أ. د. داود عبد الملك الحدابي
عشرات الآلآف سنويًا يسعون للحصول على درجة الدكتوراه في مجالات المعرفة المختلفة ويزداد هذا السعي بالذات في دول العالم الثالث، يحدوهم في ذلك الرغبة في تحسين ظروفهم المعيشية أو الحصول على لقب أو لتحسين الوضع الاجتماعي، وما يعلمون أن هذه الشهادات قد أصبح معظمها تؤدي إلى أمراض نفسية نتيجة للضغوط التي يواجهونها أثناء دراستهم أو عدم الاستفادة منها بعد تخرجهم، فالنادر منهم يحصل على عمل أكاديمي، وقليلٌ منهم يمكن أن يترقوا في السلم الأكاديمي، وإذا ترقى فيكون نتيجة لبحوث تنشر في مجلات وينتهي بها الحال في أن تُحفظ في قواعد البيانات في أحسن الأحوال لا إلى منافع تتحقق على أرض الواقع في حياة الناس.
كثير من المؤسسات لها مراكز بحثية خاصة بها ولا يهمها أن يحمل الفرد درجة الدكتوراه.
ومما زاد الطين بلة ما يُمارس في العديد من الدول حيث أصبحت الشهادات تُباع وتُشترى ويقوم بها ناس كمنحى تجاري ليشتري المسكين لقبًا لا يستحقه.
وكل يوم والإعلام يتحفنا بممارسات لا أخلاقية لمثل هؤلاء التجار، وهذه الصورة القاتمة تعكس مستقبلًا غير زاهر للمجتمعات التي تنحو مثل هذا المنحى.
يقضي الطلبة على أحسن الأحوال جل وقتهم في القراءة والتحليل والتلخيص وتكتب البحوث وتدبج المقالات وينتهي الأمر بكتب أو رسائل يحتفظ بها كتاريخ.
جهود وأعمار تضيع في البُعد النظري والذي لايمت للواقع بصلة، علم بلا نفع وتكون النهاية شهادات وألقاب لاقيمة ولا أثر لها..
فلا يستفيد الفرد الحاصل على الدكتوراه من منافع محسوسة له ولا لمجتمعه، يقضي الطالب السنوات الطوال وينتهي به المطاف بشهادة وكتاب، وتضاف أرقامٌ جديدة لحاملي الشهادات العُليا دون استفادة ذاتية أو مجتمعية..
في الأخير لا يتحقق ما نبتغيه كمجتمعات أو أفراد، ألا يدعونا ذلك إلى إعادة النظر في طريقة دراسة الدكتوراه والحصول عليها لنضمن فائدة للمجتمعات من هذه الجهود المهدورة.
قضية في حاجة إلى تفكير وإمعان نظر وإعادة هيكلة وتنظيم، فالأمور بمآلاتها.. والمآلات اليوم للحاصلين على الدكتوراه لا تشجع، بل قد تكون مضلله ومخيفة للفرد والمجتمع!!