وفاء الدباس / الرياض
لقد بلغني أيها البشير أنك وافقت على استفتاء ستتنازل من خلاله عن مساحة تبلغ 700 ألف كيلو متر مربع من دولة تعتبر من أكبر بلدان العالم الإسلامي، مقابل بقائك على كرسيك الصغير!! فاعلم أنك لا تحكم إلا جزءا ضئيلا مما كنت أحكمه في مملكتي الواسعة، ومع ذلك فإني فضلت العزل على الهوان!! ... لقد تنازلت عن كل ذلك وتركته حتى لا يسجل علي التاريخ ولا على بني عثمان عار منح اليهود حكما ذاتيا على جزء يسير من أرض فلسطين، وكانت النتيجة أني خُلعتُ من الخلافة ثمنا لذلك الموقف..
لقد بلغني أيها البشير أنك وافقت على استفتاء ستتنازل من خلاله عن مساحة تبلغ 700 ألف كيلو متر مربع من دولة تعتبر من أكبر بلدان العالم الإسلامي مقابل بقائك على كرسيك الصغير!!
فاعلم أنك لا تحكم إلا جزءا ضئيلا مما كنت أحكمه في مملكتي الواسعة، ومع ذلك فإني فضلت العزل على الهوان!! ... لقد تنازلت عن كل ذلك وتركته حتى لا يسجل علي التاريخ ولا على بني عثمان عار منح اليهود حكما ذاتيا على جزء يسير من أرض فلسطين، وكانت النتيجة أني خُلعتُ من الخلافة ثمنا لذلك الموقف.
إن كنت تحتج بالضغوط، فاعلم أني قد تعرضت لضغوط لم تمر على حاكم مثلي، ولكني جابهتها بالصمود، وفضلت أن أذهب إلى المنفى، على أن أسمح لليهود بدخول أرض أولى القبلتين.
فلتسأل التاريخ كم أجلب علي اليهود من مكائدهم، وكم ألقوا بين قدمي وعلى عتبات بابي عروضهم المغرية، التي كانت ستنتشلني من الكثير من الأزمات المحدقة بكرسي الخلافة، الذي أدير من فوقه امبراطوريتي الشاسعة.
وعدوني بالأموال الطائلة في زمن كنت أغرق فيه بالديون التي تكاد تقصم ظهري، ولكني ألقيت بعروضهم في وجوههم، مع أني بأمس الحاجة إليها، قائلا بملء في: (إن الديون ليست عارًا، ولكن العار أن أبيع أرضاً لليهود، وليحتفظ اليهود بأموالهم، فالدولة العثمانية لا يمكن أن تحتمي وراء حصون بنيت بأموال أعداء المسلمين).
وحين أرسلوا لي وفدهم ومبعوثيهم لم تكن إجابتي لهم سوى أن طردتهم من مجلسي شر طردة، وأخبرتهم بأنهم لو دفعوا لي ملء الأرض ذهبا فلن أقبل؛ فأرض فلسطين ليست ملكي، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن أفرط فيه من أجل المال،
لقد أصدرت أمرا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين، مع أني كنت أعلم بأنهم بعد ذهابي إلى منفاي وتفتت إمبراطوريتي، سيحصلون عليها دون مقابل، أما وأنا على سدة كرسي الخلافة، فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بُترت من دولة الخلافة.
وبمثل هذه المواقف استطعت أن أحافظ على أجزاء كبيرة من أرض الخلافة مدة ثلاثين عاما، وما سقط منها لم يكن نتيجة صفقات سياسية مشبوهة، كما يحدث اليوم، ولكن كان نتيجة غزو عسكري استعماري لا قبل لي به، فقد استلمت دولة نخر الفساد أركانها ودب الضعف في كل مفاصلها.
اسألوا التاريخ كم بُح صوتي وأنا أنادي (يا مسلمي العالم اتحدوا)، وما من مجيب لي سوى رجع الصدى، ولكن بفضل من الله وقفت بمفردي كالسد المنيع في وجه بني صهيون باعترافهم واقرأ إن شئت ما جاء في وثائق بروتوكولات حكماء صهيون، وما جاء في مذكّرات هرتزل نفسه.
