سجلت الاستثمارات في الطاقات المستدامة معدلات قياسية في عام 2023، في حين يذكر التقرير الصادر عن «بلومبرغ» أنه رغم الأرقام القياسية، فإنها «ليست كافية لتحقيق تصفير الانبعاثات في الوقت المحدد لها». ويشير التقرير إلى أن معدل الاستثمارات ارتفع 17 في المائة عن عام 2022، ليصل إلى نحو 1.8 تريليون دولار.
يشمل هذا المبلغ كلاً من الاستثمارات في بدائل الطاقة، وشراء السيارات الكهربائية، وتشييد برامج لإنتاج الهيدروجين وتقنيات طاقوية حديثة أخرى. وفي حال إضافة الاستثمارات في تشييد السلاسل الاقتصادية المطلوبة للطاقات المستدامة البالغة قيمتها نحو 900 مليار دولار، يرتفع المعدل إلى نحو 2.8 تريليون دولار.
يعزى هذا الارتفاع في حجم الاستثمارات إلى الشعور العام بضرورة زيادة المحاولات لمكافحة تغير المناخ خلال العام الماضي، حيث وصلت درجات الحرارة إلى أعلى معدلاتها المسجلة.
وتشير بعض التوقعات إلى احتمال ارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات قياسية ثانية خلال فصل الصيف المقبل. وهناك الآن بالفعل أزمات مناخية إقليمية عدة في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثلاً في إسبانيا، حيث تواجه أسوأ جفاف لها منذ عام 1961 بسبب ندرة هطول الأمطار. وذكرت وكالة الأرصاد الجوية الحكومية أن الفترة 2022 - 2023 كانت جافة في إسبانيا بشكل واضح، حيت سقط 560.7 لتر لكل متر مربع. وهذا أقل بنسبة 12 في المائة عن المعدل الطبيعي، وفق صحيفة «لابانجوريا» الإسبانية. وتجري السلطات المسؤولة في مدريد الدراسات لإمكانية تحلية مياه البحر لتوفير المياه للزراعة، رغم تكلفتها الاستثمارية العالية، ومن ثم تكلفة استيراد الغاز، لا سيما أن إسبانيا لا تنتج الغاز الطبيعي.
وقد أعلنت الحكومة الإقليمية في منطقة كاتالونيا (شمال شرقي إسبانيا) مؤخراً، حالة الطوارئ بسبب نقص المياه منذ 3 أعوام.
ومن جانبها، تدرس السلطات المسؤولة في مدريد إمكانية تحلية مياه البحر باستعمال الغاز الطبيعي وقوداً للمحطات، الأمر الذي سيزيد من أسعار المنتجات الزراعية وقدرتها التنافسية.
لقد أوردنا هذا المثل، رغم أن الغاز هو وقود ناضب وليس من الوقود المستدام، لكن تكمن أهمية خبر الجفاف الإسباني ودراسة إمكانية اللجوء إلى تحلية مياه البحر بغرض استعمال المياه للري، ومن ثم نوعية التحديات المتوقعة مستقبلاً، إلى تغيير أنماط الحياة التقليدية.
يضيف تقرير «بلومبرغ» أن «العالم بحاجة إلى أن يضاعف الاستثمارات في الطاقات المستدامة بحلول منتصف القرن».
تستمر الصين في حيازة المرتبة الأولى في قيمة استثماراتها في الطاقات المستدامة، حيث تشكل أكبر سوق لهذه الاستثمارات بحجم 676 مليار دولار في عام 2013، أو زيادة 6 في المائة مقارنة بعام 2022.
وبالنسبة للاستثمارات في الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا، فقد ارتفع حجم الاستثمارات لمجمل هذه الدول الغربية نحو 22 في المائة، إلى 718 مليار دولار. ويعزى السبب في هذه الزيادة إلى «قانون خفض التضخم» الأميركي، بالإضافة إلى ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في بريطانيا وزيادة الطلب على بدائل الطاقة المستدامة في أوروبا.
*نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط