بقلم: الدكتور وائل الزرد من فلسطين
تتخذ قيادة الشعب قرارات فيما تراه يجلب مصلحة أو يدرأ مفسدة، وذلك بناءً على معلومات لديها أكثر من غيرها، وذلك بحكم الموقع، وفي بعض الأحيان، تكون هذه القرارات غير مفهومة المغزى، أو أنها صادمة مرحليًّا لبعض الناس، ممن لا يمتلك المعلومة التي يمتلكها أصحاب القرار أنفسهم، وهذا بدوره يجعل قطاعًا من المثقفين خاصة، وممن يرون أنفسهم أهلًا لمعرفة القرار، وخلفيته، وصلاحيته، ووو
وهنا تكمن المشكلة بين قيادة عندها من المعلومات -هكذا تظن- ما ليس عند الشعب، وبين قطاع مهم من أبناء الشعب يرى في نفسه الكفاءة لمعرفة خلفيات القرار، بل وأحيانًا يطالب بالمشاركة في التشاور فيما يخص الأمر العام للشعب، سواء في جلب المصالح أو درء المفاسد.
وأظن أنَّ هناك حلقة مفقودة بين هؤلاء وهؤلاء، وأقصد بين أصحاب القرار وبين “المثقفين من الشعب”، فأصحاب القرار يرون من حقهم اتخاذ القرار المناسب لتحقيق مصلحة الشعب، ولا يرون أنفسهم ملزمين، لا شرعًا ولا قانونًا بالعودة في كل قرار للشعب أو هؤلاء المثقفين، للتشاور معهم وأخذ رأيهم، وعلى الطرف الآخر، تجد المثقفين من أبناء الشعب، يرون لهم حقًّا في السماع لآرائهم ومشاركتهم في القرار، ويقولون: إن أصحاب القرار ليسوا معصومين، ولا ينزل عليهم الوحي بالمعلومات، وإنما هو بشر مثلنا، عندهم ما ليس عندنا -قطعًا- وعندنا ما ليس عندهم -فَرَضًا-.
وأرى -والله أعلم- أنَّ الأمر بحاجة لشيء من التوضيح على النحو الآتي:
1- أصحاب القرار ومَن هم في سُدة الحكم -بحكم الموقع- تأتيهم المعلومات أكثر من غيرهم، وعندهم إحاطة بالواقع ومتطلباته أكثر من غيرهم، ولديهم علم بمتقلبات المحيط الجغرافي والسياسي والأمني، أكثر من غيرهم، فلديهم أجهزة ووزارات ومؤسسات، إلى غير ذلك، مما يغذيهم بالمعلومات أولًا بأول، عن كل حادثة هنا أو هناك، وهذه المعلومات التي قد تكون حصريةً، تُعينهم في اتخاذ القرار المناسب والذي ربما يخالف ما عليه الناس، خاصة أن منصبهم يخولهم في اتخاذ ما يناسب من قراراتٍ مبنية على تحقيق المصلحة.
2- ولكن هذا لا يعني أن غير أصحاب القرار، لا يعرفون شيئًا، وأنهم يمتلكون جزءً من الصورة وطرفًا من المعلومة، وأنهم قاصروا النظر، ضعيفوا الفهم، قليلوا البضاعة في السياسة، والأمن، والاقتصاد، والعسكرة، وغيرها، لا طبعًا هذا الفكر ليس صحيحًا، وإنما الصحيح هو:
كم في النهر من الدرر ما لا يوجد في البحر، وكم يعلم الأولاد ما لا يعلمه الآباء، وكم يكمن في بطون الأمهات ما يفوقهنَّ علمًا وعملًا، خاصة أن زمن العصمة قد انتهى، والوحي قد انقطع، والناس اليوم يشتركون في تلقي المعلومة حسب خبراتهم واتصالاتهم وعلاقاتهم، فنحن -يا سادة- في زمن الانترنت! في زمن تُنقل فيه الأحداث بالصوت والصورة، وأحيانًا قبل أن تقع الأحداث، فمساحة المعلومات المخفية أصبحت تضيق يومًا بعد يوم، بحكم سرعة تناقل المعلومات عبر التنقيات الحديثة، ومن أخبر اصحاب القرار بالمعلومات قد أخبر غيرهم، وأصبح الكل مشتركًا في المعلومة نفسها.
3- أصحاب القرار ليسوا فراعنة، ولا يتقمصون ثياب الدكتاتورية، ولا يرون رأيهم هو الرأي وما سواه هباءً منثورًا، بل إنهم يسمعون للناصحين، ويفتحون المجال أمام جميع المُحبين، ونحن نشهد الله سبحانه أننا نصحنا ولا زلنا، سرًّا وعلنًا، وما أصابنا مكروه، ولا حُرمنا من خير، ولا زلنا بفضل الله نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونسدي النصح لأصحاب القرار، ممن نلقاهم ونجالسهم، دون أن نشعر أنهم أغنياء عن النصحية، أو أنهم يكممون الأفواه ويصادرون الحريات.
4- لن يكون أصحاب القرار في البلاد أحكم ولا أعلم ولا افهم من الأنبياء والمرسلين، الذين لم كانوا على اتصال بالوحي، يؤيدهم ويرشدهم ويبصرهم، ومع ذلك كان من شأن سيد الأنبياء أن يقول “أَشِيرُوا عَلَيَّ أيُّهَا النَّاسُ”، بل وفي السيرة النبوية من المواقف ما يشير بوضوح إلى أن بعض الصحابة، ما كانوا ينتظرون أن يُطلب منهم النصيحة، بل كانوا يبادرون بها، ويجتهدون لإيصالهما لما يرون في ذلك من مصلحة للأمة.
5- وأما أخيرًا: فإنه ليس شرطًا أن يستشير أصحاب القرار في كل شيء، ولا أن يستشيروا كل أحد، ولا أن يستشيروا في كل وقت، وقد أحاطوا أنفسهم بطائفة من أصحاب الرأي، هم لهم نصحة مسدِّدون، والظن بهم أنهم لا يسكتون على منكر، ولا يصمتون عن باطل، هكذا نحسبهم والله حسيبهم
تتخذ قيادة الشعب قرارات فيما تراه يجلب مصلحة أو يدرأ مفسدة، وذلك بناءً على معلومات لديها أكثر من غيرها، وذلك بحكم الموقع، وفي بعض الأحيان، تكون هذه القرارات غير مفهومة المغزى، أو أنها صادمة مرحليًّا لبعض الناس، ممن لا يمتلك المعلومة التي يمتلكها أصحاب القرار أنفسهم، وهذا بدوره يجعل قطاعًا من المثقفين خاصة، وممن يرون أنفسهم أهلًا لمعرفة القرار، وخلفيته، وصلاحيته، ووو
وهنا تكمن المشكلة بين قيادة عندها من المعلومات -هكذا تظن- ما ليس عند الشعب، وبين قطاع مهم من أبناء الشعب يرى في نفسه الكفاءة لمعرفة خلفيات القرار، بل وأحيانًا يطالب بالمشاركة في التشاور فيما يخص الأمر العام للشعب، سواء في جلب المصالح أو درء المفاسد.
وأظن أنَّ هناك حلقة مفقودة بين هؤلاء وهؤلاء، وأقصد بين أصحاب القرار وبين “المثقفين من الشعب”، فأصحاب القرار يرون من حقهم اتخاذ القرار المناسب لتحقيق مصلحة الشعب، ولا يرون أنفسهم ملزمين، لا شرعًا ولا قانونًا بالعودة في كل قرار للشعب أو هؤلاء المثقفين، للتشاور معهم وأخذ رأيهم، وعلى الطرف الآخر، تجد المثقفين من أبناء الشعب، يرون لهم حقًّا في السماع لآرائهم ومشاركتهم في القرار، ويقولون: إن أصحاب القرار ليسوا معصومين، ولا ينزل عليهم الوحي بالمعلومات، وإنما هو بشر مثلنا، عندهم ما ليس عندنا -قطعًا- وعندنا ما ليس عندهم -فَرَضًا-.