رسالتي هذه ليست موجهة لك فقط، بل هي موجهة إلى جميع زملائك الحكام، الذين أضحى واحدهم من ذله ووهنه يرضى بأن تقسم دولته إلى دويلات وهو يتصنع الابتسامة، كي لا يُركل بعيداً كما رُكل غيره.
إنكم بمحاولاتكم المستميتة للبقاء على الكراسي وتشبثكم بها مهما كان الثمن، أصبحتم سبب مآسي العالم الإسلامي، حتى باتت أحداثه كأنها أحداث مسرحية هزلية ساخرة.
اعلموا أن اليهود والنصارى قد أغاظهم أن رأوا خريطة العالم الإسلامي متجاورة متماسكة مترابطة كقطعة واحدة، وأحرق قلوبهم أن الله جاد بفضله على المسلمين واستخلفهم على مساحات كبيره من أرضه الطيبة ووهبهم من خيراتها، حتى نعتوا ذلك بأنه (غلطة الرب)، وأنه قد وهب المسلمين مالا يستحقونه، فهم أولى به منهم.
لقد غطى الظلام عيونهم حتى باتوا يرون أن أهم ثروات الغرب الدينية والدنيوية تتمركز في بعض دول العالم الإسلامي، فدفع بهم الغيظ لأن يتحدوا ـ رغم اختلافاتهم الدينية والسياسية ـ على هذا العالم الإسلامي في محاولة لتمزيقه، وعقدوا مؤتمرات ومؤامرات، ومكروا الليل والنهار، كي يمزقوا خريطته ويقتسموها بينهم، ولا يزالون يبيتون لكم أموراً بالليل ليقصموا بها ظهوركم بالنهار، وكل يوم تصحون من نومكم على ضجيج حدث ينبئكم أنكم قد سُرقتم ليلة البارحة وأنتم نيام، فتولولون وتشجبون وتستنكرون، ثم تذهبون بعدها لتغطون في نوم عميق، حتى تستيقظون على حدث جديد أدهى وأمر من سابقه!! وهذا مصداق ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قال: قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ قال أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا وما الوهن، قال: حب الدنيا وكراهية الموت).
وهذه هي حقيقة ما يجري، فقد بلغ بكم الوهن والذل درجة أنكم ترون المكائد تحاك أمام أعينكم ولا تحركون ساكنا، مع أن بإمكانكم أن تفعلوا شيئاً، والشعوب الثائرة لن تتوانى في سبيل نصرة أوطانها والمحافظة على مقدراتها، لكن حب الكراسي حال دونكم ودن الدفاع عن حياض الأمة.
فلتسمعني جيداً أيها البشير، إن الغرب لما وجدوا في بلادك السودان مسلكاً ممهداً إلى العروبة والإسلام، لم يلبثوا أن تآمروا عليه لتقسيمه، ومن ثم اقتسامه في مخطط امبريالي صليبي صهيوني خبيث، ولم يألوا جهداً في بذل كل ما يفت من عضدها، بإشعال لهيب النزعات الدينية والقبلية، حتى زجوا ببلادك في مرحلة من التيـه السياسي حتى أمست في حالة ذهول وعجز عن أن تحدد مصيرها دون تدخلهم وإشرافهم، وقد وصل بهم الأمر أن تعهدت الولايات المتحدة أن تقدم دعما سياسيا واقتصاديا سخيا للدولة الوليدة في جنوب السودان، في حال تصويت الجنوبيين لصالح الانفصال في الاستفتاء.
كل هذا كان بهدف إضعاف بلادك السودان، كي يُحكموا قبضتهم عليه ويمتصون خيرات النيلين وحقول النفط، ولكي يفتحوا لهم في الجنوب دولة تكون بمثابة رأس حربة في قعر أفريقيا، ليكملوا بقية حلقات مسرحيتهم الآثمة، وسط ذهول الشعوب وصمت مطبق من جميع زملائك الحكام.
اعلم أيها البشير بأن نهاية مؤامرة فصل جنوب السودان ستكون بشعة للمسلمين جميعاً إن لم تفيقوا قبل نهاية المشهد!!
أجبني بربك أنت وكل حكام المسلمين.... لم أرخيتم لهم الزمام؟!! ... ولم منحتموهم كل هذه الفرص كي يتلاعبوا بكم بهذا الشكل المخزي؟!!
