مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
نبي الهدى[نص شعري]
بسم الله الرحمن الرحيم

نبي الهدى

في ذكرى الهجرة النبوية
بقلم:هائل سعيد الصرمي -خاص بالوفاق

يــَــــحٍنُّ لهُ القلبُ والناظــرُ
وتزكو بهِ النفسٌ والخاطـــرُ

ويشتاقهُ الكــــونُ والكائنات
ويعشقهُ الغيبُ والحاضــــــرُ

تصلي عليهِ ثواني الزمــــان
ويذكـــرهُ الغـــدُ والغابــــــرُ

تصلي عليه الربى والوهاد
وبستان أفنانها العـــاطـــرُ

فمن أين نُبْحرُ نحو السَّــماءِ
وقد حارَفـي مَدْ حهِ الماهــرُ

يفوقُ العوالمَ والعالميـــــــن
وعن وصفه يعجـزُ القــادرُ

أفـــاضَ عليـــهِ الثـــَّنا ربـهُ
فما مَدحُ زيـدٍ وما عَـــامــرُ

وقد بلغ المرسلـــــونَ الكمال
وكــل الثنــــا فيهمُ قاصـرُ

وأخلاقُ طهَ تفـــــــوقُ الكمالَ
فهيهـات أن يبلـغَ الشَّـاعــرُ

نبيٌ أتى والحـــياةُ دجـــــــــاً
وقلب الوجودِ أسىً خـائـــــرُ

أتى والفسادُ يعمُّ الحــــيـــــاة
يعـــيثُ بروضاتهـــا جائِــرُ

أتاها وقد سُلبتْ طـُــهرهـَــا
ومزقَ أسْـتـَارهـــا عـَاهـرُ

أفاعي الرذيلة تطوي المـدى
وفي كل شـبر بها فاجـر ُ

ويحكمها الجهـل في خِســـةٍ
ويرقص في صدرها داعرُ

مخالبهُ مـــزقــتْ حسنهـــــا
وليس لهـا دونه ناصـــرُ

أتاهــا وقــد مُلئتْ بـالأســىَ
ومـــا لمعـَــاناتِــها آخــــــــرُ

فأنقذَ تلكَ الحــيـاةَ الــــتـــي
تعالى بها النـَّـذلُ والصَّـاغِــرُ

وبدَدَ نورُ النَّبيِّ الظـَّــــــلامَ
ليستيقظَ العـالمُ الســــَّــادرُ

رسالتـــهُ رحمـــــةًً للـــورى
وكـــــلُّ زمــــانِ بها عاطـــرُ

تطيب العصور بآيــاتـــــــــه
وكــــل مكــــانُ لـــهُ ذاكـــــــرُُ

ببطحــاء مكــة لاقــــى الأذى
سعيــرا يؤجــجـهُ الــــكافــــرُ

فتشْوي رمالُ الصحاري رجالاً
وكلٌ على خطبهِ صـا بــــــرُ

فما لان رغـم الضنى صحبهُ
ولا ارتدَّ مـن بينهم سائـــــُر

تلقوا أمَـــرَّ صُنوفِ العــذابِ
فقـــال لأصحـابـهِ هاجــــروا

وأجمع أعــداؤهُ أمرهـــــمْ
وسيف الردى حــولهُ شاهـرُ

فراحَ يُقــلب طـــرفَ الهوى
عــلى مكةٍ والهوى آســــــرُ

يــــــــــــودعُ كـل وفاءِ بها
وكــــــل مكانِ بهـــا ساحـرُ

ولما رأى الدمع في عينها
وبُركان أحزانها ثائــــــــــرُ

أسرَّ لها القول يوم النـــوى
وشَجْــوَ مشَاعرهِ غامــــــرُ

لأنتِ أحب البقاع إلـــــــــيَّ
ولكـنَّ قومك قد كابـــــــروا

فلا تحزني إن ربي مـعــي
سيحبـــطُ مادبرَّ المــــــاكـرُ

سألقاكِ يا قبلةَ المسلميــن
قريباَ وجيشُ الهدى ظـــافرُ

فودعها وانثـــــــنى راحــلاً
بحزنٍُ ومن قــــومــهِ حـاذر

أعَـــــدَّ لهجــرتــــهِ خطــــةً
