من إفرازات الاحتلال والتعاون الإيراني معه على إسقاط الدولة العراقية، أن تمكَّنت قوى المليشيات الشيعية الطائفية من اختراق أجهزة الدولة وأصبحت كثيرة أجهزة الدولة التي تدار من قِبَل إيران مباشرة أو عن طريق أوليائها، وكان لهذا التزاوج في الاحتلال أثره السلبي الهائل على المنظومة الاجتماعية في العراق؛ إذ استخدمت أمريكا المليشيات الشيعية في قتل أهل السُّنة وتهجيرهم من مناطقهم؛ عسى أن تنحرف بندقية المقاومة وتتجه إلى شعبها وتترك توجيه السلاح إلى صدر عدوها الأمريكي. وكانت المقاومة متنبهة إلى تلك الحيلة الخبيثة، وبذلت قيادتها جهداً كبيراً في السيطرة على البوصلة أن لا تنحرف، وكان أن صدرت تعليمات مشددة بأن يقوم رجال الجهاد بأنفسهم بحماية المناطق الشيعية التي تقع تحت سيطرتهم أن لا يصيبها تهجير أو إيذاء بغير وجه حق، وبذلك استطاعت المقاومة أن تطوي صفحة خطيرة من صفحات العدوان، وأصبح الحفاظ على السلم الأهلي واحداً من أهم أهدافها؛ لأن هذا السلم هو محيط دعوتها المستقبلية.
لقد عاد للأمة شيء من وعيها بقدرتها على التغيير بعد التوكل على مسبب الأسباب ومقدِّر الأقدار، ثم دارت الدائرة على حلفاء أمريكا أو لنقل: مداهنيها من حكام المنطقة، فتنبهت الشعوب إلى قوَّتها الكامنة فاستطاعت مظاهراتها السلمية في غضون أيام قليلة أن تُسقِط حاكمَين من أقوى حكام بلاد العرب، فسقط (زين العابدين بن علي) رئيس تونس في ثلاثة وعشرين يوماً، وسقط (حسني مبارك) رئيس مصر في ثمانية عشر يوماً، ولم ينفع ترياق الإرهاب والإسلاميين الذي حاول النظامان استخدامه في إطالة أمد عمريهما المنقضيين، {قُلْ جَاءَ الْـحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]، وها هو (ثالثة الأثافِيِّ) نظام القذافي قارب على السقوط، بعد أن مكث اثنتين وأربعين سنة عجفاء جاثماً على صدور الليبيين، وتراه يردد الحجج نفسها؛ بأن الإسلاميين قادمون إن ذهب نظامه.
إننا إذ نقول ذلك لا نقوله تشفياً؛ وإنما تشخيصاً للواقع المؤسف، وكم كنا نتمنى أن تنصلح العلاقة بين الحكام وشعوبهم بأدنى من ذلك بكثير، حفظاً لثروات الأمة وخوفاً عليها من أوكار الفتنة، أن تستغل تلك الظروف وتوجه الأحداث في غير صالح عباد الله.
لقد غاب عن بعض الأنظمة العربية الحاكمة: أن العدل والعلاقة الحسنة بين الحاكم وشعبه والرفق بالرعية هو منظومة أمان الحكم وسعادته؛ ففي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - عن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ! مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ».
إن عصر الشعوب الذي فجرته المقاومة العراقية بإنجازاتها الهائلة قد بدأ. قال القائد العام لجماعة الجيش الإسلامي في العراق: «لقد أكدنا مراراً أن من أهم منجزات الجهاد في العراق نقل شباب الأمة وكفاءاتها من العيش على هامش الأحداث إلى قيادة الأمة، وقد كان بفضل الله - سبحانه وتعالى - وها هو ذا يترسخ يوماً بعد يوم»، ولا مجال لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتخطيء أمريكا والغرب إن ظنوا أنهم يستطيعون الاستمرار في اللعبة نفسها وهي تخويف الحكام من شعوبهم، وتخويف الشعوب بحكامها؛ لكي تكون أمريكا هي الممسكة بمعادلة الخوف والأمان؛ وذلك خوفاً من قدوم أهل الدين والإيمان إلى سدة الحكم، وكأن على الحاكم أن يكون شيطاناً حتى يستطيع الحكم، خابوا وخاب فألُهم؛ فقد ظهر مشهد جديد لا تمسك فيه أمريكا بخيوط اللعبة، وأن عليها وعلى حلفائها من الغربيين أن يتمعنوا المشهد ويقرؤوه جيداً، ويعلموا أن الإسلام هو دين هذه الأمة، فإن ظنوا أن الوضع الشاذ (وهو تنحية شريعة الإسلام عن حكم أتباعه) يمكن أن يدوم فهم واهمون، وعصر الجماهير الذي بدأ هو عصر الإسلام لأنه دينها، ومن الخير لأمريكا والغرب أن يتفاهموا على مصالحهم مع الجماهير ومع من يمثلها تمثيلاً صادقاً، على قاعدة الاحترام المتبادَل والمصالح المشتركة {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الحشر: 2].
