مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2018/04/26 10:08
حقيقة الثورات وبين عسكرتها وسلميتها

بقلم: أحمد المحمدي المغاوري

صوره تكررت بين إدانة من هنا وتأييد من هناك للضربة الأمريكية الفرنسية البريطانية على سوريا تحت ذريعة استخدام جزار سوريا للسلاح الكيماوي وبدون قرار أممي من عِصابة الأمم، وفي المقابل روسيا وإيران وجزار سوريا المجرم يرتعون في سوريا ويعيثون فيها قتلا وتدميرا منذ سنوات، في حين تراجع من كان يمد الثوار المغرر بهم بالسلاح بعد نجاح غرضهم في عسكرة الثورة، لتبقى سوريا مكلومة فمدنها أشباح ودمها مستباح وأهلها رغما عنهم في أدراج الرياح ولا حياة لمن تنادي، فقد غدت المنطقة والأمة الإسلامية لقمة سائغة على مائدة اللئام وقصعه تكالب عليها الأكلة الغرب مجرمي الحرب وقد باعاها منافقي العرب ،وهو الحال في اليمن وليبيا وما يُعد لها، والعراق وقد سلمت للشيعة اتباع الغرب، وما حدث في البوسنه وافغانستان وغيرها من بلدان الإسلام ليس ببعيد وها هي فلسطين المحتلة القضية الأم يخطط لها لصفقة القرن، وعن تونس كان الاستسلام وأما في مصر فالصراع مختلف ولم ينتهي بعد .

– هو مجرد ترتيب وتحليل للأفكار والأحداث وإن كان هناك خطأ في مسيرة الثورات نعترف به حتى لا نبقى وسيلة لعدونا يستخدمنا كيفما شاء لتحقيق مخططاته القذرة ونحن لا ندري لكي نبني عليها من خلال الواقع الحالي ومآلاته  ولكي نعرف كيف ندير اللحظة ونجيب على هذه الأسئلة بتجرد، فما هي حقيقة الثورات؟ وهل كان تسليح الثورة في سوريا واليمن خطأ استراتيجي؟ وهل سلمية الثورة في مصر كانت شرا لها أم  خيرا ؟ وما هو دورنا في تلك اللحظة؟.

– كتب أحدهم كلمات ردا على من كل تجرأ على عواجيز وقادة الإخوان في مصر حين لام عليهم سلميتهم التي اعلنها المرشد د. محمد بديع على منصة رابعة (سلميتنا أقوى من الرصاص)!!، وما نتج عنها فأصبحوا في السجون ومنهم المهجرين والمشردين يقول  فيها ( أين انتم يا من تتحدثون عن العواجيز بعنصرية وتطاول مع أنهم كانوا أبعد نظرا من أول تحفظهم على المشاركة  في الثورة فى البداية فى وسط هذه الشرذمة من شركاء الثورة الخونة والمخابراتيين، ثم نزلوا على رأيكم دون مزايدة عليكم الآن ولا تذكيركم بنصحهم وتحفظهم إلى إصرارهم على السلمية التى يدفعون ثمنها معكم وقبلكم وهم المرضى العواجيز ) .

– لقد رضخ الكبار للمشاركة في ثورة 25 يناير بمصر بعد التأخر في اتخاذ القرار، وحينما تسأل عمن بدوؤها تتساءل من هم ومن وراءهم ومن يدعمهم ؟ ليس هذا من قبل التشكيك والتخوين  بل هو الحقيقة، نعم هناك شرفاء من الشباب شاركوا، لكن نظره الى الواقع الآن فأين مدعي الثورية ؟الخلاصة (صنعوها ولاذوا بالفرار)،ونعترف أنهم نجحوا، فهل قرار مشاركة الإخوان برغم تحفظهم  على المشاركة  كان صحيحا أم لا ؟،  والحقيقة كانت اللحظة حرجة فليس هناك خيار لهم غير ذلك، لأن البديل في رأيي سيكون أسوا مما هم عليه الآن.

 إن من الشفافية والتجرد ان نعترف بالخطأ لا شك ولكن أن نظلم ونجور في حق أناس قدموا ولا زالوا يضحون بذريعة كبر سنهم وعدم خبرتهم وترك فرصه للشباب، فهذا من الإجحاف والبخس، وهذا ليس تمريرا وتبريرا  للتغاضي عن الأخطاء، ولكن نظره الى الواقع ،لقد ذكرت من قبل ولا زلت أقول لا معجبا برأيي ولكن وصولا للحقيقة  لكي نعرف ما يُخطط لنا وما استدرجنا إليه وقد غُرر بالجميع فيه أن( ملف الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايز 2006 ) والذي تعيشه المنطقة الآن وهذا الانقضاض على المدرسة الأم بمصر كان مُخطط له ، حيث المراكز الاستراتيجية والتي ترفع واقع الشارع العربي والغربي أولا بأول وهو ما سبقونا فيه ،بينت لهم أن المد الاسلامي يزداد عبر دولهم وأن الفكر الوسطي تلتف حوله الشعوب تدريجيا  وخاصة النخبة منهم وهو المستقبل القادم في الشرق الوسط بل والغرب، لذلك خُطط للثورات لكبح وعرقلة هذا المد وأيضا لتقسيم المقسم، وذلك من خلال الثورات ، وهذا ليس معناه ان مشاركة الإخوان فيها هو خطأ قد ارتكبوه…أبدا، فعدم المشاركة نتيجته كانت ستكون اسوأ بكثير مما هم عليه الآن. فهم من يُشار لهم بالبنان في الثبات والصمود، وهم من يدعون للتغيير منذ نشأتهم وإن كانت الثورات ليست من أدبياتهم ومبادئهم في التغيير ، لكنها كانت اللحظة فكيف لا يشاركون ؟ ، والناس قد ثاروا على الظلم والفساد ؟ حتى وإن كانوا فيهم مخابراتيين فقد اختلط الحابل بالنابل، والشعب المكبوت اليائس رأى متنفس وقام بثورته  فكان ما كان ولكن الخطأ في استراتيجية المشاركة وكيفيتها والاعداد لها .فمخطط الانقضاض كان مُعد ومُرتب له منذ زمن وهذا جزء من مخطط الشرق الوسط الجديد والفوضى الخلاقة، وهذا ما تعيشه المنطقة الآن.