يَحَارُ لتكتيكـــها الخَـــاطِــــرُ

فما بلغَ القومُ منـــه الردى
وما يأسوا بعد أن حَاصَـروا

تذوبُ بمكرهمُ الراسيات
ولكــــنَّ ربِّي لهمْ قـاهـــــــرُ

وفي غارَ ثـورٍ رأوا بابــهُ

كأسدِ الشَّرى نحوهمْ فاغـرُ
فولوا سِرَاعاً وما عـَـقـَّبـوا

بنــظرتهمْ بعـدَ أن غَـادروا
وكيـف ينالُ العدا منهما

وثالِثهُـــم ربهــمُ حـاضـــرًُ
نسيج العنـــاكب من جنــده

وعــشُّ الحمامـةِ والطـــائـرُ
فأعلى التـوكـل أن نهـتـدي

لأسبابـــهُ وهــو النــاصـرُ
فنمضي بها ونـرى نَصـْـرَهُ

بــــهِ لا بِهـــَا إنــهُ الــقـادرُ
تـولاهـمُا الله فــي حفـظـــهِ

إلــــى يثـربٍ إنـــه السَّاتـِــرُُ
فما غرد الكون يومً لضيفٍ

سروراً، ووجدانه شاكـــــــر
كفرحــة طيبة بالمصـطفـى

ومــوجُ أساريرهــا زاخــرُ
بـطيبة أرسَى النَّبيُّ الإخـاءَ

تآخـــى المهاجرُ والنـَّـاصـرُ
وشيد محرابَ طهــــرٍ، بــهِ

تخرَّجَ جيل الهــدى النــَّــادرُُ
ومليون جيلٍ أتوا بـعــــــدهُ

ومن كل شبرٍ له زائــــــرُ
أقامَ الــعـــدالـة فــي دولــة

تساوى بهـا العبـد والآمـــرُ
وأصغى لها الكـون والكائنات

بأنوارها يهــتدي الحـــــائــر
تقاصر عن وصفها المادحون

فـلا شــاعــرٌ طــالَ أو نــاثـــرُ
فما عـرفَ الجودُ مثلَ النـبي

ولا العدلُ والخلــقُ الطَّـاهــرُ
هو الروح يسري بهذا الوجـود

هو الكــون والفلــكُ الـــدائـــرُ
حليماً رحيماً كريماً شجـــاعـاَ

هو القائــد الفاتـــح الظافــــــرُ
فلولاه ما سجدَ القلب يومــــا

ولا عُبد الواحـــــدُ القـــاهــــرُ
ولولاه ما افترَّ ثغرُ الــــــوجود

ولا تاه فـــــي حسنهِ شـــاعـــرُ
ولا هبَّ عطر النسيم العـليـــــل

بصبحٍ وسيـــــلُ النَّدى هـــادر
ولا شُيــــدتْ قيــــمٌ في الدنــا

وروضُ حضارتهــــا زاهـِــــرُ
فنونُ المعارف فاضتْ بهــا

وطـــــرفُ المحب لهـا ساهـــر
مـن الشــرق للغـرب آمادهـا

لكل الـورى خيرهــا ماطــــرُ
تعايشَ في ظلها العالمون

بحـــــريـــةٍ والهنا زاخـــــــــرُ
فبـحرُ التغافرِ يروي الظما

شـــــــوا طيه يعشقها الناظــــرُ
شريعتهُ تسعـد الكــــائنـــات

يطيبُ بهــــــا البرَّ والفــاجــــرُ
هو البحرُ لاينتهي خَيـْــرُهُ

بـــــه الدرُّ واللؤلؤُ النــــــَّــادرُ
تُصليِّ عـليهِ السَّماءُ ومـن

بأفلاكهــَــا سَابـــــِــحٌ دائِـرُ
يُصليِّ الوجــود وأملاكُــــهُ

وفــاطــرهُ المــَــالكُ الأمـرُ
تصــلي الحياة وآفاقهـــــا

وروض أزاهيرها الســاحرُ
صَلاةً كذرَّاتِ هذا الوجود

دواماً وليس لها حاصــــرُ
صـلاتي عليه تفوق الوجود

بلا أولٍ ما لهــا أخــــــــــر ُ
*كاتب يمني

مقالات اخرى
أضافة تعليق