اللهم! أبرم لأمتنا أمر رشد يعز به أهل طاعتك ويُذَل به أهل معصيتك، واحفظ شباب الإسلام في كل مكان، وحقِّق بهم آمال أمتهم بحولك وقوَّتك يا عزيز يا قدير، وصلى الله على عبده ونبيه محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
*البيان
في مثل هذه الأيام قبل ثماني سنين، كانت نذر الحرب الأمريكية الظالمة على العراق تلوح في الأفق، وكان الوجوم والخوف يسود المشهد في عالمنا العربي والإسلامي، فأمريكا كانت في ذلك التاريخ سلطانة العالم، ولم يكن أحد يتخيل أنها يمكن أن تُهزَم، غيرَ فئام من المؤمنين المعتصمين بكتاب ربهم وقوله - سبحانه -: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]، وقوله - سبحانه - على لسان أصحاب طالوت الثابتين: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]، وقوله - عز وجل -: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]، فتمسكوا من أسباب ربهم بعروته الوثقى وحبله المتين، فلم يزالوا للحق ناصرين وبه ظاهرين إلى أن بزغ فجر الإيمان للناس وأشرق نوره للعالمين، وخُسِف قمر بهتان أمريكا وأوليائها، وأضحى كوكبه من الآفلين، فتأكد لمن كان خائفاً مرتعباً ترهبه قوة أمريكا - وهي في بلادها فلم يجرؤ على معارضتها ولو برأي - أنها نمر من ورق، وأن زيف إعلامها هو الذي صنع لها هذه الهالة الزائفة، وأن القوة المطلقة بيد الله - تعالى - الذي يقول: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165]، فظهر نصر الله لأوليائه أشهر من الشمس وقت الزوال، وأوضح من البدر ليلة الكمال.
وزمجرتْ سُوَر القرآن صارخةً
فرددتْ بعدَها الآفاقُ آمينا
إن خصومتنا مع عدونا لم تكن عن هوى من أنفسنا، وإنما اتباع لشرع ربنا الذي يقول: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]، فكانت لغة الخصومة رصاصاً وقصفاً وعبواتٍ وقنصاً، ومواجهاتٍ واعتقالاً وشهادة وقتلاً... وغيرها من أحاديث القتال، كما كان لدعوة هذا العدو فسحة وسط هذا الضجيج، وأذكر أن الشيخ أمير الجيش الإسلامي بحكمته وحنكته المعهودة، قد أصدر أمراً بوضع بعض الكتب الصغيرة، التي تتحدث عن الإسلام باللغة الإنكليزية في أماكن وجودنا وفي سياراتنا، وكان بنفسه يوزع علينا بعضها، من أجل تعريف هذا العدو بالإسلام دين الرحمة والسماحة إن حدث شيء من اللقاء السلمي؛ كأنْ يمر أحدنا في نقاط التفتيش، أو في مداهمات المنازل والمكاتب، فكان لهذه الخطوة أثر طيب، ثم ما لبث أن أصدرت قوات الاحتلال تعليمات إلى جنودها بعدم قراءة أي كتاب يتحدث عن الإسلام.
وكان من إفرازات الاحتلال والتعاون الإيراني معه على إسقاط الدولة العراقية، أن تمكَّنت قوى المليشيات الشيعية الطائفية من اختراق أجهزة الدولة وأصبحت كثيرة أجهزة الدولة التي تدار من قِبَل إيران مباشرة أو عن طريق أوليائها، وكان لهذا التزاوج في الاحتلال أثره السلبي الهائل على المنظومة الاجتماعية في العراق؛ إذ استخدمت أمريكا المليشيات الشيعية في قتل أهل السُّنة وتهجيرهم من مناطقهم؛ عسى أن تنحرف بندقية المقاومة وتتجه إلى شعبها وتترك توجيه السلاح إلى صدر عدوها الأمريكي. وكانت المقاومة متنبهة إلى تلك الحيلة الخبيثة، وبذلت قيادتها جهداً كبيراً في السيطرة على البوصلة أن لا تنحرف، وكان أن صدرت تعليمات مشددة بأن يقوم رجال الجهاد بأنفسهم بحماية المناطق الشيعية التي تقع تحت سيطرتهم أن لا يصيبها تهجير أو إيذاء بغير وجه حق، وبذلك استطاعت المقاومة أن تطوي صفحة خطيرة من صفحات العدوان، وأصبح الحفاظ على السلم الأهلي واحداً من أهم أهدافها؛ لأن هذا السلم هو محيط دعوتها المستقبلية.