– لقد كان إيقاد شرارة الثورات بتونس مُرتب له مع ماكينات إعلاميه جباره تُجيش وتهري عواطف الشعوب وتدفع بالشباب البائس اليائس وبالتيار الاسلامي فهي فرصته السانحة للتغيير هذا ما أعتقده، فعلى قدر تونس كانت المواجهة هناك ثم كان انسحاب النهضة من المشهد ،وهذا أرضى مجرمي وتابعي الغرب، ذلك لأن تونس قد أدت دورها وهي تلك الشرارة، فليس لها أثر وخطر في المواجهة الحقيقية مع الكيان الصهيوني المتحكم والمتجذر في كل مراكز اتخاذ القرار، لكن الخطر الحقيقي هو في دول الطوق سوريا والعراق والاردن وفلسطين ومصر، وبالأخص مصر والكل مسيطر عليه كما هو الواقع الآن.

لكن ما يُخزيهم أنهم لم يستطيعوا محو الفكرة وبقيت الجماعة حتى اللحظة ثابته برغم التنكيل والتهجير والتشريد لها وبرغم الخلاف والتباين في الآراء داخل الجماعة،  فقد تم وضع الإخوان وغيرهم من الشرفاء  في خط المواجهة رغما عنهم  كما هو مخطط له، وتحملوا ولا يزالون يُضحون حفاظا على الدعوة والتي تُعد حائط الصد المتبقي للأمه وأيضا حفاظا على مصر من عسكرة ثورتها وربما الانقلاب يراهن على هذا الشعور الوطني والضمير الإنساني فيهم ويلعب عليه  وذلك مكرهم ومكر أولئك هو الى بوار إن شاء الله.

 

 إن التمايز الحادث الآن على ألقه ونوره وعلى كل الأصعدة أفرادا وجماعات ودول بعد الثورات والثورات المضادة  لهو كافٍ لإعادة الأمه الى بوصلتها الصحيحة والى ريادتها التي تستحقها .وهذا دور شرفاء الأمه لتوحيد الكلمة ونبذ الفرقة وتجديد وسائل المواجهة قد المستطاع  للأخذ بأسباب النصر وأيضا الاستفادة من عدوك بتخطيطه وصبره وجلده لا بوسائله. وتربية جيل جديد نستثمره فيه على مبادئ مدروسة وتحت قياده متجردة لديها نضج سياسي وصف متوحد واثق ومتقن(إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ)108 النساء.

– إن اللحظة التي تعيشها الأمة لهي في أروع صفاءها ونقاءها في ثبات وتضحيه شرفاءها لأجل الحفاظ على ما تبقى منها  ولأجل مصر وهي البقية الباقية من الأمه المقطعة  المنهكة وقد حل فيها الفوضى جراء ما حدث، وإن كان يحكم مصر الآن مجرم منقلب فلقد حكمها من قبل الفاطميون لعقود ولكنها عادت وصدت التتار والصليبيين، وستعود فما أروع اللحظة وما أشد التمحيص الحادث الآن فما كان الله ليذر المؤمنين على ما هم عليه

.على المخلصين وعلى القادة بالأخص عبء كبير وهو السعي لوحدة الصف ومن ثم وحدة الأمه ،ليجلس المخلصون وأصحاب الرؤى والخبرات في نقاط حوار هنا وهناك ليتباحثوا حول ما تعيشه الأمة وشعوبها من محن عن الاسباب والوسائل والكيفيات، للعبور من هذا النفق الضيق يد بيد فالقضية أصبحت قضية أمه لا جماعه فقط بعينها ، والمبادرون الإيجابيون المخلصين هم من يُعول عليهم ويشار لهم بالبنان فلنكن انصار الله ونجتمع على كلمة سواء ولم الشمل ومن ثمَ الإعداد هذا ما تنتظره الأمه منا.

قد يبطئ النصر حتى نبذل جميعا آخر ما في نفوسنا من وسع فلا نستبقي عزيزاً ولا غالياً إلا نبذله فهو هين ورخيص في سبيل الحق، وقد يبطئ النصر حتى تتمايز الأمة المؤمنة وتبذل آخر قواها فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر وما النصر إلا من عند الله.

– ستستفيد سوريا واليمن وليبيا وتونس ومصر من الأخطاء وستتوحد الأمه وسيزول الظلم قريبا إذا صحت العزائم وخلصت النوايا ووجد القادة المجددون.

تلك هي الحقيقة فالحقيقة المُرة أفضل ألف ألف مره من الوهم المريح وأقول للشباب لا تستعجلون، فالله ناصر هذا الدين ولو بالظالمين، والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون، فكونوا عباد الله اخوانا وبعهد الله أوفوا، إن للحق رجال.

 
أضافة تعليق