اعلموا يا من وليتم أمر المسلمين، بأن هذا الاستفتاء ليس نهاية المطاف، بل هو بداية مرحلة جديدة تكون أصعب بكثير من سابقيها، وسيدخل العالم الإسلامي والعربي معها في دوامة يصعب عليه الخروج منها، بل ربما تغير مسار التاريخ ليصل إلى أسوأ حالاته، فمسلسلات التقسيم ستستمر طالما استمر تخاذلكم.
لست أدري متى ستفيقون من سباتكم لتكشفوا خبث اليهود وإخوانهم النصارى، وتنزعوا فتيل كل قنبلة قبل أن ترمى في ساحتكم وبين أقدامكم!!
لقد مُزقت خريطة العالم الإسلامي وأحيـلت إلى جبهة من المعارك الدامية ومسرحاً للمسلسلات المستنزفة الأليمة، وأصبحت صيدا سهلا لأحقاد أعداء الدين الإسلامي ليصبوا جام غضبهم وويلاتهم عليه بلا رادع أو حسيب!!
إنني على يقين يا صناع قرار العالم العربي والإسلامي بأنكم على علم بخبث اليهود ومكرهم، وأنكم على وعي وفهم بالإستراتيجيات الصهيونية إزاء المناطق الإسلامية والعربية، وأنكم تدركون أنهم كانوا يعملون في الخفاء ويخططون منذ زمن لتقسيم السودان كي يضعوا حجر الأساس لدويلة صهيونية في جنوبه، تكون مركزاً لقناصيهم كي يقنصوا رؤوس دول أخرى باتت على مقربة منهم.
ختاما:
اعلموا أن مجموع كراسيكم التي أذللتم الأمة من أجل الاحتفاظ بها تساوي الكرسي الذي أجلس عليه، وكنت أستطيع البقاء عليه بالتفريط في الأرض وتضييع مصالح الأمة كما تفعلون الآن، ولكني ركلته بقدمي حتى لا يسجل علي التاريخ عارا في الدنيا يثقل كاهلي يوم القيامة.
لقد بلغني أيها البشير أنك وافقت على استفتاء ستتنازل من خلاله عن مساحة تبلغ 700 ألف كيلو متر مربع من دولة تعتبر من أكبر بلدان العالم الإسلامي، مقابل بقائك على كرسيك الصغير!! فاعلم أنك لا تحكم إلا جزءا ضئيلا مما كنت أحكمه في مملكتي الواسعة، ومع ذلك فإني فضلت العزل على الهوان!! ... لقد تنازلت عن كل ذلك وتركته حتى لا يسجل علي التاريخ ولا على بني عثمان عار منح اليهود حكما ذاتيا على جزء يسير من أرض فلسطين، وكانت النتيجة أني خُلعتُ من الخلافة ثمنا لذلك الموقف..
لقد بلغني أيها البشير أنك وافقت على استفتاء ستتنازل من خلاله عن مساحة تبلغ 700 ألف كيلو متر مربع من دولة تعتبر من أكبر بلدان العالم الإسلامي مقابل بقائك على كرسيك الصغير!!
فاعلم أنك لا تحكم إلا جزءا ضئيلا مما كنت أحكمه في مملكتي الواسعة، ومع ذلك فإني فضلت العزل على الهوان!! ... لقد تنازلت عن كل ذلك وتركته حتى لا يسجل علي التاريخ ولا على بني عثمان عار منح اليهود حكما ذاتيا على جزء يسير من أرض فلسطين، وكانت النتيجة أني خُلعتُ من الخلافة ثمنا لذلك الموقف.
إن كنت تحتج بالضغوط، فاعلم أني قد تعرضت لضغوط لم تمر على حاكم مثلي، ولكني جابهتها بالصمود، وفضلت أن أذهب إلى المنفى، على أن أسمح لليهود بدخول أرض أولى القبلتين.
فلتسأل التاريخ كم أجلب علي اليهود من مكائدهم، وكم ألقوا بين قدمي وعلى عتبات بابي عروضهم المغرية، التي كانت ستنتشلني من الكثير من الأزمات المحدقة بكرسي الخلافة، الذي أدير من فوقه امبراطوريتي الشاسعة.
وعدوني بالأموال الطائلة في زمن كنت أغرق فيه بالديون التي تكاد تقصم ظهري، ولكني ألقيت بعروضهم في وجوههم، مع أني بأمس الحاجة إليها، قائلا بملء في: (إن الديون ليست عارًا، ولكن العار أن أبيع أرضاً لليهود، وليحتفظ اليهود بأموالهم، فالدولة العثمانية لا يمكن أن تحتمي وراء حصون بنيت بأموال أعداء المسلمين).
وحين أرسلوا لي وفدهم ومبعوثيهم لم تكن إجابتي لهم سوى أن طردتهم من مجلسي شر طردة، وأخبرتهم بأنهم لو دفعوا لي ملء الأرض ذهبا فلن أقبل؛ فأرض فلسطين ليست ملكي، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن أفرط فيه من أجل المال،
لقد أصدرت أمرا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين، مع أني كنت أعلم بأنهم بعد ذهابي إلى منفاي وتفتت إمبراطوريتي، سيحصلون عليها دون مقابل، أما وأنا على سدة كرسي الخلافة، فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بُترت من دولة الخلافة.
وبمثل هذه المواقف استطعت أن أحافظ على أجزاء كبيرة من أرض الخلافة مدة ثلاثين عاما، وما سقط منها لم يكن نتيجة صفقات سياسية مشبوهة، كما يحدث اليوم، ولكن كان نتيجة غزو عسكري استعماري لا قبل لي به، فقد استلمت دولة نخر الفساد أركانها ودب الضعف في كل مفاصلها.
اسألوا التاريخ كم بُح صوتي وأنا أنادي (يا مسلمي العالم اتحدوا)، وما من مجيب لي سوى رجع الصدى، ولكن بفضل من الله وقفت بمفردي كالسد المنيع في وجه بني صهيون باعترافهم واقرأ إن شئت ما جاء في وثائق بروتوكولات حكماء صهيون، وما جاء في مذكّرات هرتزل نفسه.
رسالتي هذه ليست موجهة لك فقط، بل هي موجهة إلى جميع زملائك الحكام، الذين أضحى واحدهم من ذله ووهنه يرضى بأن تقسم دولته إلى دويلات وهو يتصنع الابتسامة، كي لا يُركل بعيداً كما رُكل غيره.
إنكم بمحاولاتكم المستميتة للبقاء على الكراسي وتشبثكم بها مهما كان الثمن، أصبحتم سبب مآسي العالم الإسلامي، حتى باتت أحداثه كأنها أحداث مسرحية هزلية ساخرة.
اعلموا أن اليهود والنصارى قد أغاظهم أن رأوا خريطة العالم الإسلامي متجاورة متماسكة مترابطة كقطعة واحدة، وأحرق قلوبهم أن الله جاد بفضله على المسلمين واستخلفهم على مساحات كبيره من أرضه الطيبة ووهبهم من خيراتها، حتى نعتوا ذلك بأنه (غلطة الرب)، وأنه قد وهب المسلمين مالا يستحقونه، فهم أولى به منهم.
لقد غطى الظلام عيونهم حتى باتوا يرون أن أهم ثروات الغرب الدينية والدنيوية تتمركز في بعض دول العالم الإسلامي، فدفع بهم الغيظ لأن يتحدوا ـ رغم اختلافاتهم الدينية والسياسية ـ على هذا العالم الإسلامي في محاولة لتمزيقه، وعقدوا مؤتمرات ومؤامرات، ومكروا الليل والنهار، كي يمزقوا خريطته ويقتسموها بينهم، ولا يزالون يبيتون لكم أموراً بالليل ليقصموا بها ظهوركم بالنهار، وكل يوم تصحون من نومكم على ضجيج حدث ينبئكم أنكم قد سُرقتم ليلة البارحة وأنتم نيام، فتولولون وتشجبون وتستنكرون، ثم تذهبون بعدها لتغطون في نوم عميق، حتى تستيقظون على حدث جديد أدهى وأمر من سابقه!! وهذا مصداق ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قال: قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ قال أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا وما الوهن، قال: حب الدنيا وكراهية الموت).