لقد عاد للأمة شيء من وعيها بقدرتها على التغيير بعد التوكل على مسبب الأسباب ومقدِّر الأقدار، ثم دارت الدائرة على حلفاء أمريكا أو لنقل: مداهنيها من حكام المنطقة، فتنبهت الشعوب إلى قوَّتها الكامنة فاستطاعت مظاهراتها السلمية في غضون أيام قليلة أن تُسقِط حاكمَين من أقوى حكام بلاد العرب، فسقط (زين العابدين بن علي) رئيس تونس في ثلاثة وعشرين يوماً، وسقط (حسني مبارك) رئيس مصر في ثمانية عشر يوماً، ولم ينفع ترياق الإرهاب والإسلاميين الذي حاول النظامان استخدامه في إطالة أمد عمريهما المنقضيين، {قُلْ جَاءَ الْـحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]، وها هو (ثالثة الأثافِيِّ) نظام القذافي قارب على السقوط، بعد أن مكث اثنتين وأربعين سنة عجفاء جاثماً على صدور الليبيين، وتراه يردد الحجج نفسها؛ بأن الإسلاميين قادمون إن ذهب نظامه.
إننا إذ نقول ذلك لا نقوله تشفياً؛ وإنما تشخيصاً للواقع المؤسف، وكم كنا نتمنى أن تنصلح العلاقة بين الحكام وشعوبهم بأدنى من ذلك بكثير، حفظاً لثروات الأمة وخوفاً عليها من أوكار الفتنة، أن تستغل تلك الظروف وتوجه الأحداث في غير صالح عباد الله.
لقد غاب عن بعض الأنظمة العربية الحاكمة: أن العدل والعلاقة الحسنة بين الحاكم وشعبه والرفق بالرعية هو منظومة أمان الحكم وسعادته؛ ففي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - عن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ! مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ».
إن عصر الشعوب الذي فجرته المقاومة العراقية بإنجازاتها الهائلة قد بدأ. قال القائد العام لجماعة الجيش الإسلامي في العراق: «لقد أكدنا مراراً أن من أهم منجزات الجهاد في العراق نقل شباب الأمة وكفاءاتها من العيش على هامش الأحداث إلى قيادة الأمة، وقد كان بفضل الله - سبحانه وتعالى - وها هو ذا يترسخ يوماً بعد يوم»، ولا مجال لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتخطيء أمريكا والغرب إن ظنوا أنهم يستطيعون الاستمرار في اللعبة نفسها وهي تخويف الحكام من شعوبهم، وتخويف الشعوب بحكامها؛ لكي تكون أمريكا هي الممسكة بمعادلة الخوف والأمان؛ وذلك خوفاً من قدوم أهل الدين والإيمان إلى سدة الحكم، وكأن على الحاكم أن يكون شيطاناً حتى يستطيع الحكم، خابوا وخاب فألُهم؛ فقد ظهر مشهد جديد لا تمسك فيه أمريكا بخيوط اللعبة، وأن عليها وعلى حلفائها من الغربيين أن يتمعنوا المشهد ويقرؤوه جيداً، ويعلموا أن الإسلام هو دين هذه الأمة، فإن ظنوا أن الوضع الشاذ (وهو تنحية شريعة الإسلام عن حكم أتباعه) يمكن أن يدوم فهم واهمون، وعصر الجماهير الذي بدأ هو عصر الإسلام لأنه دينها، ومن الخير لأمريكا والغرب أن يتفاهموا على مصالحهم مع الجماهير ومع من يمثلها تمثيلاً صادقاً، على قاعدة الاحترام المتبادَل والمصالح المشتركة {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الحشر: 2].
اللهم! أبرم لأمتنا أمر رشد يعز به أهل طاعتك ويُذَل به أهل معصيتك، واحفظ شباب الإسلام في كل مكان، وحقِّق بهم آمال أمتهم بحولك وقوَّتك يا عزيز يا قدير، وصلى الله على عبده ونبيه محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
*البيان