مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
مشروعية الحكم الفاسدة
د. عبدالله الزايدي / الرياض
إن أمثال هؤلاء الرؤساء ليسوا أهلا للاحترام عند شعوبهم، وليسوا أهلا أن يؤمر بطاعتهم.. إذن ما هي المشروعية التي يستندون إليها؟ إنها مع الأسف حماية مصالح الغرب، والمحافظة على الكيان الصهيوني بالنسبة لأنظمة الحكم المجاورة لها..

مشروعية الحكم في الرؤية الإسلامية تنبع من اختيار أهل الحل والعقد للحاكم، ومبايعة الشعب له، ومهمته كما حددها العلماء هي حراسة الدين وسياسة الدنيا به، والقيام بمصالح الناس.

وفي النظم الديمقراطية المتحضرة، تأتي المشروعية من اختيار الشعب للحاكم اختيار حرا، ومحاسبة الشعب بعد ذلك للحاكم عبر ممثليه في البرلمان على إنجازاته وإخفاقاته.

ولهذا يحرص الرؤساء في تلك الدول على خدمة الشعوب والقيام بمصالحها، غير أن لمعظم حكام الدول العربية وضعا آخر مؤسفا ومخجلا، فلا تجد لهم مشروعية حقيقية، إذ لم يتم اختيارهم لا على مستوى النخبة الذين هم أهل الحل والعقد ولا على مستوى الجماهير، ولم يقوموا بوظيفة الحكم والسياسة في الرؤية الإسلامية وهي حراسة الدين، بل كانوا في قطيعة وعداء معه وشريعته والدعاة إليه، ولم يقوموا بمصالح الخلق كما يجب، بل لم يحققوا الحد الأدنى، كما لم يقوموا بالوظيفة السياسية للنظم الديمقراطية التي هي تحقيق التنمية والرخاء المادي، بل على العكس من ذلك كانت الدول قبل مجيئهم خيرا منها بعد توليهم مقاليد الأمور، فحل الفقر بوجودهم وانتشرت البطالة والجريمة أثناء ولايتهم.

إذن ما هي المشروعية التي يستندون إليها؟ إنها مع الأسف حماية مصالح الغرب، والمحافظة على الكيان الصهيوني بالنسبة لأنظمة الحكم المجاورة لها.

والمتابع لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكان بعد الثورات الشعبية في كل من تونس ومصر، يدرك تماما أنه لم يكن لحاكمي هاتين الدولتين من وسيلة لتثبيت أركان حكمهم سوى التقرب إلى الغرب بخدمة المصالح الغربية والمحافظة على الدولة الصهيونية فقط، وربما كان هذا مع الأسف حال حكام دول أخرى خاصة المجاورة لدولة اليهود مثل سوريا والأردن.

فقد كشفت تصريحات الرؤساء الغربيين عن هؤلاء الحكام هذه الحقيقة، وصدقت ما تقوله المعارضة في تلك البلاد عن حكامها، حيث أعرب الرئيس الصهيوني شيمون بيريز عن شكره العميق لما قام به الرئيس المصري حسني مبارك، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية لن تنسى أبدا ما قدمه لها حسني مبارك من خدمات كبرى. وأما خدمة حسني مبارك للأمريكان، فيكفي ثناء أحد كبار قادة الحزب الجمهوري الأمريكي ونائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني على الرئيس المصري حسني مبارك، حيث وصفه بـ’’رجل صالح’’، وأشاد بمواقفه من الولايات المتحدة. وقال: إن مبارك ’’صديق قوي’’ للولايات المتحدة، وذكّر بمساعدته هذا البلد في أزمات.

من المؤسف أن تكون هذه هي المشروعية لهؤلاء الحكام، فبدلا من رعاية مصالح شعوبهم وتحقيق أسباب التقدم والعزة لها، والقيام بحقوق إخوانهم العرب والمسلمين، أصبح لا هم لهم سوى حماية أعداء أمتهم، مع عداء بينهم وبين شعوبهم وإخوانهم، وأبرز مثال ذلك الدور السيئ لحسني مبارك في حصار غزة وتشجيع اليهود على العدوان عليها.

إن أمثال هؤلاء الرؤساء ليسوا أهلا للاحترام عند شعوبهم، وليسوا أهلا أن يؤمر بطاعتهم، كما أنه من المؤسف أكثر أن من حولهم من مرؤوسيهم لا يقل عنهم سوءا في ولائهم للغرب وحرصهم على حماية اليهود، مثل نائب الرئيس المصري المعين عمر سليمان. أسأل الله أن يعجل بفرج إخواننا في مصر ويولي عليهم خيارهم ويصرف عنهم شرارهم.
أضافة تعليق