وهذه هي حقيقة ما يجري، فقد بلغ بكم الوهن والذل درجة أنكم ترون المكائد تحاك أمام أعينكم ولا تحركون ساكنا، مع أن بإمكانكم أن تفعلوا شيئاً، والشعوب الثائرة لن تتوانى في سبيل نصرة أوطانها والمحافظة على مقدراتها، لكن حب الكراسي حال دونكم ودن الدفاع عن حياض الأمة.
فلتسمعني جيداً أيها البشير، إن الغرب لما وجدوا في بلادك السودان مسلكاً ممهداً إلى العروبة والإسلام، لم يلبثوا أن تآمروا عليه لتقسيمه، ومن ثم اقتسامه في مخطط امبريالي صليبي صهيوني خبيث، ولم يألوا جهداً في بذل كل ما يفت من عضدها، بإشعال لهيب النزعات الدينية والقبلية، حتى زجوا ببلادك في مرحلة من التيـه السياسي حتى أمست في حالة ذهول وعجز عن أن تحدد مصيرها دون تدخلهم وإشرافهم، وقد وصل بهم الأمر أن تعهدت الولايات المتحدة أن تقدم دعما سياسيا واقتصاديا سخيا للدولة الوليدة في جنوب السودان، في حال تصويت الجنوبيين لصالح الانفصال في الاستفتاء.
كل هذا كان بهدف إضعاف بلادك السودان، كي يُحكموا قبضتهم عليه ويمتصون خيرات النيلين وحقول النفط، ولكي يفتحوا لهم في الجنوب دولة تكون بمثابة رأس حربة في قعر أفريقيا، ليكملوا بقية حلقات مسرحيتهم الآثمة، وسط ذهول الشعوب وصمت مطبق من جميع زملائك الحكام.
اعلم أيها البشير بأن نهاية مؤامرة فصل جنوب السودان ستكون بشعة للمسلمين جميعاً إن لم تفيقوا قبل نهاية المشهد!!
أجبني بربك أنت وكل حكام المسلمين.... لم أرخيتم لهم الزمام؟!! ... ولم منحتموهم كل هذه الفرص كي يتلاعبوا بكم بهذا الشكل المخزي؟!!
اعلموا يا من وليتم أمر المسلمين، بأن هذا الاستفتاء ليس نهاية المطاف، بل هو بداية مرحلة جديدة تكون أصعب بكثير من سابقيها، وسيدخل العالم الإسلامي والعربي معها في دوامة يصعب عليه الخروج منها، بل ربما تغير مسار التاريخ ليصل إلى أسوأ حالاته، فمسلسلات التقسيم ستستمر طالما استمر تخاذلكم.
لست أدري متى ستفيقون من سباتكم لتكشفوا خبث اليهود وإخوانهم النصارى، وتنزعوا فتيل كل قنبلة قبل أن ترمى في ساحتكم وبين أقدامكم!!
لقد مُزقت خريطة العالم الإسلامي وأحيـلت إلى جبهة من المعارك الدامية ومسرحاً للمسلسلات المستنزفة الأليمة، وأصبحت صيدا سهلا لأحقاد أعداء الدين الإسلامي ليصبوا جام غضبهم وويلاتهم عليه بلا رادع أو حسيب!!
إنني على يقين يا صناع قرار العالم العربي والإسلامي بأنكم على علم بخبث اليهود ومكرهم، وأنكم على وعي وفهم بالإستراتيجيات الصهيونية إزاء المناطق الإسلامية والعربية، وأنكم تدركون أنهم كانوا يعملون في الخفاء ويخططون منذ زمن لتقسيم السودان كي يضعوا حجر الأساس لدويلة صهيونية في جنوبه، تكون مركزاً لقناصيهم كي يقنصوا رؤوس دول أخرى باتت على مقربة منهم.
ختاما:
اعلموا أن مجموع كراسيكم التي أذللتم الأمة من أجل الاحتفاظ بها تساوي الكرسي الذي أجلس عليه، وكنت أستطيع البقاء عليه بالتفريط في الأرض وتضييع مصالح الأمة كما تفعلون الآن، ولكني ركلته بقدمي حتى لا يسجل علي التاريخ عارا في الدنيا يثقل كاهلي يوم القيامة.