وأرى -والله أعلم- أنَّ الأمر بحاجة لشيء من التوضيح على النحو الآتي:
1- أصحاب القرار ومَن هم في سُدة الحكم -بحكم الموقع- تأتيهم المعلومات أكثر من غيرهم، وعندهم إحاطة بالواقع ومتطلباته أكثر من غيرهم، ولديهم علم بمتقلبات المحيط الجغرافي والسياسي والأمني، أكثر من غيرهم، فلديهم أجهزة ووزارات ومؤسسات، إلى غير ذلك، مما يغذيهم بالمعلومات أولًا بأول، عن كل حادثة هنا أو هناك، وهذه المعلومات التي قد تكون حصريةً، تُعينهم في اتخاذ القرار المناسب والذي ربما يخالف ما عليه الناس، خاصة أن منصبهم يخولهم في اتخاذ ما يناسب من قراراتٍ مبنية على تحقيق المصلحة.
2- ولكن هذا لا يعني أن غير أصحاب القرار، لا يعرفون شيئًا، وأنهم يمتلكون جزءً من الصورة وطرفًا من المعلومة، وأنهم قاصروا النظر، ضعيفوا الفهم، قليلوا البضاعة في السياسة، والأمن، والاقتصاد، والعسكرة، وغيرها، لا طبعًا هذا الفكر ليس صحيحًا، وإنما الصحيح هو:
كم في النهر من الدرر ما لا يوجد في البحر، وكم يعلم الأولاد ما لا يعلمه الآباء، وكم يكمن في بطون الأمهات ما يفوقهنَّ علمًا وعملًا، خاصة أن زمن العصمة قد انتهى، والوحي قد انقطع، والناس اليوم يشتركون في تلقي المعلومة حسب خبراتهم واتصالاتهم وعلاقاتهم، فنحن -يا سادة- في زمن الانترنت! في زمن تُنقل فيه الأحداث بالصوت والصورة، وأحيانًا قبل أن تقع الأحداث، فمساحة المعلومات المخفية أصبحت تضيق يومًا بعد يوم، بحكم سرعة تناقل المعلومات عبر التنقيات الحديثة، ومن أخبر اصحاب القرار بالمعلومات قد أخبر غيرهم، وأصبح الكل مشتركًا في المعلومة نفسها.
3- أصحاب القرار ليسوا فراعنة، ولا يتقمصون ثياب الدكتاتورية، ولا يرون رأيهم هو الرأي وما سواه هباءً منثورًا، بل إنهم يسمعون للناصحين، ويفتحون المجال أمام جميع المُحبين، ونحن نشهد الله سبحانه أننا نصحنا ولا زلنا، سرًّا وعلنًا، وما أصابنا مكروه، ولا حُرمنا من خير، ولا زلنا بفضل الله نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونسدي النصح لأصحاب القرار، ممن نلقاهم ونجالسهم، دون أن نشعر أنهم أغنياء عن النصحية، أو أنهم يكممون الأفواه ويصادرون الحريات.
4- لن يكون أصحاب القرار في البلاد أحكم ولا أعلم ولا افهم من الأنبياء والمرسلين، الذين لم كانوا على اتصال بالوحي، يؤيدهم ويرشدهم ويبصرهم، ومع ذلك كان من شأن سيد الأنبياء أن يقول “أَشِيرُوا عَلَيَّ أيُّهَا النَّاسُ”، بل وفي السيرة النبوية من المواقف ما يشير بوضوح إلى أن بعض الصحابة، ما كانوا ينتظرون أن يُطلب منهم النصيحة، بل كانوا يبادرون بها، ويجتهدون لإيصالهما لما يرون في ذلك من مصلحة للأمة.
5- وأما أخيرًا: فإنه ليس شرطًا أن يستشير أصحاب القرار في كل شيء، ولا أن يستشيروا كل أحد، ولا أن يستشيروا في كل وقت، وقد أحاطوا أنفسهم بطائفة من أصحاب الرأي، هم لهم نصحة مسدِّدون، والظن بهم أنهم لا يسكتون على منكر، ولا يصمتون عن باطل، هكذا نحسبهم والله حسيبهم